المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المذهب المالكي ، نشأته وانتشاره في شمال أفريقية



أهــل الحـديث
26-09-2013, 11:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ،

المذهب المالكي ، نشأته وانتشاره في شمال أفريقية
ومساهمة علماء ليبيا في خدمته

د / جمعة محمود الزريقي
تمهيد
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ، ليظهره على الدين كله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ، أما بعد ، فقد من الله علينا بنعمة الإسلام وقيض لهذا الدين من يقوم به مصداقا لقوله تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } فسخر له رجالا في كل عصر ومصر ، أعطاهم العلم وفقههم في الدين ، ليتولوا القيام بأمره دعوة وإرشادا وتعليما ، فخدموا هذا الدين ، وأرسوا دعائمه ، ووطدوا أركانه وأسسوا قواعده وأحكامه ، فكانوا خير معين على الحفاظ عليه ، ونشره في أرجاء المعمورة فجزاهم الله عنا وعن المسلمين كل خير .
يأتي على رأس هؤلاء الرجال الأئمة الأعلام ، والعلماء الكبار ، والشيوخ الكرام الذين أبلوا البلاء الحسن في خدمة هذا الدين ، وفي مقدمتهم أئمة المذاهب الذين أسسوا مدارس فقهية ساهمت في تكوين حركة علمية كبيرة ، قامت على علوم الدين الإسلامي فأرسوا دعائمها ، ووضعوا أصولها واجتهاداتها ، وكونوا التلاميذ الذين قاموا بنشر علمهم وآرائهم ، فكانت تلك المدارس خير معين في إيجاد الحلول المناسبة لكافة المشاكل والقضايا التي واجهت المسلمين قديما وحديثا ، في كل الأقطار الإسلامية ، وأعطت الدليل على أن الدين الإسلامي صالح لكل زمان ومكان .
لعله من المفيد أن نذكر بعض هذه المدارس التي ما زالت قائمة حتى الوقت الحاضر ، والتي تواضع العلماء على تسميتها بالمذاهب ، منها على الخصوص المذهب المالكي والمذهب الحنفي ، والمذهب الشافعي ، والمذهب الحنبلي ، وهي المتعارف عليها بالمذاهب السنية ، والمذهب الإباضي الذي يعتبره بعض الفقهاء من أقرب المذاهب لأهل السنة (1) وكذلك مذهب الشيعة الزيدية ، وهناك مذاهب أخرى شيعية متعددة .
ولدراسة الموضوع المختار للدراسة ، نقسم هذا البحث إلى مطالب نقوم في أولها بالتعريف بالإمام مالك رضي الله عنه ، وفي الثاني : دخول المذهب إلى إفريقية ، وفي الثالث ، نذكر أشهر الرجال الذين خدموا المذهب ، وفي الرابع ، نذكر أهم المؤلفات التي قام بها علماء المالكية وفي الخامس ، نتعرض لبعض مؤلفات علماء ليبيا في خدمة المذهب المالكي ، ونختم كل ذلك بما نتوصل إليه من نتائج .
المطلب الأول : التعريف بالإمام مالك رضي الله عنه
هو أبو عبد الله مالك بن أنس ، بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث ويقال الأصبحي ، يعود أصله إلى اليمن ، كان جده مالك من كبار التابعين ، يروي عن عمر ، وطلحة ، وعائشة ، وأبي هريرة ، وحسان ، ومن الرواة عنه ابنه أنس والد سيدنا مالك ، وأما أبو عامر الجد الثاني للإمام مالك ، فقد ذكر المؤرخون أنه كان من كبار الصحابة ، وشهد المغازي كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عدا بدرا .
اختلف في مولده ، والمشهور أنه ولد سنة ثلاث وتسعين من الهجرة ، في خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان ، أخذ العلم على شيوخ المدينة المنورة ، منهم أبو بكر محمد بن شهاب الزهري ، وأبو عثمان ربيعة ، وإسحاق بن عبد الله وغيرهم ، وقيل إنه أخذ على أكثر من تسعمائة شيخ ، وروى عنهم ، انتصب الإمام مالك للتدريس وهو ابن سبع عشرة سنة ، وتلقى عنه العديد من التلاميذ الذين أصبح بعضهم من كبار علماء الفقه المالكي فيما بعد ، منهم الإمام الشافعي رحمه الله ، ورحل إليه طلاب العلم من كل حدب وصوب ، ورووا عنه العلم ، من أشهرهم ابن وهب ، وابن القاسم من مصر كما رحل إليه من أفريقية علي بن زياد الطرابلسي ، وأسد بن الفرات ، ومن الأندلس يحيى بن يحيى الليثي ، وغير هؤلاء كثير .
ذكر المؤرخون أن الإمام مالكا ألف مجموعة من الرسائل في مواضيع شتى ، منها الأدب والمواعظ والحساب والنجوم ، ومن أشهر مؤلفاته كتاب الموطأ ، وهو كتاب حديث وفقه ، قام بشرحه بعض العلماء ، قال عنه الإمام الشافعي : ما على الأرض كتاب أقرب إلى القرآن من كتاب مالك بن أنس ( الموطأ ) كما قال عن الإمام مالك : إذا ذكر العلماء ، فمالك هو النجم الثاقب ، ولم يبلغ أحد مبلغ الإمام مالك في العلم لحفظه وإتقانه وصيانته ، فبهذه المكانة تبوأ درجة متميزة بين علماء الأمة الإسلامية وأصبح علما كبيرا من أعلامها ، ومؤسسا لمدرسة علمية فقهية لا تزال باقية إلى يومنا هذا (2) .
تناول القاضي عياض حياة الإمام مالك بدراسة مستفيضة ، شملت إلى جانب ترجمته الذاتية ، طلبه للعلم ، وتوقيره للحديث الشريف ، وما يتحلى به من مكانة علمية ونباهة وعلو قدره ، وإتباعه للسنن ، وكراهيته للمحدثات ، وملامح عن عبادته وورعه وخوفه من الله تعالى ، وشدته في إقامة حدود الله تعالى ، وبصورة عامة كل ما دار في حياته من أحداث وتطورات ومواقف ، منها على الخصوص تأليفه لكتاب الموطأ وموقفه من إرادة الخليفة فرضه على الأمصار للتقيد به ، ومحته في الفتوى ، وهي حادثة معروفة ومشهورة .
كان موقفه مشرفا من رغبة الخليفة أبي جعفر المنصور ، عندما أراد فرض كتاب الموطأ على الأمصار ونبذ ما عداه من كتب ، ذلك الكتاب الذي لقي استحسان العلماء إلا أن الإمام مالكا رفض ذلك (3) بحجة أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار ، ونقلوا الحديث ، وعملوا به ، واجتهدوا في الحوادث التي استجدت لهم ، وهذا الموقف الذي سجله التاريخ للإمام مالك ، فرض احترام الجمهور له ولمذهبه فلم يرض أن يكون مذهبه هو المذهب الرسمي للدولة ، من ذلك يتضح إجلال الإمام مالك للعلم ولحرية البحث والدراسة والاجتهاد ، كما أن في هذا الموقف مراعاة اجتهاد فقهاء الأمصار ، وما جرى عليه عملهم وأحكامهم في المسائل التي وقعت لديهم .
أما موقفه من الفتوى التي امتحن فيها ، ومفادها أن البيعة لا تحل إذا كانت بالإكراه ، ويجوز للمسلم أن يتحلل منها ، فقد عُذب بشأنها من قبل والي الخليفة على المدينة ، ولكنه تحمل الأذى ، ورفض أن يغير رأيه ، وبذلك ضرب مثلا يحتذي به ، يدل على أن الفتوى لا تكون في خدمة السلطان في كل ما يريده ، بل تكون لعلماء المسلمين وأن يراعوا فيها حكم الشريعة لا غير ، ولا تأخذهم في حق الله لومة لائم .
هكذا كانت حياة هذا الحبر الجليل ، والعالم الكبير ، ذات فائدة كبيرة ، استغرقها في التحصيل العلمي ، والتأليف ، والتدريس ، وخدمة الحديث الشريف ، حتى أن مدرسته في المدينة المنورة يطلق عليها مدرسة الحديث ، إلى جانب ذلك ، تكوينه للعلماء الذين جاءوا إليه من كل حدب وصوب ، وحملوا علمه إلى مختلف الأمصار ، علاوة على مواقفه النبيلة التي سجلها له التاريخ بأحرف من نور ، ولا تزال مدرسته قائمة بعلمائها وأعلامها حتى الوقف الحاضر ، توفى الإمام مالك رحمه الله في المدينة المنورة ، سنة 179 هـ (4) .
المطلب الثاني : دخول المذهب إلى أفريقية
رحل إلى الإمام مالك عدد من طلاب العلم من كل الأقطار ، جاء بعضهم من الغرب الإسلامي ، وبعد تلقيهم العلم بالمدينة المنورة عادوا إلى أوطانهم ، وعلى يدهم بدأ فقه الإمام مالك ينتشر ، وأصبح تلاميذ الإمام أساتذة يعلمون الناس فقه الإمام واجتهاداته ومنهجه في استنباط الأحكام ، إلى جانب ذلك جلبوا معهم كتاب الموطأ ، وهو كما سلف القول ، كتاب حديث وفقه ، وبدءوا في تعليمه ونشره في الغرب الإسلامي .
تذهب بعض الروايات إلى أن زياد بن عبد الرحمن الأندلسي المتوفى سنة 204 هـ هو أول من أدخل المذهب إلى الأندلس ، وبواسطته انتشر هناك ، ثم نقلت بذور المذهب المالكي من الأندلس إلى فاس بواسطة طائفة من العلماء ، أما كتاب الموطأ فالذي حمله إلى المغرب هو عامر بن محمد القيسي الأندلسي (5) ذلك فيما يتعلق بالأندلس والمغرب الأقصى ، غير أن القاضي عياض ذكر أن علي بن زياد الطرابلسي ، هو أول من أدخل الموطأ وجامع سفيان إلى المغرب ، وفسر لهم قول مالك ، ولم يكونوا يعرفونه ، وكان قد دخل الحجاز والعراق في طلب العلم ، وهو معلم سحنون الفقه (6) .
ويذكر أبو العرب ( ت 333 هـ ) أن أبا الحسن علي بن زياد هو من أهل تونس ولكنه أشار إلى أن أصله من طرابلس الغرب ، ثم سكن مدينة تونس ، قال في وصفه : " كان ثقة مأمونا فقيها خيرا ، متعبدا بارعا في الفقه ، سمع من مالك وغيره ، ولم يكن في عصره بأفريقية مثله ، سمع منه البهلول بن راشد وسحنون وشجرة بن عيسى وأسد بن الفرات " ، قال أبو العرب : " وبلغني عن أسد بن الفرات أنه قال : " إني لأدعو الله لعلي بن زياد مع والدي لأنه أول من تعلمت منه العلم " ، قال أبو العرب : " لم يكن سحنون يقدم عليه أحدا من أهل أفريقية " (7) .
نقل القاضي عياض في ترجمة علي بن زياد ، أنه ألف كتابا في البيع ، سماه ( كتاب خير من زنته ) ، وبعض الروايات تقول إنه كتاب في البيوع ، والنكاح ، والطلاق ويرى الأستاذ عمر الجيدي رحمه الله ، أن ابن زياد هو أول المؤلفين في الفقه المالكي بالغرب الإسلامي ، وقد توفى ابن زياد بتونس سنة 183 هـ (8) وقبره معروف هناك .
يستفاد من هذه النقول أن طرابلس ساهمت في مسيرة المذهب المالكي بهذا العالم ومن خلال ترجمته نستنتج أن حياته بدأت فيها وإن كان أصله من العجم ، يفهم ذلك من سؤال الإمام سحنون عنه لشرحبيل قاضي طرابلس ، فقال له : " كشفنا عن أصله فإذا هو من العجم ، وكان أوله من طرابلس ثم سكن مدينة تونس " (9) ولم تذكر المصادر انطلاقته إلى المشرق ، هل كانت من مدينة تونس أو من طرابلس ؟ .
وأيا كان الأمر ، فهو من أوائل تلاميذ الإمام مالك ، والآخذين عنه العلم ، وممن روى عنه الموطأ ، نقل القاضي عياض قول تلميذ ابن زياد ، أسد بن الفرات ، ما طرأ علينا طار من بلد من البلدان ، كشف لنا عن هذا الأمر ، أي علم الإمام مالك وأصول مذهبه ، كشف علي بن زياد ، وكان البهلول بن راشد يأتي إلى علي بن زياد ، ويسمع منه ، ويفزع إليه ، يعني في المعرفة والعلم ، ويكاتبه إلى تونس يستفتيه في أمر الديانة وكان أهل العلم بالقيروان ، إذا اختلفوا في مسألة كتبوا بها إلى علي بن زياد ليعلمهم بالصواب (10).

وعن طريق تلاميذ علي بن زياد ، سحنون ، وأسد بن الفرات ، والبهلول بن راشد أخذ المذهب ينتشر في شمال أفريقية ، انطلاقا من القيروان ليعم كافة الأقطار الأفريقية شمال الصحراء وجنوبها ، حيث وضع الإمام سحنون المدونة التي تجمع فقه المدرسة المالكية من أقوال الإمام مالك وابن القاسم وتعليقات سحنون عليها ، كما ألف أسد بن الفرات كتاب أطلق عليه اسم الأسدية ، وهو مزيج بين فقه مالك وآراء مدرسة العراق ، ثم ما لبث أن تطور المذهب وزاد في الانتشار على يد علماء أجلاء ، جاءوا بعد الرواد الأوائل عكفوا على دراسة تراث المذهب ، وساهموا في تطويره وبحثه ، عن طريق تدريسه ووضع مؤلفات جديدة عليه ، تلقفها بالقبول سكان الأندلس وشمال أفريقية وجنوبها ، تلك الجهود والمؤلفات هي التي ساهمت في الحفاظ على المذهب وبقائه إلى الوقت الحاضر .
المطلب الثالث : أشهر رجال المذهب
لم يقتصر انتشار مذهب الإمام مالك على أفريقية والأندلس ، بل انتشر في الحجاز والعراق ومصر ، تم ذلك بواسطة تلاميذ مؤسس المذهب الذين انتشروا في البلدان ، ففي مصر عن طريق أعلام منهم عبد الرحمن بن القاسم العتقي ،المتوفى عام 191 هـ ، وأبي عبد الله أشهب القيسي ، المتوفى عام 204 هـ ، وأبي محمد عبد الحكم ، المتوفى عام 214 هـ وغيرهم ، كما كان انتشاره بالعراق بواسطة العديد من العلماء ، منهم القاضي إسماعيل المتوفى سنة 282 هـ والأبهري ، المتوفى عام 395 هـ (11) والقاضي عبد الوهاب المالكي ، المتوفى بمصر عام 422 هـ ، وغير هؤلاء كثير من العلماء الذين جابوا أصقاع الشرق كبلاد فارس وخراسان وغيرها ، حاملين معهم مذهب الإمام مالك وقاموا بتدريسه والإفتاء به .
ذلك فيما يخص المشرق ، أما أعلام المذهب المالكي في الغرب الإسلامي ، فهم كثر يحتاج حصرهم إلى مجلدات ، وهم ينتمون إلى مختلف أقطار الغرب الإسلامي ، ويكفي أن نشير إلى بعض المجتهدين في المذهب على سبيل المثال وليس الحصر ، منهم يحيى بن يحيى الليثي القرطبي ، المتوفى عام 224 هـ ، عبد الملك بن حبيب السلمي القرطبي ، المتوفى عام 238 هـ ، عبد السلام سحنون بن سعيد التنوخي القيرواني ، المتوفى عام 240 هـ عبد الله بن أبي زيد القيرواني ، المتوفى عام 386هـ ، محمد بن عبد الله بن يونس التميمي الصقلي المتوفى عام 451 هـ ، أبو القاسم عبد الخالق المعروف بالسيوري ، المتوفى عام 460 هـ يوسف بن عمر بن عبد البر النمري القرطبي ، المتوفى عام 463 هـ ، سليمان بن خلف التميمي الباجي ، المتوفى عام 474 هـ ، علي بن محمد الربعي المعروف باللخمي ، المتوفى عام 478 هـ محمد بن أحمد بن رشد القرطبي ، المتوفى عام 520 هـ عباض بن موصى اليحصبي ، المتوفى عام 544 هـ ، عبد الحميد بن أبي البركات بن أبي الدنيا الطرابلسي ، المتوفى عام 648 هـ (12)
ولا يفوتنا في هذه المناسبة أن نشير إلى بعض أعلام هذه البلاد ، الذين ساهموا في خدمة المذهب المالكي على مر العصور ، بالإضافة إلى جهود علي بن زياد الطرابلسي وعبد الحميد ابن أبي الدنيا الطرابلسي اللذين سبق ذكرهما ، هناك علماء آخرون ، منهم على سبيل المثال لا الحصر ، أبو جعفر أحمد بن نصر الداوودي الطرابلسي ، الذي عاش في طرابلس ووضع فيها كتابه النامي في شرح الموطأ ، المتوفى بالجزائر سنة 402 هـ والشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الزليطني القروي المعروف بحلولو ، له مجموعة من المؤلفات القيمة ، تولى القضاء بطرابلس ثم انتقل إلى تونس وفيها توفى عام 898 هـ والشيخ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد التاجوري ، العالم الفلكي الشهير ، له مؤلفات كثيرة في هذا المجال ، وقصته مع قبلة جامع القرويين بفاس مشهورة ، توفى عام 960 هـ والشيخ محمد بن علي الخروبي الطرابلسي ، العالم الكبير ، له مؤلفات في العقيدة والتفسير والتراجم وغيرها ، المتوفى بالجزائر عام ، 963 هـ ، والشيخ أحمد بن محمد المكني مفتي طرابلس ، المتوفى عام 1100 هـ ، والعالم الجليل الشيخ محمد بن محمد بن مقيل مفتي طرابلس ، تميز بفتاواه الجيدة واجتهاداته في الفقه من خلالها ، المتوفى عام 1101 هـ والشيخ عبد السلام بن عثمان التاجوري ، له عدة مؤلفات من أشهرها تذيل المعيار وهو كتاب في الفتاوى يقع في ستة مجلدات ، توفى عام 1139 هـ ، والشيخ أبو عبد الله محمد المسعودي له عدة مؤلفات من بينها ، لوامع الغرر على نظمه اللآلئ والدرر في مصطلح علم الأثر ، المتوفى سنة 1288 هـ ، والشيخ عبد الرحمن البوصيري ، له مؤلفات منها كتابه اللآلئ والدرر في المحاكمة بن العيني وابن حجر وهو كتاب في الحديث ، المتوفى عام 1354 هـ والشيخ محمد بن محمد بن عامر ، مؤلف كتاب ملخص الأحكام الشرعية على المعتمد من مذهب المالكية ، المتوفى عام 1381 هـ ، هذا قليل من كثير من علماء ليبيا الذين ساهموا في خدمة المذهب المالكي ، فكانوا بحق من أعلام وفقهاء هذا المذهب (13) .
المطلب الرابع : أهم المؤلفات في المذهب المالكي
ذلك فيما يخص رجال المذهب ، أما فيما يتعلق بالكتب المصنفة في المذهب المالكي فهي كثيرة ومتنوعة ، وعادة ما تصنف إلى أنواع ، منها كتب المدونات ، وكتب الموسوعات ، وكتب المختصرات ، وكتب الشروح ، تلك الكتب إنما تتعلق بجميع أبواب الفقه ، وهناك كتب كثيرة متخصصة في باب أو أبواب محدودة في الفقه ، ومن كتب المدونات هناك أربعة كتب تشكل الأسس التي قام عليها المذهب المالكي ، الأول : المدونة ، وهي ثمرة جهود ثلاثة من الأئمة ، مالك بإجاباته ، وابن القاسم بقياساته وزياداته ، وسحنون بتهذيبه وتنقيحه وتبويبه ، والمدونة هي أصل الذهب المالكي وعمدة الفقهاء في القضاء والإفتاء ، المرجح روايتها على سائل الأمهات (14) .
أما الثاني فهو كتاب الواضحة ، من تأليف عبد الملك بن حبيب ، المتوفى عام 238 هـ ، من أشهر فقهاء الغرب الإسلامي ، وضعها في الفقه والسنن ، مقتفيا فيها منهج الإمام مالك ، الجامع بين الأصول والفروع ، وكتاب الواضحة ، جليل القدر ، كبير النفع عظيم المنزلة ، والثالث : كتاب العتبية أو المستخرجة ، وهي لمحمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي القرطبي ، المتوفى عام 254 هـ ، وقد استخرجها من الأسمعة التي رويت عن الإمام مالك بواسطة تلاميذه ، وقد اعتمد على هذا الكتاب جل الشيوخ المتقدمين والكتاب الرابع : الموازية ، وهي لمحمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندري المعروف بابن المواز ، المتوفى عام 269 هـ ، وهو من أجل كتب المالكية ، وأصحها مسائلا وأبسطها كلاما (15) .
هذه الكتب الأمهات هي الذخيرة التي يعتمد عليها الفقه المالكي ، ومنها انطلق فقهاء المدرسة المالكية في مؤلفاتهم اللاحقة ، قال ابن خلدون : " ولم تزل علماء المذهب يتعاهدون هذه الأمهات بالشرح والإيضاح والجمع ، فكتب أهل أفريقية على المدونة ما شاء الله أن يكتبوا ، مثل ابن يونس واللخمي وابن محرز وابن بشير وأمثالهم ، وكتب أهل الأندلس على العتبية ما شاء الله أن يكتبوا ، مثل ابن رشد وأمثاله ، وجمع ابن أبي زيد ما في الأمهات من المسائل والخلاف والأقوال في كتاب النوادر والزيادات ، فاشتمل على جميع أقوال المذهب ، وفروع الأمهات كلها في هذا الكتاب ، ونقل ابن يونس معظمه في كتابه على المدونة " (16) .
أضاف بعض الباحثين المعاصرين كتابين لهذه الأمهات الأربع ، واعتبرهم جميعا من الدواوين التي سبق أصحابها إلى تدوين الفقه المالكي ، وهي أعمدته التي قام عليها بناؤه وتمثل المرحلة الأولى لتدوين الفقه المالكي تدوينا موسعا ، الكتاب الأول : المختصر الكبير الذي ألفه عبد الله بن عبد الحكم ، المتوفى عام 214 هـ ، والكتاب الثاني : المجموعة ألفها محمد بن إبراهيم بن عبدوس ، المتوفى عام 260 هـ (17) وهذه الكتاب بحاجة إلى دراسة حديثة جادة ، فقد قال المستشرق ميكلوش موراني ، ( miklos muranyi ) إن كتب الفقه المالكي ، التي لها أهمية تاريخية ، والتي يرجع تاريخ نشأتها إلى الفترة بين موطأ مالك ومدونة سحنون ، وصلت إليها في صورة مخطوطات غير كاملة ، كما لاحظ أن الكتب المؤلفة بعد ذلك إلى نهاية القرن الثاني الهجري وبداية القرن الثالث ، هو نتاج يستحق منا أن نوليه اهتماما كبيرا ، خاصة إذا نظرنا من زاوية التطور المستقل للمالكية في شمال أفريقية والأندلس ومصر . . . هذا ولم يشرع أحد حتى الآن في دراسة هذه الكتب وتحليل محتوياتها ومصادرها ، والإفادة منها في البحوث الفقهية ، بغض النظر عن بعض المحاولات الموجزة لوصف المخطوطات " (18) .
يلي المدونات ، الكتب الموسوعية الفقهية المؤلفة في المذهب المالكي ، منها كتاب التهذيب ، لأبي سعيد خلف بن القاسم الأزدي المعروف بالبرادعي ، من علماء القرن الرابع الهجري ، له تآليف عديدة أشهرها التهذيب الذي اختصر به المدونة وهذبها وكتاب النوادر والزيادات ، ومختصر المدونة ، وكلاهما لابن أبي زيد القيرواني ، المتوفى عام 386 هـ ، استوعب فيه فروع المالكية ومختصر المدونة ، كتاب الجامع لابن يونس أبي بكر محمد التميمي الصقلي ، المتوفى عام 451 هـ ، كتاب التمهيد والاستذكار كلاهما لحافظ المغرب ، أبي عمر يوسف بن عبد البر القرطبي ، المتوفى عام 463 هـ كتاب التبصرة للإمام أبي الحسن على بن محمد الربعي القيرواني ، المعروف باللخمي المتوفى سنة 463 هـ ، كتاب المنتقى ، لأبي الوليد الباجي سليمان بن خلف المتوفى عام 474 هـ ، كتاب البيان والتحصيل ، للإمام أبي الوليد بن رشد القرطبي ، المتوفى عام 520 هـ وكتاب شرح التلقين ، للإمام أبي عبد الله محمد التميمي المازري ، المتوفى عام 536 هـ ، وجامع مسائل الأحكام ، لأبي القاسم بن أحمد البرزلي التونسي ، المتوفى عام 841 هـ ، وهو كتاب في النوازل والقضايا والفتوى .
تأتي بعد ذلك كتب المختصرات وشروحها ، والمنظومات الفقهية ، أما كتب المختصرات فقد بدأت مع القرن الرابع الهجري عندما ضعفت الهمم ، وفترت العزائم منها على سبيل المثال ، كتاب الخصال ، لأبي بكر محمد بن يبقى بن زرب ، المتوفى سنة 381 هـ ، كتاب عقد الجواهر الثمينة ، لعبد الله بن نجم بن شاس ، المتوفى عام 616 هـ والرسالة لابن أبي زيد القيرواني ، ومختصر الشيخ خليل بن إسحاق المتوفى سنة 776 هـ ، إلا أن هذا الاختصار ، كما يقول الدكتور عمر الجيدي رحمه الله " أضر بالفقه ضررا بليغا ، كان من أثره أن الناظر في هذه المختصرات لا يستطيع إدراك سر ما قصده المختصر ، ونتج عن ذلك تضارب في الرأي واختلاف في وجهات نظر الفقهاء كل بحسب ما تيسر له من فهم مراد المختصر . . . " (19) .
لذلك اتجه العلماء إلى شرح هذه المختصرات ، حتى يمكن استيعابها في حركة تأليف عكسية – إن صح القول – فمن المدونات إلى الموسوعات ، ثم المختصرات ، والشروح على المختصرات ، ومن أشهر المختصرات التي وقع الإقبال عليها بالشرح ، مختصر الشيخ خليل ، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني ، ومختصر ابن الحاجب ، هناك نوع آخر من المؤلفات في الفقه المالكي أخذت مكانتها في التعليم والتدريس والاستعانة به من قبل القضاة والمفتين ، وهو المنظومات الفقهية ، منها منظومة الرحبية في الميراث ، لمحمد بن علي الرحبي المعروف بابن المتفننة ، المتوفى عام 577 هـ تناولها عدد من العلماء بالشرح ووضعوا عليه حواشي كثيرة (20) ومن المنظومات المشهورة في الفقه المالكي ، تحفة الحكام أو العاصمية ، نسبة إلى ناظمها أبي بكر بن عاصم الغرناطي المتوفى عام 829 هـ فقد وقع الاعتناء بها من العلماء وقاموا بشرحها ، وبلغ عدد شراحها ثمانية وعشرون شارحا ، وكذلك نظم الزقاقية في فقه القضاء ، لناظمه أبي الحسن على بن قاسم الزقاق الفاسي المتوفى عام 912 هـ ، وضع العلماء شروحا عديدة عليه ، فاق عددها اثني عشر شرحا (21) .
المطلب الخامس : بعض مؤلفات علماء ليبيا في خدمة المذهب
لو ألقينا نظرة على مساهمات علماء ليبيا في مجال التأليف ، لأدركنا جهودهم الطيبة في علوم كثيرة ومتنوعة ، ولكنا نقتصر هنا على المؤلفات التي ساهمت في مسيرة الفقه المالكي فقط ، ودورهم في ذلك لا يقل عن غيرهم ، فقد شارك علماء هذه البلاد بالتأليف في عدة مجالات ، منها الفقه ، علوم القرآن الكريم ، وعلم الحديث ، وعلم الميراث ، وعلم التوثيق ، والمنظومات الفقهية المتنوعة ، والفتاوى ، وفيما يلي نذكر بعض الأمثلة على ذلك : -
أولا : مجال الفقه وأصوله .
كتاب الأموال ، للشيخ أحمد بن نصر الداوودي ، ومؤلفات الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الزليطني ، الشهير بحلولو ، المتوفى عام 898 هـ ، منها : شروح على مختصر خليل ، شرح صغير ، وكتاب البيان والتكميل في شرح مختصر خليل ، أما مؤلفاته في الأصول ، فهي : التوضيح على شرح التنقيح ، والضياء اللامع في شرح جمع الجوامع وله شرح آخر على جمع الجوامع أيضا ، وشرح ورقات الباجي في الأصول (22) مواهب الجليل في شرح مختصر خليل ، وكتاب تحرير الكلام في مسائل الالتزام ، كلاهما للإمام محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحطاب ، المتوفى عام 945 هـ ، وشرح الشيخ أحمد زروق للرسالة ، وهو ممن استوطنوا ليبيا آخر حياتهم ، المتوفى عام 899 هـ إرشاد المريدين لفهم معاني المرشد المعين ، على الضروري من علوم الدين ، للشيخ علي بن عبد الصادق الطرابلسي ، المتوفى عام 1138 هـ ، ، ومن المؤلفات الحديثة على سبيل المثال لا الحصر ، كتاب ملخص الأحكام الشرعية على المعتمد من مذهب المالكية للأستاذ محمد بن محمد بن عامر ، المتوفى عام 1381 هـ ، وكتاب مدونة الفقه المالكي وأدلته ، للأستاذ الدكتور الصادق عبد الرحمن الغرياني ، أطال الله في عمره .
ومن الكتب التي صدرت حديثا في أصول الفقه ، كتاب حجية القياس ، منشورات جامعة قاريونس ، بنغازي ، وكتاب الوسيط في أصول الفقه الإسلامي ، نشر الجامعة المفتوحة طرابلس ، كلاهما للأستاذ الدكتور عمر مولود عبد الحميد ، .كتاب الأصول التي اشتهر انفراد إمام دار الهجرة بها ، للأستاذ الدكتور محمد فاتح زقلام ، نشر كلية الدعوة الإسلامية ، وكتاب تطبيقات قواعد الفقه عند المالكية ، للأستاذ الدكتور الصادق عبد الرحمن الغرياني ، نشر دار البحوث ، دبي ، 1423هـ 2002 م .
ثانيا : القرآن الكريم وعلومه
رياض الأزهار وكنز الأسرار في تفسير القرآن الكريم ، لأبي عبد الله محمد بن على الخروبي ، المتوفى عام 963 هـ ، تعليقات على أنوار التنزيل ، للشيخ محمد كامل بن مصطفى ، المتوفى عام 1315 هـ ، وصدر حديثا كتاب معاني القرآن الكريم ، تفسير لغوي موجز ، تأليف الأستاذ الدكتور إبراهيم رفيدة وآخرين ، نشر جمعية الدعوة الإسلامية العالمية طرابلس ، 1986 مسيحي ، وفي علوم رسم وضبط القرآن الكريم رسالة في رسم القرآن ، للشيخ محمد بن أحمد بن الإمام الطرابلسي ، المتوفى عام 1083 هـ ، منظومة في رسم الألف الثابتة والمحذوفة ، للشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قنونو المتوفى عام 1250 هـ ، تذكرة الولدان في حذف الإشارة لكلمات القرآن ، للشيخ أحمد بن محمد بن حمادي ، المتوفى عام 1947 مسيحي ، التسهيل في رسم وضبط بعض كلمات التنزيل ، للشيخ شكري بن حمادي ، المتوفى 1996 مسيحي ، الدر النظيم في كيفية رسم وضبط القرآن العظيم ، للشيخ محمد بن أحمد بن حمادي ، المتوفى عام 1980 مسيحي (22) .
ثالثا : علم الحديث الشريف
أولهم -كما سلف القول - رواية علي بن زياد للموطأ ، وقد وجد منه جزء بالقيروان ، حققه الشيخ الشاذلي النيفر ، يلي ذلك كتاب النامي ، وهو شرح للموطأ لأحمد بن نصر الداودي ، لا يزال مخطوطا لم يحقق ، منه نسخة بخزانة القرويين بفاس وكتاب تاريخ الثقات ، وكتاب الجرح والتعديل ، كلاهما للشيخ أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي ، أصله من الكوفة ثم انتقال إلى طرابلس وعاش واستوطنها ودرس فيها الحديث إلى أن الوفاة ( 23 ) ، ثم كتاب لوامع الغرر شرح نظم اللآلئ والدرر في مصطلح علم الأثر ، والنظم والشرح للشيخ أبي عبد الله محمد المسعودي ، المتوفى عام 1288 هـ ، وكتاب اللآلئ والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر ، للشيخ عبد الرحمن البوصيري ، المتوفى عام 1354 هـ .
رابعا : علم الميراث .
كتاب الكافي في الفرائض ، لأبي الحسن علي بن محمد المنمر الطرابلسي ، المتوفى عام 432 هـ ، التحفة في علم المواريث ، لمحمد بن خليل بن محمد بن غلبون ، من فقهاء القرن الثاني عشر الهجري ، منظومة في علم الميراث ، ألفها الشيخ محمد بن أحمد العكاري ، المتوفى عام 1313 هـ ، كتاب المدد الفائض في علم الفرائض للشيخ أحمد بن محمد بن حمادي ، المتوفى عام 1367 هـ ، ولا يزال علماء ليبيا يؤلفون في هذا الفن حتى الوقت الحاضر ، على سبيل المثال لا الحصر ، كتاب أحكام الميراث والوصية في الشريعة الإسلامية ، تأليف الأستاذ الدكتور سعيد محمد الجليدي ، نشر كلية الدعوة الإسلامية 1990 ، وكتاب أحكام المواريث والتركات والوصية في الشريعة الإسلامية ، تأليف الأستاذ الدكتور عبد المجيد الذيباني ، نشر الدار الجماهيرية ، 1990 م ، كتاب توضيح علم الميراث تأليف الأستاذ محمد الزالط ، مطابع عصر الجماهير ، الخمس ، 1993 م .
خامسا : علم التوثيق .
كتاب التوثيقات الشرعية ، لأبي الحسن علي بن أحمد بن الخطيب الطرابلسي ، المتوفى عام 370 هـ ، كتاب الكافي في الوثائق ، لقاضي طرابلس أبي الحجاج يوسف بن زيري الطرابلسي ، من علماء القرن السادس الهجري ، كتاب الفتاوى الكاملية في الحوادث الطرابلسية ، تضمنت الخاتمة معلومات حول المحاضر والسجلات المتعلقة بالتوثيق من تأليف الشيخ محمد كامل بن مصطفى ، توفى عام 1315 هـ ، كتاب ملخص الأحكام الشرعية على المعتمد من مذهب المالكية ، للشيخ محمد بن محمد بن عامر فيه بيان الأحكام الشرعية وطريقة التوثيق ، وبعض النماذج الخاصة بعقود المعاملات والتبرعات والأحوال الشخصية مما جرى به العمل في القطر الليبي ، ومن الكتب الحديثة كتاب التوثيق العقاري في الشريعة الإسلامية ، تأليف د / جمعة محمود الزريقي ، نشر المنشأة العامة للنشر والتوزيع ، طرابلس ، 1985 م .
سادسا : المنظومات الفقهية
كتاب الفتح والتيسير ، وهو نظم طويل في العقائد والعبادات وخاتمة في المواعظ للعلامة الشيخ علي بن أبي بكر الحضيري ، من علماء الأزهر المتوفى عام 1061 هـ كتاب الضوء المنير المقتبس في مذهب الإمام مالك بن أنس ، نظم من تأليف الأستاذ محمد الفطيسي ، المتوفى عام 1310 هـ ، رسالة في بيان بعض أحكام البيوع وما شابهها منظومة تتكون من 295 بيتا من الرجز ، تأليف الشيخ أحمد بن محمد بن حمادي ، المتوفى عام 1367 هـ ، كتاب جواهر الفقه المختارة من أقرب المسالك الحسن العبارة ، وهو نظم يتكون من 2028 بيتا من بحر الرجز ، وكتاب شرح النظم المسمي بسلم الإنشاء نظم وشرح ، كلاهما للشيخ محمد مفتاح قريو ، المتوفى عام 2000 مسيحي .
سابعا : كتب الفتاوى
كتاب المسائل المختصرة من كتاب البرزلي ، للشيح أحمد بن عبد الرحمن الزليطني الملقب بحلولو ، المتوفى عام 898 هـ ، كتاب تذييل المعيار ، للشيخ عبد السلام بن عثمان التاجوري ، المتوفى عام 1139 هـ يضم مجموعة كبيرة من الفتاوى التي صدرت عن بعض فقهاء ليبيا ومصر والمغرب وتونس والجزائر ، بما يقارب من ثلاثة آلاف وستين مسألة ، نشر مؤخرا من قبل جمعية الدعوة الإسلامية العالمية في ستة مجلدات ، وفتاوى الشيخ السوداني ، تحت التحقيق حاليا ، كتاب الفتاوى الكاملية في الحوادث الطرابلسية للشيخ محمد كامل بن مصطفى ، المتوفى عام 1315 هـ ، كتاب مجموعة فتاوى للشيخ الطاهر أحمد الزاوي ، المتوفى عام 1406 هـ ، طبع ثلاث مرات ، ومن الكتب الحديثة في هذا المجال ، كتاب فتاوى وتحقيقات في مسائل فقهية تكثر الحاجة إليها للأستاذ الدكتور الصادق عبد الرحمن الغرياني ، دار مكتبة الشعب ، مصراتة 2003 .
الخاتمة
بعد هذه الرحلة التي كانت مختصرة جدا في هذا الموضوع ، اقتصرت فيها على ما يغطي هذا البحث نظرا لضيق الوقت ، يمكن تلخيصها في النقاط التالية : -
1 – أن الإمام مالكا رحمه الله من كبار علماء الأمة الإسلامية ، وهو مؤسس المذهب المالكي ، تميز بعلمه الواسع وحفظه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتأليف فيه وتدريس العلم لطلابه ، كما تميز بمواقفه النبيلة في حرية البحث العلمي ، واستقلال الرأي بالفتوى وعدم خضوعها لأية مؤثرات وخاصة من الحكام .
2 – جاء انتشار فقه الإمام مالك واجتهاداته نتيجة لجهود تلاميذه الذين حملوا علمه ونقلوه إلى مختلف الأمصار ، وساهموا في نشره وتدريسه فكونوا علماء ساهموا في خدمة المذهب وتطوره ، وأن أول من أدخل فقه الإمام مالك إلى أفريقية ( ليبيا وتونس ) هو علي بن زياد الطرابلسي ، ومن خلال تلاميذه انتشر المذهب .
3 – ساهم علماء المالكية على مختلف العصور في خدمة المذهب ، وانتشاره في مختلف الأقطار ، وذلك عن طريق التدريس والتعليم ، وتأليف الكتب ، ولعل فيما تم استعراضه من مؤلفات يعطي الدليل على الحصيلة العلمية في مؤلفات الفقه المالكي وتنوعه .
4 – لم يتخلف علماء هذه البلاد عن أداء دورهم في خدمة الفقه المالكي ، فقد أسهموا في ذلك بتأليف الكثير من الكتب التي كان لها قبول حسن وانتشار واسع ، وفيما ذكرته من أمثلة تكفي للتدليل على ذلك ، وأن هذه البلاد لم تكن قفرا من العلم ، أو يسود في أرجائها الجهل ، ولا يزال عطاؤها مستمرا بحمد الله تعالى .

والحمد لله رب العالمين
الدكتور جمعة محمود الزريقي
كلية الدعوة الإسلامية – طرابلس


طرابلس الغرب في الخامس عشر من شعبان 1430 هـ الموافق 8/8/2009 م .
الهوامش والإحالات :
(1) شرح لب العقائد الصغير ، للعلامة الشيخ محمد مفتاح قرّيو ، ص 148 ، نشر دار ومكتبة الشعب ، مصراتة ، 1995 م .
(2) ترتيب المدارك ، للقاضي عياض ، ص 107 – 119 / 1 ، طبع وزارة الأوقاف المغرب ، 1965 م ، تنوير الحوالك ، فلإمام جلال الدين السيوطي الشافعي الجزء الثالث ، ص 164 – 169 ، شجرة النور الزكية ، ص 52 – 55 / 1 .
(3) وقال الإمام مالك للخليفة : " يا أمير المؤمنين لا تفعل ، فإن الناس قد سبقت لهم أقاويل ، وسمعوا أحاديث ، ورووا روايات ، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وعملوا به ، ودانوا له ، من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم وإن ردهم عما اعتقدوه شديد ، وما أختار أهل كل بلد لأنفسهم " ترتيب المدارك ص 72/2 .
(4) ترتيب المدارك ، المصدر السابق ، ص 72 / 2 .
(5) مجلة المذهب المالكي ، حول ندوة المدرسة المالكية الفاسية أصالة وامتداد نظمتها جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ، العدد الأول ، ص 199 ، ربيع سنة 1427 هـ 2006 م .
(6) ترتيب المدارك ، المصدر السابق ، ص 80 /3 .
(7) طبقات علماء أفريقية وتونس ، لأبي العرب محمد بن أحمد بن تميم القيرواني ( ت 333 هـ ) ، ص 220 ، تقديم وتحقيق ، علي الشابي ونعيم حسن اليافي ، الدار التونسية للنشر ، 1968 م .
(8) مباحث في المذهب المالكي بالمغرب ، للدكتور عمر الجيدي رحمه الله ، ص 15 ، ط ، الأولى ، المغرب ، 1993 م .
(9) طبقات علماء أفريقية وتونس ، المصدر السابق ، ص 222 .
(10) ترتيب المدارك ، للقاضي عياض ، ص 81 – 82 / 3 .
(11) محاضرات في تاريخ المذهب المالكي ، في الغرب الإسلامي ، للدكتور عمر الجيدي رحمه الله ، ص 19- 21 ، منشورات عكاظ المغرب ، 1987 م .
(12) عدد المرحوم د عمر الجيدي المجتهدين في مذهب الإمام مالك ، فذكر منهم تسعة وخمسين عالما مجتهدا ، ذكرنا بعضهم فيما سبق تفاديا للإطالة ، مباحث في المذهب المالكي في المغرب ، المصدر السابق ، ص 282 – 297 .
(13) يراجع في ترجمة هؤلاء العلماء ، وغيرهم من أعلام ليبيا ، كتابنا تراجم ليبية جزءان في مجلد واحد ، نشر دار المدار الإسلامي ، طرابلس ، 2005 م .
(14) مباحث في المذهب المالكي بالمغرب ، د / عمر الجيدي رحمه الله ، ص 66 .
(15) مباحث في المذهب المالكي بالمغرب ، المصدر السابق ، ص 66 – 72 .
(16) مقدمة ابن خلدون ، طبعة دار الشعب ، د ت ، ص 416 .
(17) منهج كتابة الفقه المالكي ، بين التجريد والتدليل ، د ، بدوي عبد الصمد الطاهر ، ص 94 ، نشر دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث ، دبي 1323 ه 2002 م .
(18) دراسات في مصادر الفقه المالكي ، تأليف ميكلوش موراني ،ص 15 – 20 ، نقله عن الألمانية ، الدكتور سعيد بحيري وآخرين ، نشر دار الغرب الإسلامي 1409هـ / 1988 م ،
(19) مباحث في المذهب المالكي بالمغرب ، ص 88 – 89 .
(20) التحفة في علم المواريث ، تأليف محمد خليل بن محمد بن غلبون ، حقق نصوصه وقدم له وعلق عليه ، الدكتور السائح علي حسين ، منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية ، ط ، 2 ، 2002 مسيحي .
(21) مباحث في المذهب المالكي بالمغرب ، مصدر سابق ، ص 97 – 101 .
(22) تراجع ترجمته الكاملة في كتاب تراجم ليبية ، لكاتب البحث ، ص 23 – 48 ، نشر دار المدار الإسلامي ، طرابلس ، 2005 مسيحي .
(23) أضواء على جوانب من حياة ليبيا العلمية ، د / حمزة أبو فارس ، ص 113 ، منشورات elga مالطا .