المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وجه في الجمع بين آيات الموادعة والمسايفة



أهــل الحـديث
25-09-2013, 06:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم



إن آيات الموادعة والمسالمة وآيات المسايفة، أي القتال بالسيف، يمكن الجمع بينهم في فريضة جهاد الطلب أي في الغزو. فالرسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه، (قال: إذا لقيت عدوك فادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، فإن أبوا فسلهم الجزية، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ). فعند تدبر الخيار الأول وهو الدعوة إلى الإسلام نجد أن الدعوة إلى الإسلام تكون بالكلمة والموعظة الحسنة كما حث سبحانه وتعالى موسى وهارون عليهما السلام على دعوة اللعين فرعون بالقول اللين في قوله تعالى ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) ( طه:44)، وكما في قوله تعالى في آيات الموادعة والمسالمة (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) (النحل:125)، وقوله تعالى (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون) (آل عمران:64). فمن آداب الإسلام في القتال أن يخير المسلمون الكافرين قبل قتالهم بأن يدخلوا في الإسلام فإن أجابوا يتم قبول ذلك منهم ويُكف عن قتالهم لأن سبب قتال الكافرين هو عدم إسلامهم لقوله عليه الصلاة والسلام (أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لاإله إلا الله) فإذا دخلوا في الإسلام ينتفي سبب قتالهم ويُكف عنهم لقوله عليه الصلاة والسلام (فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله). ولكن إن أبوا فعندئذ يُخيروا بمعاهدة المسلمين ودفعهم الجزية فإن أجابوا يتم قبول ذلك منهم ويُكف عن قتالهم لأن سبب قتال الكافرين هو عدم إسلامهم وعدم معاهدتهم ودفعهم الجزية للمسلمين لقوله تعالى (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) (التوبة:29) فإن قبلوا المعاهدة ودفع الجزية عندئذ ينتفي سبب قتالهم ويُكف عنهم لقوله تعالى (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة:29)، أما إن أبوا فعندها يُقاتلهم المسلمون.

أما قوله تعالى ( فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) (محمد: 35)، فالله عزوجل ينهى المؤمنين عن الدعوة إلى السِّلم أي الموادعة والمسالمة عن ضعف أو ذل خوفاً من الهزيمة أو القتل من أعدائهم فكلمة تدعوا معطوفة على كلمة تهنوا وداخلة في حيز النهي وذلك لأن الله عزوجل يعزهم ويؤيدهم بنصره لقوله تعالى (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ). ولذلك عندما أمر الله عزوجل المؤمنين في جهاد الطلب بالدعوة إلى الموادعة والمسالمة أمرهم بالدعوة لذلك عن عزة وقوة وليس عن ضعف ومهانة إذ أنهم يدعون الكافرين للسِّلم بدفع الجزية وهم خاضعون لحكم الإسلام فيهم أو القتال. أما قوله تعالى (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الأنفال: 61). أي إذا قبل الكافرون بمسالمة وموادعة المسلمين بدفع الجزية وهم منقادون وخاضعون لحكم الإسلام فيهم، عندئذ يَقبل المسلمون منهم ذلك ويعطوهم الأمان على أموالهم وأنفسهم ودمائهم وجميع حقوقهم بالحسنى.

فيبدو واضحاً وجلياً كيف أنه بالإمكان الجمع بين آيات الموادعة وآيات المسايفة مما يعني أنه ليس بالضرورة أن تكون آيات المسايفة ناسخة لآيات الموادعة. ويظهر تساؤل مهم جداً لمن يقول بنسخ آيات المسايفة لآيات الموادعة، وهو لو افترضنا أن آيات المسايفة ناسخة لآيات الموادعة فهل هذا يعني أن كل من دخل في الإسلام عن طريق الدعوة والكلمة والموعظة الحسنة دخل على أساس باطل؟!!!. والجواب بالتأكيد لا، لأن هكذا إفتراض لا يستقيم مع فطرة العقل ومع المنطق السليم مما يفيد أن آيات المسايفة محكمة أي لها الحُكم الخاص بها في وقتها المناسب وأن آيات الموادعة مُحكمة ولها الحُكم الخاص بها في وقتها المناسب فلا منافاة ولا نسخ. فإذا كان بالإمكان تبليغ دعوة الإسلام بالكلمة والموعظة الحسنة دون الحاجة إلى القتال فهذا خير بينما إذا تعذر ذلك فعندئذ لا خيار إلا خيار القتال لإيصال دعوة الإسلام إلى الناس كافة بفتح الأمصار والبلدان فتح عنوة أو فتح صلح. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المؤلف: خالد صالح محمد أبودياك.