خيال فارس
04-01-2007, 04:04 PM
بعد أن كثر الحديث عن صدام, هل يترحم عليه أم لا؟ وهل هو سني أو لا؟ إلى غيرها من الأسئلة التي تجرّ تباعا
جرى حوار بيني وبين أحد الأخوة, وتناقشنا فيه وأعد موضوعا كاملا أطرحه بين أيديكم
علّ الله أن ينفع به, فقال:
كنت قد كتبت موضوعاَ في الموقف من الرئيس العراقي السابق صدام حسين , ولم أكمله وحالت دون إكماله كثرة المشاغل, ثم كان موته في يوم الحج الأكبر , بعد أن تقرَّب به الرافضة و النصارى قربة إلى الله لا تقبَّل ربي منهم , فعزمت على إكمال الموضوع , ولكن ظهرت وجهات نظر متباينة على خلفية هذه الأحداث , فآثرت السكوت , حتى أرى أكثر عدد من الأراء , و الان أرى أنه قد حان الوقت لأطرح ما عندي و ما أدين الله به في هذا وسأقدم بمقدمتين ثم أشرع في صلب الموضع الذي سيكون على شكل نقاط :
التنبيه الأول :
إن المسلم متعبدا لله بالشرع . يحكمه كتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على فهم سلف الأمة , بعيدا عن الإنفعالات العاطفية و القرارات الحماسية . و السبب في ذلك أن لله حكمة في إمتحان النفوس المؤمنة الموقنة بما عند ربها , وهذا الإمتحان قد لا تدركه عواطفنا أو تستجيب له مشاعرنا لأنه يخالف طبيعتها المرهفة , و لهذا قد تتحمل هذه الإمتحانات القاسية التي قد تمر بها .
وقد عرٍّفت العاطفة في المعجم الوسيط 2/608 : ( أنه إستعداد نفسي ينزع بصاحبه إلى الشعور بانفعالات معينة , و القيام بسلوك , خاص , حيال فكرة معينة أو شيء معين ).
فالعاطفة إذا كان لها مسوٍّغ في الشرع كانت محمودة مثل : الغضب لإنتهاك حرمات الله , أو إنتهاك ما حرمه الله من الأوقات الفاضلة .
ومنها – العاطفة – ما هو مذموم وهي التي تكون مخالفة للشرع مثل : الدفاع عن الظلمة أو غيرهم .
فالعاطفة إذا لم تظبط بظابط الشرع والعقل أصبحت عاصفة .
وأسوق مثلا واحداً للختصار وقع في عهد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين :
لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه متهدداً متوعداً وذلك لهول المصيبة وشدة حبه للنبي صلى الله عليه سلم , فخرج أبوبكر وعمر يكلم الناس فقال : إجلس يا عمر , فأبى عمر أن يجلس , فأقبل الناس إليه وتركوا عمر , فقال أبوبكر : أما بعد فمن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات , ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت , قال الله : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) . قال ابن عباس رضي الله عنهما : والله لكأن الناس لم يعملوا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبوبكر فتلقاها منه الناس , ما سمع بشر من الناس إلا يتلوها . فقال عمر : ( والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي , وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها , علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ) . والحديث أخرجه البخاري : كتاب المغازي 4454 .
قال الحافظ بن حجر في فتح الباري 8/146: ( وفي الحديث قوة جأش أبي بكر و كثرة علمه ) .
فأنظروا إلى عمر وهو عمر الملهم الفاروق لم يتمالك نفسه ولم يستطع أن يكبح جماح عاطفته إلا لما جاءه النص الفاصل :(والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي , وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها , علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ) .
كيف رجع إلى الحق بعد أن بيّن له .
فهل نرجع نحن للحق إذا بيّن لنا مثل مارجع عمر رضي الله عنه ؟؟؟
لذلك لا بد أن نحتكم إلى العقل والشرع وخاصة في هذا الموضوع و أتمنى من القراء الكرام أن يتنبهوا لهذه المسألة .
التنبيه الثاني :
ينبغي للإنسان دائماً أن لا يتكلم في المسائل الشرعية إلا بعلم , لأنه محاسب عما سيقوله في دين الله بغيرعلم . هذا من المعلوم في الدين بالضرورة . وكذلك أن يفرِّق الأنسان بين ما هو محمود بيانه في دين الله وما هو مذموم فبعض الناس قد لا يتورّع أن يفري بلسانه أعراض الأحياء و الأموات وبعضهم قد يتورّع عن الحديث فيمن ظهر كفره فيجب التفريق .
وأدخل الآن في صلب الموضع فأقول مستعيناً بالله :
أولا ً :أحسن الله عزائي و عزائكم في الكرامة الإسلامية التي نحرت يوم الحج الأكبر , على يد الروافض و النصارى ومن خلفهم جميعاً اليهود على الظالمين لعائن ربي تترا .
و قد كنت كتبت في بعض أشعاري أن الظمير قتيل لا طالب لدمه و الآن أقول أن الكرامة الإسلامية العربية أضحت ذبيحة كذلك .
فلا عزاء للضعفاء .
ثانيا : قد نحزن لموت الكرامة الإسلامية وإنتهاك حرمة الشهر الحرام الذي عظَّمه رب العالمين"منها أربعة حرم" , والإستهانة التي حصلت بمشاعر المسلمين , وكيف أن الروافض (وحسبي أن أقول روافض) قد جعلوها تحت أقدامهم وقاموا عليه يرقصون .
مع كل هذا الحقد الذي أظهره هولاء الروافض والنصارى هل لنا أن نجعل صدام حسين بطلا إسلاميا عربيا لأنه قتل بيد هولا ء الكفرة ؟؟؟
السؤال الأهم هل صدام حسين مسلماًَ حتى نجعل منه بطلاً إسلامياً ؟؟؟ وهل يجوز البكاء والنواح وإطلاق الفاظ الشهادة وغيرها عليه ؟؟؟ و ماذا لوكان قتله أيام غزو الكويت و دخوله مملكتنا الحبيبة بطائرة أمريكية هل كنا سنبكي عليه كل هذا البكاء ؟؟؟
(صدام حسين كافرُ بعثيُ منافق) سماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في مجموع فتاواه الجلد 6/155 : (هل يجوز لعن حاكم العراق؟ لأن بعض الناس يقولون: إنه ما دامينطق بالشهادتين نتوقف في لعنه، وهل يجزم بأنه كافر؟ وما رأي سماحتكم في رأي منيقول: بأنه كافر؟
فأجاب رحمه الله :
هو كافر وإن قال: لا إله إلا الله، حتى ولو صلى وصام، ما دام لميتبرأ من مبادئ البعثية الإلحادية، ويعلن أنه تاب
إلى الله منها وما تدعوإليه، ذلك أن البعثية كفر وضلال، فما لم يعلن هذا فهو كافر، كما أن عبد الله بن أبيكافر
وهو يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم-، ويقول: لا إله إلا اللهويشهد أن محمدا رسول الله وهو من أكفر الناس
وما نفعه ذلك لكفره ونفاقهفالذين يقولون: لا إله إلا الله من أصحاب المعتقدات الكفرية كالبعثيين والشيوعيين
وغيرهم ويصلون لمقاصد دنيوية، فهذا ما يخلصهم من كفرهم؛ لأنه نفاق منهم،ومعلوم عقاب المنافقين الشديد كما
جاء في كتاب الله: {إِنَّالْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْنَصِيرًا}[1]، وصدام بدعواه الإسلام
ودعواه الجهاد أو قوله أنا مؤمن، كلهذا لا يغني عنه شيئا ولا يخرجه من النفاق، ولكي يعتبر من يدعي الإسلام
مؤمنا حقيقيا فلا بد من التصريح بالتوبة مما كان يعتقده سابقا، ويؤكد هذابالعمل، لقول الله تعالى: {إِلا الَّذِينَ
تَابُوا وَأَصْلَحُواوَبَيَّنُوا}[2]، فالتوبة الكلامية، والإصلاح الفعلي، لا بد معه من بيان، وإلا فلايكون المدعي صادقا،
فإذا كان صادقا في التوبة فليتبرأ من البعثية وليخرج منالكويت ويرد المظالم على أهلها، ويعلن توبته من البعثية
وأن مبادئها كفروضلال، وأن على البعثيين أن يرجعوا إلى الله، ويتوبوا إليه، ويعتنقوا الإسلامويتمسكوا بمبادئه
قولا وعملا ظاهرا وباطنا، ويستقيموا على دين الله،ويؤمنوا بالله ورسوله، ويؤمنوا بالآخرة إن كانوا صادقين.
أما البهرجوالنفاق فلا يصلح عند الله ولا عند المؤمنين، يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّالْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ
النَّارِ}، ويقول جل وعلا: {ومن الناس من يقول ءامنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين * يُخَادِعُونَاللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَايَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ *
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاتُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْهُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْآمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلاإِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ}[3]
هذه حال صداموأشباهه ممن يعلن الإسلام نفاقا وخداعا وهو يذيق المسلمين أنواع الأذى والظلم ويقيمعلى عقيدته الإلحادية البعثية( . من هذا يتبين لنا أن صدام كافرأً منافقاً بعثياً .
شبهة تثار
قد يقول قائل إن صدام كان يقول لا إله إلا الله محمدا رسول الله فهو بنطقه الشهادة أصبح مسلما ؟؟
فأقول : أن فتوى سماحة الوالد صريحة في كفره حتى لو نطق الشهادة والسبب أن الشهادة لها شروط ووا جبات وأركان يجب أن يقوم بها المسلم حتى يصبح مسلما . زمن أعضم هذه الحقوق هو الركن الثاني منها وهو نفي جميع ما يعبد من دون الله والتبرء منها سواء كانت معبودات شركية أو أفكار إلحادية أو معتقدات كفرية . وصدام لم يتبرء من هذا كله .
ثم لو أن كان مجرد النطق بالشهادة يكفي الإنسان أن يكون مسلماً لقلنا أن الروافض الذين حضروا إعدام صدام حسين كانوا يقولون اللهم صلى على محمد وهذا شهادة منهم أن محمداً رسول الله و هم كذلك يشهدون أنَّ لا إله إلا الله فهل يصح لنا أن نقول إنهم مسلمون ؟؟؟
شبهة أخرى
قد يقول البعض إن هذه الفتوى قديمة !!! وقد يكون قد تاب ورجع للإسلام !!!
فأقول : أن العلماء قرروا قاعدة عظيمة وهي أن إطلاق الأحكام لا يكون إلا بيقين كما أن إنتفائها لا يكون إلا بيقين .
فالأصل في صدام الان كفره , وهذا أمر يقيني وحسبنا أن الذي أطلق هذا الحكم أمام المسلمين في عصره . فمن أين لنا أنه تاب ؟؟؟ هل ذكر في حياته أو حتى في وصيته بعد موته أنه تاب ورجع عن ما كان يعتقده سابقاً من الأفكار البعثية , وأنه أعتنق السنة ؟؟؟ فمن أين لنا إذاً أنه تاب ؟؟؟
وعلى هذا فالحكم فيه باقٍ على أصله .
(صدام كافر و ظالم)
هل نسينا ما فعله صدام بالكويت ؟ و أين هم الأسرى الذين أخذهم صدام ونظامه البائد ؟ وهل نسينا ما روعنا به نحن أيام عدوانه ؟ نعم نحن في بلاد الحرمين !!! وهل نسينا ما جازره في أكراد السنة ؟ بل وعلماء السنة ؟؟؟ أم أن هولاء لا بواكي لهم ؟؟؟
فإذا تقرر لنا كل هذا لم يجز لنا شرعاً أن ندعوا له أو أن نستغفر له أو أن نعزي فيه ؟؟؟
قال تعالى : ( ولا تصلِ على أحداٍ مات منهم أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وما توا وهم فاسقون ) .
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية : ( أمر الله تعالى رسوله صلى لله عليه وسلم أن يبرأ من المنافقين و أن لا يصلي على أحد منهم إذا مات , و أن لا يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له , لأنهم كفروا بالله ورسوله وماتو عليه , وهذا حكم عام في كل من عرف نفاقه ).
وقال تعالى : ( ما كان للنبي والذين ءامنوا معه أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) .
روى الإمام أحمد عن ابن المسيب عن أبيه أن سبب نزول الآية كان في وفاة عم النبي صلى الله عليه وسلم عبد المطلب فقد وعده النبي عليه الصلاة والسلام أن يستغفر له عند ربه .
وروى ابن جرير عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن سبب النزول كان في أم النبي صلى الله عليه وسلم لما أستأذن ربه في زيارة قبر أمه فأذن له وأستأذنه في الدعاء لها فلم يأذن له .
فهذا النبي صلى الله عليه وسلم لم يجز له أن يستغفر لعمه وهو الذي ناصره في دعوته ولكنه مات مشركاً , ولا حتى لأمه أعظم الناس حباً لولدها . حتى إنه كان عليه الصلاة والسلام يبكي من شدة حزنه عليها .
فهل يجوز لنا بعد هذا أن نستغفر لكافرِ ظالم و إن كان الذين قتلوه هم الروافض شر أهل الأرض .
أن ما حصل عند كثير من الناس هو هيجان عاطفة ,لأن طريقة قتله كانت مخزية للمسلمين لإمتهانهم لما حصل فيها من إمتهانٍ للمشاعر , لا أكثر من ذلك أو لإعتقادهم أن صدام يمثل أهل السنة !!!
أما الثانية فقد بينَّها بما فيه الكفاية , وأما الأولى فأنا أتسأل ؟؟؟ : لو كان قتل صدام أيام حرب الخليج هل كنا سنحزن كهذا الحزن ؟ حتى لو كان قتله بطائرة أمريكية أثناء الحرب ؟؟؟
ولو جاز لنا الدعاء لصدام والإستغفار له لكان أحق الناس بذلك مبير هذه الأمة الحجاج بن يوسف الثقفي الذي نقطَّ المصحف وكان حافظ للقران وعالماً فيه وكان له فضل عظيم بتنقيط المصحف الشريف و كذلك لم يكفره العلماء فقد قال الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء : ( وهو فاسق ظالم نعوذ بالله من تكفييره ) .
فهو باقٍ على أصل الإسلام ومع ذلك لم تجز لنا رواية أحاديثه أو الدعاء له بل قد ذكر عن الإمام أحمد رواية في جواز لعنه .
فأيهم أحق بالدعاء المسلم الظالم أم الكافر الظالم ؟؟؟
ولكن يبقى ربك بالمرصاد لكل ظالم وطاغية ( ولا تحسبنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون ) ( بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين ) .
فهل سأرى بعد كل ما كتبت من يأتي بورعٍ بارد ليقول أنه لا يجوز الحديث فيه فقد مات أو من يأتي بالأحاديث التي نتهى عن الكلام على الأموات لجعلها مركبة على الظلمة ؟؟؟
هذا ما أحببت بيانه وإيضاحه نصيحة لإخواني , وكشفاً للإلتباس , ورجوعاً على العقل والشرع , ونبذاً للعوطف التي لم تلجم بلجام العلم .
و المجال مفتوح لأي مداخلة
وللجميع كل حب و تقدير
انتهى النقل
وأضيف:
أن صور قتله للسنة موجود في الرابط التالي وكذا نقاش حول هذا الموضوع:
تأكد (http://www.sfsaleh.com/vb/showthread.php?t=87567)
جرى حوار بيني وبين أحد الأخوة, وتناقشنا فيه وأعد موضوعا كاملا أطرحه بين أيديكم
علّ الله أن ينفع به, فقال:
كنت قد كتبت موضوعاَ في الموقف من الرئيس العراقي السابق صدام حسين , ولم أكمله وحالت دون إكماله كثرة المشاغل, ثم كان موته في يوم الحج الأكبر , بعد أن تقرَّب به الرافضة و النصارى قربة إلى الله لا تقبَّل ربي منهم , فعزمت على إكمال الموضوع , ولكن ظهرت وجهات نظر متباينة على خلفية هذه الأحداث , فآثرت السكوت , حتى أرى أكثر عدد من الأراء , و الان أرى أنه قد حان الوقت لأطرح ما عندي و ما أدين الله به في هذا وسأقدم بمقدمتين ثم أشرع في صلب الموضع الذي سيكون على شكل نقاط :
التنبيه الأول :
إن المسلم متعبدا لله بالشرع . يحكمه كتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على فهم سلف الأمة , بعيدا عن الإنفعالات العاطفية و القرارات الحماسية . و السبب في ذلك أن لله حكمة في إمتحان النفوس المؤمنة الموقنة بما عند ربها , وهذا الإمتحان قد لا تدركه عواطفنا أو تستجيب له مشاعرنا لأنه يخالف طبيعتها المرهفة , و لهذا قد تتحمل هذه الإمتحانات القاسية التي قد تمر بها .
وقد عرٍّفت العاطفة في المعجم الوسيط 2/608 : ( أنه إستعداد نفسي ينزع بصاحبه إلى الشعور بانفعالات معينة , و القيام بسلوك , خاص , حيال فكرة معينة أو شيء معين ).
فالعاطفة إذا كان لها مسوٍّغ في الشرع كانت محمودة مثل : الغضب لإنتهاك حرمات الله , أو إنتهاك ما حرمه الله من الأوقات الفاضلة .
ومنها – العاطفة – ما هو مذموم وهي التي تكون مخالفة للشرع مثل : الدفاع عن الظلمة أو غيرهم .
فالعاطفة إذا لم تظبط بظابط الشرع والعقل أصبحت عاصفة .
وأسوق مثلا واحداً للختصار وقع في عهد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين :
لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه متهدداً متوعداً وذلك لهول المصيبة وشدة حبه للنبي صلى الله عليه سلم , فخرج أبوبكر وعمر يكلم الناس فقال : إجلس يا عمر , فأبى عمر أن يجلس , فأقبل الناس إليه وتركوا عمر , فقال أبوبكر : أما بعد فمن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات , ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت , قال الله : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) . قال ابن عباس رضي الله عنهما : والله لكأن الناس لم يعملوا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبوبكر فتلقاها منه الناس , ما سمع بشر من الناس إلا يتلوها . فقال عمر : ( والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي , وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها , علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ) . والحديث أخرجه البخاري : كتاب المغازي 4454 .
قال الحافظ بن حجر في فتح الباري 8/146: ( وفي الحديث قوة جأش أبي بكر و كثرة علمه ) .
فأنظروا إلى عمر وهو عمر الملهم الفاروق لم يتمالك نفسه ولم يستطع أن يكبح جماح عاطفته إلا لما جاءه النص الفاصل :(والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي , وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها , علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ) .
كيف رجع إلى الحق بعد أن بيّن له .
فهل نرجع نحن للحق إذا بيّن لنا مثل مارجع عمر رضي الله عنه ؟؟؟
لذلك لا بد أن نحتكم إلى العقل والشرع وخاصة في هذا الموضوع و أتمنى من القراء الكرام أن يتنبهوا لهذه المسألة .
التنبيه الثاني :
ينبغي للإنسان دائماً أن لا يتكلم في المسائل الشرعية إلا بعلم , لأنه محاسب عما سيقوله في دين الله بغيرعلم . هذا من المعلوم في الدين بالضرورة . وكذلك أن يفرِّق الأنسان بين ما هو محمود بيانه في دين الله وما هو مذموم فبعض الناس قد لا يتورّع أن يفري بلسانه أعراض الأحياء و الأموات وبعضهم قد يتورّع عن الحديث فيمن ظهر كفره فيجب التفريق .
وأدخل الآن في صلب الموضع فأقول مستعيناً بالله :
أولا ً :أحسن الله عزائي و عزائكم في الكرامة الإسلامية التي نحرت يوم الحج الأكبر , على يد الروافض و النصارى ومن خلفهم جميعاً اليهود على الظالمين لعائن ربي تترا .
و قد كنت كتبت في بعض أشعاري أن الظمير قتيل لا طالب لدمه و الآن أقول أن الكرامة الإسلامية العربية أضحت ذبيحة كذلك .
فلا عزاء للضعفاء .
ثانيا : قد نحزن لموت الكرامة الإسلامية وإنتهاك حرمة الشهر الحرام الذي عظَّمه رب العالمين"منها أربعة حرم" , والإستهانة التي حصلت بمشاعر المسلمين , وكيف أن الروافض (وحسبي أن أقول روافض) قد جعلوها تحت أقدامهم وقاموا عليه يرقصون .
مع كل هذا الحقد الذي أظهره هولاء الروافض والنصارى هل لنا أن نجعل صدام حسين بطلا إسلاميا عربيا لأنه قتل بيد هولا ء الكفرة ؟؟؟
السؤال الأهم هل صدام حسين مسلماًَ حتى نجعل منه بطلاً إسلامياً ؟؟؟ وهل يجوز البكاء والنواح وإطلاق الفاظ الشهادة وغيرها عليه ؟؟؟ و ماذا لوكان قتله أيام غزو الكويت و دخوله مملكتنا الحبيبة بطائرة أمريكية هل كنا سنبكي عليه كل هذا البكاء ؟؟؟
(صدام حسين كافرُ بعثيُ منافق) سماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في مجموع فتاواه الجلد 6/155 : (هل يجوز لعن حاكم العراق؟ لأن بعض الناس يقولون: إنه ما دامينطق بالشهادتين نتوقف في لعنه، وهل يجزم بأنه كافر؟ وما رأي سماحتكم في رأي منيقول: بأنه كافر؟
فأجاب رحمه الله :
هو كافر وإن قال: لا إله إلا الله، حتى ولو صلى وصام، ما دام لميتبرأ من مبادئ البعثية الإلحادية، ويعلن أنه تاب
إلى الله منها وما تدعوإليه، ذلك أن البعثية كفر وضلال، فما لم يعلن هذا فهو كافر، كما أن عبد الله بن أبيكافر
وهو يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم-، ويقول: لا إله إلا اللهويشهد أن محمدا رسول الله وهو من أكفر الناس
وما نفعه ذلك لكفره ونفاقهفالذين يقولون: لا إله إلا الله من أصحاب المعتقدات الكفرية كالبعثيين والشيوعيين
وغيرهم ويصلون لمقاصد دنيوية، فهذا ما يخلصهم من كفرهم؛ لأنه نفاق منهم،ومعلوم عقاب المنافقين الشديد كما
جاء في كتاب الله: {إِنَّالْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْنَصِيرًا}[1]، وصدام بدعواه الإسلام
ودعواه الجهاد أو قوله أنا مؤمن، كلهذا لا يغني عنه شيئا ولا يخرجه من النفاق، ولكي يعتبر من يدعي الإسلام
مؤمنا حقيقيا فلا بد من التصريح بالتوبة مما كان يعتقده سابقا، ويؤكد هذابالعمل، لقول الله تعالى: {إِلا الَّذِينَ
تَابُوا وَأَصْلَحُواوَبَيَّنُوا}[2]، فالتوبة الكلامية، والإصلاح الفعلي، لا بد معه من بيان، وإلا فلايكون المدعي صادقا،
فإذا كان صادقا في التوبة فليتبرأ من البعثية وليخرج منالكويت ويرد المظالم على أهلها، ويعلن توبته من البعثية
وأن مبادئها كفروضلال، وأن على البعثيين أن يرجعوا إلى الله، ويتوبوا إليه، ويعتنقوا الإسلامويتمسكوا بمبادئه
قولا وعملا ظاهرا وباطنا، ويستقيموا على دين الله،ويؤمنوا بالله ورسوله، ويؤمنوا بالآخرة إن كانوا صادقين.
أما البهرجوالنفاق فلا يصلح عند الله ولا عند المؤمنين، يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّالْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ
النَّارِ}، ويقول جل وعلا: {ومن الناس من يقول ءامنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين * يُخَادِعُونَاللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَايَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ *
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاتُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْهُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْآمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلاإِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ}[3]
هذه حال صداموأشباهه ممن يعلن الإسلام نفاقا وخداعا وهو يذيق المسلمين أنواع الأذى والظلم ويقيمعلى عقيدته الإلحادية البعثية( . من هذا يتبين لنا أن صدام كافرأً منافقاً بعثياً .
شبهة تثار
قد يقول قائل إن صدام كان يقول لا إله إلا الله محمدا رسول الله فهو بنطقه الشهادة أصبح مسلما ؟؟
فأقول : أن فتوى سماحة الوالد صريحة في كفره حتى لو نطق الشهادة والسبب أن الشهادة لها شروط ووا جبات وأركان يجب أن يقوم بها المسلم حتى يصبح مسلما . زمن أعضم هذه الحقوق هو الركن الثاني منها وهو نفي جميع ما يعبد من دون الله والتبرء منها سواء كانت معبودات شركية أو أفكار إلحادية أو معتقدات كفرية . وصدام لم يتبرء من هذا كله .
ثم لو أن كان مجرد النطق بالشهادة يكفي الإنسان أن يكون مسلماً لقلنا أن الروافض الذين حضروا إعدام صدام حسين كانوا يقولون اللهم صلى على محمد وهذا شهادة منهم أن محمداً رسول الله و هم كذلك يشهدون أنَّ لا إله إلا الله فهل يصح لنا أن نقول إنهم مسلمون ؟؟؟
شبهة أخرى
قد يقول البعض إن هذه الفتوى قديمة !!! وقد يكون قد تاب ورجع للإسلام !!!
فأقول : أن العلماء قرروا قاعدة عظيمة وهي أن إطلاق الأحكام لا يكون إلا بيقين كما أن إنتفائها لا يكون إلا بيقين .
فالأصل في صدام الان كفره , وهذا أمر يقيني وحسبنا أن الذي أطلق هذا الحكم أمام المسلمين في عصره . فمن أين لنا أنه تاب ؟؟؟ هل ذكر في حياته أو حتى في وصيته بعد موته أنه تاب ورجع عن ما كان يعتقده سابقاً من الأفكار البعثية , وأنه أعتنق السنة ؟؟؟ فمن أين لنا إذاً أنه تاب ؟؟؟
وعلى هذا فالحكم فيه باقٍ على أصله .
(صدام كافر و ظالم)
هل نسينا ما فعله صدام بالكويت ؟ و أين هم الأسرى الذين أخذهم صدام ونظامه البائد ؟ وهل نسينا ما روعنا به نحن أيام عدوانه ؟ نعم نحن في بلاد الحرمين !!! وهل نسينا ما جازره في أكراد السنة ؟ بل وعلماء السنة ؟؟؟ أم أن هولاء لا بواكي لهم ؟؟؟
فإذا تقرر لنا كل هذا لم يجز لنا شرعاً أن ندعوا له أو أن نستغفر له أو أن نعزي فيه ؟؟؟
قال تعالى : ( ولا تصلِ على أحداٍ مات منهم أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وما توا وهم فاسقون ) .
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية : ( أمر الله تعالى رسوله صلى لله عليه وسلم أن يبرأ من المنافقين و أن لا يصلي على أحد منهم إذا مات , و أن لا يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له , لأنهم كفروا بالله ورسوله وماتو عليه , وهذا حكم عام في كل من عرف نفاقه ).
وقال تعالى : ( ما كان للنبي والذين ءامنوا معه أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) .
روى الإمام أحمد عن ابن المسيب عن أبيه أن سبب نزول الآية كان في وفاة عم النبي صلى الله عليه وسلم عبد المطلب فقد وعده النبي عليه الصلاة والسلام أن يستغفر له عند ربه .
وروى ابن جرير عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن سبب النزول كان في أم النبي صلى الله عليه وسلم لما أستأذن ربه في زيارة قبر أمه فأذن له وأستأذنه في الدعاء لها فلم يأذن له .
فهذا النبي صلى الله عليه وسلم لم يجز له أن يستغفر لعمه وهو الذي ناصره في دعوته ولكنه مات مشركاً , ولا حتى لأمه أعظم الناس حباً لولدها . حتى إنه كان عليه الصلاة والسلام يبكي من شدة حزنه عليها .
فهل يجوز لنا بعد هذا أن نستغفر لكافرِ ظالم و إن كان الذين قتلوه هم الروافض شر أهل الأرض .
أن ما حصل عند كثير من الناس هو هيجان عاطفة ,لأن طريقة قتله كانت مخزية للمسلمين لإمتهانهم لما حصل فيها من إمتهانٍ للمشاعر , لا أكثر من ذلك أو لإعتقادهم أن صدام يمثل أهل السنة !!!
أما الثانية فقد بينَّها بما فيه الكفاية , وأما الأولى فأنا أتسأل ؟؟؟ : لو كان قتل صدام أيام حرب الخليج هل كنا سنحزن كهذا الحزن ؟ حتى لو كان قتله بطائرة أمريكية أثناء الحرب ؟؟؟
ولو جاز لنا الدعاء لصدام والإستغفار له لكان أحق الناس بذلك مبير هذه الأمة الحجاج بن يوسف الثقفي الذي نقطَّ المصحف وكان حافظ للقران وعالماً فيه وكان له فضل عظيم بتنقيط المصحف الشريف و كذلك لم يكفره العلماء فقد قال الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء : ( وهو فاسق ظالم نعوذ بالله من تكفييره ) .
فهو باقٍ على أصل الإسلام ومع ذلك لم تجز لنا رواية أحاديثه أو الدعاء له بل قد ذكر عن الإمام أحمد رواية في جواز لعنه .
فأيهم أحق بالدعاء المسلم الظالم أم الكافر الظالم ؟؟؟
ولكن يبقى ربك بالمرصاد لكل ظالم وطاغية ( ولا تحسبنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون ) ( بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين ) .
فهل سأرى بعد كل ما كتبت من يأتي بورعٍ بارد ليقول أنه لا يجوز الحديث فيه فقد مات أو من يأتي بالأحاديث التي نتهى عن الكلام على الأموات لجعلها مركبة على الظلمة ؟؟؟
هذا ما أحببت بيانه وإيضاحه نصيحة لإخواني , وكشفاً للإلتباس , ورجوعاً على العقل والشرع , ونبذاً للعوطف التي لم تلجم بلجام العلم .
و المجال مفتوح لأي مداخلة
وللجميع كل حب و تقدير
انتهى النقل
وأضيف:
أن صور قتله للسنة موجود في الرابط التالي وكذا نقاش حول هذا الموضوع:
تأكد (http://www.sfsaleh.com/vb/showthread.php?t=87567)