المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصنام



bb20
14-12-2006, 09:58 PM
ثلاثة أصنام تحدق عبر النافذة ، ثلاث ابتسامات ميتة على شفاههم ، ثلاثة وجوه مصنوعة من فخار لم يصبغ !..

قال واحد : هل غادر الشعراء من متردمْ ..
قال ثاني : هل عرفت الدار بعد توهم ْ
كان ثالثهم يطلق ضحكة من داخل صدره !!



***

عدت لأضبط أنفاسي ثانية ً ، كافحت لأنسق دقات قلبي مع حركة ذراعي على المكتب ،
استرخيت على الكرسي وقضمت قطعة بسكويت ، عدت أنظر إليهم من جديد.
لم يكن أحد ثمَّ على النافذة .. ظهروا فجأة على الباب! .. كان في وجوههم صمت يترقبني ..
نظراتهم تترصد ردة فعلي..استحال هواء الغرفة إلى غاز ثقيل متموج يتسرب إلى رئتي فيخنقني..
دمعت عيناي ونضح جسدي عرقا.. أحسست بأنني دخلت فقاعة غازية بحجم الغرفة ..
التصقت شفتاي معا، فكَايّ أيضا التصقا، حاولت ان المس شفتي بأصابعي،
كانت ذراعاي ملتصقتين على سطح المكتب. بين سراب الهواء الثقيل لمحتهم يقتربون...


***

الجهة اليسرى من المكتب حط عليهاغراب صغير ساقاه حمراوان..
أشفقت على مظهره البائس وعينية النصف مقفلتين، تمنيت أن ألقي له بقية البسكويت في جيبي..
أخذ يقفز بخفه نحو يدي اليسرى الملتصقة بالمكتب ..شعرت بألم لايحتمل حين أخذ بنقر أصبعي..
أصبعي ينزف وبركة دم تحيط بيدي.. رائحة دمي عبقت فوق سطح المكتب وأخذت تتصاعد في الأجواء تدريجياً..
إلى أن عبرت أنفي..أحسست بطعم الدم في حلقي..استقرت في تجويف صدري..
كدت أن أتقيأه لو كنت أملك فمي الملتصق لكني استسغت طعمه بعد ذلك!.
لما طار الغراب شعرت بانفاس ثلاثة أشخاص على رقبتي من الخلف..


***

على الجدار دقت الساعة ثلاث دقات متتابعة ..صوت في الشارع لأطفال يلعبون راكضين من تحت النافذة..
أضاءت الغرفة مصابيح سيارة عبرت الشارع.. ارتعش جسدي لأصابع بارده لزجة تتحسس أجزاءه العلوية من الخلف..
عبقت رائحة كرائحة الخل .. شعرت بألم حاد ينتشر في ظهري، تصلب ظهري وفقدت الاحساس به..
نفس الاحساس أخذ يدب بكل أوصالي.. انفرج سقف الغرفة، وهبطت منه سحابة رطبة ندية أخفت معالم الغرفة ؛
ولفتني في داخلها بالبياض ولم أتبين ماحولي..
حررتُ يدي من سطح المكتب .. وقفتُ في داخل السحابة شعرت بثقل جسدي..
وبأنني ازدت طولاً ثلاثين سنتمتراً دفعة واحدة .. لما بدأت السحابة تنقشع رويداً
فاجأني شكل يدي المتصلب كيد تمثال من فخار.. استدرت إلى الخلف
ووجدتني أقف بين الأصنام الثلاثة.. أخذت أردد وحدي :
( هل غادر الشعراء من متردم ..
... هل عرفت الدار بعد توهم ْ ) و أحسست برغبة جارفة بالضحك !.