تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مطلوب بحث عن الطب القديم والحديث



شذا الزهور
12-12-2006, 04:06 PM
اريد بحث عن الطب القديم والحديث فمن لديه هذا البحث يساعدني بسرعة وجزاه الله الف خير

newone_01
12-12-2006, 08:29 PM
هلا بك ويانا شذا الزهور

وحياك الله في منتداك

وإن شاء الله الموضوع يكون عندك في اقرب فرصة


تمنياتي لك بدوام التوفيق

newone_01
12-12-2006, 08:30 PM
لمحات من تاريخ الطب القديم

منذ وجود الانسان على هذا الكوكب رافقه المرض ونشأ الطب في هذا العالم من الحاجة التي دفعه إليها المرض وبدأ الانسان يلاحظ في سلوك الحيوانات المدفوعة بالغريزة وهي تلتمس الشفاء، فالغنم عندما ترعى نبتة معينة يصيبها الإسهال والكلاب تعمد إلى التهام الزربيح وتنقطع عن الطعام إذا مرضت، ولاحظ الأوائل في العصور القديمة أن الدب يحفر في جذور السرخس والذئب إذا لدغته حية يعمد إلى جذور الترياق فيمضغها فتشفيه وفأر المسك يضمد جروحه بصمغ الشوكران ويفعل مثله الدب أيضاً وقد يغطي الجرح بنبات التنوب،

والضباع إذا أصيبت بالجراح تمرغت فوق نبات الطيون وتتمرغ الوحوش فوق تراب بيوت النمل للتخلص من القراد، كما تحشو القردة جروحها بأوراق النباتات العطرية لاحتوائها على زيوت عطرية تطهر الجروح والدب الوحشي يأكل ثمر العليق ليعقب اسهالاً ويمتنع عن الطعام وإذا أصيبت الحيوانات آكلة العشب بالإسهال أكلت لحاء الشجر ليوقف الإسهال لما فيه من التانين القابض وذوات القرون والطيور تبحث عن الماء الجاري وفتات المحار والأمثلة كثيرة.. لقد عرف قدماء المصريين أنواعاً من العلاج العلمي الناجح المنظم لأمراض كثيرة والعلم الحديث لم يوفق إليها إلا بعد جهد مضني مستطيل وظل بعضها عصيّاً على العلم كالتحنيط مثلاً.
وقد وجدت بعض أوراق البردي التي كتبت منذ اربعة الاف سنة كورقة كاهون وهي تبحث في أمراض النساء وورقة برلين الكبرى وورقة هيرست وقد وجد فيها ماينطبق بالضبط على الطب الحديث بالوزن والمقادير المحددة وتعليمات تعاطي الدواء ووقت أخذه وبعض الدعوات السحرية التي يقصد بها الإيحاء الذاتي وفي ورقة ايبرس وغيرها وفيها على سبيل المثال علاج الثعلبة والقرع أن الشعر يجب أن يقتلع أولاً ثم يدهن بدم العظاية (السحلية) وغيرها وأن يدهن جسم الطفل في المواضع التي لايرغب أن ينبت فيها الشعر بدم الوطواط ولعلاج العين يقطر فيها حليب امرأة ترضع ذكراً وكبد الثور للعشى الليلي واثبت الطب الحديث أن العشى الليلي نتيجة نقص الفيتامينات ويفيد الكبد في ذلك وقد استعمل المصريون دم الثور المحروق لعلاج الإسهالات وهو فحم حيواني ويتحول إلى مادة كربونية ويكافح الانتفاخ والتعفن في الأمعاء. والعسل والسمن والتبخير والاستنشاق وغيرها... ‏ وسرعان ماوضعت النظم والقوانين واصبحت مهنة الطب في ايدي الكهنة ورجال الدين وازدهر الطب في ذلك العصر، ونرى في نقوش الأسرة الخامسة صورة كاهن كتب عليها إنه رئيس الأطباء وكان لكل طبيب اختصاص وقد برعوا في معرفة الاحشاء من خلال رؤيتها أثناء التحنيط لأنهم يفصلونها عن الجسم ويضعونها في أوعية خاصة ويحافظون على سلامتها لاعتقادهم أن الروح ستعود ويجب أن تكون سليمة عند البعث.ومن اطبائهم أمحوتب وكان وزيراً للملك (زوسر) والطبيب أبوتي في الأسرة التاسعة عشرة وتضمنت كتبهم وآثارهم تعويذات وترنيمات سحرية لطرد الأرواح الشريرة..ووجدت طرق لعلاج الأسنان والثدي وكسور العظام والبرص والجذام وعضة الحيوانات ولسع العقارب والأفاعي وغيرها
الطب في الحضارة العربية
استخدم الأطباء العرب العرعر مدراً للبول وامراض الكلى والمثانة والحنظل طارداً للديدان ومسهلاً والصمغ لعلاج الاسهال والكبريت للجرب وبذر الكتان للآلام والأورام والالتهابات وقشر الرمان للديزنتاريا والخشخاش لتسكين الآلام والمغص والمر والنعناع والعفص وزهر اللوتس. وكان ذلك في مصر وبابل والجزيرة العربية وبلاد الشام، حيث برع الفينيقيون في الإيحاء الذاتي واستلهام القوة العظمى من أجل الشفاء وكان الكهان والعرافون يستخدمون الرقي والتعاويذ وتقديم الذبائح والقرابين والتوجه بالدعاء للآلهة التماساً للشفاء وتواصلوا مع هذا إلى طب هدتهم اليه خبرتهم اليومية واستعانوا بالعقاقير وكان أكثرها مستمداً من الأعشاب والنباتات ويؤخذ شرباً، وكان العسل كثيراً مايستخدم في معالجة الأمراض الباطنة وفي الجراحة استخدموا الحجامة والعصر والكي بالنار فقامت النار عندهم مكان المطهرات والطب الحديث واستعانوا بها على جراحات البتر وغيرها... ‏ واطلق العرب في جاهليتهم على الأطباء لقب الحكماء وعلى الذين يفصلون في قضايا وخلافات الناس، وكان الحكيم عندهم يجمع بين العلم والتجربة والنفوذ، وأشهر هؤلاء الحارث بن كلدة توفي 634م (13 هجري) ومن جراحيهم ابن أبي رمثة ومن بيطرييهم العاص بن وائل السهمي، وحكم الحارث بن كلدة مشهورة يقول عن المرض: ‏ دافع بالدواء ماوجدت مدفعاً. ولاتشربه إلا من ضرورة فإنه لايصلح شيئاً إلا أفسد مثله. وقال عند احتضاره لا تتزوجوا النساء إلا من شابة ولاتأكلوا الفاكهة إلا في أوان نضجها ولايتعالج أحدكم ما احتمل بدنه الداء. وقد نهى عن الاستحمام بعد ‏ الطعام وأوصى بالتخفف من الديون والهموم وسأله معاوية يوماً: ما الطب ياحارث فقال: الجوع وهذا جواب خاص فقد كان معاوية أكولاً. وسألوه عن الدواء فقال ما لزمتك الصحة فاجتنبه. فإن هاج فاحسمه بما يردعه قبل استحكامه فإن البدن بمنزلة الأرض اذا اصلحتها عمرت وإذا تركتها خربت لذلك كانت صناعة الطب عند العرب محترمة في الجاهلية.. فلما اعتنقوا الإسلام لم يجدوا بالاشتغال بالطب مايهدد عقيدتهم وأبطل الاسلام الكهانة والعرافة. إذاً لاكهانة بعد النبوة وتم الفصل بين صناعة الطب ورجال الدين وبطل طب الكهان وتمهد الطريق الى طب الخبرة وامتدح القرآن الكريم الحكمة.. والطب من ضروب الحكمة وسلم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بطب الأبدان وحث على الاشتغال به لمن استطاع إليه سبيلاً، قال: ‏
« ياعباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا ووضع له دواء، إلا واحداً هو الهرم» وورد في الحديث إن العلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان فارتفع الطب بهذا الى مرتبة رفيعة واستمر الطب قائماً في ظل الاسلام وفي رعاية نبيه صلى الله عليه وسلم بل أثرت مجموعة من الأحاديث النبوية وهي قرابة ثلاثمئة حديث شكلت مايسمى بالطب النبوي.

newone_01
12-12-2006, 08:32 PM
أثر الطب الإسلامي في علوم التشريح

مما يؤسف له أنا استقينا معلوماتنا عن الطب الإسلامي من مصدر غير مباشر وهو ما كتبه المؤلفون الإنجليز عن هذا الموضوع .لذلك جاءت هذه المعلومات ناقصة وسطحية بل وملتوية في كمعظم الإحيان ، ما يجعل من الصعب تقويم أثر علماء المسلمين على العلوم الطبية الحديثة

ويبدو أن تحامل هؤلاء قد نشأ عن اعتقادهم بأن الطب الإسلامي جزء من الديانة الإسلامي والواقع أن الطب الإسلامي هو نهج طبي خاص ظهر في البلدان العربية في مطلع القرن لثامن الميلادي وظل يمارس طوال العصور الوسطى وما زال أثره واضحا حتى العصر الحديث ولم يكن جميع علماء الطب في العصور الوسطى من المسلمين ولا حتى من العرب .

فمن بين من لمعت أسماؤهم في تلك العصور نجد أن الرازي وابن سينا وعل بن عباس كانوا فرساً وأن المترجم الشهير حنين بم إسحاق كان مسيحيا وأن الطبيب الجليل ماينونيدس كان يهوديا وقد عاش جميعهم وبلغوا ما بلغوه من شهرة ومجد في ظل المجتمع الإسلامي الذي كان يتفجر حيوية ونشاطا في تلك الأيام وكما قال مانفريد أولمان (1978).

( إن حديثنا عن الطب لإسلامي هو في الواقع حديث الإسلام باعتباره قوة ثقافية استوعبت تيارات فكرية مختلفة وصهرتها في بوتقة واحدة ثم أضافت إليها الكثير مما ليها فخرجت ثقافة ثرية متألقة متطورة ).

وليس في ذلك أية غرابة ولا هو بالشيء الجديد على الحضارات الإنسانية . ولا يحتاج المرء للاعتذار عندما يسمى هذا النهج الطبي بالطب الإسلامي.

فمع ازدهار أي حضارة ثم سقوطها كان هناك أيضا ازدهار تبعه سقوط لنظامها الطبي والأمثلة على ذلك كثيرة فهناك الطب اليوناني والطب الروماني والطب الصيني والطب الهندوكي وقد صمدت بعض هذه المناهج الطبية وكان لها أثر كبير على الطب الحديث بالرغم من إنكار الكثيرين لهذه الحقيقة.

ولكي نضع الطب الإسلامي في منظوره الصحيح نجد لزاما علينا أن نستعرض بعض جوانب نشأته وتطور وسنبدأ بعهد ما قبل الإسلامي حيث النشأة ، ثم نمد نظرتنا إلى الطب الغربي في عصرنا الحديث الذي تجري فيه الآن محاولات لحياء الطب الإسلامي.


ا- الطب في عهد ما قبل الإسلام:

من الحقائق الثابتة أن الطب قبل الإسلام كان نوعا من الطب الشعبي الذي يقوم أساسا على الطلاسم والخرافات والشعوذة، ثم جاء الإسلام ليحول هذا الطب الشعبي إلى طب علمي متقدم لا أثر فيه لأي سحر أو خرافات. وكان الطب قبل الإسلام يقتصر على علاج الملوك والحكام وأسر الأغنياء، ولكن التقاليد الإسلامية غيرت كل هذا وأصبح العلم لأول مرة في خدمة الإنسان سواء كان غنيا أو فقيرا.

ويقال من ناحية أخرى أن الفلاسفة والمفكرين المسلمين في ذلك العهد الإسلامي الزاهر لم يأتوا بجديد، وأنهم كانوا يستقون معلوماتهم من المؤلفات اليونانية التي كتبت في عهد سابق، وفي هذا الصدد، لا بد) ن نذكر أنفسنا بأن المعرفة الإنسانية لا تنمو في فراغ.

فهي دائما إما استمرار لما سبق أو رد فعل له أوتمخض عته. وعلى ذلك فقد عمل العلماء والفلاسفة المسلمون في ظل الثقافة والتقاليد الإسلامية على تطوير ما كان متاحا في ذلك الوقت من المعارف الطبية، بإعادة صياغتها وتفسيرها على أسس منطقية وتحليلية رائعة.

2- عهد الطب الغربي الحديث:

قطع الطب في العصور الحديثة شوط بعيدا في مجال التقدم والازدهار، ويرجع الفضل في ذلك بصفة عامة إلى الجهود الدائبة التي يبذلها علماء الغرب، ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن كل هذا التقدم الذي نشاهده اليوم لم ينشأ من فراغ، بل قام على ذلك الصرح الشامخ من العلوم والفلسفة الذي بناه علماء الطب الإسلامي.

ولكن يبدو للأسف أن الإنجاز الحقيقي الذي نجح الغرب في تحقيقه هو طمس كل أثر لأطباء وفلاسفة المسلمين على حضارة اليوم، وتسليط الضوء على كل ما هو غربي اللون والنزعة، حتى أصبح من الصعب أن نفكر في أي اتجاه يخالف الاتجاهات الغربية أو يتعارض معها.

وبالرغم من ذلك، يتزايد في كل يوم عدد العلماء والأطباء الغربيين الذين بدءوا يلتفتون نحو الماضي يفتشون فيه عن كنوز مخبوءة كالأعشاب والنباتات الطبية والإبر الصينية، بل ذهب حماسهم في ذلك الاتجاه إلى حد دراسة مفاهيم الطب القديم عن الأخلاط والمزاج والطب الروحاني.

أثر علماء الإسلام على علوم التشريح:

عندما نستعرض تاريخ الطب الإسلامي نجد أنه قد أضاف الكثير إلى العلوم التشريحية عن طريق الترجمات والمؤلفات الأصلية.


وفي ذلك الوقت كانت المفاهيم اليونانية عن الأخلاط قد ترسخت، وترسخ معها ما جاء به جالينوس عن الخصائص التشريحية لجسم الإنسان.

وكانت معلومات جالينوس عن هذه الخصائص تنهض على مشاهداته عندما قام بعدة عمليات محدودة لترشيح الحيوانات، فقد كان تشريح الجثث الإنسانية محظورا، باعتباره من الأمور التي تدخل في نطاق الذنوب والخطايا. أما على الجانب العربي فقد كان يحدث أحيانا أن يصف شعراء الجاهلية بعض أعضاء جسم الإنسان كالقلب والرئتين والكبد والطحال والكلى.

ولكن وصفهم لهذه الأعضاء يكشف عن مدى ضحالة معلوماتهم، كما يكشف عن غرابة تفكيرهم وتصوراتهم لأشكال هذه الأعضاء أو لوظائفها. فقد كانوا يعتقدون أن الكبد هو مركز الغضب، وأن القلب مركز الشجاعة والأهواء، وأن الرئتين مركز الخوف، وأن الضحك ينشأ في الطحال، وأن الجشع يستقر في الكليتين. وموجز القول أن معلومات عرب الجاهلية عن الأمور التشريحية لم تكن تستند إلى أساس علمي بقدر ما كانت تصطبغ بصبغة أدبية شعرية.

أما أثر الطب الإسلامي على دراسة العلوم التشريحية فيمكن تقسيمه إلى مرحلتين:

أ- مرحلة الترجمات: (من القرن السابع إلى القرن التاسع الميلادي).

قبل عام 800 م كانت الترجمات قليلة ومتباعدة زمنيا. فقد قام جورجيس بن باختيشو الذي عاصر حكم الخليفة المنصور (754- 774) وابنه جبريل ابن باختيشو بترجمة بعض الآثار اليونانية القديمة إلى اللغتين العربية والفارسية، ثم نشطت حركة الترجمة في عهد الخليفة المأمون (13 8- 833). وما كاد القرن التاسع يطل على العالم إلا وكانت مئات من المؤلفات اليونانية قد ترجمت إلى العربية والسوريانية والفارسية. وقد أنشأ المأمون ما سمى في ذلك الوقت ببيت الحكمة، وعهد إليه بتنظيم حركة الترجمة وتقديم العون اللازم للقائمين بها. وفي ذلك الوقت كان يعقوب الأيديسي متخصصا في الترجمة إلى اللغة السوريانية، بينما تخصص يحى البطريقي في الترجمة إلى العربية، حيث نقل أليها عددا من المؤلفات اليونانية في مختلف الموضوعات، رمنها التشريح. وربما كان أعظم مترجمي ذللت القرن على الإطلاق هو حنين ابن إسحاق (3 0 8- 873) وكان يساعده في أعمال الترجمة ولده إسحاق ابن أخيه حبيش بن الأسعم. وبحلول النصف الثاني من القرن التإسع كانت جميع مؤلفات جالينوس تقريبا قد نقلت إلى اللغة العربية، وكان إسهام حنين وحده في ذلك المجهود الخارق لا يقل عن 129 مؤلفا.

وكان واحدا من أشهر كتبه " كتاب الأغذية! ترجمة لكتاب جالينوس "De almentorum Facultatibus"
تلك المرحلة كانت الترجمات من الغزارة بحيث تعطي المرء انطباعا بأن الطب اليوناني قد نقل بالكامل وزرع في قلب الطب الإسلامي. ومن الجهة التشريحية كان لتعاليم جالينوس عن الهضم والدورة الدموية ونظرياته عن النفس والأخلاط أبلغ الأثر على الطب الإسلامي.

وكان أهم ما كتبه جالينوس عن التشريح تحت عنوان: ""Peri Anatomikon egkheireseon " يتألف أصلا من خمسة عشركتابأ. ولقد تمت ترجمة هذه المجلدات كلها إلى اللغة العربية التي حافظت على هذا التراث. ولكننا لا نجد من هذه المجلدات في لغتها اليونانية الأصلية سوى الثمانية ا؟ ولى وجزءا من المجلد التاسع. وقد قام حنين بن إسحاق و يساعدوه بترجمة ثلاثة مؤلفات أخرى عن التشريح لجالينوس هي:


1. Peri tes homiomeron somaton diaphoras.
2. De venarum arteriarumque dissectione.
3. De nervorum dissectione.

ب- مرحلة الابتكار والإبداع: (من القرن العاشر إلى القرن الثاني عشر الميلادي).

في نهاية القرن التاسع وقع الطب الإسلامي تحت تأثيرات جاءت إليه من أربعة جوانب: من اليونانيين والسوريين والفارسيين والهنود وقد استطاع الطب الإسلامي أن يميز بين الغث والسمين من هذه التيارات الفكرية والمتعددة، واستوعب الصالح منها استيعابا واعبأ في تكامل عضوي تام أضفى عليه، كما يقول أولمان: " لونا جديدا من التنوع والثراء ".

وفي تلك الفترة أيضا انتعشت العلوم الطبية بفضل ما أضافه إليها عمالقة ذلك العصر من أمثال أبى علي الحسن بن عبد الله بن سينا (0 98- 37 0 1)، وأبى بكرمحمد بن زكريا الرازي (0 86- 932)، وعلي بن سهل ربان الطبري (850- 921)، وعلي بن العباس المجوسي (880- 940).

ولقد ظلت مؤلفاتهم في التشريح والفسيولوجيا والباثولوجيا والطب الباطني وطب العيون تدرس في جامعات الغرب حتى القرن السابع عشر الميلادي، ولم تجد بعض النتائج التي توصلوا إليها من يطعن في صحتها العلمية حتى الآن.

وأود الآن أن أعرض بعض اللمحات الخاطفة عن أثر هؤلاء العلماء على العلوم التشريحية، وأستميح القارئ عذرا إذا جاء هذا العرض خاليا من التماسك والترتيب.

ا- وأبدأ حديثي بكتاب " القانون " الذي خلد ابن سينا في عالم الطب. وقد أثبت ابن سينا أصالته العلمية في هذا الكتاب الضخم، وبخاصة في النواحي التشريحية حيث قدم لنا ذلك التصنيف الرائع لأعضاء جسم الإنسان ووظائف كل عض ومنها، وكان أهم ما تناوله بالوصف والتحليل في موسوعته الطبية هو ما ذكره عن بنية العين ووظيفتها، ويتحدث ابن سينا في هذا الجزء عن العضلات الستة في مقلة العين، وكيف أنها تساعد على تحرك العين في جميع الاتجاهات بيسر وسهولة. ويعتقد ابن سينا بوجود عضلة خاصة متصلة بالعصب البصري، مهمتها أن تمنع هذا العصب من الاهتزاز، وبذلك تثبت صورة ما يراه الإنسان على حدقة العين. وفي هذا الجزء أيضا يتحدث عن عصبين بصريين يتقاطعان على شكل صليب بحيث كان يعتقد أن الصور البصرية لكلتا العينين تصبح مركبة الواحدة فوق الأخرى، وهو مفهوم الأبصار باستخدام كلتا العينين binocular vision

2- ومن المعروف عن سوائل الجسم أنها توجد في جزأين رئيسيين داخل الخلايا. وقد صنف ابن سينا هذه السوائل إلى فئتين أساسيتين:- رطوبات أولى، ورطوبات ثانية. وتشتمل الرطوبات الأولى على أربعة أخلاط أساسية هي الدم والبلغم والصفراء والسوداء.

والرطوبات الثانية تشتمل على أصناف أربعة هي:

ا- رطوبة بينية.
2- رطوبة مخزنية.
3- رطوبة أيضية.
4- رطوبة بنائية.

ويصف الرطوبة البيئية بأنها تلك " المحصورة في تجاويف أطراف العروق الصغار (الأوعية الشعرية) المجاورة للأعضاء الأصلية المغذية لها " والمدهش أن نفس فكرة " تشرب الأنسجة " هذه موجودة في المصطلح الحديث ""Pinocytosis"" ومعناه: امتصاص السوائل الخلوية، أي أن الخلايا تشرب هذه السوائل.

وهو يعتبر السائل المنبث في داخل الخلايا على شكل " الطل " أو حبات الندى مستودعا يمون الأنسجةبالغذاء. ويرى أن السائل الأيضي يشتقه الجسم من الطعام، وأن السائل البناء هو " الرطوبة المداخلة للأعضاء الأصلية منذ ابتداء النشء، التي بها اتصال أجزائها ومبدؤها النطفة ".

ويعكس هذا الوصف ما تميز به العلماء المسلمون فى ذلك الوقت من تفكير علمي وتحليلي، وقد توصلوا إلى مثل هذا التفكير على الرغم من افتقارهم إلى ما نتمتع به اليوم من أجهزة علمية دقيقة.

3- ويصف المجوسي في " الكتاب الملكي " العناصر والأخلاط والمزاجات. ويتحدث عن ثلاث قوى: الطبيعية، والحيوانية، والنفسانية. وبالرغم من هذه الاصطلاحات نشعر أن ما جاء في وصفه لهذه القوى ليس غريبا تماما على مفاهيمنا الحديثة.

ويعتقد المجوسي أن القوى الحيوانية مسئولة عن استمرار الحياة في جسم الإنسان، وهي تنشأ في القلب وتتصل بالأعضاء والأنسجة عن طريق الشرايين.

ويعتقد كذلك أن الدماغ هو مركز القوى النفسانية التي تختص بما يأتي:-

أ- الادراكات الحسية (وهي ما نسميه الآن جهاز الحواس).
ب- الحركات الإرادية (وهي ما نسميه الآن بالجهاز الحركي).
ج- القوى التي يعمل فيها الدماغ أوتوماتيكيا (ربما كان يقصد بذلك قوى الدماغ العليا).

4- ولقد أظهر المجوسي في كتابه دراية واسعة بتشريح القلب والدورة الدموية، فيصف القلب بأن لحمه غليظ متماسك ويتألف عن عدة طبقات، وللقلب بطين أيمن وآخر أيسر. ويوجد بالبطين الأيمن منفذان ينفذ من أحدهما الوريد الأجوف Vena cava الذي يجلب الدم من الكبد، وتوجد عند مدخل هذا المنفذ ثلاثة أغشية تقوم بمهمة إغلاقه بعد مرور الدم إلى القلب حتى لا يرتد مرة أخرى إلى الوريد الأجوف.

ويتحدث المجوسي عن الشريان العرقي الذي ينقل الهواء من الرئتين إلى القلب في الاتجاه المعاكس، وينقبض البطينين معا في وقت واحد، ولكن انقباض البطين الأيسر يكون أكثر قوة حيث يدفع بالدم إلى سائر أجزاء الجسم خلال أحد الشرايين الكبيرة (ويسميه المجوسي الحرق الأبهر) المتصلة بالبطين الأيسر هذا هو مجمل ما قاله المجوسي عن تشريح القلب وعن الدورة الدموية منذ ما يقرب من ألف عام مضت. وهو لا يختلف بشكل عام اختلافا كبيرا عما نجده اليوم في أي كتاب عن التشريح أو عن وظائف الأعضاء.

5- وفي القرن الثالث عشر الميلادي، كتب علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي (ابن النفيس) كتاب " الموجز " جاء فيه أول وصف للدورة الدموية الرئوية فند فيه ابن النفيس ما كان راسخا في اعتقاد الكثيرين من أنه بوجود منافذ بين بطيني القلب. وأحسب أن ما توصل إليه ابن النفيس قد أدى في نهاية الأمر إلى ما اكتشفه وليام هارفي في عام 1628 من أن مسار الدورة الدموية في جسم الإنسان يجري في اتجاه واحد.

6- كان جالينوس قد وصف الفك الأسفل في الجسم البشري على أنه يتكون من عظمتين تتصلان عند المنتصف وقد ترسخ الاعتقاد عبر القرون الطويلة بأن ما قاله جالينوس هو الحقيقة التي لا ريب فيها، إلى أن جاء الطبيب العربي عبد اللطيف البغدادي وكشف الخطأ التشريحي الذي وقع فيه جالينوس. فقد قال البغدادي إنه لم يلاحظ أبدأ وجود أي مفصل في منتصف عظمة الفك الأسفل، حتى في العظام القديمة. وبذلك فإن الفك الأسفل يتكون من عظمة واحدة وليست من عظمتين كما ظن جالينوس.

7- ونعود للمجوسي فنجده يتحدث عن تشريح المعدة والكبد. وكان بوقراط قد وصف الكبد على أنه يتكون من خمسة فصوص، وكذلك فعل من بعده جالينوس عندما تحدث عن شكل الكبد الذي يشبه الخمسة أصابع.

ولكن المجوسي وصف فصين فقط للكبد، وفي بعض الحالات ثلاثة فصوص. وه وأقرب إلى الحقيقة.
وموجز الكلام أن العلماء والأطباء المسلمين كانوا يتمتعون بقدركبيرمن المعرفة عن العلوم التشريحية، وقد انتفعنا بمؤلفاتهم عن مختلف النواحي الطبية بما في ذلك علم التشريح. والأمر في إعلاء شأن إضافاتهم أو الحط من قيمتها متروك لنا الآن. فهل ندير ظهورنا لهذه الإنجازات أم نعترف بها ونوفيها حقها من التقدير والعرفان؟.

newone_01
12-12-2006, 08:36 PM
«التداوي بالأعشاب» أو «العطارة» من أقدم الطرق العلاجية التي مارسها الإنسان


اعتمد الإنسان منذ القدم على ما تجود به الطبيعة للشفاء من الأمراض، فأول من مارس الطب هو سيدنا آدم عليه السلام عندما ساعد حواء في أثناء وضعها، ولعل الأعشاب والنباتات كانت من اكثر المواد استخداما في هذا المجال، وقد جرب الإنسان العلاج بها بصورة فطرية عفوية، مستهديا بالحدس والتخمين، فإما شفاء وإما فناء. والتداوي بالأعشاب قديم قدم الإنسان على هذه الأرض، فمن مراكب الفراعنة التي جابت الأرض بحثا عن هذه الثروة، مروراً بالحضارة الإغريقية، وصولاً إلى العصور الإسلامية التي نشط فيها التأليف والترجمة، فترجمت المصنفات اليونانية والسريانية والفارسية والهندية، وظهرت مؤلفات طبية لأسماء لامعة في مجال الطب مثل الرازي الذي درس الطب اليوناني دراسة معمقة وله مؤلفات في الطب تتميز بالخبرة، والشهرة الواسعة، وابن سينا الذي تميز عن من سواه بما لم يتميز به غيره، فقد كان أول من مزج الطب بالفلسفة في بوتقة واحدة، وابن البيطار، وداود الإنطاكي.. وسواهم ممن استطاع الكشف عن أسرار الأعشاب الطبية، التي تكتشف حتى يومنا هذا.
ومنذ تاريخ موغل في القدم استطاع الإنسان تصنيف النباتات وفق تأثيرها في ثلاث فئات، وهي: أغذية، أدوية، سموم. فكل نبات استطاع أن يتناول منه كمية كافية لسد جوعه فهو غذاء. وكل نبات لا يمكن تناوله بكمية كبيرة، ويحدث له راحة أو اضطرابا فهو دواء. وكل مادة لا يمكن تناولها ولو بكميات ضئيلة، لأنها تحدث فيه تأثيرا ضارا، عدها من السموم. ولم يأت هذا التمييز مصادفة بل عن طريق الحواس والذاكرة، فبواسطة حاستي الذوق والشم تمكن الإنسان من التفريق بين النبات النافع والنبات الضار، فالمعجزة الإلهية أعطت للنباتات المؤذية طعماً مراً أو لاذعاً غير مستساغ، وجعلتها نتنة الرائحة، فتنبذ. أما النباتات النافعة فتبدو رائحتها عطرة، وطعمها شهي، وشكلها جميل، فتستلطف.

وعندما تشكلت لديه خبرة بهذه النباتات أخذ يسعى لتحويلها إلى شكل يسهل به تناولها أو حفظها، وتشير المصادر التاريخية إلى أن طريقة تحضير هذه النباتات للعلاج كانت بسيطة في البداية، إذ كان الدواء يتألف من تركيب واحد، غير معقد، كما هو الحال اليوم، وقد جاء في كتاب «كامل الصناعة الطبية»، ما يجسد هذا التوجه: «إن أمكنك أن تعالج بدواء خفيف مفرد فلا تعالج بدواء مركب، ولا تستعمل الأدوية الغريبة والمجهولة».

وفي مراحل لاحقة، شهد الطب تطورا، وتطور معه العلاج بالأعشاب عبر التجريب والقياس، وخضع للدراسة العلمية من خلال أطباء اهتموا بخواص النبات، وطوروا أبحاثا مهمة تشير إلى القيمة الكبيرة لهذا النبات أو ذاك، وتشير المصادر التاريخية إلى أن أول من وضع كتابا في علم العقاقير، ذكر فيه أوصافها وخواصها ومصادرها وطرق تحضيرها وحفظها، هو الطبيب اليوناني ديوسقوريدس الذي كان جراحا في الجيش الروماني زمن الإمبراطور نيرون وذلك قبل الميلاد بنصف قرن، وعرف كتابه في الترجمة العربية ب «كتاب الأعشاب» أو «كتاب الحشائش»، وقد استفاد جراح الأندلس أبي القاسم الزهراوي (936 - 1013م)، صاحب الكتاب المشهور «التصريف لمن عجز عن التأليف»، من هذا الكتاب الذي ورد إلى الأندلس، ويذكر بان أول مدرسة للطب ظهرت في أوروبا خلال العصر الوسيط كانت مدرسة سالرين في جنوب إيطاليا التي أسسها الإمبراطور شارلمان (768 - 814 م)، وتم انتقال صفوة التراث العلمي العربي الإسلامي إلى أوروبا عن طريق هذه المدرسة، وكذلك عبر بعض مدن الأندلس وخاصة قرطبة وطليطلة، ومن بين هذه الكتب على سبيل المثال كتاب «كامل الصناعة» لعلي بن العباس، و«زاد المسافر» لابن الجزار، و«العشر مقالات في العين» لحنين بن اسحق، وكتاب «الحميات والبول والأدوية المفردة» لاسحق بن سليمان الإسرائيلي وسواها.

الإسلام والطب

من المعروف أن الدين الإسلامي أولى عناية فائقة لصحة الإنسان ولضرورة التداوي والوقاية من الأمراض، فقد أظهر النبي صلى الله عليه وسلم تقديره للطب، ووضع هذا العلم إلى جانب الفقه بين أعلى العلوم مركزا، ولعل ما يؤكد هذا الكلام ظهور كتب كثيرة تهتم بسير أطباء المسلمين، وأخبارهم مثل «طبقات الأطباء والحكماء» لابن جلجل، و«إخبار العلماء بأخبار الحكماء» لابن القفطي، و«عيون في طبقات الأطباء» لابن أبي أصيبعة وغيرها.

ومما يشير إلى حث الرسول صلى اله عليه وسلم المؤمنين على التداوي ما ورد في مسند الإمام أحمد، من حديث زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الأعراب، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: نعم يا عباد الله، تَداوَوا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء، غير شفاء واحد، قالوا: ما هو؟ قال: الهرم.

وكان أمر النبي «تداوَوا» في عصر لم تكن فيه الأدوية الكيميائية متوافرة، ما يعني انه كان يقصد التداوي الأعشاب والنباتات الطبية، والألبان، وكذلك بالعسل الذي ذكر في القرآن الكريم، قال تعالى: {وأوحى ربكَ إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون * ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذُلُلاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون}.

وثمة أحاديث نبوية شريفة كثيرة تشير إلى حرصه صلى الله عليه وسلم على ضرورة التداوي. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تداووا بألبان البقر، فإني أرجو أن يجعل الله فيها شفاء، فإنها تأكل من كل الشجر»، ويقول، صلى الله عليه وسلم، كذلك «عليكم بالسنا، والسنوت» (السنا هي نبتة، أما السنوت فهي من أسماء العسل)، وثمة أمثلة كثيرة على اهتمام الإسلام بالتداوي بالأعشاب، فقد ذكر في القرآن الكريم الكثير من النباتات التي ثبت، بالتجربة العلمية، أن لها فوائد علاجية عدة، مثل:الزنجبيل، التين، الزيتون، الكافور، الثوم، البصل، النخيل، الأعناب، الرمان، الريحان...وغيرها.

«القانون» و«الحاوي»:

ينقسم تاريخ الطب، من حيث طريقة التفكير إلى ثلاثة عهود، هي عهد الخبرة البحتة الذي وصل إلى غايته على يد قدماء المصريين، وعهد الخبرة المنسقة الذي يعد العهد المشرق للطب إذ جاءت، خلاله، الحضارة الإسلامية فأعادت للثقافة الإغريقية الألق بعد الخفوت، ويقال إن هذا العهد «بدأ بأبوقراط، وثني بجالينوس، وثلث بالرازي، واختتم بابن سينا»، وأخيرا عهد الخبرة التجريبية الذي بدأ بالنهضة العلمية الأوربية الحديثة.

ولا شك أن أهم إنجاز لعهد الخبرة المنسقة تمثل في كتابين يعتبران من أكبر الكتب العلمية الطبية شهرة، وإحكاما على مستوى العالم، وهما «الحاوي» للرازي، و«القانون» لابن سينا. ويعد أبو بكر الرازي واحدا من أشهر الأطباء في التاريخ، ولد بمدينة الري قرب طهران، وعاش حوالي ثمانين عاما (235 - 320 ه) (850 - 932 م) وكان موسوعي الثقافة إذ درس الموسيقى والفلسفة والأدب والكيمياء وبدأ دراسة الطب في العقد الرابع، وتأليفه الأساسي كان في الطب إذ بلغت كتبه الطبية مائة وأربعين كتابا من أقيمها كتاب «الحاوي» وكان يحث طلبته فيقول «العمر يقصر عن الوقوف على فعل كل نبات في الأرض فعليك بالأشهر مما أجمع عليه، ودع الشاذ واقتصر على ما جرب». أما ابن سينا الذي لقب ب «الشيخ الرئيس»، فقد عاش بعد الرازي بحوالي قرن (371 - 428 ه)، (980 - 1036 م) ولد في بخارى وتوفي في همدان، درس الطب في سن مبكرة، وأصبح طبيبا مشهورا، رغم أن الطب لم يكن موضوع اهتمامه الأول، بل فلسفة أرسطو، وقد ذكر بروكلمان ثمانية وستين كتابا لابن سينا في الدين والميتافيزيقا والفلك والفلسفة والشعر، بينما بلغت كتبه الطبية ستة عشر كتاباً أهمها «القانون في الطب» الذي يتميز بمنهج منسق وترتيب منطقي يجعله أقرب إلى الكتب العلمية المعاصرة.

newone_01
12-12-2006, 08:36 PM
تابع

سوق «البزورية» و«مدحت باشا»:

في دمشق القديمة وتحديدا في سوقي البزورية، ومدحت باشا، هناك من يجسد إلى الآن هذا التاريخ الطويل من التداوي بالأعشاب، ويسعى إلى الحفاظ على مهنة العطارة التي لم تزل حاضرة رغم ما أصاب علم الطب من تطور. يلفت انتباهك، منظر الأعشاب والنباتات الطبية في محلات العطارة، المنتشرة بكثرة في هذين السوقين، إذ تتعدد الأصناف والأنواع من كل لون وشكل ورائحة، كما تتنوع أسماؤها، وخواصها، وأشكالها، وهو ما يغري بالسؤال عنها، والبحث عن أسرارها وخفاياها. يقول العطار وبائع الأعشاب الطبية نادر بلطة جي بان «معرفة قيمة الأعشاب الطبية تستند إلى ثلاثة مصادر، أولها الوحي، وثانيها التجربة، وثالثها القياس، ويقصد به الأصفر للصفراء، والأحمر للحمراء، والأسود للسوداء... وهكذا، فالعصفر، على سبيل المثال، يميل لونه إلى الأحمر والأصفر فهو، بالتالي، يفيد الدم.

وفي رده عن من يقلل من أهمية الأعشاب الطبية يقول بلطة جي، الذي درس هذا العلم على يد الأستاذ غازي النونو المستشار السابق لوحدة الطب البديل بمدينة جدة، بان «الطب الحديث الذي لا يتجاوز عمره مئتي سنة، تكمن ميزته الوحيدة في الأدوات والآلات الإشعاعية والتصويرية والمخابر المتطورة جدا»، أما من حيث الأدوية، فيتساءل: هل خلق الأطباء شيئا خارجا عن مواد الطبيعة، حيوانية كانت أم نباتية أم معدنية؟ يجيب: بالطبع لا، ويضيف بان «الفرق بين الطب القديم والطب الحديث هو أن الأطباء استخلصوا المادة الفعالة من مواد الطبيعة، وصنّعوها على شكل حبوب أو مراهم أو سوائل، وغاب عن ذهنهم بان المادة الفعالة لا تكفي لوحدها، لأن الله، سبحانه وتعالى، خلق الكون بتكامل دقيق، فإذا كانت المادة الفعالة حارة فهي بحاجة إلى مبرد»، ويضرب بلطة جي مثالا على ما يعتقد، إذ يقول لو أخذنا عشبة السنا مكي، وسكبنا عليها الأحماض المذيبة، وأخذنا منها المادة الفعالة، وتم تحضيرها طبيا فيكون من أعراض العقار المستخرج «تبرز الدم»، لكن لو تم تناول هذه العشبة في شكلها الطبيعي، وبمقادير محددة، فانه يفيد في الاضطرابات الهضمية.

ويرى بلطة جي بان الطب الحديث، ومن خلال العمليات الكيميائية المعقدة، «يفقد النبات الكثير من خواصه الطبيعية المفيدة لعلاج الأمراض»، لافتا إلى أن كل الأدوية مستخلصة من مواد الأرض ولا يمكن الاستغناء عن نظريات الطب القديم، مع ضرورة الاستفادة من التطور التقني الطبي في مجال الآلات.

وفي رده عن سؤال حول أن بعض المرضى يستخدمون الأعشاب لكنهم لا يشفون، يرد بلطة جي «نحن نبيع هذه النباتات غير أن الفائدة تبقى ناقصة أو معدومة بسبب سوء الاستخدام وجهل المريض بالمقادير الدقيقة المطلوبة، والمشكلة انه غير مستعد لسماع التعليمات والتوجيهات»، وهو هنا يعيد إلى الأذهان ما يقوله أبو بكر الرازي: «إذا كان الطبيب عالما، والمريض مطيعا فما أقل لبث العلة، وسرعة الشفاء». ويوضح بلطة جي «هناك نباتات إذا غليت تفقد خصائصها العلاجية، وأخرى إذا غليتها لثلاث ساعات لا تفقد شيئا من تلك الخصائص، فنبتة «شرش القبار»، مثلا، تفيد في علاج آلام المفاصل والروماتيزم، لكن اغلب المرضى لا يستفيدون منها بسبب سوء استخدام المقادير، وكيفية التناول، وكذلك الزنجبيل يفيد في عسر الهضم والتخمة وحرقة المعدة غير أن طريقة استخدامه الخاطئة لا تعطي النتائج المرجوة».

وينفي هذا العطار ابتكاره لتراكيب جيدة، بل يعتمد على المركبات القديمة المتوفرة بكثرة في المصادر، وكما يقول أبقراط «العمر قصير، والصناعة طويلة، والتجربة خطيرة»، لذلك «لا أستطيع اكتشاف مركب جديد لان الأمر يحتاج إلى وقت طويل، فألجأ إلى الاستفادة من تجارب الأطباء المعروفين في التاريخ العربي الإسلامي، مثل الرازي، وابن سينا، وداود الإنطاكي، وابن البيطار، والزهراوي...وغيرهم».

وبحكم خبرته الواسعة فانه يحصي أنواعا كثيرة من النباتات الموجودة في محله، ويعدد فوائدها، فمثلا نبتة ستين الفيل» تفيد في تفجير أكياس الماء، و«طلع النخيل» الذي يستخرج من كيزان النخيل الذكر يفيد في الإخصاب، و«الكبابة» التي هي عبارة عن بذر شجرة في الهند يفيد في تصفية الصوت ويفتح شرايين الرئة، ويعالج الزكام، أما «بذر الكرفس» فيستخدم في إنزال الحصى من الكلية، بينما يعتبر «حب البط» مهيج جنسيا ويؤدي إلى السمنة.

ويقول بلطة جي بأنه يحصل على هذه الأعشاب من الجبال والبوادي والبساتين في سوريا، كما يستورد عددا منها من دول الخليج العربي مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وكذلك من بعض دول شرق آسيا كالصين والهند وغيرها، ويضيف بأن زبائنه، فضلا عن السوريين، هم من مختلف الدول العربية كالأردن، ولبنان، ودول الخليج العربي، غير أن الأجانب - وفق خبرته - حذرون في التداوي بالأعشاب والنباتات، وهم يعتمدون على العقاقير والأدوية الكيميائية الحديثة.

العطار محمد دركل الذي يعتبر واحدا من أشهر عطاري دمشق، والذي ورث الخبرة عن أجداده الذين عملوا في هذه المهنة منذ 250 عاما، يقول بان «التداوي بالأعشاب الطبية طريقة قديمة جدا قدم الإنسان على هذه الأرض، وجاء الأطباء العرب فيما بعد، مثل ابن سينا الذي يعتبر مؤسس علم الطب، ليطوروا هذه الطريقة»، ويضيف دركل بان «كل منطقة جغرافية تشتهر بأنواع معينة من الأعشاب والنباتات، فهناك أعشاب تشتهر بها القارة الأفريقية، وأعشاب أخرى في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك أعشاب تشتهر بها دول شرق آسيا» وغيرها من الأماكن التي تعتبر مصدرا للأعشاب الموجودة في محله، فضلا عن البيئة المحلية السورية التي تتوفر بدورها على أعشاب منوعة. ويوضح العطار دركل بان بعض الأعشاب تنمو في العراء والبوادي بشكل طبيعي وحسب المناخ، وأعشاب أخرى يتم زرعها.

ويدافع دركل عن مهنة العطارة التي تعتبر، في رأيه، مكملة لمهنة الطب الحديث، وهو يعدد بدوره بعض الأعشاب الطبية وخواصها العلاجية، فيقول بان «الزعتر البري» يفيد في التهاب القصبات والسعال، ونبتة «البابونج» المشهورة في منطقتنا تفيد في حالات تشنج الكولون، وتعقم الأمعاء، ونبتة «المليسة» مهدأة للأعصاب، ونبتة «دار فلفل» منشطة للأعصاب، ومقوية للجسم، بينما نبتة «الكركديه» التي تشتهر بها السودان فهي من المنشطات التي تمنح الطاقة للجسم، أما عشبة «كف مريم» فموطنها القارة الأفريقية وهي مفيدة لمرضى السكري ولتنظيم الدورة الدموية، وأما «ورق البوردو الفرنسية» فهو يفيد الكبد، و«زهرة الألماسة» تفيد في تنشيط الكلية، وهي مدرة للبول، و«العشرق» يعد ملينا للمعدة، ونبتة «الهندي شعيري» تفيد في تخفيض حمض البول، ونبتة «مُر مكي» تفيد في تنقية البشرة من الكلف والزيوان وماشابه، و«الدمسيسة» التي وصفها ابن البيطار وصفا دقيقا فأنها تفيد في الآلام المعدية المصحوبة بالتقلص، و«الخلة البلدي» ورد وصفها في كتب ابن سينا وابن البيطار وذكر كلاهما أن مرارتها شديدة، ولها فائدة كبيرة في علاج المغص الشديد. والصبار الذي يرد ذكره في المراجع العربية القديمة بإسهاب فهو يفيد في أمراض الجلد والمعدة.

موفق عبد الوهاب الجبان ورث، بدوره، المهنة عن أجداده الذين عملوا في هذه المهنة منذ 300 سنة، وهو يؤكد على أهمية التداوي بالأعشاب، ويشدد على ضرورة تناولها بمقادير وأوقات صحيحة، ويستشهد بمثل يدلل على أهمية مهنته، فيقول «لكل داء دواء»، وهذا الدواء موجود في مواد الطبيعة التي خلقها اله عز وجل على أكمل وجه، فهناك أدوية للصداع، وأخرى للجهاز الهضمي، وثالثة للجاهز التنفسي، وكذلك ثمة أدوية للتنحيف، وللتجميل، وللعجز الجنسي، وللإخصاب.. الخ، وهو يقول إن هذه النباتات يستوردها من الهند، والصين، وكوريا، وسيلان وغيرها، فضلا عن الأعشاب المحلية، ويركز، في حديثه، على نبات «الجنسنغ» ومصدرها الصين وكوريا، وهي مؤلفة من مقطعين «جين» وتعني الإنسان و«سينج» وتعني الحياة، وقد استخدمها الأطباء اليونانيون قديما لعلاج الكثير من الأمراض ومنها هبوط ضغط الدم، وتنشيط خلايا الجسم، والالتهاب.

ويمضي الجبّان في تعداد بعض النباتات وفوائدها فيقول، نبات «العرقسوس» عرفه القدماء المصريون، والرومان، والعرب واكتشفوا بان منقوعه المخمر يفيد في حالات القيء والتهيج المعدي، وهو يستعمل الآن لتحضير مستحضرات صيدلية مختلفة تفيد في علاج قرحة المعدة، والقيء الذي يصاحب الحمل، أما «حبة البركة» التي وصفها ابن البيطار والرازي فقد ذكرا بأنها تفيد في علاج بعض الأمراض الصدرية. بينما «الحنة» التي وصفها القدماء المصريون والعرب عرفوا بان عجينتها المخمرة تفيد في علاج الأمراض الجلدية المزمنة، ونبات «حلف البر»، وهو نبات معمر ينمو في المناطق الجبلية وفي صحراء مصر وعلى شواطئ البحر الأحمر، يستعمله البدو في الصحراء على هيئة مغلي في أمراض الكلى، والمسالك البولية.

وعن أسعار هذه الأعشاب يقول الجبّان بان أسعار الأعشاب المستوردة تكون أغلى إذ يصل سعر الكيلو غرام الواحد إلى حوالي 2000 ليرة سورية، بينما سعر الكيلو للنبتة المحلية فيكون تقريبا 500 ليرة سورية (الدولار الأمريكي يعادل 54 ليرة سورية).

معن البري الذي يملك محلا للعطارة في حي القصاع بدمشق ورث المهنة عن أجداده، وهو يهتم كثيرا بالتراكيب المبتكرة، ويتحدث عن وصفة تلفت الانتباه، فهو يجلب حيوان «السقنقور» من الهند وهو يشبه الضب، يقوم بتجفيفه، ويخلطه مع العسل، ونبتة الجنسنغ، وغذاء الملكة، وغبار طلع النخيل لينتج منه مركب يفيد في علاج بعض الأمراض أهمها الضعف الجنسي، وابتكر تراكيب كثيرة أخرى تفيد في النحافة، والتجميل لكنه آثر عدم الكشف عن النباتات المستخدمة في هذه الخلطات والتراكيب، فلكل مهنة أسرارها.

إن التداوي بالأعشاب هو طريقة علمية ناجعة للشفاء من الأمراض، وهذه الطريقة تختلف كثيرا عن تلك الطرق التي يستخدمها المشعوذون والدجالون والسحرة، فالأعشاب والنباتات الملونة والجميلة التي تمنح الطبيعة سحرا خلابا، تمنح كذلك الإنسان الشفاء والراحة، لكن شريطة أن يتم استخدامها بالطرق العلمية الدقيقة والمجربة، ونظرا لحساسية هذه النقطة فقد أنشئت الكثير من مراكز البحث العلمي، والمعاهد، والجامعات المتخصصة في تطوير أبحاث التداوي بالأعشاب، وحتى منظمة الصحة العلمية راحت تهتم بهذه الأعشاب بعد أن أثبتت الأبحاث العلمية، والتجارب الإنسانية على مدى التاريخ بان هذه الأعشاب تحوي مركبات علاجية هامة، وفعالة، وذلك مصداقا لقوله تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}.

newone_01
12-12-2006, 09:18 PM
هذا مجموعة من الموضوعات عن الطب القديم وشي بسيط من الطب الحديث

لكن ما ادري ويش هو المطلوب بالضبط شذا الزهور

هل المقصد المقارنة بين بعض العلاجات في الطب القديم والطب الحديث

أو معرفة ويش يعني الطب القديم والطب الحديث

وهذا الشي اعتقد انه صعب لان ما راح يجي لك مقارنة بين الاثنين

لأن المقارنة راح تكون في العلاجات بين الاثنين وكيف كان العلاج قديماً والعلاج حديثاً

راح انتظر ردك

وبعدها اكون في خدمتك

تحياتي لك