mosbtan
29-11-2006, 08:39 PM
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...
أولا: أهميـة الأسـرة كمؤسسة اجتماعيــة :
تعتبر الأسرة اللبنة الأولى في كيان المجتمع ، وهي الأساس المتين الذي يقوم عليه هذا الكيان فبصلاح الأساس يصلح البناء ، وكلما كان الكيان الأسري سليماً ومتماسكاً كان لذلك انعكاساته الإيجابية على المجتمع .
فالأسرة التي تقوم على أسس من الفضيلة والأخـلاق والتـعاون تعتبر ركيزة من ركائز أي مجتمع يصبو إلى أن يكون مجتمعاً قوياً متماسكاً متعاوناً ، يساير ركب الرقي والتطور. وتكتسب الأسرة أهميتها كونها أحد الأنظمة الاجتماعية المهمة التي يعتمد عليها المجتمع كثيراً في رعاية أفراده منذ قدومهم إلى هذا الوجود وتربيتهم وتلقينهم ثقافة المجتمع وتقاليده وتهيئتهم لتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية على أكمل وجه والعلاقة بين الفرد والأسرة والمجتمع علاقة فيها الكثير من الاعتماد المتبادل ولا يمكن أن يستغني أحدهم عن الآخر فالأسرة ترعى شئون الأفراد منذ الصغر والمجتمع يسعى جاهداً لتهيئة كل الفرص التي تمكن هؤلاء الأفراد من أداء أدوارهم الاجتماعية وتنمية قدراتهم بالشكل الذي يتوافق مع أهداف المجتمع.
ثانيا: دور الأسرة في تعزيز أمن واستقرار الوطن
مما لاشك فيه أن مسؤولية أمن الوطن تقع على عاتق كل من يعيش على أرض الدولة من مواطنين ومقيمين ؛حيث أنهم هم الذين سوف ينعمون بالراحة والطمأنينة فيه،وبالطبع فان المسؤولية الأولى تقع على الأسرة؛باعتبارها البوتقة التي يخرج منها المواطن الصالح ؛لذا يجب على الأسرة أن تعي دورها تماماً تجاه أمن المجتمع،وأن تقوم بدورها من خلال تنشئة أولادها على حب الوطن وحفظ أمنه من خلال أدوارها المختلفة من ( تربية ووقاية ورقابة وتعاون وتوعية ) على النحو التالي:
1. الدور التربوي للأسرة:
تقع مسؤولية تربية الأبناء على الوالدين في المرتبة الأولى والتربية في معناها الشامل لا تعني توفير الطعام،والشراب،والكساء،وا لعلاج وغير ذلك من أمور الدنيا ،بل تشمل كذلك ما يصلح الإنسان ويسعده .حيث يجب على الأسرة ومن خلال دورها التربوي أن تهتم بالجوانب التالية:
- غرس القيم والفضائل الكريمة والآداب والأخلاقيات والعادات الاجتماعية التي تدعم حياة الفرد وتحثه على أداء دوره في الحياة وإشعاره بمسئوليته تجاه مجتمعه ووطنه وتجعله مواطنا صالحاً في المجتمع مثل: الصدق والمحبة والتعاون والإخلاص وإتقان العمل .
- تعليم الأبناء الكيفية السليمة للتفاعل الاجتماعي وتكوين العلاقات الاجتماعية من خلال ما يتعلمه الأبناء في محيط الأسرة من أشكال التفاعل الاجتماعي مع أفراد الأسرة وعلى الأسرة تكييف هذا التفاعل وضبطه على النحو الذي يتوافق مع قيم المجتمع ومثله ومعاييره بما يجعلهم قادرين على التفاعل مع الآخرين في المجتمع . فالأبناء في كثير من الأحيان يتخذون من آبائهم وأمهاتهم وبقية أفراد الأسرة القدوة والمثل الأعلى في السلوك لذا يجب أن يكون أفراد الأسرة خير قدوة للأبناء بالتزامهم معايير المجتمع والفضائل والآداب الحسنة فالمجتمع الذي تحكم علاقات أفراده المثل والقيم حري أن يكون مجتمعا آمناً مطمئناً لأن أفراده مدركون للكيفية الصحيحة للتعامل مع بعضهم البعض ولأدوارهم التي من خلالها يسهمون في رقي مجتمعهم وتطوره .
- غرس مفاهيم حب الوطن والانتماء وترسيخ معاني الوطنية في أفئدة الأبناء فالوطن امتداد لحياة الآباء والأجداد وبدونه لا يكون الإنسان شيئاً فهو تلك البقعة من الأرض التي ولدنا بها ونموت فيها ونستمتع بخيراتها ونعيش في دفء أمنها ورعايتها ، ويجب أن يعي الأب والأم أولاً معنى الوطنية والانتماء قبل أن ينقلوها إلى أبناءهم وفي مجتمعنا الذي بدأت فيه المستويات العلمية لأفراد الأسرة بالرقي والتميز يصبح من السهل على أفراد الأسرة إيصال هذه المفاهيم إلى الأبناء بشكل صحيح.
2– الدور التوعوي لأسرة
على الوالدين أن يتواصلا مع الأبناء بالحوار والنقاش وتوعيتهم بما لا يعيه الصغار من أخطار وتصحيح ما لديهم من مفاهيم خاطئة ،فوقوع الشباب في مشاكل وانحرافات هو نتيجة لإهمال الأسرة لدورها التوعويّ امتثالا لقول الله تعالى : ( قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) فالتوعية هي الوسيلة المهمة في بناء شخصية الطفل كفرد وكشخصية اجتماعية،وبث فيهم روح الألفة والمحبة،وتعويدهم على النظام والتعاون
.3- الدور الوقائي:
الدور الوقائي وهو مكمل للدور التربوي ولا يقل أهمية عنه،إذ يظن كثير من الآباء والأمهات أن دورهم في تربية أولادهم ينتهي عند بلوغ الولد أو البنت سن معين فيترك ظناً أن أولادهم كبروا في السن ولا يحتاجوا إلى توجيه ومتابعة،وهذا خلل في التربية ينتج عنه مشاكل لا تحمد عقباها فمسؤولية الأبوين لا تنتهي مهما كبر الأبناء فهم في حاجة دائما إلى التوجيه والنصح والإرشاد ،وبحاجة لخبرات وتجارب كبار السن ،فمن أبرز الجوانب التي يجب على الأسرة أن تقي أبنائها منها :
- إبعادهم عن المواد الإعلامية المضرة،وتقديم البديل النافع لهم من الوسائل المسموعة أو المرئية،أو المكتوبة .
- إبعادهم عن رفاق السوء،وهذه النقطة في غاية الأهمية فلا يمكن أن تكتمل تربية الأسرة إذا كان لأولادهم رفاق سوء يهدمون ما بناه الوالدان فمعظم الجرائم،وتعاطي المخدرات،والانحراف الفكري يقف خلفه رفاق السوء.
- ومن الأدوار الوقائية لحفظ أمن المجتمع تربية الأولاد على أهمية المحافظة على أوقاتهم،وصرفها فيما يعود عليهم بالنفع ،وكذلك شغل أوقاتهم وتوجيه طاقاتهم عن طريق البرامج العلمية النافعة،والدورات التدريبية المفيدة،و ممارسة الرياضة البدنية .
- تجنيب الأبناء مظاهر الغلو والتطرف والانحراف السلوكي فالأسرة هي المسئول الأول عن ظهور السلوك الإجرامي أو المنحرف كما أنها مسئولة عن تكوين السلوك السوي ويأتي ذلك عن طريق تأثر الأبناء بطبائع الآباء أو الحرمان الشديد لمدة طويلة ،أو عدم استقرار الأسرة وسيطرة المشكلات والخصومات بين الأفراد .
- 4- الدور التعاوني:
يكمن الدور التعاوني للأسرة في حفظ أمن المجتمع باعتبارها خط الدفاع الأول حيث يمكنها أن تتعاون مع مختلف مؤسسات المجتمع في أكثر من اتجاه على النحو التالي:
- تهيئة جميع أفراد الأسرة ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع وأن يسهموا في خدمة المجتمع حسب تخصصاتهم ولأن الأسرة هي الوحدة الاجتماعية التي ترتبط بكل مؤسسات وهيئات المجتمع كون أفرادها يعملون في هذه المؤسسات كان لزاماً عليها أن تقوم بهذا الدور كما يجب وأن تتعاون مع مؤسسات المجتمع (المدرسة- الشرطة..الخ ) حيث أن علاقة الأسرة بالمدرسة علاقة ذات ارتباط قوي فكلاهما مؤسستان تهتمان بالجانب التربوي والتعليمي في حياة الفرد حيث تكمل المدرسة ما بدأته الأسرة فلابد من حرص المدرسة والبيت على التواصل المستمر بينهما سواء من خلال مجالس الآباء والأمهات أو الزيارات المتوالية للمدرسة من قبل الآباء والأمهات ومتابعة سير أبناءهم الدراسي من فترة لأخرى فالزيارات المستمرة للمدرسة تعطي ولي الأمر تصوراً واضحاً عن أبنه في المدرسة ، ليس فقط فيما يتعلق بوضعه الدراسي ولكن أيضاً التعرف على سلوكياته ونشاطاته داخل المدرسة ، مما يتيح له ومن خلال التعاون مع المدرسة تعزيز السلوكيات الإيجابية والتصدي لكل ما يمكن أن يعود بالضرر على الفرد أو مجتمعه وتستطيع المؤسسات التعليمية بتعاونها مع الأسرة وقاية الأبناء من خطر الانحراف واقتراف الجرائم بتربيتهم على الفضائل والآداب الحسنة.
- للأسرة دور مهم ومميز في تهيئة الأبناء للمشاركة في كثير من الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية وتمثيل المجتمع على المستويات الداخلية والخارجية لرفع اسم الوطن عالياً في المحافل الداخلية والخارجية عن طريق التشجيع وتوفير كل ما يحتاجه الأبناء ليسهموا في تمثيل وطنهم أصدق تمثيل ليردوا لمجتمعهم جزء يسير مما يقدمه أو يوفره لهم.
ـ توجيه الأبناء إلى مشاركة المجتمع في الأنشطة والحملات الوطنية التي تنظمها بعض مؤسسات المجتمع مثل (أسبوع الشجرة ، المرور ، النظافة ، الصحة ، السلامة ..الخ ) وغيرها لما تتضمنه من فوائد تعود على الفرد والأسرة والمجتمع وتحفظ مكتسبات الوطن وثرواته.
- تعتبر الأسرة جزء من مؤسسات المجتمع التي لا يمكن أن يستتب الأمن في المجتمع دون تعاونها مع أجهزة الشرطة وتستطيع الأسرة أن تقوم بدور شرطي المجتمع الأول ، من خلال متابعتها لمدى التزام أبناءها وتطبيقهم للوائح والأنظمة في المجتمع وتعويدهم على طاعة القوانين واحترامها والامتثال لأوامرها والتبليغ عن الحوادث والجرائم والمخالفات و المبادرة إلى تقديم العون والمساعدة للجهات الأمنية عندما تطلبها والحرص على تقديم المعلومات المفيدة لرجال الأمن والإدلاء بالشهادة متى ما طلبت كما يجب على الأسرة تربية أبنائها على مبدأ هام جداً وهو أن رجال الشرطة يعملون من أجل أمن وسلامة المجتمع فلا يتأخرون في التعاون معهم باعتبار ذلك واجباً وطنياً على كل فرد من أفراد المجتمع الى جانب توعيتهم بالجوانب الأمنية المختلفة فينشأ الأبناء وهم على دراية وعلم بما يضبط السلوك والأفعال وعلى كيفية المساهمة في أمن المجتمع ورعايته فمن المعروف أن أجهزة الأمن بمفردها غير قادرة على مكافحة الجريمة ولابد من تعاون ومؤازرة مؤسسات المجتمع الأخرى بما فيها الأسرة.
5 - الدور الرقابي :
تعتبر هذه الوظيفة امتدادا لوظيفة التنشية الاجتماعية والتي لا تتوقف ولا تتقيد بمرحلة عمرية معينة لضمان الانضباط والتقليل من التجاوزات قدر الإمكان والمتابعة هنا تعني ملاحظة سلوكيات الأبناء وتصرفاتهم من خلال المتابعة داخل وخارج الأسرة على النحو التالي:
المتابعة داخل المنزل:
يمكن للأسرة متابعة أبناءها داخل الأسرة من خلال ملاحظة علاقاتهم بعضهم ببعض داخل المنزل وإذا ما كانت تتماشى مع الآداب والأخلاقيات والفضائل التي تربوا عليها حيث يجب أن يسود الحب والتعاون والصدق من خلال المواقف المختلفة داخل المنزل كما يجب على الأسرة ملاحظة مواضيع النقاش بين الأبناء وتوجيههم إلى المواضيع البناءة المفيدة وأن تشاركهم الحديث والنقاش فتستمع إليهم وتبدي رأيها بصراحة ووضوح .
ولعل الدور الأكبر في هذه المهمة يقع على الأب وبالأخص عندما يكون متعلماً ولديه دراية بكثير من المواضيع والأمـور التي تهم أبناءه وأسرته فيجب أن يكون الموجه الأول والقدوة المثلى للأبناء وإلا يلقى بالعبء على كاهل الأم وإلا يتعذر بالتزاماته خارج المنزل وضيق الوقت فالحوار لعائلي يوطد العلاقة بين الآباء والأبناء ويجعل الآباء هم المرجع الأول والأخير لأبنائهم والمصدر المهم لمعلوماتهم حول القضايا التي تهمهم كما يتيح للوالدين التعرف على اتجاهات أبنائهم ويساعدهم على توجيههم كما يجب على الوالدين ملاحظة أنواع القراءات والكتب ومصادر الإطلاع التي يقضي معها الأبناء جزء من وقتهم وهنا أيضاً يأتي دور الأسرة كمرشد للأبناء حول ما يجب الإطلاع عليه ومتابعته من الكتب و المجلات وجميع أشكال النشر الأخرى وتساعدهم في اختيار المفيد منها حتى يستفيد الابن فكرياً ويستثمر وقته فيما يعود عليه بالنفع كما يجب على الأسرة أن تنشئ مكتبة منزلية تحوي العديد من الإصدارات القيمة و المفيدة والتي تشجع الأبناء على الإطلاع والقراءة واصطحابهم إلى معارض الكتب المحلية ومن الضروري أن تحتوي المكتبة الأسرية على كتب تتحدث عن الوطن ومنجزاته وما يتميز به .
المتابعة خارج المنزل :
من خلال معرفة من هم أصدقاء الأبناء ومع من يجتمعون خارج المنزل ومن أي النوعيات هم ومدى مناسبتهم للأبناء من حيث السن والمستوى الدراسي والفكري والاقتصادي والقرب المكاني والالتزام الأخلاقي والتعرف على أسرهم ، ودعوتهم إلى المنزل كما يجب معرفة الأماكن التي يرتادها الأبناء مع أصدقائهم سواء للنزهة أو الاجتماع أو المذاكرة وملاحظة الزمن الذي يقضيه الأبناء خارج البيت في هذه الأماكن وكذلك النشاطات التي يمارسونها ومحاسبتهم عند ملاحظة التقصير أو الانحراف ومنعهم من اللقاء بالأصدقاء الذين يلاحظ عليهم ما قد يؤثر سلباً على سلوكياتهم أو توجهاتهم كما يجب مناقشة الأبناء عند العودة إلى المنزل حول ما تم أداءه خارج المنزل ويجب أن يوجه الآباء الأبناء إلى عدم التذمر من المساءلة لأن هذا من أجل مصلحتهم . وبهذا تستطيع الأسرة أن تكون على صلة بالعالم الخارجي لأبنائها أولاً بأول وتكون قادرة على التدخل عندما
وختـامــــاً .,,, فإن دور الأسرة في أمن الوطن عظيم فهي خط الدفاع الأول الذي يقف سداً منيعاً في وجه الأشرار . لكنها لا تستطيع القيام بهذا الدور الحيوي إلا إذا كانت مترابطة في كيانها متينة في علاقاتها الداخلية والخارجية . فعلى قدر ما تتمتع به الأسرة من ترابط وتماسك بين أفرادها على قدر ما تدرك الطريق السليم لتربية أبناءها وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين لمجتمعهم وأمتهم . إن من الجوانب التي يجب أن توليها الأسرة أهمية كبيرة حتى تستطيع أن تقوم بدورها ككيان أساسي في الوطن هو التخطيط الأسري لحياة الأبناء ونشاطاتهم وممارساتهم وبالأخص أثناء الأجازات والعطل الصيفية حتى تتم الاستفادة من أوقاتها فيما يعـود بالنفع على الفرد والأسرة والمجتمع فهناك صلة وثيقة بين سوء استغلال وقت الفراغ لدى الأبناء وعشرة قرناء السوء والوقوع في الانحراف وسوء السلوك . فيجب الاهتمام بحسن استغلال وقت الفراغ بالسفر أو الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية المفيدة .
إن الأسرة من منطلق حرصها على التنشئة الاجتماعية السليمة وحسن استغلال وقت الفراغ والتفاعل بجدية مع مؤسسات المجتمع المختلفة تسهم بشكل حيوي في صناعة الفرد الصالح في المجتمع . والفرد الصالح في المجتمع أمان للمجتمع في حاضرة ومستقبله .
أولا: أهميـة الأسـرة كمؤسسة اجتماعيــة :
تعتبر الأسرة اللبنة الأولى في كيان المجتمع ، وهي الأساس المتين الذي يقوم عليه هذا الكيان فبصلاح الأساس يصلح البناء ، وكلما كان الكيان الأسري سليماً ومتماسكاً كان لذلك انعكاساته الإيجابية على المجتمع .
فالأسرة التي تقوم على أسس من الفضيلة والأخـلاق والتـعاون تعتبر ركيزة من ركائز أي مجتمع يصبو إلى أن يكون مجتمعاً قوياً متماسكاً متعاوناً ، يساير ركب الرقي والتطور. وتكتسب الأسرة أهميتها كونها أحد الأنظمة الاجتماعية المهمة التي يعتمد عليها المجتمع كثيراً في رعاية أفراده منذ قدومهم إلى هذا الوجود وتربيتهم وتلقينهم ثقافة المجتمع وتقاليده وتهيئتهم لتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية على أكمل وجه والعلاقة بين الفرد والأسرة والمجتمع علاقة فيها الكثير من الاعتماد المتبادل ولا يمكن أن يستغني أحدهم عن الآخر فالأسرة ترعى شئون الأفراد منذ الصغر والمجتمع يسعى جاهداً لتهيئة كل الفرص التي تمكن هؤلاء الأفراد من أداء أدوارهم الاجتماعية وتنمية قدراتهم بالشكل الذي يتوافق مع أهداف المجتمع.
ثانيا: دور الأسرة في تعزيز أمن واستقرار الوطن
مما لاشك فيه أن مسؤولية أمن الوطن تقع على عاتق كل من يعيش على أرض الدولة من مواطنين ومقيمين ؛حيث أنهم هم الذين سوف ينعمون بالراحة والطمأنينة فيه،وبالطبع فان المسؤولية الأولى تقع على الأسرة؛باعتبارها البوتقة التي يخرج منها المواطن الصالح ؛لذا يجب على الأسرة أن تعي دورها تماماً تجاه أمن المجتمع،وأن تقوم بدورها من خلال تنشئة أولادها على حب الوطن وحفظ أمنه من خلال أدوارها المختلفة من ( تربية ووقاية ورقابة وتعاون وتوعية ) على النحو التالي:
1. الدور التربوي للأسرة:
تقع مسؤولية تربية الأبناء على الوالدين في المرتبة الأولى والتربية في معناها الشامل لا تعني توفير الطعام،والشراب،والكساء،وا لعلاج وغير ذلك من أمور الدنيا ،بل تشمل كذلك ما يصلح الإنسان ويسعده .حيث يجب على الأسرة ومن خلال دورها التربوي أن تهتم بالجوانب التالية:
- غرس القيم والفضائل الكريمة والآداب والأخلاقيات والعادات الاجتماعية التي تدعم حياة الفرد وتحثه على أداء دوره في الحياة وإشعاره بمسئوليته تجاه مجتمعه ووطنه وتجعله مواطنا صالحاً في المجتمع مثل: الصدق والمحبة والتعاون والإخلاص وإتقان العمل .
- تعليم الأبناء الكيفية السليمة للتفاعل الاجتماعي وتكوين العلاقات الاجتماعية من خلال ما يتعلمه الأبناء في محيط الأسرة من أشكال التفاعل الاجتماعي مع أفراد الأسرة وعلى الأسرة تكييف هذا التفاعل وضبطه على النحو الذي يتوافق مع قيم المجتمع ومثله ومعاييره بما يجعلهم قادرين على التفاعل مع الآخرين في المجتمع . فالأبناء في كثير من الأحيان يتخذون من آبائهم وأمهاتهم وبقية أفراد الأسرة القدوة والمثل الأعلى في السلوك لذا يجب أن يكون أفراد الأسرة خير قدوة للأبناء بالتزامهم معايير المجتمع والفضائل والآداب الحسنة فالمجتمع الذي تحكم علاقات أفراده المثل والقيم حري أن يكون مجتمعا آمناً مطمئناً لأن أفراده مدركون للكيفية الصحيحة للتعامل مع بعضهم البعض ولأدوارهم التي من خلالها يسهمون في رقي مجتمعهم وتطوره .
- غرس مفاهيم حب الوطن والانتماء وترسيخ معاني الوطنية في أفئدة الأبناء فالوطن امتداد لحياة الآباء والأجداد وبدونه لا يكون الإنسان شيئاً فهو تلك البقعة من الأرض التي ولدنا بها ونموت فيها ونستمتع بخيراتها ونعيش في دفء أمنها ورعايتها ، ويجب أن يعي الأب والأم أولاً معنى الوطنية والانتماء قبل أن ينقلوها إلى أبناءهم وفي مجتمعنا الذي بدأت فيه المستويات العلمية لأفراد الأسرة بالرقي والتميز يصبح من السهل على أفراد الأسرة إيصال هذه المفاهيم إلى الأبناء بشكل صحيح.
2– الدور التوعوي لأسرة
على الوالدين أن يتواصلا مع الأبناء بالحوار والنقاش وتوعيتهم بما لا يعيه الصغار من أخطار وتصحيح ما لديهم من مفاهيم خاطئة ،فوقوع الشباب في مشاكل وانحرافات هو نتيجة لإهمال الأسرة لدورها التوعويّ امتثالا لقول الله تعالى : ( قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) فالتوعية هي الوسيلة المهمة في بناء شخصية الطفل كفرد وكشخصية اجتماعية،وبث فيهم روح الألفة والمحبة،وتعويدهم على النظام والتعاون
.3- الدور الوقائي:
الدور الوقائي وهو مكمل للدور التربوي ولا يقل أهمية عنه،إذ يظن كثير من الآباء والأمهات أن دورهم في تربية أولادهم ينتهي عند بلوغ الولد أو البنت سن معين فيترك ظناً أن أولادهم كبروا في السن ولا يحتاجوا إلى توجيه ومتابعة،وهذا خلل في التربية ينتج عنه مشاكل لا تحمد عقباها فمسؤولية الأبوين لا تنتهي مهما كبر الأبناء فهم في حاجة دائما إلى التوجيه والنصح والإرشاد ،وبحاجة لخبرات وتجارب كبار السن ،فمن أبرز الجوانب التي يجب على الأسرة أن تقي أبنائها منها :
- إبعادهم عن المواد الإعلامية المضرة،وتقديم البديل النافع لهم من الوسائل المسموعة أو المرئية،أو المكتوبة .
- إبعادهم عن رفاق السوء،وهذه النقطة في غاية الأهمية فلا يمكن أن تكتمل تربية الأسرة إذا كان لأولادهم رفاق سوء يهدمون ما بناه الوالدان فمعظم الجرائم،وتعاطي المخدرات،والانحراف الفكري يقف خلفه رفاق السوء.
- ومن الأدوار الوقائية لحفظ أمن المجتمع تربية الأولاد على أهمية المحافظة على أوقاتهم،وصرفها فيما يعود عليهم بالنفع ،وكذلك شغل أوقاتهم وتوجيه طاقاتهم عن طريق البرامج العلمية النافعة،والدورات التدريبية المفيدة،و ممارسة الرياضة البدنية .
- تجنيب الأبناء مظاهر الغلو والتطرف والانحراف السلوكي فالأسرة هي المسئول الأول عن ظهور السلوك الإجرامي أو المنحرف كما أنها مسئولة عن تكوين السلوك السوي ويأتي ذلك عن طريق تأثر الأبناء بطبائع الآباء أو الحرمان الشديد لمدة طويلة ،أو عدم استقرار الأسرة وسيطرة المشكلات والخصومات بين الأفراد .
- 4- الدور التعاوني:
يكمن الدور التعاوني للأسرة في حفظ أمن المجتمع باعتبارها خط الدفاع الأول حيث يمكنها أن تتعاون مع مختلف مؤسسات المجتمع في أكثر من اتجاه على النحو التالي:
- تهيئة جميع أفراد الأسرة ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع وأن يسهموا في خدمة المجتمع حسب تخصصاتهم ولأن الأسرة هي الوحدة الاجتماعية التي ترتبط بكل مؤسسات وهيئات المجتمع كون أفرادها يعملون في هذه المؤسسات كان لزاماً عليها أن تقوم بهذا الدور كما يجب وأن تتعاون مع مؤسسات المجتمع (المدرسة- الشرطة..الخ ) حيث أن علاقة الأسرة بالمدرسة علاقة ذات ارتباط قوي فكلاهما مؤسستان تهتمان بالجانب التربوي والتعليمي في حياة الفرد حيث تكمل المدرسة ما بدأته الأسرة فلابد من حرص المدرسة والبيت على التواصل المستمر بينهما سواء من خلال مجالس الآباء والأمهات أو الزيارات المتوالية للمدرسة من قبل الآباء والأمهات ومتابعة سير أبناءهم الدراسي من فترة لأخرى فالزيارات المستمرة للمدرسة تعطي ولي الأمر تصوراً واضحاً عن أبنه في المدرسة ، ليس فقط فيما يتعلق بوضعه الدراسي ولكن أيضاً التعرف على سلوكياته ونشاطاته داخل المدرسة ، مما يتيح له ومن خلال التعاون مع المدرسة تعزيز السلوكيات الإيجابية والتصدي لكل ما يمكن أن يعود بالضرر على الفرد أو مجتمعه وتستطيع المؤسسات التعليمية بتعاونها مع الأسرة وقاية الأبناء من خطر الانحراف واقتراف الجرائم بتربيتهم على الفضائل والآداب الحسنة.
- للأسرة دور مهم ومميز في تهيئة الأبناء للمشاركة في كثير من الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية وتمثيل المجتمع على المستويات الداخلية والخارجية لرفع اسم الوطن عالياً في المحافل الداخلية والخارجية عن طريق التشجيع وتوفير كل ما يحتاجه الأبناء ليسهموا في تمثيل وطنهم أصدق تمثيل ليردوا لمجتمعهم جزء يسير مما يقدمه أو يوفره لهم.
ـ توجيه الأبناء إلى مشاركة المجتمع في الأنشطة والحملات الوطنية التي تنظمها بعض مؤسسات المجتمع مثل (أسبوع الشجرة ، المرور ، النظافة ، الصحة ، السلامة ..الخ ) وغيرها لما تتضمنه من فوائد تعود على الفرد والأسرة والمجتمع وتحفظ مكتسبات الوطن وثرواته.
- تعتبر الأسرة جزء من مؤسسات المجتمع التي لا يمكن أن يستتب الأمن في المجتمع دون تعاونها مع أجهزة الشرطة وتستطيع الأسرة أن تقوم بدور شرطي المجتمع الأول ، من خلال متابعتها لمدى التزام أبناءها وتطبيقهم للوائح والأنظمة في المجتمع وتعويدهم على طاعة القوانين واحترامها والامتثال لأوامرها والتبليغ عن الحوادث والجرائم والمخالفات و المبادرة إلى تقديم العون والمساعدة للجهات الأمنية عندما تطلبها والحرص على تقديم المعلومات المفيدة لرجال الأمن والإدلاء بالشهادة متى ما طلبت كما يجب على الأسرة تربية أبنائها على مبدأ هام جداً وهو أن رجال الشرطة يعملون من أجل أمن وسلامة المجتمع فلا يتأخرون في التعاون معهم باعتبار ذلك واجباً وطنياً على كل فرد من أفراد المجتمع الى جانب توعيتهم بالجوانب الأمنية المختلفة فينشأ الأبناء وهم على دراية وعلم بما يضبط السلوك والأفعال وعلى كيفية المساهمة في أمن المجتمع ورعايته فمن المعروف أن أجهزة الأمن بمفردها غير قادرة على مكافحة الجريمة ولابد من تعاون ومؤازرة مؤسسات المجتمع الأخرى بما فيها الأسرة.
5 - الدور الرقابي :
تعتبر هذه الوظيفة امتدادا لوظيفة التنشية الاجتماعية والتي لا تتوقف ولا تتقيد بمرحلة عمرية معينة لضمان الانضباط والتقليل من التجاوزات قدر الإمكان والمتابعة هنا تعني ملاحظة سلوكيات الأبناء وتصرفاتهم من خلال المتابعة داخل وخارج الأسرة على النحو التالي:
المتابعة داخل المنزل:
يمكن للأسرة متابعة أبناءها داخل الأسرة من خلال ملاحظة علاقاتهم بعضهم ببعض داخل المنزل وإذا ما كانت تتماشى مع الآداب والأخلاقيات والفضائل التي تربوا عليها حيث يجب أن يسود الحب والتعاون والصدق من خلال المواقف المختلفة داخل المنزل كما يجب على الأسرة ملاحظة مواضيع النقاش بين الأبناء وتوجيههم إلى المواضيع البناءة المفيدة وأن تشاركهم الحديث والنقاش فتستمع إليهم وتبدي رأيها بصراحة ووضوح .
ولعل الدور الأكبر في هذه المهمة يقع على الأب وبالأخص عندما يكون متعلماً ولديه دراية بكثير من المواضيع والأمـور التي تهم أبناءه وأسرته فيجب أن يكون الموجه الأول والقدوة المثلى للأبناء وإلا يلقى بالعبء على كاهل الأم وإلا يتعذر بالتزاماته خارج المنزل وضيق الوقت فالحوار لعائلي يوطد العلاقة بين الآباء والأبناء ويجعل الآباء هم المرجع الأول والأخير لأبنائهم والمصدر المهم لمعلوماتهم حول القضايا التي تهمهم كما يتيح للوالدين التعرف على اتجاهات أبنائهم ويساعدهم على توجيههم كما يجب على الوالدين ملاحظة أنواع القراءات والكتب ومصادر الإطلاع التي يقضي معها الأبناء جزء من وقتهم وهنا أيضاً يأتي دور الأسرة كمرشد للأبناء حول ما يجب الإطلاع عليه ومتابعته من الكتب و المجلات وجميع أشكال النشر الأخرى وتساعدهم في اختيار المفيد منها حتى يستفيد الابن فكرياً ويستثمر وقته فيما يعود عليه بالنفع كما يجب على الأسرة أن تنشئ مكتبة منزلية تحوي العديد من الإصدارات القيمة و المفيدة والتي تشجع الأبناء على الإطلاع والقراءة واصطحابهم إلى معارض الكتب المحلية ومن الضروري أن تحتوي المكتبة الأسرية على كتب تتحدث عن الوطن ومنجزاته وما يتميز به .
المتابعة خارج المنزل :
من خلال معرفة من هم أصدقاء الأبناء ومع من يجتمعون خارج المنزل ومن أي النوعيات هم ومدى مناسبتهم للأبناء من حيث السن والمستوى الدراسي والفكري والاقتصادي والقرب المكاني والالتزام الأخلاقي والتعرف على أسرهم ، ودعوتهم إلى المنزل كما يجب معرفة الأماكن التي يرتادها الأبناء مع أصدقائهم سواء للنزهة أو الاجتماع أو المذاكرة وملاحظة الزمن الذي يقضيه الأبناء خارج البيت في هذه الأماكن وكذلك النشاطات التي يمارسونها ومحاسبتهم عند ملاحظة التقصير أو الانحراف ومنعهم من اللقاء بالأصدقاء الذين يلاحظ عليهم ما قد يؤثر سلباً على سلوكياتهم أو توجهاتهم كما يجب مناقشة الأبناء عند العودة إلى المنزل حول ما تم أداءه خارج المنزل ويجب أن يوجه الآباء الأبناء إلى عدم التذمر من المساءلة لأن هذا من أجل مصلحتهم . وبهذا تستطيع الأسرة أن تكون على صلة بالعالم الخارجي لأبنائها أولاً بأول وتكون قادرة على التدخل عندما
وختـامــــاً .,,, فإن دور الأسرة في أمن الوطن عظيم فهي خط الدفاع الأول الذي يقف سداً منيعاً في وجه الأشرار . لكنها لا تستطيع القيام بهذا الدور الحيوي إلا إذا كانت مترابطة في كيانها متينة في علاقاتها الداخلية والخارجية . فعلى قدر ما تتمتع به الأسرة من ترابط وتماسك بين أفرادها على قدر ما تدرك الطريق السليم لتربية أبناءها وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين لمجتمعهم وأمتهم . إن من الجوانب التي يجب أن توليها الأسرة أهمية كبيرة حتى تستطيع أن تقوم بدورها ككيان أساسي في الوطن هو التخطيط الأسري لحياة الأبناء ونشاطاتهم وممارساتهم وبالأخص أثناء الأجازات والعطل الصيفية حتى تتم الاستفادة من أوقاتها فيما يعـود بالنفع على الفرد والأسرة والمجتمع فهناك صلة وثيقة بين سوء استغلال وقت الفراغ لدى الأبناء وعشرة قرناء السوء والوقوع في الانحراف وسوء السلوك . فيجب الاهتمام بحسن استغلال وقت الفراغ بالسفر أو الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية المفيدة .
إن الأسرة من منطلق حرصها على التنشئة الاجتماعية السليمة وحسن استغلال وقت الفراغ والتفاعل بجدية مع مؤسسات المجتمع المختلفة تسهم بشكل حيوي في صناعة الفرد الصالح في المجتمع . والفرد الصالح في المجتمع أمان للمجتمع في حاضرة ومستقبله .