المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النبي إبراهيم والبرهان الرياضي في إثبات وحدانية الله



أهــل الحـديث
19-07-2013, 03:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

لقد إستخدم سيدنا إبراهيم عليه السلام طريقة البرهان الرياضي الغير مباشر في إثبات وحدانية الله عزوجل وفي إبطال عبادة قومه للشمس والقمر والكواكب. فطريقة البرهان الرياضي الغير مباشر تقوم على مبدأ ( إثبات صحة قضية بإبطال نقيضها )، فعلى سبيل المثال لو أردنا إثبات صحة وجود الجاذبية الأرضية بإستخدام البرهان الرياضي الغير مباشر نقوم بإفتراض إنعدام الجاذبية الأرضية مما يقودنا إلى إستنتاج أن الأجسام المادية التي ترتفع عن سطح الأرض تبقى معلقة في الهواء ولا تسقط إلى سطح الأرض ولكن هذا الإستنتاج وهذه النتيجة هي غير منطقية وهي باطلة لأن المُشاهد أن جميع الأجسام التي ترتفع عن سطح الأرض تسقط سقوط حر إلى سطح الأرض بفعل قوة جذب الأرض لها، مما يعني بطلان فرضية إنعدام الجاذبية الأرضية التي هي نقيض فرضية وجود الجاذبية الأرضية وبالتالي ثبوت صحة وجود الجاذبية الأرضية.

أما منهاج سيدنا إبراهيم عليه السلام في إثبات وحدانية الله عزوجل فكان كالآتي:
قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) (الأنعام: 76)، فلما ستر الليل بظلمته كل ضياء رأى عليه السلام كوكباً مضيئاً في السماء هو الزهرة فقال عليه السلام على زعمهم هذا ربي توبيخاً لهم وإستدراجاً لهم حتى يعرفهم جهلهم وخطأهم في عبادة غير الله، فافترض عليه السلام أن كوكب الزهرة إله على سبيل الإفتراض، فلما غاب الكوكب قال عليه السلام لا أحب عبادة إله يتغير و يختفي بعد ظهوره، وبين لقومه أن هذه المشاهدة و النتيجة هي غير منطقية لأنه لا يجوز على الإله أن يتغير وينتقل ويختفي وأن هذه الصفات هي من صفات الأجرام المخلوقة وليست من صفات الإله الخالق، مما يعني بطلان فرضية ألوهية كوكب الزهرة. ثم إستخدم نفس المنهاج في القمر، قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) (الأنعام:77)، فلما رأى القمر طالعاً منتشر الضوء قال عليه السلام هذا ربي على سبيل الإفتراض كما فعل في الأسلوب السابق ليلفت أنظار قومه إلى فساد وبطلان ما يعبدونه، فلما غاب القمر قال عليه السلام لئن لم يهدني ربي لسوف أكون من الضالين وفي ذلك تلميح دون تصريح بأن عبادة قومه للقمر هي ضلال لأنه لا يجوز على الإله أن يتغير وينتقل ويختفي وأن هذه الصفات هي من صفات الأجرام المخلوقة وليست من صفات الإله الخالق، مما يعني بطلان فرضية ألوهية القمر. ثم إستخدم نفس المنهاج في الشمس، قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (الأنعام: 78)، فلما رأى الشمس أنور من القمر وأضوأ وأكبر من كوكب الزهرة والقمر قال عليه السلام هذا ربي على سبيل الإفتراض كما فعل في الأسلوب المتقدم ليُبين لقومه بطلان عبادتهم للشمس، فلما غابت الشمس قال لقومه إني بريء من إشراككم وأصنامكم لأنه لا يجوز على الإله أن يتغير وينتقل ويختفي وأن هذه الصفات هي من صفات الأجرام المخلوقة وليست من صفات الإله الخالق، مما يعني بطلان فرضية ألوهية الشمس.

فلما انتفت صفة الألوهية عن هذه الأجرام الثلاثة، التي هي أنور ما تقع عليه الأبصار، ولما ثبت بطلان زعم ألوهية هذه الأجرام التي هي نقيض صفة وحدانية الله عزوجل، ثبتت صفة وحدانية الله سبحانه و تعالى على مبدأ البرهان الرياضي الغير مباشر، قال تعالى عن سيدنا إبراهيم (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام: 79)، وقال عليه السلام إني قصدت بعبادتي وتوحيدي الله الخالق العظيم الذي خلق السموات والأرض بما فيها هذه الأجرام الثلاثة، مائلاً عن الأديان الباطلة إلى دين التوحيد الحق الذي لا يُشرك مع عبادة الله سبحانه وتعالى غيره. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المراجع:
1) صفوة التفاسير، تأليف الأستاذ محمد الصابوني.