المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإنسان وحقيقة الأجلين



أهــل الحـديث
16-07-2013, 10:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



قال تعالى “هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ” سورة الأنعام 2.


عند التدبر في الآية الكريمة من سورة الأنعام نرى بأنها تُشير على أجلين للإنسان وليس أجل واحد، أحدهما كان قد إنقضى وأنتهى، أما الآخر فبقي أجل مُسمى وغير منقضي بعد، أما التذكير في خلق الإنسان من الطين تحديداً في الحديث القرآني هنا في قوله “هو الذي خلقكم من طين” ففيه الرجوع إلى أصل خلق الإنسان وإلا كان قد خصنا الله نحن البشر الآدميين في الحديث حول خلقنا من الماء المهين أي ما لحق بخلق الطين وأصبحنا ذرية منه، فالتذكير القرآني يعود على بدء الخلق أي على أول خلق للإنسان،


قال تعالى “وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ” سورة السجدة 7 .


لقد أوضح لنا الله سبحانه وتعالى في سورة الأنعام بأنه كان قد قضى أجل للإنسان وأنتهى وهذا الاجل المنقضي يعود على الذين بدأ خلق الإنسان منهم والمخلوقين من الطين، وأخبرتنا الآية الكريمة نفسها من سورة الأنعام بأجل آخر ينتظر قضاءه للإنسان وهذا الاجل الذي ننتظر قضاءه في المستقبل هو موتنا نحن بني البشر أي الناس وذلك حين يأتينا الأجل المُسمى عند الله والذي فيه،


قوله تعالى “وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا” سورة فاطر 45 .


وفي الحديث عن الناس وذكره بالتحديد هنا في "سورة فاطر 45" نرى بأن أجل الناس لم ينقضي بعد وقول الله تعالى “ولكن يؤخرهم إلى أجل مُسمى” في حديثه عن الناس لهو أكبر دليل على ذلك ……
إذن فمن هم الذين انقضى أجلهم سوى الذين أشار على خلقهم من الطين والذين يعودون لبدء الخلق، كما أن الإشارة على موت الإنسان الأول وإنقضاء أجله فيه الإشارة المؤكدة على وجوده البدائي في الزمان الماضي، إذن وما يمكننا لأن نستنتجه من الآية الكريمة وهو بإن الإنسان الأول كان قد مات وأنتهى أجله أما بني آدم (خلفاء الأرض الجدد) والذين أشار الله عليهم بالتحديد بالناس لا زالوا ينتظرون مصيرهم وأجلهم، ويخبرنا الله على الرغم من هذا الوجود الإنسي الأول والمتعدد والذي وجد على مراحل ألا أنه كان قد مضى وانقضى دون ان يصنع حدث أو يترك بصمات له أو يخلف مدنية وحضارة، فلقد خلق الله الإنسان الأول وهو الذي بدأ خلقه من طين كما أخبرنا وقضي أجله وأنتهت مسؤوليته وتكليفه ومهمته واستبدل بآدم وذريته والذين ينتظرون أجلهم والذي لا يعلمه إلا الله وفيه قوله تعالى "وأجل مسمى عنده"، وقوله "ولكن يؤخرهم إلى أجل مُسمى" وبذلك أتى الدليل والذي نستخلصه من الإشارة على موت وإنقضاء أجل الإنسان البدائي الأول وانتهاء وجوده الحياتي القديم على الأرض وإستخلاف البديل محله من البشر الآدميين والذي يجمعهم الأصل الواحد ويفرقهم الجنس....


قال تعالى "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" سورة البقرة 28 .
فإحيائنا من الموت فيه الإشارة والدليل على صلتنا بالإنسان الأول والمنقضي أجله وموته من قبل خلقنا.



****



لقد أتى الحديث عن خلق آدم عليه السلام من التراب في سورة آل عمران،


فقال تعالى “مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” سورة آل عمران 59.


فخلق آدم من التراب هو شهادة على موت الإنسان وتحوله إلى تراب ثم إعادة خلقه بصورة آدم ... ثم أكد على ذلك مرة أُخرى في سورة الروم،


فقال تعالى “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ” سورة الروم 20 .


ولكن عاد الله سبحانه وتعالى وأخبرنا في سورة ص بخلقه لآدم من الطين …


فقال تعالى “إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ” سورة ص 71 .
وفي سورة الإسراء،
“وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا” سورة الإسراء 61 .


وهذا العرض القرآني والتفريق بين الخلقين من التراب والطين لابد وأن له غرض وغاية أتت حتى توضح لنا أمور خفية كنّا قد سهونا عنها ولذلك نحن اليوم بحاجة لأن نبحثها ونستدل عليها ولم يأت ذكرها بداعي الصدفة أو بغرض التكرار بل كانت قد أتت لتضعنا أمام حقيقتنا الخلقية …. كما ولابد لأن نُذكّر بأن الآية الكريمة حين إنتهت من الحديث عن الأجلين بأن إختتمت في نهايتها بقوله تعالى " ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ” سورة الأنعام 2. أي ومع ذلك فأنتم تُشككون، وفي شك في أنفسكم من هذه الحقيقة المُغيبة عنكم ولطالما سهوتم عنها أو غيبتموها عن أنفسكم، فإن كان هذا التبليغ وكلام الله والذي خلق الإنسان وأعلم به هو بغاية الوضوح والبيان فلماذا لا زلتم في شك منه فما رأي علماءنا بذلك.


صفحات من رسالة الله - عبدالله أحمد خليل