المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظامي لمدة يوم



عميد اتحادي
12-07-2013, 05:20 PM
سار إلى دولة متقدمة متطورة ، شاهد وجود الأبراج العالية ، لاحظ سلامة الطرق من التشوهات ، رأى الفلل السكنية التي منحتها الدولة لمواطنيها بقروض ميسرة وسخية ، لم يلاحظ دوريات في الطرق فالكل ملتزم بالنظام ، رأى حسن المعاملة والابتسامة على كل وجه ، لم يشاهد سائق يتجاوز خط المشاة ، رأى بأم عينيه أماكن انتظار الحافلات التي تليق بقيمة ومنزلة الإنسان من حيث التصميم والتكييف ، لم يشاهد أحدا يرمي قطعة منديل في الشارع ، أدهشته الأنفاق وجدرانها الملونة المزخرفة وقارنها بتلك الجدران التي في بلده وقد توشمت بذكريات أبومحمد وأبو ..... وقلوب وأسهم بشكل بشع . لم يلاحظ وجود متسولين عند الإشارات ، رأى خطوط الطوارىء لا يجرؤ سائق أن يستخدمها فهي معدة فقط لسيارات الإسعاف ، رأى كل ذلك وهو لا يكاد أن يصدق أن هذا كله في بلد مجاور ، إنها قفزة إلى التقدم والحضارة ، إنها منافسة حقيقية على التطور والنهضة والرقي .
أغمض عينيه وأخرج زفرات وآهات وسرح بعقله بعيدا وتخيل أن هذا الوضع قد انتقل إلى بلده أو إنتقل بلده إليه ، تبسم ثم أطلق ضحكات هستيرية فقد علم أن هذا مجرد حلم . ليست نظرة تشاؤمية لكنها وبكل أسى وحسرة وأسف نظرة حقيقية لواقع نعيشه فأولئك قد رضعوا النظام منذ طفولتهم ، في المدارس ، في المنازل يتعلمون حب الوطن الحقيقي ، يتعلمون كيفية المساهمة في بناء بلدهم بشكل صحيح ومدروس ، ينأون عن معاول الهدم ، إنهم أناس يعون مفهوم المواطنة الحقيقية فلذلك بلغوا الذرى ووصلوا إلى ما وصلوا إليه .
عاد إلى بلده وهو لا يزال في حلم وردي جميل متقمص ثوب النظام واحترام النظام . لم يجاوز خط المشاة ، لم يسر بعربته على خط الطوارىء. لم يقذف بأي مخلفات خارج سيارته على الطريق العام بل يتوجه بكل أدب واحترام للنظام والأخلاق إلى الأماكن المخصصة لها واستمر هذا الإحساس وهذه الشخصية ليوم واحد فقط لكنه رأى ما هدم شخصيته الجديدة ، رأى شراعا منصوبا على أحد الطرق ولما اقترب منه وجده لوحا كبيرا قد وضع في حفرة لينبه السائقين وهي حركة مكررة ، شاهد رمي أكياس بها بقايا عصيرات قذف بها صاحبها وهو يسير خلفه ، شاهد المخالفات بجميع أنواعها دون حياء ولا رادع في ظل سبات الجهات المسؤولة وعدم المتابعة ، راى نفسه غريبا فلم يجد بدا من تطبيق المثل ( مع الخيل يا شقراء ) مع قناعته بأن هذا المثل يدل على التبعية والإمّعة لكنه سيحاول أن ينهض من رجعيته الغير حميدة .
أترككم في رعاية الله .