المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الولاء والبراء .. العقيدة الكبرى



أهــل الحـديث
12-07-2013, 06:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الولاء والبراء
: فيما يختص بإفراده جلَّ وعَلا بالولاية وتحقيق الولاء والبراء:
الولاء والبراء ،
عقيدة الولاء والبراء من عقائد الإسلام الكبرى ، وهى ركن أصيل فى التوحيد ، وهى أساس من أسس الإيمان ، وركيزة من ركائزه ، وهى أصل العبادة ، وبتحقيقها على الوجه الصحيح ، يتحقق الدين ، والولاء لله سبحانه أصل والولاء للرسول والمؤمنين تبع
تعريف الولاء
يأتى الولاء فى اللغة :
بمعنى الحب والنصرة والطاعة ، والمتابعة ، والمعاونة ، والصداقة ، والقرب ولوازم ذلك
...
وفى الشريعة : يعنى حب الله وطاعة الله ومتابعته وأمتثال أوامره ، ونصرة الله وشريعته وحب رسوله وحب المسلمين فى الله والإنضواء تحت جماعتهم ونصرتهم فى مواجهة الكافرين ، ويلزم من ذلك بالضرورة بغض الكافرين وعقائدهم وعدم متابعتهم .. وهذا يسمى البراء
.......

ومن أدلة الولاء قول الله U: â وَمِنَ النَّاسِ مَن يَّتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُّحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ á([1] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn1))، ويقول تعالى: â قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَá([2] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn2))، ويقول r: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُرَدُّ عَلَى أَقْصَاهُمْ»([3] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn3))، ويقول u: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ»([4] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn4)).
أركان الولاء
الولاء فى القرآن ثلاثة أنواع تتضمن جوانب الدين كله ،
النوع الأول :ولاء النصرة
ومعناه أن ينصر المسلم الله ورسوله وذلك بأن ينصر شريعته ويتعاون على إقامتها مع أخوانه ، وينصر المسلمين ضد أعدائهم من الكافرين ، ينصرهم بالمال ، وبالجهد ، وبالنفس ، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ) فليس من المعقول أن يرى المسلم الصراع القائم بين الحق والباطل وبين الإيمان والكفر ثم يجلس متفرجا على لفريقين ، بل إن الله أمره أن ينصر المسلمين لأن فى نصرته لهم نصر للإسلام ، وإعلاء لكلمة الله ضد كلمة الكفر ، ولذلك قال الله تعالى فى كتابه ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) المائدة
النوع الثانى : ولاء الإتباع
ومعناه أن يتبع المسلم شريعة الله وأمره كما هو فى الكتاب والسنة ، وأن يطبق ما يستطيع من ذلك فى خاصة نفسه وبيته وأسرته ، ويدعو الى تطبيقها فى المجتمع ، ويحتكم لهذه الشريعة الجميلة السمحة ، ويرفض كل ما يخالفها من القوانين التى يضعها البشر ، لأن قبول شريعة البشر وترك قانون الله يعد كفرا صريحا بالله ، وإشراك لغير الله فى التشريع والحكم ، فالولاء لله يقتضى إتباع شريعته وقبولها منه سبحانه وحده ورفض ما يخالفها ، لأن من أخص خصائص الولاء الإتباع والطاعة لذلك قال الله تعالى ( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3) الأعراف
..



النوع الثالث : ولاء النسك ( العبادات )
ومعناه : أن نعبد الله وحده بأنواع العبادات المختلفة مثل الصلاة والزكاة ، والدعاء والخشية والرهبة ، والنذر ، والحج ، والصوم ،فلايجوز أن يقدم المسلم عبادة من هذه العبادات لغير الله ، لا لنبى أو ولى أو غيرهما ، فمن الولاء لله عبادته وحده دون سواه قال الله تعالى
(إِنَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }الزمر

2،3
( راجع كتاب حد الإسلام للعلامة عبد المجيد الشاذلى )

نواقض توحيد الولاء
مظاهرة المشركين في قوله تعالى: âإِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
وفي ”لباب النقول“([5] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn5)) أخرج ابن المنذر وابن جرير عن ابن عباس قال: «كان قوم من أهل مكة قد أسلموا، وكانوا يخفون الإسلام فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر فأصيب بعضهم، فقال المسلمون: هؤلاء كانوا مسلمين فأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت: âإِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراًá، فكتبوا بها إلى من بقى بمكة منهم، أنه لا عذرلهم،
ترجيح ولاء القبيلة أو الدولة على ولاء العقيدة أو عدله به: وذلك في قوله تعالى: â فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُّضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ´ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ * وقد نزلت فى قوم تركوا المدينة النبوية ورجعوا الى بلادهم بعد الهجرة
وفي قوله تعالى: â بَشِّرِ المُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ´ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ العِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَميعًا ´
3تكثير سواد الطاعنين في دين الله ترويجًا لباطلهم ابتغاءً للعزة عندهم.
الدخول طوعًا تحت ولاية الكافرين أي من أدخل نفسه بطوعه تحت ولاية الكافرين، قال تعالى: âوَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاًá([6] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn6)) وهي تكليف وليست خبرًا.
انعدام الولاء للمؤمنين والكفار بتذبذب ولائه مع تذبذب مصالحه وأهوائه
التآمر مع الكفار على المؤمنين لإلحاق الضرر بهم والتفريق بينهم والتربص بهم يقول تعالى: â وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ á([7] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn7))، وهو سلوك المنافقين في المدينة في تآمرهم مع اليهود، ومع أبي عامر الفاسق النصراني،
التفرق المطلق والقتال على دعاوى الجاهلية والتولي بغير ولاية الإسلام: وذلك في قوله تعالى: â´ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) الى قوله تعالى
´ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌá([8] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn8)).

التشبه المطلق بالكفار لقول الرسول الكريمr: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
يقول ابن تيمية([9] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn9)):
وهذا الحديث أقل أحواله: أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه ...وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: «من بنى بأرض المشركين، وصنع نَيْرُوزهم ومَهْرجانهم، وتَشَبَّه بهم حتى يموت، حُشر معهم يوم القيامة» فقد يحمل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ***

أما الولاء المقيد فله صورتان: وهو لا يصل لدرجة الكفر
الأولى: اتخاذ بطانة ( اصدقاء مقربين )من الكفار دون الوقوع في ولاية الكافرين بالصور التي ذكرناها â يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْá([10] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn10)).
الثانية: الإدلاء ببعض أسرار المسلمين للكافرين، ظنًا ممن يفعل ذلك أن ذلك فيما لا يضر المسلمين أي مع انتفاء قصد الإضرار بالمسلمين ومع بقاء الولاء للمسلمين وأن يقع ذلك على سبيل الخطأ([11] (http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/#_ftn11)) وليس العمد وألا يتكرر.
***
مظاهر موالاة المؤمنين؟
ج: مظاهر مولاة المؤمنين كثيرة ومن ذلك:
الهجرة إلى بلاد المسلمين، وهجر بلاد الكفار.
مناصرة المؤمنين ومعاونتهم بالنفس والمال واللسان والقلم، وبكل ما يحتاجون إليه. قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} (الأنفال:72).
3. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» متفق عليه.
النصح لهم ومحبة الخير لهم، وعدم غشهم؛ قال صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ»
(¬1) صحيح: أخرجه أحمد (22030) وابن حبان (575
***

المعاملة الحسنى مع الكفار غير المحاربين
ينبغى أن يعلم المسلم أن الله سبحانه نهى عن موالاة الكافرين كما عرفنا سابقا ولكنه أجاز معاملة الكفار من أهل الكتاب أو غيرهم بالحسنى ماداموا غير محاربين والأصل في هذا قوله تعالى:
{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ { [سورة الممتحنة:8]وقد روى البخاري ومسلم عن أسماء رضي الله عنها قالت - قدمت على أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: [نعم صلي أمك].
قال الخطابي: فيه - أي الحديث - أن الرحم الكافرة توصل من المال ونحوه كما توصل المسلمة ويستنبط قال ابن حجر: البر والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتوادد المنهي عنه في قوله تعالى:
{لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ { [سورة المجادلة: 22] .
، وهناك خلاف حول القاء التحية عليهم أبتداء فمن العلماء من أجاز ومنهم من منع منه ، وكل هذا مع غير المحادين لله ورسوله


([1]) سورة البقرة، الآية: 165.

([2]) سورة الأنعام، الآية: 14.

([3]) سنن ابن ماجه، كتاب الديات صححه الامام الالبانى.

([4]) صحيح البخاري، كتاب المظالم والغصب.

([5]) أسباب النزول للسيوطي، ص 94، طبعة مكتبة الصفا.

([6]) سورةالنساء، الآية: 141.

([7]) سورة التوبة، الآية: 107.

([8]) سورة آل عمران، الآيات: 100-108.

([9]) اقتضاء الصراط المستقيم، ص 80-81، مطبعة المدني.

([10]) سورة آل عمران، الآية: 118.

([11]) قصة حاطب ابن أبي بلتعة.


أنور الزعيرى