المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال مميز: سوانح ومواقف مع شيخنا المحدث الجليل صبحي السامرائي رحمه الله تعالى



أهــل الحـديث
12-07-2013, 03:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



سوانح ومواقف مع شيخنا المحدّث الجليل
صبحي السامَرّائي رحمه الله تعالى
لتلميذه الشيخ محمد البغدادي حفظه الله تعالى.

هذّبها بإذنه: محمد زياد التكلة

بسم الله الرحمن الرحيم
من [محمد البغدادي] إلى شيخي الحبيب أبي عمر محمد زياد التكلة، وفقه الله لمرضاته ورزقه الخير والهدى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
أحسن الله عزائنا وعزاءكم بشيخنا الجليل أبي عبد الرحمن عليه سحائب الرضوان والرحمة، فإن لله ما أخذ وله ما أعطى، وإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا، واخلف لنا خيرا منها.

علمتُ أنكم قد وعدتم بكتابة شيء من ترجمةٍ لشيخنا رحمه الله تعالى، فوددت أن أذكر لكم أشياء من السوانح من مواقف لا تُنسى، أسأل الله أن يرحم شيخنا رحمةً واسعة، ويتقبل منه صالح الأعمال، وسأذكر لكم من كلامه الخاص [...] ولكم التقدير في نشر أو عدم نشر ذلك، وكذلك لكم التقدير في نشر أو عدم نشر أي معلومة [...] وما شهدتُ إلا بما علمت، وأستغفر الله تعالى على الخطأ والزلل [...].

ولم أكتب عن مرضه ووفاته غفر الله له وعفا عنه، وإني قد قصّرتُ مع شيخنا أحيانا بسبب ظروفي، فهاجرت من بغداد عامين، وأُسرت عند المحتل كذلك، والحمد لله قد أحسن بي إذ أخرجني، وأنا الآن في سكنٍ متوارٍ حبيس لا أرى الشمس ولا أخرج إلا نادرًا خوفًا وفرقًا، وحاولت إكمال الدراسة أو السفر أو العمل، لكن لم يتيسر لي، والحمد لله على كل حال، ولا أدري هل كان شيخنا يعاتب على فراقي أم يعذرني، فوالله إني لم أستطع حتى استخدام الهاتف خوفًا من الأذى، والله المستعان.

أسال الله تعالى أن يوفقكم ويتقبل منكم صالح العمل، ويجعلكم خير خَلَف للعلماء والمشايخ رحمهم الله تعالى.

أتمنى أن تعذرني شيخي على تقصيري وأخطائي، ولقد هالني الخبر أمس، وما استطعت كتابة شيء، فالشيخ رحمه الله تعالى هو والدٌ بمعنى الكلمة؛ في عطفه، وبذله، وعطائه، وحنوه، رحمه الله تعالى رحمة واسعة، والله الموفق.

• كان شيخنا رحمه الله تعالى صاحب همة عالية للتدريس ببغداد، فما انقطع من دروسه اليومية إلا نادرًا، وكانت دروسه رواية ودراية، وكان الشيخ السلفي الوحيد، الذي يُقرئ العلوم الشرعية، وينشر السنن، ويهتم بعلوم الحديث، وأذكر أن درس جامع البُنِّيَّة -وفيها مدرسة- لكل شيخ أيام معدودة، وشيخنا له فيها أكثر من يوم؛ بخلاف بقية الشيوخ لكل واحد منهم يوم، ولا يحضر عندهم إلا القليل لا يتجاوزون العشرة، ويدرّسون النحو والمنطق والفقه الحنفي والشافعي وعقيدة الأشاعرة وغير ذلك، وشيخنا يحضر عنده العشرات، فلا تسعنا غرفة الدرس أحيانًا، بل كنا نذهب إلى المسجد، وكانت تلك الأعداد تسبب مشاكل لشيخنا، فيقرر [..فلان] -صوفي أشعري متعصب- إلغاء دروس الحديث، ويخوّف شيخنا بأن الطلاب عنده من (الوهابية)، فعليه أن يلغي درسه حتى يقل عددهم، وعليه أن يرسل بتلاميذه لبقية الدروس حتى لا ينحرفوا، فدراسة الحديث عند هؤلاء لا تجوز بمفردها!

فيترك شيخنا الدرس أيامًا، ويخبر خواص تلاميذه ممن لا يتجاوز عددهم الخمسة، ويأتي بقية الطلبة وأعينهم تفيض من الدمع وهم يحملون صحيح البخاري والباعث الحثيث ويرجعون ولا حول ولا قوة الا بالله.

وكان هذا قبل الاحتلال، ولم يُدَرَّس الحديث في بغداد بل في العراق من زمن الصاعقة إلى زماننا إلا في مجالس شيخنا رحمه الله تعالى، ومن محاربة هؤلاء لشيخنا أن سعى وشاة عند (...) وهو أشعري صوفي مقرب من الدولة آنذاك، وكان شيخنا يعطى كل سنة دروس الحديث وعلومه، فكان من (...) بعدُ اتهام شيخنا بأنه لا يحب الفقهاء، وأنه يخطّئ الحنفية -وهذا ليس بصحيح، لكن شيخنا يتبع الدليل مع ذكر أقوال المذاهب- وأنه يدرّس الحديث فقط، فمنعه تلك السنة من تدريس الحديث، وكانت تلك الانقطاعات تؤثر جدا في شيخنا، فنرى عليه من الهم والحزن الكثير، وبسبب تلك الانقطاعات كنا نعيد درس صحيح البخاري في جامع البُنِّيَّة عدة مرات، ففي كل مرة تتزايد أعداد الطلبة، ويوقَفْ درس الشيخ، وبعدها ينسوننا قليلًا، ويأتي الطلبة، ويعيد لهم الشيخ الدروس من جديد بدورة جديدة من بداية الصحيح، ولذلك ما أتمَّ طالبٌ عنده الصحيح بسبب الانقطاعات، وكان يطلب منا أن نُحْضِرَ التجريد مخافة فوات الوقت، وقد دَرَّسَه مرتين.

• منهج شيخنا في التدريس أنه لا يقبل المبتدئ في حلقات المتقدمين، ويبدأ بالأربعين النووية، ثم عمدة الأحكام شرحًا ودرسًا وتقريرًا لمذهب أهل الحديث، مع ذكر أقوال الفقهاء، وشرح الغريب.

وشرح شيخنا متوسط بلا إسهاب ولا إخلال، وأحيانا يسهب في بعض الأحاديث، منها حديث النية يستغرق ساعة تقريبًا، أو إلا ربعـ وغالب كلامه من الفتح، وبعدها يطلب الشيخ من الطالب إحضار مختصر ابن كثير لعلوم الحديث، ويقول: الباعث الحثيث لأحمد شاكر رحمه الله، ونحن ندرّس الأصل: اختصار علوم الحديث.

وقد درَّس شيخنا الأربعين والاختصار، وختمه مرات عديدة جدًّا مع الشرح والتعليق، فأوائل علوم الحديث فيها إسهاب في الشرح، وأواخر الكتاب تعليقات وفوائد.

وعادة شيخنا أنه ما مرَّ ذكر كتاب إلا وقال لنا: مطبوع أو مخطوط، ومكان مخطوطته، وأهمية الكتاب، وفوائد عنه، وبعدها يهتم شيخنا كثيرا بصحيح البخاري.

وإذا طلب طالبٌ قراءة كتاب غيره يغضب ويقول: البخاري هو الأصل، ثم يقرأ صحيح مسلم، ثم السنن، والمسند، وغيرها.

أما المصطلح فبعد الباعث يختار الشيخ للطالب نزهة النظر، وبعدها التدريب، وفتح المغيث.

وكان شيخنا لا يرد أي كتاب يطلبُ الطالبُ قراءته بعد إتمامه اختصار علوم الحديث لابن كثير رحمه الله تعالى، وكان يستظهره من كثرة ما درّسه، ويلقي العبارة علينا قبل أن نقرأها.

أما طريقته في تدريس السنن: فكان يطلب من أحد الطلبة إحضار نسخة من تقريب التهذيب للحافظ، وكان ممن يتعصب لأقواله، ويقول: لا ينبغي إقراء السنن من غير كتاب في الرجال. وكنت أجلبه معي في الدروس، ويناديني بضابط الرجال!

وطريقته في ذلك أنه كان يريد تعليم الطلبة كيفية استخراج تراجم الرواة، وكيفية الوقوف عليهم، وفي الأسانيد يقول شيخنا: أخرج لنا ترجمة فلان. فنراه ضعيفًا مثلا. وكثيرًا ما يذكر شيخنا رواةً من غير الرجوع لكتاب، لكنه يأمرنا مع ذلك لتعليمنا.

أما كتب العقائد فكان لا يدرّسها إلا في درسه الخاص للمتقدمين؛ بسبب محاربة البعثيين والأمن، ولم يدرّس شيخنا إلا شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي، وكان يخالفه في بعض المسائل، ويعلق بفوائد، ودرّس الواسطية، وقطف الثَّمَر، وعقيدة أهل الحديث، وغيرها، أما كتاب التوحيد فدرّسه شيخنا خفية في السيارة عندما نوصل الشيخ من بيته إلى جامع برهان الدين، وعند العودة، وكنت القارئ، وبعد السقوط أقرأه شيخنا في درس الجمعة الخاص بالمتقدمين.

ومع كون شيخنا ميّالًا للشافعي رحمه الله تعالى ومحبًّا له؛ لكنه كان يدرس كتب الحنابلة في الفقه، وهو الوحيد في زمنه في العراق يقرئ المذهب الحنبلي، ودرّس فيه مختصر الخِرَقي، وزاد المستَقْنِع، وكان يفضّل عمدة الفقه لابن قدامة على الزاد، ويقول: متن الزاد متأخر خال من الأدلة، والعمدة أفضل. [...] وكان الصاعقة لا يحب كتب المذاهب الخالية من الدليل، ولكن حدّثني شيخنا وقال لي: كنتُ ألحُّ عليه في القراءة فلا يرد.

وكان شيخنا رحمه الله تعالى يحب مختصر الخرقي، وقد درّسه مرات، وقال: هو أول متن في المذهب، وكتاب تهذيب الأجوبة لابن حامد أول كتب أصول المذهب.

وكان شيخنا لا يدرّس النحو إلا لمن كان ضعيفًا في قراءة الحديث ويلحن، وإذا وجد طالبًا يلحن في الحديث لا يرضى ذلك، ويحثّه على القراءة، وكان في درسه يقرأ عليه كثير من المبتدئين، ويلحنون، ويصلح لهم الشيخ رحمه الله تعالى ويرد عليهم، وأحيانًا يأمرني الشيخ أن أقرأ للمبتدئين حتى يهتم بالشرح لأن لحني قليل! ويعرب الحديث، ولكن شيخنا يحفظ شواهد النحو قبل قراءتها في متون النحو من شرح القطر وغيره، علمًا أنه لم يهتم بالنحو منذ قرائته على مشايخه إلى يوم درسه.

وقد يُظن بشيخنا عصبيته على الطلبة أحيانًا؛ لكن ذلك من حرصه على العلم النافع، وإفهام الطالب وحثه على التعلم، وإلا فما رأيت عطوفًا رحيمًا بطلبة مثله رحمه الله تعالى.

ومن عادته رحمه الله تعالى في كل درس عندما يقرأ عليه الطلاب؛ ويقولون له: أخبركم الشيخ عبد الكريم الصاعقة بأسانيده. فيرد ويقول: أخبرنا الإمام العلامة المسند المعمر السيد عبد الكريم بن السيد عباس الشيخلي الأزجي الحسني المعروف بأبي الصاعقة عليه سحائب الرضوان والرحمة، قراءةً عليه لكتاب كذا في مسجد كذا.

ومرة ذَكَره فبكى، رحمهما الله تعالى، وكثيرًا كانت دمعاته رحمه الله تعالى!

وكان يقول لنا دائمًا: العراق ظالمٌ لأهله وعلمائه. ويستشهد بقصة القاضي عبد الوهاب المالكي، وكان يثني عليه كثيرًا، ويقول: كتبه تكتب بالذهب، وبغداد تركته وأهملته! وعندما خرج وقّره الناس في مصر وأكرموه وأغدقوا عليه!

وكان رحمه الله تعالى إذا سئل عن أفضل كتب فقه الحديث أجاب بمرعاة المفاتيح لشيخه عبيد الله الرحماني رحمه الله تعالى، ويحب من كتب الأصول روضة الناظر لابن قدامة، وجمع الجوامع، وكان يقول: جمع الجوامع كتاب جيد لولا المخالفات لمؤلفه غفر الله له. واختار من كتب التفسير تفسير البيضاوي على عادة علماء العراق في قراءة التفسير، لكن ما مر بمخالفة إلا وبيَّن عقيدة أهل الأثر فيها.

• وكان رحمه الله تعالى رحمة واسعة يتابع المكتبات وسوق الوراقين كل يوم أو كل يومين أو ثلاثة على حسب فراغه، ويتابع المطبوعات ويشتري الدوريات العلمية، ولا يهتم بسعر الكتب، ويقتني على الرغم من سعة مكتبته العامرة، وأثناء الدرس يذكر شيخنا من مسائل تعرض لها مع مشايخه أو مع العلماء ومحاججة بعض الناس.

وكان شيخنا يصلي العصر ثم يأتي درس البُنِّيَّة، ويأتي بوسائط النقل العامة، فإذا أتى أصبُّ له الماء البارد في الصيف، ويجلس على كرسي، ويسمي، ويحمد الله تعالى، ونقرأ، وقبيل المغرب ينتهي الدرس.

وكان إذا سمع قول الطالب: -صلى الله عليه وآله وسلم -، يقول: لا تقولوا ذلك، إما تقولوا - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - أو - صلى الله عليه وسلم -، لأن الناس لا يفهمون الآل بالمعنى الصحيح، وهو أن الآل بمعنى الأتباع على الصحيح من أقوال العلماء، قال تعالى: ﴿ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 46]. فيقول بعدها شيخنا: (فرعون من أين له آل؟ هم جنوده وأتباعه). ويسرد الأدلة، ويقول: هذا باب من مداخل الرافضة لإبعاد الصحابة من الخيرية والترضي.

وكم كان دقيقا في هذه المسائل التي ما كنا نتنبه لها؛ حتى يسر الله لنا الشيخ رحمه الله تعالى.

وما أتى طالب فردّه في يوم، ولكنه يوجّه المبتدئ لدرس الصحيح واختصار علوم الحديث، وبعد الدرس كان شيخنا يقوم ويلبس حذاءه بنفسه، وفي أول أمري معه كان أحيانا يتعب ويصعب عليه لبس الحذاء؛ فكنت آتيه به، وأُلبسه إياه، وأحمل حقيبته وعباءته وعصاه، وأوصله أحيانا إلى البيت أو إلى السيارة لطالبٍ من الطلبة.

والحمدُ لله أن تشرفت بخدمته، رحمه الله تعالى.

أما اختياراته فكثيرة، وهي أثناء تعليقاته على الكتب الستة رواية ودراية، ويصعب إحصاؤها.

• وله وقائع مع كثير من العلماء أذكرها لكم وأنتم تُقَدِّرُون نشرها أم لا [...] وكان شيخنا رحمه الله تعالى يقول عن أئمة وخطباء العراق من المبتدعة: أهل العمايم الكشرة -وهي كلمة بغدادية تعني السوء والشر- يتركون الرافضة يسرحون ويمرحون؛ ويؤذون الشباب من أهل السنّة!

وكان رحمه الله تعالى يثني على العلماء الكبار، فأذكر منهم غير الذين ذكرتهم في مشايخه رحمه الله تعالى: من المغرب الشيخ أبو الأجفان، وكان يراسله ويجيبه عن أسئلة حول الكتب والمخطوطات، ومن مصر أدرك السيد أحمد صقر، وأثنى عليه كثيرا، وحدثنا عن شيخ الأزهر الطنطاوي، كان عصبيا جدا، ويثني على الشيخ أبي إسحاق الحويني، ويثني كثيرا على تلاميذه المصريين [...].

ومن الجزيرة يثني كثيرا على الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى، ولما مات دعا له وترحم عليه، وسماه الشيخ الوالد، وكان يقول: حضرت عنده في دروس كتاب الاستقامة لشيخ الإسلام. وحدثني شيخنا عن لقائه الأول بالشيخ ابن باز رحمهما الله تعالى، قال شيخنا: كنت في الحج، ورأيت أناسا يدعون غير الله تعالى، ويتعبدون ببعض البدع، فذهبت إلى مقر للعلماء، وكان فيه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وكان شيخنا غضبان، وقال: في ديار الحرمين؛ والشرك قائم بين الحجاج؛ وأنتم ههنا قاعدون؟ فقالوا لشيخنا: من أي البلاد أنت؟ قال: من العراق. فتبسم الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، فقال له: أنت من تلاميذ الصاعقة؟ -لما رأى من شبهه بعصبيته وغيرته- فقال: نعم! ومن هناك تعرف على الشيخ ابن باز، والشيخ محمد نصيف، رحمهم الله تعالى، ثم سألوني عن مخطوطات بغداد، وعن محمد بهجة الأثري، وعن أهل السنة.

حدثني شيخنا، وقال: وبعد سنين ذهبت للحج، وبمجرد سلامي على مجلسٍ فيه الشيخ ابن باز فقال لي: وعليكم السلام شيخ صبحي. وعرفني من صوتي بمجرد الكلام! بالرغم من مفارقتي له سنين! وكان المجلس قصيرا.

أما الشيخ محمد نصيف فكان شيخنا يزوره ويثني عليه كثيرًا، بل يرشد طلبة الصاعقة للذهاب إليه، إذ كان يوزع كتب التوحيد والعقيدة، ومن هنا حدثني شيخنا عدنان الأمين رحمه الله تعالى أنه ذهب إلى الشيخ محمد نصيف، وقال له إنه أرسله الشيخ صبحي. فأكرمه رحمهم الله تعالى.

وحدثني شيخنا أن الشيخ ابن باز عهد إليه بتصوير كثير من المخطوطات لما عرف باع شيخنا في الأمر.

وقال شيخنا: قلت للشيخ ابن باز عن مخطوطة لشرح النونية لابن القيم في البوسنة لعالم قريب عليه (ذكره شيخنا السامرائي ونسيت أنا) ولكن ما تم الأمر.

وكان يثني على الشيخ ابن حميد، ويقول: عالم أصولي بارع.

ويثني كثيرا جدا على العلامة بكر بن عبد الله ابو زيد رحمه الله تعالى، ويوصينا بكتبه، وخاصة الردود [...].

• حدثني شيخنا أنه سمع بالشيخ الفاداني، فرحل إليه وأراد الإجازة، قال: فوجدته يشرب (النركيلة) الدخان، فهالني الأمر، ووجدته متساهلًا في الإجازة جدًّا، فتركتُه ولم آخذ عنه.

وحدثني أن شيخه حبيب الرحمن الاعظمي أخذه عند الشيخ حسن المشاط ليستجيز منه، فوجده أكثر تعصبًا للحنفية من شيخه حبيب الرحمن، فتركه ولم يستجز منه.

وحدثني أنه سأل الإجازة من الشيخ حماد الأنصاري، فقال له: إجازاتي دون قراءة من بعض المشايخ، ومن عبيدالله الرحماني. فلم يستجز منه، ولكنه كان يثني على علمه وفضله وعقيدته، ويوصينا بآثاره، ويحبه رحمه الله تعالى.

وحدثني أنه طلب من الشيخ الألباني رحمه الله تعالى الإجازة بعد أن يقرأ عليه، فقال الشيخ الالباني له: إنه غير مجاز؛ وليست له رواية سوى إجازة من غير قراءة من الشيخ محمد راغب الطباخ رحمه الله تعالى.

وقد ذكرت قصة لقائه بالشيخ الألباني في [مكان آخر].

وكان يثني على الشيخ محمد الصالح العثيمين، وقال: هو علامة، لكني لم ألتق به، وهو يعرفني وأنا أعرفه.

وكان شيخنا يقول: رأيت الشيخ عبد الرحمن العثيمين، وهو عالم فاضل. وبينهما مودة.

وحدثني شيخنا رحمه الله تعالى عن تلميذه صالح آل الشيخ، وأثنى على علمه، وقال: كان طالبا ذكيا جدا. ولكنه ذكر خلافا معه حول مصورات أرسلها له [...].

وحدثني شيخنا أنه عاتب الشيخ أبو شهبة المصري، إذ كان في برنامج في شرح صحيح البخاري، قال شيخنا: فقلت له أنت تقول: وذكره ابن مردويه في التفسير وهو مخطوط أو مفقود، وتعزو لكتب ومسانيد فُقدت، فهل رأيتها؟ لِمَ لا تعزو إلى فتح الباري الذي تنقل منه؟ وعاتبه بذلك، وحصل خلاف بينهما، والله تعالى أعلم.

وأثنى شيخنا على الشيخ عبدالقادر الأرنؤوط رحمه الله تعالى، وكان يقول: هو أفضل من شعيب علمًا وعقيدة وسنّة، وكنا نستغرب لأن تحقيقات شعيب ملأت المكتبات، وما كنا نعرف بأمور المشايخ إلا من شيخنا رحمه الله تعالى إذ كان يوجهنا ويرشدنا.

وكان شيخنا يثني على علم الشيخ الألباني، ويزوره كلّما رحل إلى عمّان، وإن كان ذلك فيه خطر للمساءلة من قبل الأمن البعثي، ولكنه يحرص على السلام عليه، ومع ذلك كان لا يرتضي كثيرا من تحقيقاته، وغضب كثيرا لنشره تضعيفا لأحاديث في الصحيح كما في آداب الزفاف، وتصحيحه لأحاديث بمتابعات من أجزاء وفوائد وهي معلولة، وحدثني أنه قال للشيخ الألباني رحمه الله تعالى: لو جعلتَ تلميذا واهتممت بتدريسه.

[...]
ولقد رأيت في خزانة شيخنا تبييضا لمخطوطات حديثية، منها للمطالب العالية وغيرها، وكان شيخنا كثيرا ما ينسخ مخطوطا فيراه قد طبع في الأسواق ويشتريه، ومرة ناولنا أنا والشيخ منذر مصورة المعجم المفهرس ثبت الحافظ ابن حجر من دار الكتب المصرية، ونسخناه تقريبا، ثم وجدناه قد طبع بتحقيق الشيخ شكور امرير المياديني حفظه الله تعالى.

وكان شيخنا يراسل الشيخ بدر البدر، ورأيت في خزانة شيخنا رسائل بينهما، وفيها تبادل للمخطوطات، ويرسل كل واحد للآخر طلبات ببعض المصورات.

وكان شيخنا يثني كثيرا جدا على العلامة الشيخ بديع الدين شاه السندي، وقال: كنت أدرّس في الحرم المكي معه. وحدثنا وقال: والله هو أعلم من الشيخ الألباني، لكن لكنته لم تسعفه. وحدَّثنا عن ولده الذي اشترك مع جهيمان العتيبي، وحاول الراشدي التوسط له فلم يسعفه أحد، وأُعدم رحمهما الله تعالى، ولا أدري هل شيخنا مجاز منه شفاها أم لا؟ فلقد سألناه عن ذلك قديما، فقال لنا: لا. وقد يكون أنه مجاز منه مشافهة، والله تعالى أعلم.

حدثني شيخنا أنه رأى العجب العجاب بباكستان، ورأى شيخا بكجرانوالة يدرس الهداية درسا متقنا رائعا، فلاطفه شيخنا وقال له: أهل الحديث ويدرّسون الهداية؟ فقال له الشيخ الباكستاني: يا شيخ مع التنقيد.

وأثنى كثيرا جدا على الحافظ ثناء الله المدني حفظه الله تعالى، وكان يحبه، ويصفه بالعلامة مستظهر الفتح، وكذا إرشاد الحق الأثري، وهما اللذان أضافاه وطوَّفاه على العلماء والمشايخ واستجازوه، وأجازهم، وقال: ما رأيت مثلهم علما وفهما بتلك الديار.

وله صلة بمحسن الدوسكي، ومراسلات حيث كانوا يسألونه عن مخطوطات وأماكن تواجدها وغيره.

وحدثني شيخنا أن شيخه الصاعقة رحمهما الله تعالى كان يحبه كثيرا، وكذلك يحب الشيخ عزة العزيزي الأردني، وكان يتوسم فيه النباهة، وأخبرنا شيخنا قديما أن الصاعقة أقرأ الشيخ عزة العزيزي وأجازه، ولما راسلنا وسألنا الشيخ عزة العزيزي قال: إني غير مجاز والله أعلم.

وحدثني شيخنا أنه كان مع شيخنا طاهر البرزنجي رحمه الله تعالى، وهو عالم الشافعية ببغداد، أشعري، لكنه منصف، ولا يحارب أهل السنة، ويحب الحديث، كانا سوية في كلية الشريعة بجامعة بغداد، وكان معهما قاضي أفندي محمد صادق الحنفي، وهو من ذرية الشيخ ابن آدم كما قيل، وكان حنفيا، قال لي شيخنا: كنا نقول له: رجلٌ بالمشرق وامرأة بالمغرب، فيقضي الحنفية بالولد له وهما لم يلتقيا، أنى ذلك؟ والشيخ القاضي يغضب، وهما يضحكان معه ويلاطفانه، وقال له شيخنا: في مراقي الفلاح يؤم القوم أجملهم زوجة، وأقصرهم عضوا، أنّى ذلك؟ فيغضب محمد صادق رحمه الله تعالى وغفر له، ويلاطفه شيخنا وطاهر البرزنجي.

وكان شيخنا يقول في درس الخاصة من طلابه، لولا الروافض لأظهرنا ما المذهب الحنفي من مخالفات، لكننا بأرض الروافض، وهذا مدخل للطعن بأهل السنة والتشويش عليهم.

وكان شيخنا رحمه الله تعالى يقول عن الكوثري شيخ شيخنا السيد شاكر، لكني لا أحب الرواية عنه. وكان يقول: عليه من الله ما يستحق. وكان يحفظ من شبهه الكثير ويرد عليها، منها طعنه في ابن المُذْهِب راوي المسند، ومنها طعنه بالشافعي وكتاب الأم، ومنها طعنه بالبخاري، ونحو ذلك، وإذا جاء ذكر الرافضة أو الكوثري في الدرس نحزن لأن القراءة تنقطع! ويسهب شيخنا رحمه الله في التفنيد للشبهات، والطلبة مستجدون، فوجب البيان، ولكننا انتفعنا من ذلك كثيرا.

وكان شيخنا رحمه الله تعالى يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الجهرية، لكن دون الجهر بالقراءة، على اختيار قولٍ ذكره الحافظ في النكت على مقدمة ابن الصلاح.

وكان شيخنا يعيب كثيرا على علماء العراق في طريقة تدريسهم ومنهجه، إذ يهتمون بالمنطق، وشيخنا يكره المنطق أيما كره، ويحدثنا عن الشيخ الصاعقة كرهه للمنطق والكلام، وكان يقول عن علماء العراق؛ وكثير منهم من الأكراد؛ وهم أشاعرة صوفية لا يقرؤون الحديث ويمنعون من قراءة الحديث: اقرا مَنْتِكْ -أي: منطق؛ بلهجة إخواننا الأكراد، فهم أعاجم ولديهم لكنة في بعض الحروف، وعلماؤهم لا يحسنون النطق العربي، ولا يهتمون بالقراءات أو الحديث، ويهتمون بما سوى ذلك- وحديثُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقرؤون! أي علم هذا؟

وكثيرا ما كان يردد أبيات الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، ومنه حفظنا:
كلُّ العلوم سوى القرآن مشغلةٌ
إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا
وما سوى ذاك وسواس الشياطين

وكان رحمه الله تعالى يردد المشهور من الأشعار والأدب، ويردده من حفظه رحمه الله تعالى.

• لقد كان كثير من المبتدعة يطعنون في شيخنا لأجل عقيدته وسنّيّته، ويتهمونه بالجهل بالعلوم ومنها المنطق والكلام وغيرها، ويتهمونه بالتساهل في الإجازة، إذ عادة العراقيين إعطاء الإجازة بعد إتقان العلوم العقلية والنقلية، من غير قراءة كتاب ولا سنّة لمدة عشر سنين فأكثر، وأسانيد المشايخ سندان، أحدهما عن الحسن عن علي، وهما مسلسلان بالمجاهيل والضعفاء، وشيخنا يروي الحديث مسلسلا بالقراءة والسماع والإجازة، ويتكلمون عليه ويطعنون فيه حسدا وعدوانا وبغضا لأهل السنة، وعلى الرغم من ذلك كان شيخنا شديدا في إعطاء الإجازة قديمًا، فلم يُجز إلا من لازمه وقرأ عليه لسنوات، أو لازمه وقرأ عليه لكن اختبره وعَلِمَ منه حسن الطلب، ومع هذا كله ما كان الطلبة يهتمون بالحديث والسنن، بل يهتمون بالمنطق وعلم الكلام والأصول والنحو والصرف والبلاغة وغيرها، وكما قلتُ من قبل كان من يقرأ الحديث متّهمًا! ونهى عن قراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُّ علماء الضلال، والحجة في ذلك أنك إذا قرأت الحديث ستنحرف وتكون وهابيا سلفيا، بل اقرأ كتب المذهب، ولا تخطِّئ أحدًا من الفقهاء.

سمعت محسن عبدالحميد بأذني في مسجد حي الجامعة ببغداد في محاضرة له يقولك (لا تقرؤوا صحيح البخاري ولا صحيح مسلم، اقرؤوا الفقه وأصول الفقه، لا تخطّئوا الفقهاء، فكلهم على حق، وكلهم على صواب)! وهذا منهج دأب عليه العراقيون، ولذلك ضاعت أسانيد، وضعفت رواية الحديث، حتى سخّر الله لنا شيخنا صبحي السامرائي، فكان شوكة وقتادة في أعين المبتدعة، فلجلالته ولعلمه لا يعارضه أحد ولا يمنعه أحد، ولحكمته وحنكته لم يتعرض له البعث وأجهزة الأمن.

وقد حدثني أساذنا عبد الحميد نادر مؤسس جماعة الموحدين وأحد تلاميذ الصاعقة رحمه الله تعالى: أنه ومنذ تأسيسه للجماعة امتنع من إدخال شيخنا صبحي السامرائي بأي عمل صدامي أو سياسي حفاظًا عليه، لأنه كان يدرّس النخبة من الموحدين الأوائل، ولم يكن لهم أحد سواه يفتح المعضلات ويشرح الفوائد.

وحدثني أحد المشايخ السلفية الدعاة من طلاب كلية الامام الأعظم قال: كان المبتدعة يأتوننا بأحاديث لم نسمع بها، وما عندنا من علم، فنأتي شيخنا صبحي السامرائي فيبين أنها من الموضوعات أو من الأحاديث الضعيفة، فكنا نطير فرحا ونناقشهم فنهزمهم في الجولة الثانية بعد مراجعة شيخنا رحمه الله تعالى.

وكان يحذرنا من المدعو عذاب حمش النعيمي السوري الأصل، وهو زوج ابنة سعيد حوى، وهو شيعي جلد طعّان في الصحيح وفي أم المؤمنين وفي الصحابة، ويكثر الطعن في عقيدة أهل الحديث، وله استغاثات بغير الله تعالى (وهو الآن في الاردن ينشر سمومه)، وقد افتتن به جملة من الطلبة للأسف الشديد، ويدعي إظهار السنة لكنه يُسْقِط، وأذكر أنه في مناقشته من قبل د حارث الضاري كان شيخنا يقف في غرفة مجاورة، وحدثني من كان معه، قال: عجبت لشيخنا رحمه الله تعالى لم أره متوترا وقلقا هكذا من قبل، يذهب ويجيء، وينتظر رد الرسالة التي قدَّمها عذاب الحمش، وكلها طعون في البخاري (الوحدان في صحيح البخاري)، وحضر المناقشة عمائم سوداء من الروافض، وطالت المناقشة، وبعد ردِّها سجد شيخنا على الأرض شكرا لله تعالى، وفرح، ودعا للشيخ حارث وللشيخ هاشم جميل.

وبعد ذلك توسط عذاب الحمش عند صدام، فأعيدت رسالة أخرى عن الوحدان في الترمذي، وفيها طعون في البخاري أيضا، وكان عذاب الحمش كثير الشبهات في دروسه ويفتن الناس.

وكان يثني عليهما كثيرا [أي حارث الضاري وهاشم جميل] وكذلك رئيس المجمع العلمي العراقي الشيخ أحمد حسن الطه السامرائي، وكذلك الشيخ أحمد الجبوري، والشيخ حمد عبيد الكبيسي، ومحمد الكبيسي، ويحذرنا من أحمد الكبيسي لضلالاته.

• ومن سيرته وعادته ببغداد أنه في ذهابه إلى سوق الوراقين (شارع المتنبي ببغداد، وهو شارع المكتبات) ويجلس عند مكتبة المثنى -لصاحبها قاسم الرجب- الشهيرة وبعد وفاته يجلس في مجلس ابنه أنس، ويحضر المجلس كبار الأدباء، وبعد احتراق المكتبة كان يجلس في مكتبة الرباط، وأُرافقه في كل ذلك، وبعدها نذهب إلى صاحبه السيد خلف النعيمي رحمه الله تعالى صانع البشوت والعبي العربية، ويجلس عنده، وكان السيد خلف من خواص أصدقائه، وهو من قدماء الموحدين ببغداد رحمه الله تعالى، وفي كل رمضان يدعوه في داره على مأدبة إفطار، وكان شيخنا يدعوني معه، وإذا تأخر قليلا تبدأ أم عبد الرحمن بالهاتف ولا تتوقف حتى يصل البيت! وبعد ذهابنا صباحا لشارع المتنبي نصلي الظهر في أي مسجد حضرناه، وعند عودته بين أزقة بغداد القديمة نجلس في دكان الاستاذ عبد الحميد نادر حفظه الله تعالى لتصليح المذياع القديم (أبو اللمبة)، وكان أستاذنا الداعية عبد الحميد نادر يتخذ من الدكان منطلقا للدعوة الى التوحيد ونشر السنة في السبعينيات، وهو مؤسس جماعة الموحدين ببغداد، وأحد تلاميذ الصاعقة، وكان شيخنا يحبه أيضا، ونجلس في محلة الميدان في سوق هرج (وهي تسمية عثمانية لأن المكان وقت فيه معركة كبيرة)، وبعدها أرافق شيخنا إلى الأسواق، وكان يرافقني أيضا في كثير من الأوقات أخونا الشيخ السيد رعد السامرائي، ويركب شيخنا وسائط النقل العامة ويذهب إلى البيت، رافقته على ذلك لسنين، وأنتظره حتى يدخل بيته، فيطرق الباب، وأم عبد الرحمن تقول: (من)؟ فيجيب شيخنا بكلمة واحدة (صبحي)! وأنا أذكر حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما!

وشيخنا رحمه الله تعالى رحمة واسعة يلبس الجبة والعمامة العثمانية (ونسميها الفِيْنَة: وهي الطربوش الأحمر، وعليه لفة القماش الأبيض مثل عمائم علماء الأردن ولبنان وفلسطين)، وهو أصلع الرأس من أعلاه عند كبره، وشعره يكسوه البياض، وكان في شبابه أشقر اللون، وليس بكث اللحية، أبيض البشرة، مشربا حمرة في وجنته، عليه نضارة وهيبة وجمال رحمه الله تعالى، وأحيانا يلبس العمامة الحلبية ويرخي الذؤابة خلف ظهره، وأحيانا يلبس الكوفية (الغترة البيضاء أو الشماغ الأحمر)، والعباءة المذهبة في الصيف، والعباءة الوبر في الشتاء، وبعد الاحتلال كان يلبس العقال، لأن غالب العلماء السُّنَّة ببغداد تركوا لبس العمامة في الطرق لئلا يتعرضوا للأذى أو القتل!

وكان رحمه الله تعالى يقصر ثوبه (القميص) إلى الكعبين أو أقل، ويأمر الخياط بذلك، وينصحنا بأن لا نزيد التقصير؛ لأننا في زمن البعثيين متهمون ومحاربون، ومعروفون بقصر الثياب، وكانت وحدها تهمة توجب الاعتقال والأذى! وعلامة الوهابية في ذاك الزمان! وهذا (طول اللحى وقصر الثياب).

وكان رحمه الله تعالى يرتدي الخاتم الفضي، ونقشه صبحي البدري، وعليه تاريخ بالهجرية، فسألته عنه؟ فقال: هذه سنة وفاة شيخنا الصاعقة أو سنة إجازة الصاعقة له، لا أذكر أنا بالضبط. وله خاتم فصه عقيق وعليه ختم أيضا، وله أختام كثيرة، ومنها ختم وعليه: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، ومنها ختم وعليه: ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ [النساء: 81]، وكان يحتفظ بختم الشيخ الصاعقة رحمه الله تعالى، وقد أراني إياه، وهو قديم، وحدّثني أنه صنعه للصاعقة بنفسه.

أما توقيعه فلم أنتبه عليه أول مرة، وبعد ملاحظة أحد الإخوة قال لي: توقيع الشيخ هو صبحي لله ممزوجة متصلة، فظننت أنها من غير عمد، فسألت شيخنا عن ذلك، فاستحيا وقال: نعم شيء من هذا القبيل!

كان لا يأتي درسا إلا متطيبا بأطيب العطور، متزينا ببياض الثياب، يملأ عطره غرفة الدرس، وكان كثيرا ما يجلب معه دهن العود أو العطور التي يجلبها من حجه أو عمرته، ويقول لي: وزِّع على الطلبة. فأطيّبهم بالميل، وكنا كثر! وكانت عادته رحمه الله تعالى.

وكان محبا جدا لطلابه، يتعاهدهم، ويسأل عنهم، ويعود مريضهم، ويساعدهم، وفضائله على طلبته لا تحصى! تقبل الله منه صالح عمله.

ومرة كان أحد طلبته معه فقال له البائع: (هذا ابنك الله يسلمك حجّي؟) فقال له شيخنا: لا! هذا أعز من ابني! هذا تلميذي!

وكان يقول لي وقد استحييت أن أجلس بجنبه في سيارة ضيقة عند توصيله لبيته بعد درس: لا تستحِ يا ابني، ترى الطالب هو الولد القلبي. كان شيخنا الصاعقة يقول في إجازته ولدي القلبي.

وكان وبالرغم من كبر سنه ومرضه لا يمانع في أي درس في أي مكان وفي أي وقت، ويقول: اجلبوا لي السيارة وأنا حاضر.

وفي رمضان كان له جدول يمر على المساجد في أيام معدودات يعظ المصلين بعد التراويح، وغالبا ما كانت مساجد بعيدة، إذ كان الاستاذ عبد الحميد نادر أو السيد خلف النعيمي رحمه الله تعالى يوصلونه، وقد حضرت مجلسا رمضانيا في مسجد نجاة ناجي السويدي بكرخ بغداد، وغالبُ وعظه لعوام المسلمين -إن لم يكن كلّه- في الحث على الاتباع والتمسك بالسنّة، حتى رأيت تركيزا على هذا الأمر في موعظته، ويذكر الناس بجانب مهم، وهو نَقَلة السنّة الأول؛ الصحابة الكرام، وأذكر أني حفظت مقولة أبي زرعة الرازي فيمن يطعن بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فم شيخنا، وكان يرددها كثيرا.

وشيخنا رحمه الله تعالى يستفتيه الناس حتى في الطرقات فيقف ويجيب، وكان رحمه الله تعالى ممن يأخذ بفتوى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الطلاق الثلاث بخلاف علماء بغداد، فهم على المذهب يفتون، شافعية كانوا أو حنفية، فترى كثيرا من الأعراب والناس يقفون ببابه، ويحثُّهم شيخنا على العبادة قبل الفتوى، ويأمرهم بالتقوى.

وله سجل للتزويج الشرعي، إذ كان يقوم به متبرعا لتلاميذه ومحبيه ومعارفه.

وكان يحب الأطفال، ويلاعبهم، ويحضرون الدرس، ويعطيهم رحمه الله تعالى.

وكان يرقي بالرقية الشرعية حسبة بلا مقابل، بل أحيانا يعطي الفقير منهم، وكانوا يأتون إلى الدرس، فيقرأ الشيخ عليهم، ويقول شيخنا: الرقية تحتاج إلى تعلم ومعرفة، وتحتاج إلى قرب من الباري وتقوى، فأنا أحيانا أقرأ آية من كتاب الله تعالى ويبرأ المريض، واحيانا أداوم أياما حتى يبرأ! والله الشافي.

وكان يحب التلاوة البغدادية للقرآن الكريم على طريقة البغاددة، ويحب الحافظ خليل إسماعيل رحمه الله تعالى، ويستمع له، وله ختمة القرآن الكريم المرتلة لمحمد صديق المنشاوي يحبها أيضا، ويعرف أصول التجويد والأحكام لكنه لم يدرسها، ويعرف أصول النغم والقراءة العراقية أيضا، وصوته بالقرآن شجي جدا، ويقرأ على عادة علماء بغداد بالطريقة البغدادية.

وكان رحمه الله تعالى يأكل لقيمات ويذر الطعام متقللا، أما أكله في بيته فالخالة أم عبد الرحمن تصنع له طعاما صحيًّا، وقد مُنع من الأكلات الدسمة، ويحب العسل والثريد والتمر واللبن، وكان بيته رحمه الله تعالى واسعا في منطقة راقية بزيونة برصافة بغداد، وفيها نخلتان على رصيف البيت، وسياج الدار قصير، وحديقة في البيت، وباحة للسيارات، وباب البيت بعده مدخل، وأول ما تدخل تواجهك المكتبات، وفيها ألوان المصورات للمخطوطات، وبعده غرفة واسعة للمعيشة فيها أربع جدران، في كل جدار مكتبة تسد الحائط من أعلى للأسفل، ومن أقصاه لأقصاه! غالبها كتب حديث وتخريج ورجال، وبعدها ممر فيه ثلاثة جوانب فيها مكتبات غطت الحائط من أقصاه الى أقصاه، وغرفة أخرى وفيها حائطان فيها مكتبتان حملت كتبا، وغرفة نومه وفيها مكتبة صغيرة! وغرفة الضيوف وهي واسعة وفيها حائطان قد غيبا بالمكتبتين، والطابق الثاني ثلاث غرف وما فيها حائط إلا وغطي بالكتب!

وكان شيخنا رحمه الله تعالى يقصده الطلبة والباحثون ولا يعرفهم، فيأخذون كتبا للدراسة والبحث والدراسات العليا، وشيخنا يعرّفهم الكتاب الفلاني في المكان الفلاني، ومنهم من يرجع الكتاب ومنهم من لا يرجع الكتاب، ومنهم من يتلف الكتاب! وكان شيخنا رحمه الله تعالى يحزن كثيرا من إتلاف الكتاب أو إضاعته، لكنه ومع كثرة المضيعين لم يمتنع من عادته في إعارة نفائس الكتب والنوادر، ومنها من لا يوجد عند غيره رحمه الله تعالى، حتى كان يلاطف من يأخذ كتابا منه، ويقول له إذا لم يكن يعرفه: خذه (وهاي نومتك يا أمير المؤمنين) هاي نومتك أي سينام الكتاب عندك نومة طويلة ولن ترجعه! فمنهم من يتعهد، ومنهم من يخلف ولا يهتم، ومنهم من يظل الكتاب عنده لأشهر وسنين، وشيخنا يحفظ ذلك على الرغم من كثرتهم!

وكان رحمه الله تعالى يقول لمن جاء متأخرا عن الدرس (ها ترويحة عكيل) وهذا مثل بغدادي قديم يطلق لمن يتأخر، وكانت قبيلة العكيل تأتي لمجالس ومقاهي بغداد قديما بعد نصف الليل والناس نيام فضُرب بهم المثل.

وحدثني شيخنا عن الشيخ الصاعقة أنه كان شديدا جدا حتى في دروسه، وكان إذا رأى طالبا أو مستفتيا وأخطأ فيقول لشيخنا (سيد جيب الشيش) وهو حديدة كان يضرب بها!

وحدثني شيخنا أنه في يوم جاءه طلبة من مدينة رافضية وهي مدينة الصدر وهم من عشائر الجنوب، ولقد رأيت هذا الاخ وأدركته، فقالوا لشيخنا: يا شيخ سألنا من يدرس المذهب المالكي فقالوا لا أحد سوى الشيخ صبحي يدرّس موطأ الإمام مالك، فهل تقبلنا عندك؟ فاستغرب الشيخ من لهجتهم، وقال لهم: من أي المدن أنتم؟ فقالوا له. فتعجب أكثر وقال: متى صرتم من أهل السنة؟ قالوا: الحمد لله من فترة، وكنا نقرأ كتابا فجاءنا جد عجوز وقال: ما تقرؤون؟ فقلنا له: لا شيء! فقال: اقرأوا فقه (مالج) أي مالك ج تنطق كما ينطق حرف h بالانجليزية على لهجة الجنوب، فاستغربوا، وقالوا له: لماذا؟ قال: نحن كنا موالج أي مالكية! فسألوه: ولم بدّلتم؟ قال: بدّل الناس وصرنا مثلهم! فأقرأهم شيخنا أكثر الموطأ، ولا أدري هل اتموه أم لا؟ لأن ظروفهم كانت صعبة، وقد أتم الموطأ أخونا وأستاذنا الطبيب محمد حازم وسمعنا بقراءته والحمد لله رب العالمين.

وجاء إخوة من الجزائر، وهما عز الدين كشنيط وأخ آخر، وأقرأهم الشيخ مختصر خليل، وأجازهم، وكان الشيخ يحبهم ويودهم، وهما من طلبة الدراسات العليا.

• شيخنا من المشايخ القلائل الذين كانوا يحذّرون من الصفوية وعقائدهم وضلالاتهم، ويحفظ أقوالهم، ويحمل كتبهم من الستينات في القرن الماضي، وكان كلامه غريبا بين مشايخ السنّة، كان من أحباب شيخنا الشيخ إحسان إلهي ظهير، قال لي شيخنا: كان يبيت ببيتي عندما يحضر إلى بغداد.

وبعد الاحتلال كان شيخنا هو المستهدف في مسجده الذي يخطب فيه، وقد قتل الروافض إمام المسجد الثاني والحارس، وقيل إنهم أحرقوا الإمام بعد قتله، وأذكر أننا بعد نهاية درس يوم الجمعة وبعد الخطبة كنا نوصل الشيخ رحمه الله تعالى إلى البيت، وذات يوم وصلنا إلى الشارع العام، وكنا نحيط به، وإذا بهم يرمون شيخنا بقشور البطيخ من بعيد من قبل سيارة مسرعة، وجاءت بي إحدى الضربات؛ ولم تصب شيخنا، وكانوا يصرخون باستهزاء بزي علماء السنة، لقد كان شيخنا يدعوهم إلى التوحيد، وحتى عوامهم ومن يلاقيه منهم، ولكن: لقد أسمعت لو ناديت حيا!

حدثني شيخنا أنه بعد رجوعه من الحج مع أخينا طه الكركوكي شحن كتبا كثيرة، وجاء بحمّال يحملها، فصاح: (يا علي)! فقال شيخنا له: قل يا الله! فقال الحمال غاضبا: (لعد علي وين أخليه)؟ يعني إذن علي أين أضعه ألا أناديه؟ فقال له شيخنا: نادِ يا الله خالق علي، وعلي صالح وإمام. فسكت الحمال.

وكان شيخنا يمشي في الطرقات، ويركب وسائط النقل للدروس، إلا إذا كانت لأحد الطلبة سيارة يتبرع بنقل الشيخ رحمه الله تعالى، ومن مشيه بزي العلماء بشوارع بغداد سمع شيخنا سباب الروافض للصحابة وللنبي صلى الله عليه وسلم، فكاد أن يسقط، وأدركنا الشيخ، وبكى وتألم.

• شيخنا يحب فعل الخيرات لكل المسلمين، وكثيرا ما يأتي إليه المتشفعون فيشفع لهم ويسعى للخير، ومن ذلك بناء مسجد في منطقة الكرادة بالقرب من كنيسة للنصارى، فاعترضوا؛ فقبل البعثيون اعتراضهم، وكان المسجد يبنيه أحد طلاب الشيخ، فقال له الخبر، فسعى شيخنا بغيرة عجيبة، ورافقتُه إلى أحد العلماء، وطلب منه مفاتحة من بيده الأمر، والحمد لله بني المسجد، ولكنه اليوم أُخذ لديوان الوقف الشيعي!

وكان شيخنا كثيرا ما يحضر نزاعات ويسعى لحلها؛ لعشيرته ولغيرها، كما كان حريصا جدا على توزيع الأموال لطلبته، وخصوصا في زمن الحصار، وطلاب العلم يصعب عليهم حضور الدروس، ودفع أجور النقل، وما مر أسبوع أو أكثر بقليل أو حتى أقل إلا والطلبة قد ملئت جيوبهم بما قسم الله، وكان يقول لي (كوم -أي قم - محمد وزع هذي لكل الطلاب كذا، واعط فلانا وفلانا أكثر).

ومن كرمه أني كلما كنت في بيته ورتبت المكتبة أو بحثت له عن كتاب مرتفع إلا ويعطيني كتبا، بل كلما وجد كتاب عنده نسختين أعطى تلاميذه منه نسخة أخرى، وكان يدعو الطلبة المهاجرين من إندنوسيا وغيرها لبيته ويطعمهم، وكانت أم عبد الرحمن تبكي عليهم، وبعد الاحتلال كان شيخنا يضيف طلبة العلوم الشرعية من أهل الفلوجة ببيته أيام دراستهم، وأذكر أن يوم الخميس كان الإخوة من إندنوسيا في بيت شيخنا، وأم عبد الرحمن تبكي وتصنع لهم الطعام.

ومن الكتب التي ناولني الإفصاح لابن هبيرة الأول فقط، والأصول الثلاثة، وكشف الشبهات عدة نسخ، وإتحاف المهرة للبوصيري مجلدات منه مصورة، لأنه اشترى النسخة الأصلية، وكان يشترى الكتب ويقول: (وين العمر اللي نقرأ هاي كلها) لكني رأيت من تعليقاته على مجلدات كثيرة بخط يده تدل على حرصه وهمته في شبابه رحمه الله تعالى.

• لشيخنا حرصٌ شديد على اقتناء وتصوير المخطوطات، ولذلك سافر إلى كثير من الدول جمعًا لها، ومع هذا الحرص الشديد ما بخل شيخنا بورقة لأي أحد فيما أعلم، بل كان شديد الحرص على نشر السنة والعلم النافع.

• وأما في مجال الجمعيات والهيئات فلم يكن شيخنا متعصبا لأي جمعية دون أخرى، وكان يكره الأحزاب والتحزب، ويدعو للتعاون على البر والتقوى، فترأس شيخنا جمعية الآداب الإسلامية بعد شيخه ورفيقه كمال أفندي الطائي، وهي جمعية دعوية، وعليها أوقاف للمسلمين، وفيها ندوات، وضيقت الدولة عليها فأُهملت، وبعد الاحتلال تم تفعيل نشاط الجمعية الى دروس في الحديث والمصطلح، ووضعت دورات في باقي العلوم الشرعية، وأمر شيخنا صبحي رحمه الله تعالى بوضعنا على قائمة التدريس العبد الفقير، ود مثنى، ود منذر، وعبد الجبار، ولكن لم تتم الدروس لظروف قاهرة، والحمد لله رب العالمين، في جامع نائلة خاتون، وحضرت بعضا منها، وغالب أعضائها اليوم من جماعة الموحدين، وأظن أن الأستاذ عبد الحميد نادر عضو إن لم يكن رئيسا لها، وبعد الاحتلال دعي شيخنا لهيئة الإرشاد عندما تجمع السلفية في العراق ووحدوا خطابهم، وكان شيخنا رئيسا فخريا لها بالإجماع، ولم يكن مباشرا لعملهم، وكان يحثهم على الدورات العلمية، وكذلك هيئة الدعوة والفتوى، ولما دعي من قبل جماعة الإخوان المسلمين لتجمع يضم السنة كلهم؛ وتقدم شيخنا لإلقاء كلمة عن السلفية، تفاجأ الإخوان بقول شيخنا: (أنا حسنة من حسنات الإخوان)، وذكر أنهم في الستينات كانوا السد المنيع لما سخرهم الله تعالى ضد الشيوعيين والعلمانيين، وكلُّهم مَدَح الشيخ صبحي وأثنى عليه، وكان يتواصل مع هيئة علماء المسلمين أيضا، وما دعاه من أحد إلا وأجابه برحابة صدر، وكان مفتاحا للخير بطيب الكلام وحسن الأدب.

• أما أكثر طلابه ملازمة له: فكان شيخنا أبا أحمد جهاد حسن الداوودي، وهو مدير المدرسة الإداري، وطالب علم، طلب العلم على كبر سنه وعمره تجاوز الخمسين، توفي رحمه الله تعالى، وزار شيخُنا أهله، وعزّاهم، وكان يكرمه جدا.

وكان شيخنا يحب شيخنا وصاحبي منذر الأزجي كثيرا، وهو أكثر طالب قد لازم شيخنا، وكان معي في أول يوم التزمنا به عند الشيخ رحمه الله تعالى، ولكني هاجرت الى الشمال عامين، واعتقلت عامين، وهو كان ملازما، فأتم النسائي وابن ماجه وغيرهما كاملا، والحمد لله على كل حال، والحمد لله فقد كانت إجازتي من شيخنا سوية مع أخي الشيخ منذر، وكان شيخنا يحبني كثيرا، ويسأل عني، وأستغفر الله لتقصيري معه، لكن ظروفي غلبتني، والله المستعان، وكان شيخنا يخصني أنا ومنذر بأكثر الأعطيات دون بقية الطلبة، ويتعاهدني رحمه الله تعالى وغفر له، ووالله لهو أحبُّ إلي من والدي الذي ولدني! ولم أر حنوا مثل عطفه وحنانه على كل الطلبة، جزاه الله خيرا، وكنت التزمت عنده من 1417 / 1997، وحتى 2001، وثم من 2003 / وحتى 2004 تقريبا ليلا ونهارا كل يوم في أغلب الأحيان، وكنت أرافقه في ترحاله صباحا؛ حتى إذا مررت بسوق سألوني عنه، أو مر سألوه عني، والحمد لله، ورحم شيخنا رحمة واسعة، وغفر له، وأدخله فسيح جناته، وعفا عنه، وأكرمه، وألهم أهله الصبر والسلوان.

وكان أيضا ممن لازم شيخنا ملازمة طويلة لسنين شيخنا أخونا عبد الجبار القرعاوي، وهو مشارك معنا في الملتقى، والشيخ طه الكركوكي العبيدي، وممن يلازم درس الجمعة وأحيانا دروس البُنِّيَّة أبو أحمد صادق العجلي، وممن كان ملازما لدرس الجمعة شيخنا رياض العاني وهو مشارك في الملتقى، والطبيب محمد حازم، وسلمان الزبيدي، والمهندس نزار القالبجي، وهو جاره، وكان يوصله في درس الجمعة، وأحيانا الخميس، وغيرهم الكثير ممن لا يحصون.

وقد عاتبني الكثير من الإخوان في عدم ذكر اسمهم في ثبت تلاميذ شيخنا رحمه الله تعالى، وحُقّ لهم، ولكني لم أقصد الإحصاء لأنه صعب ويطول، والحمد لله رب العالمين.

أسأل الله تعالى أن يوفقكم، ويرحمكم، وينصركم، ويفتح عليكم، شيخنا الكريم، وإني أحبكم في الله واسأله تعالى أن يجمعنا في مستقر رحمته، والسلام عليكم.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/11659/...#ixzz2YmZMlXe4 (http://www.alukah.net/Culture/11659/57161/#ixzz2YmZMlXe4)