المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعريف بالملائكة المُسيّرة وإبليس وإرادته الحُرة



أهــل الحـديث
10-07-2013, 04:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



لقد أخبر الله تعالى الملأ الأعلى بعزمه على خلق بشراً وعن جعلِه خليفة في الأرض، وحين وقع فعل الخلق أعلن الله وأذاع خبر قدومه عليهم، فبعد ما أن إنتهى الله تعالى من تسويتة والنفخ فيه حتى أمر الملائكة بالسجود له، وهنا تباين موقف كل من الملائكة المُسيرين وإبليس بالنسبة لهذا المخلوق الجديد، فالملائكة المُسيرين لم يكن عندهم إعتراض على السجود له ولكن إعترضوا على تنصيبه خليفة في الأرض، ولكن موقف إبليس كان على غير من ذلك فهو رفض السجود له بتاتاً وخرج بذلك عن أمر الله وطاعته.
لقد كان أمر السجود لهذا المخلوق الجديد هو إمتحان لأهل السماء وذلك حتى تتجلي حقيقة خضوعهم وطاعتهم لأمر الله وبذلك يتم التعرف من خلاله فيما إذا كانوا سيُودعون انفسهم ويأتمنوها عند خالقها ليُسيرها ويدبر أمرها أم كانوا سيبقوا عليها ويكونوا بذلك مسؤولين عن ذاتهم الخلقية بأنفسهم وبذلك يوقعوا أنفسهم تحت عبء حمل الأمانة وثقلها.


فقال تعالى "إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74)" سورة ص.


وقال تعالى "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)" سورة الحجر.


ففي هذه الآيات الكريمة من سورتي ص والحجر نرى بكل وضوح بأن أمر الله للملائكة بالسجود لآدم شمل على إبليس، إذن ومن خلال هذه النصوص الصريحة لا يسعنا سوى لأن نستنتج على أن إبليس كان أحد الملائكة ولا يمكننا لأن ننفي ما أكد عليه الخالق بنفسه.


ولكن في الآية الـ 50 من سورة الكهف أضاف الله لنا معلومة جديدة وهي بأن إبليس هو من الجن،

فقال تعالى "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" سورة الكهف 50 .


وهنا إحتار العلماء والمفسرون أمثال الطبري والقرطبي والبغوي وابن كثير وغيرهم من الكثيرين من المفسرين فيما إذا كان إبليس هو أحد الملائكة أم لا وما هي حقيقة نسبه للملائكة خاصة وأنه من الجن... فنقلوا لنا في تفاسيرهم النفيسة والقيّمة والثمينة والتي طالما إتخذناها مرجعية أساسية لنا أقوال كل من ابن عباس والحسن البصري والضحاك وسعيد بن المسيب وبن جبير وغيرهم، ...
فقال ابن عباس:كان من حي من الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم. وقال الحسن البصري : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط، وإنه لأصل الجن، كما أن آدم، عليه السلام، أصل البشر . رواه ابن جرير بإسناد صحيح [ عنه . [وقال الحسن : كان من الجن ولم يكن من الملائكة فهو أصل الجن كما أن آدم أصل الإنس. وقال الضحاك، عن ابن عباس : كان إبليس من حي من أحياء الملائكة ، يقال لهم : الجن ، خلقوا من نار السموم من بين الملائكة - قال : وكان اسمه الحارث ، وكان خازنا من خزان الجنة، وخلقت الملائكة من نور غير هذا الحي - قال : وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار. وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت. وقال الضحاك أيضا، عن ابن عباس : كان إبليس من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة ، وكان خازنا على الجنان، وكان له سلطان [ السماء ] الدنيا وسلطان الأرض، وكان مما سولت له نفسه، من قضاء الله أنه رأى أن له بذلك شرفا على أهل السماء، فوقع من ذلك في قلبه كبر لا يعلمه إلا الله. فاستخرج الله ذلك الكبر منه حين أمره بالسجود لآدم " فاستكبر، وكان من الكافرين. قال ابن عباس : وقوله : ( كان من الجن ) أي : من خزان [ الجنان ، كما يقال للرجل : مكي ، ومدني ، وبصري، وكوفي. وقال ابن جريج، عن ابن عباس ، نحو ذلك. وقال سعيد بن المسيب : كان رئيس ملائكة سماء الدنيا . وقال ابن إسحاق، عن خلاد بن عطاء، عن طاوس، عن ابن عباس قال : كان إبليس - قبل أن يركب المعصية - من الملائكة ، اسمه عزازيل ، وكان من سكان الأرض. وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما . فذلك دعاه إلى الكبر، وكان من حي يسمون جنا . وقال ابن جريج، عن صالح مولى التوأمة وشريك بن أبي نمر؛ أحدهما أو كلاهما عن ابن عباس قال : إن من الملائكة قبيلة من الجن، وكان إبليس منها، وكان يسوس ما بين السماء والأرض . فعصى ، فسخط الله عليه، فمسخه شيطانا رجيما - لعنه الله - ممسوخا، قال : وإذا كانت خطيئة الرجل في كبر فلا ترجه، وإذا كانت في معصية فارجه. وعن سعيد بن جبير أنه قال : كان من الجنانين، الذين يعملون في الجنة.


ولكن ومع كل هذا الطيف المتنوع من المعلومات الا أننا لم نخرج بشيء مقنع أو صريح يحدد لنا ما اختلط عليهم ونقلوه لنا، ولا أرى إجماع هنا منهم على شيء واحد كانوا قد إتفقوا عليه بل الكثير من التخبُط والحيرة .... وهذا كله حملنا على الإجتهاد من أجل إخراج المعنى الحقيقي للتسمية ... ولذلك فإن أول ما سنبدأ بالإجتهاد به وهو بالتعريف بمعنى الملائكة وعلى ماذا تشير.


إن مصطلح الملائكه هو في الحقيقة مستمد من الـ "ملائك - كه"، أي "ملائك" مُضاف لها " كه" وبالتعريف بمصطلح الملائك نرى بأنه يشمل ويُشير على كل من هو مملوك، أما فالــ كه فنستخلصها من لسان العرب وقول: كَهَّ الرجلُ: أي اسْتُنْكِهَ؛ وكما هو منقول عن اللحياني وأَبو عمرو: يقال كَهَّ في وجْهِي أَي تنفَّسَ، والأَمْرُ منه كَهَّ وكِهَّ، وقد كَهِهْتُ أَكَهُّ وكَهَهْتُ أكِهُّ. وفي الحديث: أَن ملَكَ الموتِ قال لموسى، عليهما السلام، وهو يريدُ قبْضَ رُوحِه: كُهَّ في وجهي، ففَعل، فقبَضَ رُوحَه، أَي افْتَحْ فاكَ وتنفَّسْ. يقال: كَهَّ يَكُهُّ وكُهَّ يا فلان أَي أَخْرِجْ نفَسَك، ويروى كَهْ، بهاء واحدة مُسكَّنة بوزن خَفْ، وهو من كاهَ يَكاهُ بهذا المعنى وبالتالي فإن الملائكة تُشير على الأنفس المملوكة فإن كانت تُشير على الجنس فهي الأنفس المملوكة المُسيرة والتي خُلقت على هذا النحو، وإن أتت لتٌشير على عباد الله من سكان ملكوت السماوات دون تحديد الجنس فهي تُشير على كل من المسير والمُخير منهم.


فمن خلال التمعن في الآيات الكريمة جميعها التي ذكرناها سابقاً أصبح من الواضح بأن إبليس هو أحد الملائكة ألا أنه كان من الجن وذلك بالإشارة على جنسه وبما أنه من أصل الجن وليس من جنس الملائكة أصبح يمكننا لأن نستخلص بأن الملائكة تُشير على تعدد وشمولية صنف الأنفس المملوكة أي الأنفس العابدة والتي سكنت في ملكوت سماوات الله العليا وفي جنته ولا يقتصر الوصف أو يكون حصراً على الجنس المُسير والمخلوق من النور وحده، وبالتالي اصبح من الممكن الإشارة على الملائكة على أنها الأنفس المملوكه والتي كان إبليس واحد منها، فكل من سكن ملكوت الله تكفل الله به وأخضعه لأمره وسَيَّره وعَبَّده وملكه.
إذن فإن أنواع الملائكة لم تقتصر على جنس واحد من الملأ الأعلى بل كانت قد شملت على نوعين على الاقل وكان أولها: وهي الأنفس المملوكة والمخلوقة دون إرادة إختيارية أو إرادة حرة أي المُسيرة وهي بالتحديد المخلوقان النورية والتي خلقها الله حصرياً للإستجابة لأمره،


قال تعالى "يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" سورة النحل 50 .


وكان المثال على ذلك وهو حين أمرهم الله بالسجود استجابوا له وأسلموا أنفسهم الحية لأمره فخضعوا وأطاعوا،


فقال تعالى "فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ" 30 سورة الحج.


ومن لسان العرب وبالتعريف بكُلهم، قال أَبو بكر بن السيرافي: إِنما الكلُّ عبارة عن أَجزاء الشيء، فكما جاز أَن يضاف الجزء إِلى الجملة جاز أَن تضاف الأَجزاء كلها إِليها،الجوهري: كُلٌّ لفظه واحد ومعناه جمع،ولما قال سبحانه: وكُلُّهم آتيه يوم القيامة فَرْداً، فجاء بلفظ الجماعة مضافاً إِليها، استغنى عن ذكر الجماعة في الخبر؟ الجوهري: كُلٌّ لفظه واحد ومعناه جمع، قال: فعلى هذا تقول كُلٌّ حضَر وكلٌّ حضروا، وسئل أَحمد بن يحيى عن قوله عز وجل: فسجد الملائكة كُلُّهم أَجمعون، وعن توكيده بكلهم ثم بأَجمعون فقال: لما كانت كلهم تحتمل شيئين تكون مرة اسماً ومرة توكيداً جاء بالتوكيد الذي لا يكون إِلا توكيداً حَسْب؛ وسئل المبرد عنها فقال: لو جاءت فسجد الملائكة احتمل أَن يكون سجد بعضهم، فجاء بقوله كلهم لإِحاطة الأَجزاء.
فقيل له: فأَجمعون؟ فقال: لو جاءت كلهم لاحتمل أَن يكون سجدوا كلهم في أَوقات مختلفات، فجاءت أَجمعون لتدل أَن السجود كان منهم كلِّهم في وقت واحد، فدخلت كلهم للإِحاطة ودخلت أَجمعون لسرعة الطاعة.


أي إستجاب وسجد جميعهم وفي آن واحد رغم إختلاف مراتبهم، ووظائفهم، وأصنافهم وعددهم أو مكان تواجدهم، أي إبتداء من جبريل عليه السلام وحتى أصغر وأقل واحد منهم شأناً.
وثانيها: وهي الأنفس المملوكة ولكن المخلوقة بإرادة حُرة والذين كانوا قد أطاعوا الله بخيارهم وعن رضاهم وكانوا قد أسكنهم الله في عباده وملكوته الأعلى، فمن أطاع الله من غير الملائكة المُسيرين وأختار لأن يُسلم نفسه ويستودعها عند الله ويأتمن عليها عنده بمحض إختياره ورضاه، رضى الله عنه وأدخله أو أبقاه في عباده وجنته ومن فسق وخرج عن أمر الله كما فعل إبليس اللعين طرده الله من رحمته ومن عباده وجنته ........


قال تعالى "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" سورة الكهف 50 .


لقد امتحن الله أهل السماء عن طريق أمرهم بالسجود لآدم وهو يعلم مُسبقاً إستجابة الملائكة المُسيرين لأمره فأشار لنا على سجودهم بالقول "فسجدوا" ولكن اراد الله لأن يمتحن إيمان إبليس بالتحديد فكان امتحان الله للملائكة قد شمل عليه، وفي لسان العرب نرى بأن الفِسق عُرِّف على أنه العصيان والترك لأَمر الله عز وجل والخروج عن طريق الحق وبالتالي إذن فإن إبليس خرج عن طاعة ربه، ومن تصرفه الرافض لأمر ربه إستيقنا بأنه يختلف عن الملائكة "الذين يفعلون ما يؤمرون". فكان الإمتحان يمهد لعرض الأمانة عليهم أي تبيانها لهم وذلك حتى يفصل إبليس عن باقي الملائك المُسيرة والمخلوقة على هذا الحال ولأن يمتحن حقيقة إيمانه وتسليمه ويُبين طبيعتة الغريزية الإختيارية والأمارة بالسوء والذي هو حر التصرف إذا شاء لأن لا يكون طائعاً لخالقه أي فهو مُخير وليس بمُسير وكان وجوده من ضمن عباد الله من ملأه الأعلى وفي جنته بطوعه وذاته الإختيارية فاسلمها لخالقها فأصبحت ذاته مُلك خالقها يُديرها ويُدبر أمرها ويُشرف عليها، ولكن فلقد كان الإستكبار سبباً في فسوقها وخروجها من طاعة الله، وبالتالي قادنا رفضه للسجود لأن نتعرف على هذا النوع الثاني من الملائكة أو الأنفس المملوكة والمتمثلة حصرياً هنا بشخص إبليس والذي كان على الرغم من أنه من جنس الجن ألا أنه كان يُعد من عباد الله وسكّان ملكوته الأعلى، فأراد الله لأن يكشف حقيقته الخفية وبأن إبليس لم يكن مُخلصاً في تسليم ذاته لخالقها ولم يكن قد إتمن على نفسه وتركها بعهدة الله ليدخلها أو يُبقيها في عباده، فكانت النتيجة بأن حمل إبليس الأمانة عن نفسه وكانت سبباً في هلاكه وطرده من ملكوت السماوات ومن عباد الله ومن جنته، وكان في فسوق إبليس إشارة على سقوطه وتهالكه أمام ثقل حمل الأمانة وعدم قدرته لأن يصونها قال تعالى "ففسق عن أمر ربه" فهو لم يُسَلِّم أمره لله ولم يستسلم لمشيئته بل آثر لأن يكون هو المسؤول عن ذاته ويتدبر أمر حاله وهو غير قادر على ذلك.


*****


لقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى على غرضه من خلق الجن والإنس ألا وهو العبادة، وأوضح لنا مفهوم العبادة وهو أن تتخذ الله إلهاً تعبده وتكون مع ومن عباده وتُطيع كل أمره وتسير على صراطه المستقيم،


وقال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" سورة الذاريات 56 .


وقال تعالى " وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ...." سورة الإسراء 23 .


وقال تعالى " وَأَنِ اعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ " سورة يس 61 .


وبعد أن تعرفنا على أن الجن والذين خُلقوا لغرض العبادة على أنهم من الكائنات المُخيرة فما هو حال الإنس والذين كانوا قد خُلقوا لنفس الغرض وهل كانوا قد خُلقوا مُسيرين ومأمورين أم كانوا قد خُلقوا مُخيرين، ولكن فلو كانوا مُسيرين لما كان آدم قد عصى ربه،


قال تعالى "فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ" سورة طه 121 .


لقد أخرج الله إبليس من عباده نتيجة فسوقه أما آدم عليه السلام وزوجه فكان بأن أخرجهم الله من الجنة لإرتكابهم المعصية وليس الفسق فهم لم يخرجوا على أمر الله ولكنهم لم يسمعوا لنداء التحذير والنصح فكانت معصية، والعِصيانُ: خِلافُ الطَّاعَة. عَصى العبدُ ربه إِذا خالَف أَمْرَه، فأخبرنا الله بان معصية آدم كانت قد تسببت له لأن يضل ويميل عن نصح الله وتوجيهه وتحذيره له فغوى.


وكانوا قد أُخرجوا من الجنة وملكوت الله العليا،
قال تعالى "قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" سورة البقرة 38 .


فمن قوله تعالى "فمن تبع هُداي" فهي تُشير على الإرادة الإختيارة الحُرة للإنسان الآدمي وبالتالي فكل من الجن والإنس هي مخلوقات مُخيرة وهي صاحبة القرار لأن تاتي ربها وترجع إليه بمحض إختيارها أم لا تأتي فإن فعلت فهي بذلك تضع ذاتها الخلقية بيد الله ليُدبر أمرها ويُسيرها، ولكن فإن اختارت على أن تُبقي على ذاتها الخلقية بيدها فهي بذلك تتحمل ثقلها وهذا ما أختاره الجن والإنس لذاتهم فحملوا الأمانة وكَلَفوا أنفسهم برعاية أنفسهم وذاتهم وبذلك أصبح عليهم تقع مسؤولية قيادتها والحفاظ عليها وإبقاءها على طريق الله المستقيم وصيانتها، والعمل على الرجوع بها خاضعة ومستسلمة لله خالقها فيتقبلها لتسكن في ملكوته ويدخلها في عباده، وهذا هو مشروع النجاح الذي إرتضاه الله لنا ورضي عنه،


فقال تعالى " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)" سورة الفجر.


أما موضوع الإنسان وحمله للأمانة فسنأتي عليه بالتفصيل في الحديث عن الأمانة فيما بعد.


صفخات من رسالة الله - عبدالله أحمد خليل