المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفريغ شرح كتاب الصيام من نظم ابن عاشر لفضيلة الشيخ عبد الرحمن كوني 1



أهــل الحـديث
03-07-2013, 11:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


شرح كتاب الصيام
من نظم ابن عاشر في الفقه المالكي


لفضيلة الشيخ
عبد الرحمن بن عوف كوني
حفظه الله ورعاه


فرغه ونسقه:
أبو عبد الأعلى حاتم بن محمد
عفى الله عنه بمنه وفضله وإحسانه

الأبيات المشروحة:

كتاب الصيام
صيام شهر رمضان وجبا في رجب شعبان صوم ندبا
كتسع حجة وأحرى الآخر كذا المحرم وأحرى العاشر
ويثبت الشهر برؤية الهلال أو بثلاثين قبيلا في كمال



الشـــرح:

بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (كتاب الصيام) شرع ابن عاشر رحمه الله في بيان القاعدة الرابعة من قواعد الإسلام وهي الصيام.
[تعريف الصيام لغة]:
والصيام في لغة العرب معناه: الإمساك والسكون عن فعل ما، ومنه قول النابغة الذبياني من شعراء الجاهلية الجهلاء في وصف خيل:

خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك اللُّجُما


فالشاهد قوله: خيل صيام أي ممسكة عن الحركة، وخيل غير صائمة. وقوله: تحت العجاج أي تحت الغبار. وأخرى تعلك اللجما أي: وخيل أخرى تمضغ اللجما وهو جمع لجام، واللجام ما يوضع في فم الفرس مما يتحكم به في سير الفرس.

[تعريف الصيام شرعا]:
والصيام في الشرع: إمساك مخصوص من شخص مخصوص عن شيء مخصوص في زمن مخصوص.
1- فالإمساك المخصوص هو: الإمساك عن شهوتي البطن والفرج.
2- والشخص المخصوص: هو المكلف البالغ من الرجال والنساء الأحرار والعبيد من المسلمين.
3- والشيء الذي يجب الإمساك عنه بخصوصه شيئان هما:
شهوتا البطن والفرج كما تقدمت الإشارة إليه، وهذا الإمساك عنهما هو ألا يصل شيء إلى داخل البدن أو يخرج شيء من داخل البدن. فأما إيصال الشيء إلى داخل البدن مما يجعل الإمساك غير صحيح إيصال الشيء إلى داخل البدن بطريقتين:
الأولى: إيصال مطعوم أو مشروب يتغدى بهما بطريق الحلق، سواء كان مائعا أو جامدا، وسواء كانا مما لا يتغدى به كالدراهم والحصى وسائر الجامدات كالكحل والدهن والشموم وغير ذلك مما يصل إلى حلق الصائم، أو وصلت عن طريق العين والأنف والأذن.
والطريقة الثانية من الإيصال للشيء إلى داخل البدن مما يفسده ولا يكون إمساكا، ولا يحصل بذلك الإيصال إمساك، فهذه الطريقة الثانية تحصل فيه الشهوة أيضا، هذه الطريقة الثانية هي إيلاج الذكر في قبل أو دبر قارنه إنزال للمني أو لم يقارنه.
وأما السبب الثاني وهو الإخراج ذلك الإخراج لشيء من البدن وبه لا يحصل الإمساك فذلك الإخراج شيئان أيضا:
- الأول: إنزال الماء الدافق عن لذة شهوة.
- والثاني: إخراج هذا الماء الدافق بإجهاد نفس بنحو استمناء أو غيره.

4- الزمن المخصوص الذي يقع فيه هذا الإمساك هو النهار من بدايته قبل الفجر إلى نهايته عند الغروب.

[من حكم الصيام]:
ومن حكم مشروعية الصيام مخالفة الهوى، وكسر النفس، وتصفية العقل والفكر، وتنبيه العبد المسلم على مواساة أخيه الفقير الجائع.

[أنواع الصيام]:
والصيام في الشرع إما واجب وإما مندوب، والصيام الواجب هو صوم شهر رمضان الذي أشار إليه ابن عاشر بقوله في صدر هذا البيت:

صيام شهر رمضان وجبا .......................



[حكم صيام رمضان]:
ولا خلاف في وجوب صوم رمضان، ومثل هذا المجمع عليه يكفر جاحده إن كان مسلما جحده، لأن وجوبه معلوم من الدين بالضرورة، وما كان كذلك فمنكره يكفر عند العلماء.

[أدلة وجوب صوم رمضام]:
ومن أدلة وجوب صوم شهر رمضان من الكتاب قوله تعالى: -(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)- [البقرة/185].
ومن السنة حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {بُني الإسلام على خمس} فعدها ومنها صوم رمضان، والحديث متفق عليه.

[الصيام المستحب]:
وقول ابن عاشر:

...................... في رجب شعبان صوم ندبا


أي: ندب صوم في رجب وشعبان.
وقوله (في رجب شعبان): شعبانَ هذا معطوف على رجب ورجب منصرف، فعطف شعبان على رجب المجرور المنصرف، حذف الحرف العاطف وهو الوار.
يريد ابن عاشر بهذا الجزء من البيت أن الصيام في رجب وفي شعبان مندوب إليه غير واجب، وهو ما أشار إليه العلامة خليل بن إسحاق المالكي في مختصره بقوله عاطفا على ما يندب صومه: "ورجب وشعبان" أي وصوم رجب وشعبان.
إلا أن المحقيقين من المحدثين والفقهاء قالوا: لم يرد في فضل رجب ولا في صيام شيء منه معين حديث يصلح للحجة، ذكر هذا كل من الحافظ ابن حجر في الفتح والشوكاني في السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار.
وقال الشوكاني: "وغاية ما يصلح للتمسك به في استحباب صومه -أي في استحباب صوم رجب- ما ورد في حديث الرجل الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: {صم أشهر الحرم} ورجب من أشهر الحرم بلا خلاف، وهذا الحديث أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه ولكنه لا يدل على شهر رجب بخصوصه". هذا كلام الشوكاني رحمه الله.
ولذا قال العلامة أبو عبد الله الموَّاق المالكي في التاج والإكليل شرح مختصر خليل قال: "ولو قال المصنف -يعني خليلا- والمحرم وشعبان -أي وندب صوم المحرم وشعبان- لوافق الموصوف". وهذا كلام صحيح من المواق رحمهم الله جميعا.

أما شعبان فقد ورد في استحباب الصيام فيه بخصوصه أحاديث صحيحة، قالت عائشة رضي الله عنها: {لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان يصومه كله. هكذا في الصحيحين وغيرهما}.
وفي لفظ فيهما من حديثها: {ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان، كان يصومه إلا قليلا بل كان يصومه كله}.
وفي لفظ من حديثها أيضا: {ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان} انتهى الحديث.
وروى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وأهل السنن حديث أم سلمة {أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما إلا شعبان يصل به رمضان} انتهى.
ولفظ ابن ماجه عن أبي سلمة قال: {سألت عائشة عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد أفطر، ولم أره صام من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا}. انتهى الحديث من صحيح سنن ابن ماجه للمحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى.

وقول ابن عاشر بعد ذلك:

كتسع حجة وأحرى الآخر كذا المحرم وأحرى العاشر


قوله: (كتسع حجة) الكاف لتشبيه التسع الأول من ذي الحجة في استحباب صيامها كاستحباب صيام شعبان ورجب عند ابن عاشر وقد تقدم ما في رجب.

وقول ابن عاشر: (وأحرى الآخر) يريد أن استحباب صيام آخر هذه التسع وهو يوم عرفة أحرى وأجدر بالاستحباب.

وقوله: (كذا المحرم وأحرى العاشر) يريد أنه يستحب الأيام السبعة الأُوَل أو يستحب صوم الأيام التسعة الأول من المحرم وأن صيام عاشر المحرم أحرى، فيكون صيامه سنة كما أشار إلى ذلك ابن جزي في القوانين وغيره، ذلك العاشر المسمى بعاشوراء على أن عاشوراء صفة ليوم مع أن وزنه فاعولاء صفة لمؤنث وهي ليلة، وهذا هو الأبلغ في العربية فيكون صفة لليلة فيقال: ليلة عاشوراء، توصف الليلة بعاشوراء.

وقد وردت الأحاديث الصحاح أو وردت أحاديث صحاح في صيام هذه الأيام التي ذكرها ابن عاشر ودلت هذه الأحاديث على أن حكم صومها الاستحباب أو السنية.

[ما يثبت به دخول شهر رمضان]
ثم قال ابن عاشر رحمه الله:

ويثبت الشهر برؤية الهلال أو بثلاثين قبيلا في كمال


قوله: (ويثبت الشهر برؤية الهلال): يريد في هذا البيت أن شهر رمضان يثبت دخوله فيجب الصوم بأحد أمرين شرعا:
إما برؤية الهلال.
وإما بكمال ثلاثين يوما قبيل رمضان يعني في شعبان.

وأما الرؤية فيثبت بها لمن رآه، وأما غير الرائي في نفسه فيحصل له ذلك:
إما بالخبر المنتشر المستفيض المحصل للعلم.
وإما بشهادة عدلين حرين ذكرين على المشهور في المذهب.

والدليل على أن دخول رمضان بـ[هذا] الأمر وهي الرؤية أحاديث منها: حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له} متفق عليه.
والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: {إذا رأيتموه فصوموا} يفيد أن الصوم المأمور به - والأمر للوجوب في فن الأصول - مشروط برؤية الهلال.
والضمير الهاء في قوله صلى الله عليه وسلم: {إذا رأيتموه} الضمير هذا يعود إلى الهلال لدلالة المقام على ذلك المرجع وإن لم يتقدم له لفظ الهلال كما هو مقرر في فن النحو.
ودل هذا الجزء من الحديث على وجوب صوم رمضان لرؤية هلاله، والمراد بالرؤية هنا مطلق الرؤية التي يكفي فيها رؤية عدل لجميع الناس عند الشافعي، وفي أصح الروايتين عند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. وقد تقدم عن مالك أنه لابد من عدلين وذلك إن كان ثَمَّ معنيون بالشريعة وإلا كفى مطلق الخبر عنده. وذهب الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله إلى أنه إن كانت السماء مغيمة ثبت دخول رمضان بعدل إذا شهد ولو عبدا أو امرأة، وإن كانت صاحية فلابد من عدد الاستفاضة عنده.
والدليل على أن دخول رمضان قد يثبت بأمر آخر وهو إكمال ثلاثين يوما من شعبان قبل رمضان، الدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة الصحيح: {فأكملوا عدة شعبان ثلاثين} وذلك لأنه ورد في رواية بالأمر بصوم رمضان بالرؤية، وهذا الحديث: {فأكملوا عدة شعبان ثلاثين}...، جاء في حديث آخر: {فإن غم عليكم فأكملوا العدة} وهذا الحديث أيضا جزء من حديث يوافق هذا الجزء الذي تقدم وهو {فأكملوا عدة شعبان ثلاثين} هذا الجزء الأخير يوافق ذلك الجزء الأول، ومعنى {فإن غم عليكم فأكملوا العدة} من هذا الجزء الأخير أي أكملوا عدة شعبان.
والله أعلم وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه، نكتفي بهذا.



ولتحميل التفريغ:
- word.
(http://ar.salafishare.com/k26)- pdf
(http://ar.salafishare.com/5Dn)
ولتحميل الدرس صوتيا:
(http://www.albaidha.net/vb/attachment.php?attachmentid=3676&d=1369503179)