تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نسختنا وهي الوحيدة في العالم (زاد المسير بعد اغتناء الفقير)



أهــل الحـديث
03-07-2013, 06:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أرجو أن لا يكون في ذلك تدليسا....لكن لعله من باب التشويق.

طلب مني أحد الأفاضل ممن لم أستطع ثنيه عن طلبه؛ أن أكتب له رسالة في تحول المرء مفاجأة من حال الفقر إلى حال الغنى.
ومما قال: إن الإنسان ليكدح وربما يغتني فإن اغتنى ففي أي لحظة ربما يفتقر وهذه حال الناس مع الدنيا، وقد يحصل للمرء أن يكون فقيرا معدما ثم من غير مقدمات يكون بين يديه كنز من الذهب والفضة مما أحل الله له، فلا يُحسن التصرف به فما التوجيه المناسب الذي ترونه؟.
قلت:
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الغني الذي لا يفتقر، والصلاة والسلام على خير البشر، وعلى آله وصحبه والتابعين له ممن قضى نحبه وممن ينتظر.
أما بعد فيقول الفقير إلى الله تعالى الغني به إبراهيم بن عبد العزيز اليحيى عفى الله عنه، لعلي أسمي هذه الرسالة (زاد المسير بعد اغتناء الفقير)، وكما ذكرتم بارك الله فيكم أن الكثرة الكاثرة أن يتحول المرء من الغنى للفقر ولذا اشتهر على الألسن من الحكم: ارحموا عزيز قوم ذل، وكنت كتبت رسالة بعنوان (تغير الحال من العزلة إلى الذلة) إبان ما يسمى بالربيع العربي حيث تساقطت عروش، ولعل صاحبنا بعد أن قرأ الرسالة طلب مني أن أكتب له ما يقابلها محسنا الظن بي عفى الله عن الجميع،وما ذلك إلا أنه ورث عن والده خيرا كثيرا وهو ممن كان يعيش على مرتبه الشهري كفافا لا له ولا عليه كما أخبرني بذلك.
اعلم يا أخي وفقك الله وسددك أن الدين النصيحة وأن نصحك واجب علي، وإن كان في بلدك من هو خير وأرشد، إلا أن إلحاحك المتكرر جعلني أعقد العزم وعلى الله أتوكل.
وقبل الشروع في مقصد الرسالة أسأل الله أن يبارك لكل من أعطاه الله خيرا من إخواننا المسلمين، لينفق ماله في الخير ويبذله في ما ينفع ويفيد، اللهم أعط منفقا خلفا.
معلوم أن الدين جاء بحفظ الضرورات الخمس (الدين، النفس، العقل، العرض، المال) فإن كان المال مسخرا لحفظ الجميع فأنعم به وأكرم، ومعلوم أن نعم الله لا تعد ولا تحصى ظاهرة وباطنة، وليست محصورة في المال، ولكن المسئول عنه هنا هو نعمة المال، لذا فإنني رغم قلة البضاعة أحاول بيان ما يحضرني بأوجز عبارة والله المستعان والموفق و المسدد وعليه التكلان.
أخي الكريم:
أولا: احمد الله على ما أنعم الله به عليك من النعم الكثيرة، واشكره قولا وعملا، واعلم أن الله يبتلي عباده ويمتحنهم بالسراء والضراء، واستحضر قول نبي الله سليمان (هذا من فضل ربي ليبتليني ءأشكر أم أكفر)، وقصة قارون وما فيها من عبر كثيرة، وتذكر حديث (ذهب أهل الدثور بالأجور...الخ) وما فيه من فوائد، واعلم أن الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر.
ثانيا: تذكر إخوانك ممن حالهم كان مثل حالك أيام فقرك، من الأقارب والجيران وغيرهم، فلا تكسر قلوبهم وتفطن لمشاعرهم، وقد يعلمون أنك اغتنيت بعد فقر. فانتبه لذلك، واعلم أن العين حق فلا تفتن قلوبهم بملبس أو مأكل أو مركب أو حديث عما عندك، وتحصن بالأوراد وعسى أن يلطف الله بك.
فالتعامل مع الفقراء ومراعاة مشاعرهم سهل عليك لأنك حديث عهد بحالهم، فاستعن بالله على سبر ما يناسبهم من الأقوال والأعمال.
ثالثا: أيام فقرك لا يجب عليك أن تتعلم الزكاة، ولكن بعد أن أغناك الله يجب عليك أن تتعلم أمور الزكاة لأن الله فرض على الأغنياء صدقة تؤخذ منهم فترد على الفقراء.
رابعا: ابدأ بسداد ديونك إن كان عليك دين لفرد من الأفراد أو شركة من الشركات أو جهة حكومية من الجهات، ولا تنس إن كان عليك ديون لله تعالى من كفارة أو نذر أو غير ذلك مما كنت لا تستطيعه حين فقرك.
خامسا: رتب أولوياتك فابدأ بالمهم الأهم ثم المهم الأقل أهمية ثم تريث في الصرف.
فإن كنت لا تملك بيتا وهو الظاهر من حالك، فهو أول ما تبدأ به من المشتريات، ولا تبذر واجعل بيتك مناسبا لك ولمن هم مثلك من غير إسراف ولا بخل.
اعلم أن أهل البادية من العرب والعجم قديما وحديثا إذا وجدوا إنسانا شارف على الهلاك وقد بلغ به الضمأ مبلغه لم يغدقوا عليه الماء لأنه بحسب التجربة أن ذلك يكون فيه حتفه، ولكن يأخذون قليلا من الماء ويبلون بها شفاهه ثم ينقطون في فيه قطرات حتى يرتد إليه عقله فيتدرجون في سقايته كي لا يقتحم الماء فيموت في الحال.
وكم من فقير أغناه الله بين عشية وضحاها وما حال عليه الحول أو قريبا من ذلك إلا وعاد إلى ما كان عليه من فقر؛ لسوء تدبيره وصرفه من غير عقل ولا روية. فإلى الله المشتكى، ولذلك قال الله جل وعلا (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) لأن السفهاء لا يحسنون تدبير أمورهم.
سادسا: اعلم أن المال ينقص كلما صرفت منه، إلا بالصدقة فإن الله يبارك فيه وإن نقص....فانظر في من لهم حق عليك من قرابة وجيران واجعل ذلك سرا فاقض عنهم ديونهم أو ادفع لهم مصاريف المأكل أو الكسوة أو مصاريف الماء والكهرباء أو العلاج وغير ذلك مما يحتاجونه من أساسيات حياتهم. واحرص على صدقة السر، واجعل من أعمالك أعمالا لا يعلمها إلا الله.
سابعا: اجعل بعضا من مالك في تجارة تضرب بها في الأسواق المتنوعة، وتذكّر هذه الحكمة (لا تضع كل بيضك في سلة واحدة)، فإما أن تقوم أنت بمتابعة تجارتك أو أن تعطيها ثقة من الثقات وتفرغ نفسك لعمارة الآخرة بطلب العلم والمعرفة والتنوع في العبادات، والتزود بالتقوى. وإن دخلت في التجارة فيتوجب عليك أن تتعلم أحكام البيوع.
ثامنا: احرص على أن تتعلم العلم النافع، وتعلم من تعول لأنه الاستثمار الحقيقي. وصدق من قال: العلم للفقير مال، وللأمير جمال،وللغني كمال.
تاسعا: ضع لك وقفا يدر عليك بعد مماتك.
أخي الكريم سبق أن سمعت أن في بريطانيا معهدا أو بنكا يقيم دورات متخصصة للأثرياء الذين ورثوا المال مفاجأة، ولكنني لم أطلع على ما تحتويه مادتهم، وبالبحث وجدت هذا المقال لعله ينفعك ويفيدك (الميراث ليس لعبة أطفال: دورات تدريبية تعلم الورثة إدارة وتنمية تركة والديهم)
http://www.aleqt.com/2007/06/11/article_95831.html

وما كتبته لك مستنبطا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبعض ما هنا وهناك.
خذ ما ينفعك ويفيدك واترك ما لا حاجة لك به، وأسأل الله أن يوفقك ويرشدك للصواب وأن يبارك لك فيما أعطاك ويزيدك من فضله وجوده وكرمه إنه سميع بصير كريم جواد، ونشرته بعد تهذيبه ليعم النفع ويستفيد منه من حاله كحال صاحبنا، والله المستعان وعليه التكلان.