(* الوفـاء طبعي *)
03-11-2006, 07:38 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعلمون أن التوجيه والإرشاد عبارة عن مجموعة من الخدمات التي تقدم للطلاب من خلال برامج نمائية ووقائية وعلاجية، وذلك لتحقيق أهداف التوافق النفسي والاجتماعي ، ومن ذلك الرفع من مستوى التحصيل الدراسي لفئات الطلاب جميعاً ، وتعزيز الجوانب الإيجابية في الممارسات السلوكية ، وإطفاء الجوانب السلبية منها، وهو عمل لايقوم على مواعظ وخطب ونصائح، بل يقوم على تعزيز الذات لدى الطالب ، ورفع معنوياته ، واستثمار قدراته ، وهي خدمة ليس من المفترض أن يتقبلها الطالب إجباريا ، كما أنها عملية ليست تحدياً أو فرض رأيٍ، أو بين رئيس ومرؤوس.
ومع ذلك مازال البعض يعتقد في قرارة نفسه ،بوجود فشل في مخرجات هذا العمل ، وأن سبب هذا الفشل هو الكسل من القائمين عليه ، وإلا بماذا نفسر قرار الوزارة الأخير في إعادة العشرات من المشرفين والمرشدين للعمل معلمين في تخصصاتهم؟!!! ، ولماذا تشكوا بعض المدارس من عدم وجود مرشدين منتسبين إليها ، رغم أن عمر مشروع العمل الإرشادي المهني في بلادنا زاد عن ربع قرن من الزمان ،فهل هذا بسبب عدم الشعور بأهمية هذا العمل الخلاق ؟؟؟
لقد جالست العشرات من المرشدين بحكم عملي كمرشد ثم مشرف ثم مرشد، فوجدت لديهم هماً عظيماً يحملونه عن هذا الجيل في ذواتهم، وشعوراً مرتفعاً بعظم المسؤولية يعتمل في صدورهم ، واهتماما مقبولاً بتطوير قدراتهم ، وتحسين مهاراتهم، وانجازات موفقة ساهمت في تسديد احتياجات الأبناء، وتلبية مطالبهم، وتحسين نموهم، وتنوير سلوكهم .
ولك إن استطعت أن تقيس آثار هذا العمل على من تخرج من أبنائنا ، وانظر كما نفع الله به في تكوين شخصياتهم ،وتحسين نموهم ، وأمامنا الآن عشرات الأدلة التي أسفرت عن جهود المرشدين ، وأبانت عن عطاءاتهم في الميدان ، ومن ذلك:
انحسار الكثير من المشاكل والظواهر الطلابية ، والتي أبلى المرشدون في وقاية الطلاب منها ، أو ساهموا في معالجتها، فأنظر يا رعاك الحافظ إلى حالات انتشلت من التأخر الدراسي ، ومن الغياب ،ومن التسرب ،ومن التأخر الصباحي، ومن التدخين ، ومن المخدرات، ومن الانحراف السلوكي ، ومن ومن.............
وكم من مرشد ساهم في حماية طلابه من التغيرات الاجتماعية والمؤثرات الإعلامية والملهيات التقنية ، وحافظ فيهم على قيم المجتمع العظيمة ،وعاداته النبيلة ، وخصاله الحميدة، وكم من مرشد حمى طلابه من أنواع الإيذاء،وسلوك العدوان، وكم من مرشد وقف يتابع طالب محروم أسرياً أو مادياً، أو معاقاً أو مريضاً ، وبذل جهده في مساعدته ورعايته .
أنظر أيها الحبيب إلى جهود المرشدين في معالجة مشاكل أسرية ، وإصلاح قضايا اجتماعية ، وتابع ثمرة حواراتهم مع المعلمين ومع أولياء الأمور، ستجد مخرجات عظيمة انعكست على نمو طلابهم، وبناء شخصياتهم.
وتابع معنا شخصيات الطلاب الذين أصبح لديهم الإلمام بالمراكز والمتطلبات التعليمية والمهنية، تأمل معي تطلعاتهم ، ومستوى طموحاتهم ، ورقي التنافس بينهم ،والتخطيط المناسب لمستقبلهم،أليس للمرشدين منهج إيجابي في صياغة كل ذلك؟وقد بذلوا ما استطاعوا رغم كثرة المعوقات وزخم المعيقات.
ومع تقديرنا للأهداف النبيلة في تشخيص وعلاج الواقع ، وإيماننا المطلق بأهمية الجودة والتطوير المستمر ، إلا أن بلوغ الكمال مشكلة وستظل مشكلة ، ولو أنصتنا للمثبطين لما قام للإرشاد قائمة، صحيح أن بيننا من شوه المكانة، وأفسد السمعة، وأعاق المسيرة وهذا مرده إلى فتور في الحماس نحو هذا العمل ، نتيجة عدم الإيمان به بصورة كافية ، أو ضعف في اتقان مهاراته الفنية ، و لكل حالة سلبية وضعها وظروفها واحتياجاتها .
ولعل البعض مازال يجهل حدود عمل المرشد الطلابي فالتأخر الصباحي مسؤولية وكيل المدرسة ، وحدود عمله متابعة من يتكرر تأخره الصباحي لأكثر من خمس مرات ، وحصر حالات الغياب مسؤولية وكيل المدرسة ، وحدود عمله متابعة من يتكرر غيابه عن المدرسة ، أما قواعد السلوك والمواظبة فيتعامل معها المعلم داخل الصف ، ويحيل ما لا يستطيع على علاجه إلى وكيل المدرسة حيث يستقبل تحويلات المعلمين ، ويحول من يحتاج إلى دراسة للمرشد الطلابي.
إنً الذي نأمله من مسؤولي التعليم أن يساهموا معنا في تهيئة البيئة والظروف المناسبة التي تساعد في تحقيق رعاية الطلاب وحل مشكلاتهم الفردية والجماعية، ورعاية قدراتهم وميولهم ،وتحقيق حاجاتهم ، كما نذكر أخواننا المرشدين أن مهنة الإرشاد مهنة صدق و أمانة ، وصبر ومشقة ، وفيها أجر عظيم وثواب جليل من الخالق سبحانه إذا ما أخلصنا النية ، إنها ليست مهنة فضفاضة تتسـع لمن يطرق بابها ليخلد للراحـة من همّ التدريس والتحضير ،أوعناء إدارة أو وكالة مدرسـة، فهي مهنة لم تعد تسمح بالتهافت عليها دون دراية علمية وتدريب كافٍ ،والله اسأل أن يجعلنا كما نطمح ،و كما نأمل، وكما نُريد أن نكون .
نشرت بمجلة المعرفة العدد139 شهر شوال1427هـ
تعلمون أن التوجيه والإرشاد عبارة عن مجموعة من الخدمات التي تقدم للطلاب من خلال برامج نمائية ووقائية وعلاجية، وذلك لتحقيق أهداف التوافق النفسي والاجتماعي ، ومن ذلك الرفع من مستوى التحصيل الدراسي لفئات الطلاب جميعاً ، وتعزيز الجوانب الإيجابية في الممارسات السلوكية ، وإطفاء الجوانب السلبية منها، وهو عمل لايقوم على مواعظ وخطب ونصائح، بل يقوم على تعزيز الذات لدى الطالب ، ورفع معنوياته ، واستثمار قدراته ، وهي خدمة ليس من المفترض أن يتقبلها الطالب إجباريا ، كما أنها عملية ليست تحدياً أو فرض رأيٍ، أو بين رئيس ومرؤوس.
ومع ذلك مازال البعض يعتقد في قرارة نفسه ،بوجود فشل في مخرجات هذا العمل ، وأن سبب هذا الفشل هو الكسل من القائمين عليه ، وإلا بماذا نفسر قرار الوزارة الأخير في إعادة العشرات من المشرفين والمرشدين للعمل معلمين في تخصصاتهم؟!!! ، ولماذا تشكوا بعض المدارس من عدم وجود مرشدين منتسبين إليها ، رغم أن عمر مشروع العمل الإرشادي المهني في بلادنا زاد عن ربع قرن من الزمان ،فهل هذا بسبب عدم الشعور بأهمية هذا العمل الخلاق ؟؟؟
لقد جالست العشرات من المرشدين بحكم عملي كمرشد ثم مشرف ثم مرشد، فوجدت لديهم هماً عظيماً يحملونه عن هذا الجيل في ذواتهم، وشعوراً مرتفعاً بعظم المسؤولية يعتمل في صدورهم ، واهتماما مقبولاً بتطوير قدراتهم ، وتحسين مهاراتهم، وانجازات موفقة ساهمت في تسديد احتياجات الأبناء، وتلبية مطالبهم، وتحسين نموهم، وتنوير سلوكهم .
ولك إن استطعت أن تقيس آثار هذا العمل على من تخرج من أبنائنا ، وانظر كما نفع الله به في تكوين شخصياتهم ،وتحسين نموهم ، وأمامنا الآن عشرات الأدلة التي أسفرت عن جهود المرشدين ، وأبانت عن عطاءاتهم في الميدان ، ومن ذلك:
انحسار الكثير من المشاكل والظواهر الطلابية ، والتي أبلى المرشدون في وقاية الطلاب منها ، أو ساهموا في معالجتها، فأنظر يا رعاك الحافظ إلى حالات انتشلت من التأخر الدراسي ، ومن الغياب ،ومن التسرب ،ومن التأخر الصباحي، ومن التدخين ، ومن المخدرات، ومن الانحراف السلوكي ، ومن ومن.............
وكم من مرشد ساهم في حماية طلابه من التغيرات الاجتماعية والمؤثرات الإعلامية والملهيات التقنية ، وحافظ فيهم على قيم المجتمع العظيمة ،وعاداته النبيلة ، وخصاله الحميدة، وكم من مرشد حمى طلابه من أنواع الإيذاء،وسلوك العدوان، وكم من مرشد وقف يتابع طالب محروم أسرياً أو مادياً، أو معاقاً أو مريضاً ، وبذل جهده في مساعدته ورعايته .
أنظر أيها الحبيب إلى جهود المرشدين في معالجة مشاكل أسرية ، وإصلاح قضايا اجتماعية ، وتابع ثمرة حواراتهم مع المعلمين ومع أولياء الأمور، ستجد مخرجات عظيمة انعكست على نمو طلابهم، وبناء شخصياتهم.
وتابع معنا شخصيات الطلاب الذين أصبح لديهم الإلمام بالمراكز والمتطلبات التعليمية والمهنية، تأمل معي تطلعاتهم ، ومستوى طموحاتهم ، ورقي التنافس بينهم ،والتخطيط المناسب لمستقبلهم،أليس للمرشدين منهج إيجابي في صياغة كل ذلك؟وقد بذلوا ما استطاعوا رغم كثرة المعوقات وزخم المعيقات.
ومع تقديرنا للأهداف النبيلة في تشخيص وعلاج الواقع ، وإيماننا المطلق بأهمية الجودة والتطوير المستمر ، إلا أن بلوغ الكمال مشكلة وستظل مشكلة ، ولو أنصتنا للمثبطين لما قام للإرشاد قائمة، صحيح أن بيننا من شوه المكانة، وأفسد السمعة، وأعاق المسيرة وهذا مرده إلى فتور في الحماس نحو هذا العمل ، نتيجة عدم الإيمان به بصورة كافية ، أو ضعف في اتقان مهاراته الفنية ، و لكل حالة سلبية وضعها وظروفها واحتياجاتها .
ولعل البعض مازال يجهل حدود عمل المرشد الطلابي فالتأخر الصباحي مسؤولية وكيل المدرسة ، وحدود عمله متابعة من يتكرر تأخره الصباحي لأكثر من خمس مرات ، وحصر حالات الغياب مسؤولية وكيل المدرسة ، وحدود عمله متابعة من يتكرر غيابه عن المدرسة ، أما قواعد السلوك والمواظبة فيتعامل معها المعلم داخل الصف ، ويحيل ما لا يستطيع على علاجه إلى وكيل المدرسة حيث يستقبل تحويلات المعلمين ، ويحول من يحتاج إلى دراسة للمرشد الطلابي.
إنً الذي نأمله من مسؤولي التعليم أن يساهموا معنا في تهيئة البيئة والظروف المناسبة التي تساعد في تحقيق رعاية الطلاب وحل مشكلاتهم الفردية والجماعية، ورعاية قدراتهم وميولهم ،وتحقيق حاجاتهم ، كما نذكر أخواننا المرشدين أن مهنة الإرشاد مهنة صدق و أمانة ، وصبر ومشقة ، وفيها أجر عظيم وثواب جليل من الخالق سبحانه إذا ما أخلصنا النية ، إنها ليست مهنة فضفاضة تتسـع لمن يطرق بابها ليخلد للراحـة من همّ التدريس والتحضير ،أوعناء إدارة أو وكالة مدرسـة، فهي مهنة لم تعد تسمح بالتهافت عليها دون دراية علمية وتدريب كافٍ ،والله اسأل أن يجعلنا كما نطمح ،و كما نأمل، وكما نُريد أن نكون .
نشرت بمجلة المعرفة العدد139 شهر شوال1427هـ