تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رأي الأمام أحمد شاكر في الرواة المسكوت عنهم :عماد بن حسن المصري



أهــل الحـديث
02-07-2013, 05:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


رأي الأمام أحمد شاكر في الرواة المسكوت عنهم
أكثر الشيخ الإمام أحمد شاكر رحمه الله في المسند من توثيق من سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم وصحح أحاديث بناء على هذه القاعدة . وسكوت البخاري وأبي حاتم على الراوي لا يدل على شيء البتة إذ لا ينسب إلى ساكت قول كما قال الشافعي .
ثم : من أدرانا أن هؤلاء الذين سكت عليهم البخاري وأبو حاتم ، أنهم ثقات مع ذكر ابن حبان إياهم في الثقات ؟
ثم : أليس سبيل معرفة الثقة من عدمه سبر حديثه ؟ وأين حديث هؤلاء الكثير المسبور ولم يرو عنه سوى واحد وليس له في الحديث - ربما نصف رواية - ؟
ثم : أين كلمات التعديل الكثيرة المهولة التي بثها البخاري في كتابه ؟ بل ربما لم يذكر في كتابه التاريخ سوى النتف الصغيرة من كلمات التعديل في رواة جبال ؟
ولقد أعجبتني تلك المقولة الرائعة من ابن عدي حيث قال : مراد البخاري أن يذكر كل راوٍ ، وليس مراده أنه ضعيف أو غير ضعيف ، وإنما يريد كثرة الأسامي ليذكر كل من روي عنه شيئاً كثيراً أو قليلاً وإن كان حرفاً .
وجنح الشيخ عبدالله بن جديع في كتابه تحرير علو الحديث إلى القول : مجرد سكوت البخاري وابن أبي حاتم عن الراوي منزلة هي أرفع من الحكم بالجهالة ، مائلة إلى الحكم بالتعديل وهي منزلة المستور عند بعض الأئمة .
قلت : وهذه أنكر إذ أن المستور هو قرين المجهول فلزمنا الدور على نتيجة ابن جديع .
وتتميماً للبحث أنقل ما كتبه الدكتور عداب الحمش في كتابه الرواة المسكوت عليهم :
المبحث السابع : الصلة بين الراوي المستور والراوي المسكوت عليه :
ذكرت في المبحث السابق معاني كلمة السكوت في اللغة والاصطلاح الأصوليين ، وإطلاقات ذلك في الكتاب والسنة - على وجه الاختصار .
وأوضحت أن السكوت لا يدل على الرضا والموافقة ، ولا يدل على الإنكار والاجتناب بذاته ، وإنما يحتاج إلى قرائن ترجح هذا الجانب أو ذاك . ورجح عندي مذهب الشافعي في أنه ( لا ينسب إلى ساكت قول ) !
ومهما يكن من أمر ، فإن الذي يعنينا هنا هو تقرير النقاط الآتية ، وتحرير الصواب فيها .
- المجاهيل على ثلاثة أقسام :
أ- القسم الأول : مجهول العين : وهو من لم يعرف بطلب العلم في نفسه ولا عرفه به العلماء ولم يرو عنه غير رجل واحد ثقة عند الجمهور ، وضعيف أو مجهول عند الجميع - وفيهم ابن حبان - وهذان : صنفان : فصنف لم يرو عنه غير راو واحد ثقة ، ولكنه زكاه من روى عنه ، وهو عالم متأهل ، أو سكت عليه من روى عنه ، وزكاه أحد أئمة النقد المعتد بأقوالهم .
وصنف لم يرو عنه غير راو واحد ثقة ، ولم يوجد فيه توثيق من معتد بقوله من النقاد . وعملوا أئمة الحديث على اعتبار حديثه في المتابعات والشواهد ، وإن صرحوا برد رواية المجهول مطلقاً فالتعميم شيء ، والتتبع في صنيعهم شيء آخر ، وهو العمدة في تقرير الأحكام ، وترجيح الأقوال . وهذا الراوي إنما يقبل حديثه في المتابعات والشواهد التي لا يكون في رواتها مغفل أو فاحش الخطأ ، أو متروك عند المحدثين . وهذا هو مجهول الحال عندي وإن أطلق عليه لفظ ( مجهول ) .
ب- والقسم الثاني : من روى عنه راويان ثقتان أو صادقان ، ولم ينقل فيه تزكية عالم ولا استنكر ، عليه من مروياته شيء انفرد به ، أو خالف الثقات ، وإنما توبع على أحاديث من مثله ، أو مثل سابقه ، أو ممن نسب إلى الوهن وسوء الحفظ غير الفاحش ، ولم يثبت فيه جرح من عالم .
وهذا يقبل من حديث ما توبع عليه ، فإن وجد له مفاريد أو مخالفات للثقات رد حديثه ولا كرامة ! وهذا هو المستور عند التحقيق .
ج- القسم الثالث : من روى عنه ثقات أو أكثر ، وعرف بين العلماء بطلب العلم ، وحضور مجالسهم ، وأثنى عليه البعض في دينه وروعه . فهذا الذي ذهب ابن حبان وابن عبد البر والذهبي إلى الاحتجاج بأحاديث ، ولا ريب أن حديث هذا حسن إذ انفرد به ولم يخالف الثقات ، أو يخالف ما هو أصح منه من الحديث مخالفة يتعذر الجمع معها . أو خالف أصلاً شرعياً ثابتاً . وهذا المشهور بالطلب وهو ظاهر العدالة ، وإن سماه بعضهم مستوراً .
هذه الخلاصة ما ترجح عندي في المسألة والجهالة والستر ، وقد سبقت أقوال أهل العلم في ذلك وأدلتهم على ما ذهبوا إليه .
بقي أن نعرف الصلة بين المستور والمسكوت عليه .
أقول : أن الرواة المسكوت عليهم أصناف عديدة .
1. فمنهم من يشبه ظاهر العدالة المعروف بين أهل العلم . وهذا تأخذ حكمه بالاحتجاج به .
2. ومنهم من يشبه المستور : وهذا يؤخذ حكمه في قبول حديثه في المتابعات والشواهد .
3. ومنه من يشبه مجهول الحال وهو من لم يرو عنه غير راو ثقة ، ولم يوثق ولم يخرج وهذا يعتبر بحديثه على الصحيح - والله أعلم - أيضاً على الشرائط المذكورة آنفاً .
4. وقسم لا يعرف إلا من رواية من لم تثبت عدالته كالمجهول ومجهول الحال والمستور والمتروك والضعيف ، ومن وصف بالغفلة وسوء الحفظ الفاحشين ، فهذا لا يحتج بحديثه ولا يعتبر به اتفاقاً بين أئمة الحديث ، لم أعلم في ذلك خلافاً البتة .
وعلى هذا ، فلا يجوز إطلاق حكم واحد على الرواة المسكوت عليهم ، وتعميم الحكم بقبول رواياتهم التي لم ينص إمام على نكارتها .
وقد تقدم في الفصل الثاني نحو من كلامي هذا عن ابن القطان الفاسي ، فراجعه وقارن .
بقي أن أشير إلى أمر ذي بال ، يخص مسألة السكوت هذه فأقول :
1. قد يسكت الناقد على راو في أحد كتبه ، ويطلق الجرح أو التعديل في كتاب آخر له .
2. وقد يسكت الناقد على الراوي في كل كتبه التي بين أيدينا ، ويسأل عن الراوي فيذكر فيه الجرح أو التعديل .
3. وقد يسكت الناقد على الراوي في كتبه ولا ينقل عنه كلام في موضع آخر ، ولكننا وجدنا إطلاق الجرح أو التعديل عليه في ناقد آخر .
فهذه النماذج الثلاثة لا تدخل ضمن إطار بحثاً عن التحقيق ، وقد قرر ذلك الباحث نظرياً فقال : ( سكوت المتكلمين في الرواة عن الراوي الذي لم يجرح ولم يأتي بمتن منكر يعد توثيقاً له ) . ولكنه خالفه علمياً في جميع الأمثلة التي ساقها أدلة على ماذا ذهب إليه . وقد تقدم ذلك في الفصل الثاني .
ومما ينبغي ملاحظته أيضاً أنه لا يجوز الجزم بأن النقاد كلهم قد سكتوا على راو ما لم تسبر كتب السنة كلها ، وكتب العلل ، والجرح والتعديل ، وكتب التراجم والتواريخ . ثم إن الذين تكلموا في الجرح والتعديل أضعاف من تعرضنا لهم في هذا الكتاب وقد حقق الباحث رسالة فيمن يقبل قوله في الجرح والتعديل جمع فيها الذهبي مئات النقاد . فلست أدري كيف استجار فضيلته أن يذكر في بحثه رواة لا يعرف ما إذ كان قد تكلم فيهم غير الذين سكتوا أم لا !
على أنه لم يثبت استدلاله لأي واحد منهم كما قدمت .

أ. الرواة الذين سكت عليهم البخاري في موضع من كتبه ، وتكلم عليهم في كتاب آخر :
1. عبدالله بن محمد بن عجلان مولى قاطمة بنت عتبة . سكت عليه البخاري في التاريخ الكبير وقال في الضعفاء الصغير : لا يتابع في حديثه . التاريخ الكبير ( 5 : 188 ) ، والضعفاء رقم ( 191 ) .
2. عبدالله بن معاوية بن عاصم أبو معاوية الزبيدي القرشي . سكت عليه في التاريخ الكبير وقال في الضعفاء الصغير : في بعض أحاديثه مناكير . بينما قال في التاريخ الصغير : منكر الحديث . الكبير ( 5 : 200 ) والصغير ( 2 : 261 ) والضعفاء رقم ( 194 ) .
3. عبدالله بن يعلى النهدي ، سكت عليه في الكبير ، وقال في الضعفاء : فيه نظر . الكبير ( 5 : 234 ) والضعفاء رقم ( 200 ) .
4. عبد الرحمن بن شيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، سكت عليه في الكبير وقال في الضعفاء : حديثه ليس بالقائم . الكبير ( 5 : 295 ) والضعفاء رقم ( 202 ) .
5. معبد بن خالد الجهني سكت عليه في الكبير ، والصغير ، وترجمه في الضعفاء . الكبير ( 7 : 399 ) والصغير ( 1 : 204 ) والضعفاء رقم ( 359 ) .
6. معتبر بن نافع الهذلي : روى له في الكبير حديثاً وسكت ، بينما نقل عنه في اللسان قوله فيه : منكر الحديث . الكبير ( 8 : 49 ) واللسان ( 6 : 59 ) .
7. مفضل بن صالح النخاس : سكت عليه في الكبير بينما قال في التاريخ الصغير : منكر الحديث . الكبير ( 7 : 405 ) والصغير ( 2 : 241 ) والميزان ( 4 : 167 ) .
8. المنهال بن خليفة أبو قدامة العجلي البكري : سكت عليه في الكبير ، وقال في التاريخ الصغير : فيه نظر ، ونقل عنه الذهبي قوله فيه : منكر الحديث . الكبير ( 8 : 12 ) والصغير ( 2 : 217 ) والميزان ( 4 : 191 ) والتهذيب ( 10 : 318 ) .
9. الوليد بن عيسى بن وهب من آل عمارة : سكت عليه في الكبير ، ونقل الحافظ قوله فيه : فيه نظر . الكبير ( 8 : 150 ) واللسان ( 6 : 225 ) .

ب. الرواة الذين سكت عليهم ابن أبي حاتم في أحد كتبه وتكلم عليهم في كتاب آخر :
1. أسباط بن عرزة : قال في الجرح روى عن مجاهد ، روى عنه إسرائيل . وجاء اسمعه في سياق سند حديث في العلل ثم قال : ( قال أبي : إسباط بن عزرة مجهول ) . وذكر الحديث ذاته في مجمع الزوائد وقال : رواه الطبراني ، وفيه أسباط بن عزرة ، ولم أعرفه . الجرح ( 2 : 332 ) والعلل رقم ( 2179 ) ومجمع الزوائد ( 8 : 57 ) .
2. إسحاق بن يحيى بن طلحة : سكت عليه في الجرح ، وقال في العلل : ضعيف الحديث لا يمكننا ان نعتبر بحديثه . اجرح ( 2 : 236 ) و العلل رقم ( 1637 ) .
3. أيفع الراوي عن ابن عمر : سكت عليه في الجرح ، وقال في العلل عقب حديث رواه من طريقه : هذا حديث منكر ، وأرى أيفع هو نافع ؟! الجرح ( 2 : 341 ) والعلل رقم ( 2032 ) .
4. مسور بن يزيد المالكي : سكت عليه في الجرح ، وقال في العلل : مجهول . الجرح ( 8 : 297 ) والعلل رقم ( 441 ) .
ولعل من تمام الفائدة أن نذكر بأن تراجم كثيرة ، وجدنا لابن أبي حاتم كلاماً في أصحابها في كتاب ( العلل ) ولم يترجم لأصحابها في ( الجرح والتعديل أصلاً ) فمن ذلك !
5. أحمد بن يزيد الحراني الورتنيسي : قال أبو حاتم : أدركته وكان ضعيف الحديث . العلل ( 2458 ) .
6. أشعث بن الأشعث الراوي عن عمران القطان : قال أبو حاتم : مجهول لا يُعرف . العلل ( 342 ) . وسنفرد الراوة المذكورين في العلل بجرح أو تعديل في عمل مستقل إن شاء الله .

ج. بعض الرواة الذين سكت عليهم ابن حبان في أحد كتبه ، وضعفهم في كتاب آخر :
لا يفوتني التذكير بأن مجرد ذكر الرجل عند ابن حبان في الثقات ، يراه الكثيرون حكماً منه بتوثيقه . وقد نبهت على خطأ هذا التعميم . ولو سلمنا بصحة هذا القول لأصحابه ، فإليك تقريراً محرراً عن الرواة الذين وثقهم ابن حبان في موضع ، وضعفهم في موضع آخر .
ذكر ابن حبان في كتابي المجروحين والثقات سبعة وثلاثين راوياً ومائة راو ، نص هو في كتاب الثقات على أنه ذكر ثلاثة منهم في كتاب المجروحين .
وهؤلاء الذين ذكرهم في الثقات وكرر ذكرهم في المجروحين على قسمين : منهم من جرحه هو في كتاب الثقات ، ومنهم من ذكره ساكتاً عليه هناك ، ثم ذكره في كتاب المجروحين ، وفسر جرحه . وقد كان هؤلاء على مراتب متعددة من حيث الاحتجاج أو الاعتبار أو الترك . وقد بينت ذلك كله في موضعه .
وإليك بعض الرواة الذين ذكرهم في الثقات ساكتاً عليهم ، ثم ذكرهم في كتاب المجروحين :
3. إسحاق بن أبي يحيى الكعبي : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين . لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار . وهذه صيغة يستخدمها فيمن يستحق عنده الترك .
5. إسماعيل بن محمد بن جحادة اليمامي : سكت عليه في الثقات . وقال في المجروحين : خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد .
6. أفلح بن سعيد القبائي المدني : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : لا يحل الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه بحال . وهذه الصبغة يستخدمها ابن حبان في المتروكين .
7. بكير بن أبي السميط المكفوف : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : لا يحتج به إذا انفرد ، ولم يوافق الثقات . وهذه الصيغة يستخدمها ابن حبان فيمن يعتبر بحديثه .
8. ثابت بن قيس ، أبو الغصن المدني : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : لا يحتج به فيما لم يتابعه عليه غيره .
9. ثُبَيت بن كثير الضبي البصري : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : منكر الحديث على قلته لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد .
10. ثعلبة بن يزيد الحماني الكوفي : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : كان غالياً في التشيع لا يحتج بأخباره التي ينفرد بها عن علي .
13. الحارث بن عبيدة الحمصي : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد ، ومع هذا وذاك فقد أخرج له حديثاً في صحيحه ؟!
15. حريث بن أبي حريث : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : منكر الحديث جداً ، كان الأوزاعي شديد الحمل عليه ؟!
هذه بعض المواضع تبين لك أن سكوت ابن حبان على الرجل في الثقات ، لا يعني أنه حجة عنده بإطلاق . ناهيك عن مئات المواضع التي سكت فيها ابن حبان على الرواة ، وضعفهم أو جهّلهم أو تركهم غيره ؟!