المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رأي الأمام أحمد شاكر في الرواة المسكوت عنهم :عماد بن حسن المصري



أهــل الحـديث
02-07-2013, 12:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


رأي المدرسة المصرية في الرواة المسكوت عنهم :
أكثر الشيخ الإمام أحمد شاكر رحمه الله في المسند من توثيق من سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم وصحح أحاديث بناء على هذه القاعدة . وسكوت البخاري وأبي حاتم على الراوي لا يدل على شيء البتة إذ لا ينسب إلى ساكت قول كما قال الشافعي .
ثم : من أدرانا أن هؤلاء الذين سكت عليهم البخاري وأبو حاتم ، أنهم ثقات مع ذكر ابن حبان إياهم في الثقات ؟
ثم : أليس سبيل معرفة الثقة من عدمه سبر حديثه ؟ وأين حديث هؤلاء الكثير المسبور ولم يرو عنه سوى واحد وليس له في الحديث - ربما نصف رواية - ؟
ثم : أين كلمات التعديل الكثيرة المهولة التي بثها البخاري في كتابه ؟ بل ربما لم يذكر في كتابه التاريخ سوى النتف الصغيرة من كلمات التعديل في رواة جبال ؟
ولقد أعجبتني تلك المقولة الرائعة من ابن عدي حيث قال : مراد البخاري أن يذكر كل راوٍ ، وليس مراده أنه ضعيف أو غير ضعيف ، وإنما يريد كثرة الأسامي ليذكر كل من روي عنه شيئاً كثيراً أو قليلاً وإن كان حرفاً .
وجنح الشيخ عبدالله بن جديع في كتابه تحرير علو الحديث إلى القول : مجرد سكوت البخاري وابن أبي حاتم عن الراوي منزلة هي أرفع من الحكم بالجهالة ، مائلة إلى الحكم بالتعديل وهي منزلة المستور عند بعض الأئمة .
قلت : وهذه أنكر إذ أن المستور هو قرين المجهول فلزمنا الدور على نتيجة ابن جديع .
وتتميماً للبحث أنقل ما كتبه الدكتور عداب الحمش في كتابه الرواة المسكوت عليهم :
المبحث السابع : الصلة بين الراوي المستور والراوي المسكوت عليه :
ذكرت في المبحث السابق معاني كلمة السكوت في اللغة والاصطلاح الأصوليين ، وإطلاقات ذلك في الكتاب والسنة - على وجه الاختصار .
وأوضحت أن السكوت لا يدل على الرضا والموافقة ، ولا يدل على الإنكار والاجتناب بذاته ، وإنما يحتاج إلى قرائن ترجح هذا الجانب أو ذاك . ورجح عندي مذهب الشافعي في أنه ( لا ينسب إلى ساكت قول ) !
ومهما يكن من أمر ، فإن الذي يعنينا هنا هو تقرير النقاط الآتية ، وتحرير الصواب فيها .
- المجاهيل على ثلاثة أقسام :
أ- القسم الأول : مجهول العين : وهو من لم يعرف بطلب العلم في نفسه ولا عرفه به العلماء ولم يرو عنه غير رجل واحد ثقة عند الجمهور ، وضعيف أو مجهول عند الجميع - وفيهم ابن حبان - وهذان : صنفان : فصنف لم يرو عنه غير راو واحد ثقة ، ولكنه زكاه من روى عنه ، وهو عالم متأهل ، أو سكت عليه من روى عنه ، وزكاه أحد أئمة النقد المعتد بأقوالهم .
وصنف لم يرو عنه غير راو واحد ثقة ، ولم يوجد فيه توثيق من معتد بقوله من النقاد . وعملوا أئمة الحديث على اعتبار حديثه في المتابعات والشواهد ، وإن صرحوا برد رواية المجهول مطلقاً فالتعميم شيء ، والتتبع في صنيعهم شيء آخر ، وهو العمدة في تقرير الأحكام ، وترجيح الأقوال . وهذا الراوي إنما يقبل حديثه في المتابعات والشواهد التي لا يكون في رواتها مغفل أو فاحش الخطأ ، أو متروك عند المحدثين . وهذا هو مجهول الحال عندي وإن أطلق عليه لفظ ( مجهول ) .
ب- والقسم الثاني : من روى عنه راويان ثقتان أو صادقان ، ولم ينقل فيه تزكية عالم ولا استنكر ، عليه من مروياته شيء انفرد به ، أو خالف الثقات ، وإنما توبع على أحاديث من مثله ، أو مثل سابقه ، أو ممن نسب إلى الوهن وسوء الحفظ غير الفاحش ، ولم يثبت فيه جرح من عالم .
وهذا يقبل من حديث ما توبع عليه ، فإن وجد له مفاريد أو مخالفات للثقات رد حديثه ولا كرامة ! وهذا هو المستور عند التحقيق .
ج- القسم الثالث : من روى عنه ثقات أو أكثر ، وعرف بين العلماء بطلب العلم ، وحضور مجالسهم ، وأثنى عليه البعض في دينه وروعه . فهذا الذي ذهب ابن حبان وابن عبد البر والذهبي إلى الاحتجاج بأحاديث ، ولا ريب أن حديث هذا حسن إذ انفرد به ولم يخالف الثقات ، أو يخالف ما هو أصح منه من الحديث مخالفة يتعذر الجمع معها . أو خالف أصلاً شرعياً ثابتاً . وهذا المشهور بالطلب وهو ظاهر العدالة ، وإن سماه بعضهم مستوراً .
هذه الخلاصة ما ترجح عندي في المسألة والجهالة والستر ، وقد سبقت أقوال أهل العلم في ذلك وأدلتهم على ما ذهبوا إليه .
بقي أن نعرف الصلة بين المستور والمسكوت عليه .
أقول : أن الرواة المسكوت عليهم أصناف عديدة .
1. فمنهم من يشبه ظاهر العدالة المعروف بين أهل العلم . وهذا تأخذ حكمه بالاحتجاج به .
2. ومنهم من يشبه المستور : وهذا يؤخذ حكمه في قبول حديثه في المتابعات والشواهد .
3. ومنه من يشبه مجهول الحال وهو من لم يرو عنه غير راو ثقة ، ولم يوثق ولم يخرج وهذا يعتبر بحديثه على الصحيح - والله أعلم - أيضاً على الشرائط المذكورة آنفاً .
4. وقسم لا يعرف إلا من رواية من لم تثبت عدالته كالمجهول ومجهول الحال والمستور والمتروك والضعيف ، ومن وصف بالغفلة وسوء الحفظ الفاحشين ، فهذا لا يحتج بحديثه ولا يعتبر به اتفاقاً بين أئمة الحديث ، لم أعلم في ذلك خلافاً البتة .
وعلى هذا ، فلا يجوز إطلاق حكم واحد على الرواة المسكوت عليهم ، وتعميم الحكم بقبول رواياتهم التي لم ينص إمام على نكارتها .
وقد تقدم في الفصل الثاني نحو من كلامي هذا عن ابن القطان الفاسي ، فراجعه وقارن .
بقي أن أشير إلى أمر ذي بال ، يخص مسألة السكوت هذه فأقول :
1. قد يسكت الناقد على راو في أحد كتبه ، ويطلق الجرح أو التعديل في كتاب آخر له .
2. وقد يسكت الناقد على الراوي في كل كتبه التي بين أيدينا ، ويسأل عن الراوي فيذكر فيه الجرح أو التعديل .
3. وقد يسكت الناقد على الراوي في كتبه ولا ينقل عنه كلام في موضع آخر ، ولكننا وجدنا إطلاق الجرح أو التعديل عليه في ناقد آخر .
فهذه النماذج الثلاثة لا تدخل ضمن إطار بحثاً عن التحقيق ، وقد قرر ذلك الباحث نظرياً فقال : ( سكوت المتكلمين في الرواة عن الراوي الذي لم يجرح ولم يأتي بمتن منكر يعد توثيقاً له ) . ولكنه خالفه علمياً في جميع الأمثلة التي ساقها أدلة على ماذا ذهب إليه . وقد تقدم ذلك في الفصل الثاني .
ومما ينبغي ملاحظته أيضاً أنه لا يجوز الجزم بأن النقاد كلهم قد سكتوا على راو ما لم تسبر كتب السنة كلها ، وكتب العلل ، والجرح والتعديل ، وكتب التراجم والتواريخ . ثم إن الذين تكلموا في الجرح والتعديل أضعاف من تعرضنا لهم في هذا الكتاب وقد حقق الباحث رسالة فيمن يقبل قوله في الجرح والتعديل جمع فيها الذهبي مئات النقاد . فلست أدري كيف استجار فضيلته أن يذكر في بحثه رواة لا يعرف ما إذ كان قد تكلم فيهم غير الذين سكتوا أم لا !
على أنه لم يثبت استدلاله لأي واحد منهم كما قدمت .

أ. الرواة الذين سكت عليهم البخاري في موضع من كتبه ، وتكلم عليهم في كتاب آخر :
1. عبدالله بن محمد بن عجلان مولى قاطمة بنت عتبة . سكت عليه البخاري في التاريخ الكبير وقال في الضعفاء الصغير : لا يتابع في حديثه . التاريخ الكبير ( 5 : 188 ) ، والضعفاء رقم ( 191 ) .
2. عبدالله بن معاوية بن عاصم أبو معاوية الزبيدي القرشي . سكت عليه في التاريخ الكبير وقال في الضعفاء الصغير : في بعض أحاديثه مناكير . بينما قال في التاريخ الصغير : منكر الحديث . الكبير ( 5 : 200 ) والصغير ( 2 : 261 ) والضعفاء رقم ( 194 ) .
3. عبدالله بن يعلى النهدي ، سكت عليه في الكبير ، وقال في الضعفاء : فيه نظر . الكبير ( 5 : 234 ) والضعفاء رقم ( 200 ) .
4. عبد الرحمن بن شيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، سكت عليه في الكبير وقال في الضعفاء : حديثه ليس بالقائم . الكبير ( 5 : 295 ) والضعفاء رقم ( 202 ) .
5. معبد بن خالد الجهني سكت عليه في الكبير ، والصغير ، وترجمه في الضعفاء . الكبير ( 7 : 399 ) والصغير ( 1 : 204 ) والضعفاء رقم ( 359 ) .
6. معتبر بن نافع الهذلي : روى له في الكبير حديثاً وسكت ، بينما نقل عنه في اللسان قوله فيه : منكر الحديث . الكبير ( 8 : 49 ) واللسان ( 6 : 59 ) .
7. مفضل بن صالح النخاس : سكت عليه في الكبير بينما قال في التاريخ الصغير : منكر الحديث . الكبير ( 7 : 405 ) والصغير ( 2 : 241 ) والميزان ( 4 : 167 ) .
8. المنهال بن خليفة أبو قدامة العجلي البكري : سكت عليه في الكبير ، وقال في التاريخ الصغير : فيه نظر ، ونقل عنه الذهبي قوله فيه : منكر الحديث . الكبير ( 8 : 12 ) والصغير ( 2 : 217 ) والميزان ( 4 : 191 ) والتهذيب ( 10 : 318 ) .
9. الوليد بن عيسى بن وهب من آل عمارة : سكت عليه في الكبير ، ونقل الحافظ قوله فيه : فيه نظر . الكبير ( 8 : 150 ) واللسان ( 6 : 225 ) .

ب. الرواة الذين سكت عليهم ابن أبي حاتم في أحد كتبه وتكلم عليهم في كتاب آخر :
1. أسباط بن عرزة : قال في الجرح روى عن مجاهد ، روى عنه إسرائيل . وجاء اسمعه في سياق سند حديث في العلل ثم قال : ( قال أبي : إسباط بن عزرة مجهول ) . وذكر الحديث ذاته في مجمع الزوائد وقال : رواه الطبراني ، وفيه أسباط بن عزرة ، ولم أعرفه . الجرح ( 2 : 332 ) والعلل رقم ( 2179 ) ومجمع الزوائد ( 8 : 57 ) .
2. إسحاق بن يحيى بن طلحة : سكت عليه في الجرح ، وقال في العلل : ضعيف الحديث لا يمكننا ان نعتبر بحديثه . اجرح ( 2 : 236 ) و العلل رقم ( 1637 ) .
3. أيفع الراوي عن ابن عمر : سكت عليه في الجرح ، وقال في العلل عقب حديث رواه من طريقه : هذا حديث منكر ، وأرى أيفع هو نافع ؟! الجرح ( 2 : 341 ) والعلل رقم ( 2032 ) .
4. مسور بن يزيد المالكي : سكت عليه في الجرح ، وقال في العلل : مجهول . الجرح ( 8 : 297 ) والعلل رقم ( 441 ) .
ولعل من تمام الفائدة أن نذكر بأن تراجم كثيرة ، وجدنا لابن أبي حاتم كلاماً في أصحابها في كتاب ( العلل ) ولم يترجم لأصحابها في ( الجرح والتعديل أصلاً ) فمن ذلك !
5. أحمد بن يزيد الحراني الورتنيسي : قال أبو حاتم : أدركته وكان ضعيف الحديث . العلل ( 2458 ) .
6. أشعث بن الأشعث الراوي عن عمران القطان : قال أبو حاتم : مجهول لا يُعرف . العلل ( 342 ) . وسنفرد الراوة المذكورين في العلل بجرح أو تعديل في عمل مستقل إن شاء الله .

ج. بعض الرواة الذين سكت عليهم ابن حبان في أحد كتبه ، وضعفهم في كتاب آخر :
لا يفوتني التذكير بأن مجرد ذكر الرجل عند ابن حبان في الثقات ، يراه الكثيرون حكماً منه بتوثيقه . وقد نبهت على خطأ هذا التعميم . ولو سلمنا بصحة هذا القول لأصحابه ، فإليك تقريراً محرراً عن الرواة الذين وثقهم ابن حبان في موضع ، وضعفهم في موضع آخر .
ذكر ابن حبان في كتابي المجروحين والثقات سبعة وثلاثين راوياً ومائة راو ، نص هو في كتاب الثقات على أنه ذكر ثلاثة منهم في كتاب المجروحين .
وهؤلاء الذين ذكرهم في الثقات وكرر ذكرهم في المجروحين على قسمين : منهم من جرحه هو في كتاب الثقات ، ومنهم من ذكره ساكتاً عليه هناك ، ثم ذكره في كتاب المجروحين ، وفسر جرحه . وقد كان هؤلاء على مراتب متعددة من حيث الاحتجاج أو الاعتبار أو الترك . وقد بينت ذلك كله في موضعه .
وإليك بعض الرواة الذين ذكرهم في الثقات ساكتاً عليهم ، ثم ذكرهم في كتاب المجروحين :
3. إسحاق بن أبي يحيى الكعبي : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين . لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار . وهذه صيغة يستخدمها فيمن يستحق عنده الترك .
5. إسماعيل بن محمد بن جحادة اليمامي : سكت عليه في الثقات . وقال في المجروحين : خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد .
6. أفلح بن سعيد القبائي المدني : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : لا يحل الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه بحال . وهذه الصبغة يستخدمها ابن حبان في المتروكين .
7. بكير بن أبي السميط المكفوف : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : لا يحتج به إذا انفرد ، ولم يوافق الثقات . وهذه الصيغة يستخدمها ابن حبان فيمن يعتبر بحديثه .
8. ثابت بن قيس ، أبو الغصن المدني : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : لا يحتج به فيما لم يتابعه عليه غيره .
9. ثُبَيت بن كثير الضبي البصري : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : منكر الحديث على قلته لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد .
10. ثعلبة بن يزيد الحماني الكوفي : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : كان غالياً في التشيع لا يحتج بأخباره التي ينفرد بها عن علي .
13. الحارث بن عبيدة الحمصي : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد ، ومع هذا وذاك فقد أخرج له حديثاً في صحيحه ؟!
15. حريث بن أبي حريث : سكت عليه في الثقات ، وقال في المجروحين : منكر الحديث جداً ، كان الأوزاعي شديد الحمل عليه ؟!
هذه بعض المواضع تبين لك أن سكوت ابن حبان على الرجل في الثقات ، لا يعني أنه حجة عنده بإطلاق . ناهيك عن مئات المواضع التي سكت فيها ابن حبان على الرواة ، وضعفهم أو جهّلهم أو تركهم غيره ؟!