المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علاقة عائشة رضي الله عنها بالصحابة وأمهات المؤمنين



أهــل الحـديث
30-06-2013, 01:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




علاقة عائشة رضي الله عنها
بالصحابة وأمهات المؤمنين

هذا موضوع كثر فيهِ اللغط ، وأثيرت حولهُ الشبهات ، من قبل أبناء سلولٍ الجدد الذين ابتُليت بهم الأمة ومازالوا سوساً ينخر في جسدها ، أما من لم يحط بالأمر ، ولم يكن لهُ منهج سليم في تلقي الخبار ، ومن ثمَّة الخروج منها بنتيجة إجمالية وصورة متكاملة ، فمِثلَ هؤلاء من قاصري الفهم أخذوا يتكتمون على الموضوع ويلقون عليهِ من أوراق التوت وكأنهُ عورة وما هو بعورة ، فتاريخ أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - صفحات مشرقة نفخر بها ونتعلم منها وصَدَقَ معلمهم حين وصفهم بـ((خير الناس )) . ولكي نتجنب ما وقع فيهِ غيرنا ؛ علينا مراعاة ما يلي قبل الخوض في غمار البحث :
1) الصحابة هم خير الناس بعد الأنبياء إلا أنهم لم يصلوا إلى درجة العصمة بل يصيبون ويخطؤون ، ثم يتوبون إلى الله فيتوب الله عليهم ، ويكُفَّرُ عنهم بحسناتهم الكثيرة أو بالمصائب المكفرة أو بدعاء رسول الله لهم أو بدعاء المؤمنين ، فإنَّ المسلمين مازالوا يدعون لهم ، إلى غير ذلك من مكفرات الذنوب([1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1)) .
2) لا يجوز لأحدٍ بأيِّ حال اجتزاء النصوص ثم محاكمة أصحابها على المجتزأ منها ، بل يجب الإلمام بجميع المرويات ، وفهم القضية فهماً كاملاً ، فمثلاً لا يجوز أن يبقى الانطباع الأخير عن الصحابي أبي سفيان أنَّهُ قائد جيوش المشركين المحاربة لله ورسوله ، ونتجاهل جهادهُ في سبيل الله بعد إسلامهِ حتى فقأت عينهُ في معركة اليرموك([2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2)) . وكذلك الصحابي عبد الله بن سعد بن أبي السرح لا يجوز لنا أن نذكر قصة ارتدادهِ دون أن نذكر رجوعه إلى الإسلام مرة أخرى وجهاده في شمال أفريقيا ودورهُ في معركة ذات الصواري([3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3)) .

عائشة وأمهات المؤمنين :
يجد الباحث في هذ القضية أنَّ أشهر ما نُقِل عنها في كتب المعاصرين أحاديث عن أم المؤمنين عائشة وهي توجه نقداً لاذعاً أو كلاماً قاسياً لأمِّ سلمة أو لخديجة بنت خويلد أو لإحدى أمهات المؤمنين – رضي الله عنهن جميعاً- . هذا ما جعلناه يطفو على السطح ، حتى بات صيداً سهلاً لأعداء الإسلام فتلقفته شباكهم ، واستخدموه دليلاً يدعم مطاعنهم في أمهات المؤمنين وسائر الصحابة . والرد على هذا الاستدلال الباطل يكون من عدة أوجه : أولها أنَّ الصحابة ليسوا معصومين ، ولو كانوا كذلك ما بعث الله عز وجل فيهم رسولاً يعلمهم الكتاب والحكمة ، لقد أرسل الله عز وجل نبيهُ محمد – صلى الله عليه وسلم - بشيراً ونذيراً ومربياً حتى قال عن نفسه (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ))([4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4)) .
والإنسان مجبولٌ على الخطأ فقد قال عليه الصلاة والسلام (( لو أن العباد لم يذنبوا لخلق الله خلقا يذنبون ثم يستغفرون ثم يغفر لهم و هو الغفور الرحيم ))([5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5)) ، ولم يكن كبار الصحابة في منأى عن هذا ، فهذا الصديق أفضل من وطيء الأرض بعد الأنبياء يروى عنهُ أنهُ " لعن بعض رقيقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( يا أبا بكر! اللعانين والصديقين؟! كلا ورب الكعبة )) ( مرتين أو ثلاث). فأعتق أبو بكر يومئذ بعض رقيقه ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: لا أعود."([6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6)) وعن خالد بن الوليد قال : " كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام فأغلظت له في القول فانطلق عمار يشكوني إلى النبي صلى الله عليه و سلم فجاء خالد وهو يشكوه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال فجعل يغلظ له ولا يزيد الا غلظة والنبي صلى الله عليه و سلم ساكت لا يتكلم فبكى عمار وقال يا رسول الله ألا تراه فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم رأسه وقال : (( من عادى عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله)) قال خالد : فخرجت فما كان شيء أحب إليَّ من رضا عمار فلقيته فرضى"([7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7)) ومن ذلك أيضاً ما وقع بين الأوس والخزرج أثناء محنة الإفك([8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8)).
أما ما وقع بين عائشة وبعض نساء النبي رضي الله عنهنَّ جميعاً فيجب أن يوضع في سياقهِ كي لا يساء فهمهُ .
من المعلوم أن عائشة كانت تبلغ من العمر تسع سنوات حين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فكان عليها أن تنتقل من كونها فتاة تعيش في كنف والديها إلى امرأة متزوجة تتحمل المسؤولية ، وهذه مرحلة صعبة في حياة كل إنسان مهما بلغ عمره ، إلا أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وهو معلم الأمة كان يفهم هذا جيداً ، ولم يعجل عليها ، حتى دخل عليها يوماً وهي تلعب بالبنات فقال لها : (( ما هذا يا عائشة؟ فقلت: خيل سليمان. فضحك. ))([9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn9)) وتصف لنا حالها مع رسول الله في تلك الأيام فتقول : " كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه و سلم وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي "([10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn10)) ولم يمضِ وقت طويل حتى وجدت عائشة نفسها بين نسوة يدانينها في المكانة والنسب ، يقاسمنها حب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وهنا تحركت بداخلها الغيرة الغريزية التي جبل الله عليها قلوب النساء ، فكانت تعبر عن غيرتها هذهِ بطرائق مختلفة ، منها ما فعلتهُ مع أم سلمة – رضي الله عنها - حين اتت أم سلمة بطعام " في صحفة لها إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة فجمع النبي صلى الله عليه و سلم بين فلقتي الصحفة وهو يقول )) :كلوا غارت أُمُكم)) مرتين ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم صحفة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة وأعطى صحفة أم سلمة لعائشة "([11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn11)) . بهذهِ البساطة كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يعالج هذهِ الأمور وهي فعلاً لا تتحمل أكثر من ذلك ، فهو مما يحدث حتى بين الشقيقات ، والسؤال هنا هل تعكس مثل هذهِ الروايات الصورة الحقيقية للعلاقة بين أمهات المؤمنين ؟ الحقيقة أن الأمر ليس كذلك ، وبإمكاننا الرد على أصحاب هذا الزعم من عدة وجوه :
1) أنَّ أم المؤمنين عائشة هي من روت فضائل أمهات المؤمنين فلو كان في النفس شيء لم تكن مضطرة لذكر مناقبهم .
2) أنَّ عائشة – رضي الله عنها - هي التي روت الأحاديث التي تحكي ما وقع بينها وبين نساء النبي – صلى الله عليه وسلم - ، ولو أنَّها كانت تشعر بالحرج من هذهِ الروايات لما اضطرت ايضاً لروايتها .
3) ثناء أمهات المؤمنين عليها ، ففي ساعة جد كمحنة الإفك سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم - زينب فأجابت قائلة : " أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا خَيْرًا "([12] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn12)) ، ولما سمعت أم سلمة الصرخة على عائشة فأرسلت جاريتها تنظر ما صنعت فجاءت فقالت : قد قضت فقالت: " يرحمها الله والذي نفسي بيده لقد كانت أحب الناس كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الا أباها " ([13] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn13))
4) لم يقع بين أمهات المؤمنين شيء بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، بل كنَّ يخرجن إلى الحج سويةً ، وحين عزمت عائشة على الخروج إلى البصرة بعد استشهاد عثمان خرج أمهات المؤمنين لوداعها .
العلاقة مع الصحابة :
بات معلوماً عند الصحابة ما لعائشة - رضي الله عنها - من مكانة عند رسول الله ، فقد أخرج مسلم في صحيحهِ عن فاطمة أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال لها : (( أي بنية ألست تحبين ما أحب ؟ فقالت : بلى قال : فأحبي هذه ))([14] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn14)) يعني عائشة . ومما لا شك فيه أنَّ أصحاب رسول الله الذين آمنوا بهِ وجاهدوا معهُ حريصون على أن يحفظوه في أهلهِ ، كيف لا وهم الذين وصفهم عروة بن مسعود قائلاً : " والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي والله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم محمداً والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيماً له "([15] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn15)) .
ومن صور هذا الحفظ أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - فرض لأمهات المؤمنين عشرة آلاف وزاد عائشة ألفين وقال " إنها حبيبة رسول الله " ([16] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn16)) وعن عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه - أنَّهُ " باع أرضا له من عثمان بن عفان بأربعين ألف دينار فقسمه في فقراء بني زهرة وفي المهاجرين وأمهات المؤمنين قال المسور فأتيت عائشة بنصيبها فقالت : من أرسل بهذا فقلت عبد الرحمن قالت : أما انِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (( لا يحنو عليكن بعدي الا الصابرون )) سقى الله عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة "([17] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn17)) .
ومن جانبها فقد كانت تعرف مكانة أصحاب رسول الله وتحفظ لهم قدرهم ، تفعل هذا حتى مع من أخطأ في حقها منهم فقد سمعت يوماً رجلاً يسب حسان بن ثابت فنهتهُ قائلةً : " لَا تَسُبَّهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ " ([18] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn18)) بالرغم أنَّ حسان كان ممن تلقوا حديث الإفك بألسنتهم إلا أنَّ هذا الامر انتهى بإقامة الحد عليه ليبقى عمله الصالح ودفاعهُ عن رسول الله–صلى الله عليه وسلم-
خلاف مختلق :
مما لاشك فيهِ أنَّ أهل السنة والجماعة يحبون آل البيت ويجلونهم ويتقربون إلى الله بتلك المحبة ، لكن علينا أن لا ننسَ أنَّ من عقيدة أهل السنة والجماعة محبة الصحابة جميعاً دون تفريق والترضي عنهم وعدم الخوض فيما شجر بينهم ، وقد بين رسول الله – صلى الله عليه وسلم -فضلهم ومكانتهم وحذر من المساس يهم في أكثر من مناسبة ، والواجب على كل مسلم الغض عن عيوب المسلمين كافَّة ، وطلب المعاذير لهم ، وتحسين الظنِّ بهم ، ويحرم عليهِ تتبع عوراتهم . إلا أنَّ بعض الكتاب المتعصبين لآل البيت ، الذين أعمت العصبية أعينهم ، وغيَّبت عن عقولهم الإنصاف ، أخذوا ينالون من بعض الشخصيات الأموية ، وإن كانت من جيل الصحابة ، فترى الواحد يتحرى في بحثهِ الصحيح من الأخبار حتى إذا ما وصل إلى بني أمية نقل في مثالبهم ما لا يصح رواية ولا دراية ، ناسياً أنَّ الصحابة كلهم عدول وما عارض ذلك مما يوهم القدح فيهم يجب تأويلهُ وحملهُ على محمل حسن يتفق مع عدالتهم الثابتة . هذا إن ثبت بطريقٍ صحيح فكيف بما لا يصح روايةً ولا دراية .
ومن تلك المرويات ما يحكي خلافاً مزعوماً بين عائشة وأمير المؤمنين معاوية بن ابي سفيان – رضي الله عنهما - . والواجب هنا على كل من سمع شيئاً أن يتثبت فيهِ ولا ينسبه إلى أحدٍ من الصحابة بمجرد رؤيتهِ في كتاب ، خاصةً وأن أصحاب كتب التاريخ والطبقات جمعوا الروايات غثها وسمينها وقدموها لنا بأسانيدها ليتسنَّى لنا التحقيق ، فها هو الطبري يقول في آخر مقدمة تاريخه " فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنَّه لم يعرف له وجها في الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يؤت ذلك من قبلنا وإنما أُتي من قبل بعض ناقليه إلينا وإنِّا إنَّما أدينا ذلك على نحو ما أُدي إلينا " ([19] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn19)) .
والذي عليهِ أكثر الأئمة من الفقهاء والأصوليين والحفاظ ، أنَّهُ لا يقبل في المثالب إلا الحديث الصحيح السليم من الطعن والقدح ، فما مدى صحة هذهِ الروايات ؟
ذكر بعض الكتاب أنَّ ثمَّة خلافاً وقع بين عائشة ومعاوية – رضي الله عنهما – سببهُ قضية (حجر بن عدي)([20] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn20)) وأصحابهُ إلى الدرجة التي جعلتها تقول له يوماً حين دخل عليها " أما خفت أن أقعد لك رجلاً يقتلك ؟ فقال : ما كنت لتفعليه وأنا في بيت أمان ... "([21] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn21)) . هذا حديث تفرد به (علي بن زيد) عن سعيد بن المسيب وقد ضعفهُ أهل الجرح والتعديل ، قال عنه ابن سعد : فيه ضعف ولا يحتج به وقال احمد بن حنبل : ليس بالقوي وقال الدارمي : ليس بالقوي وقال الجوزجاني : واهي الحديث([22] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn22)) . وعلى الرغم من أن الجرح في علي بن زيد لم يصل إلى درجة التهمة بالكذب إلا أنَّ الذي عليهِ أكثر الأئمة من الأصوليين والحفاظ أنَّه لا يقبل في الجرح والمثالب إلا الحديث الصحيح السليم من الطعن والقدح ، خلافاً للمناقب وفضائل الأعمال فقد يؤخذ فيها بالحديث الضعيف . وإضافةً إلى ذلك نجد كلاماً هاماً للعجلي حيث يقول : " ليس بالقوي وكان يتشيع "([23] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn23)) ، ورواية المبتدع عند أهل الحديث مردودة إن كان داعياً إلى بدعته أو روى ما ينصر مذهبهُ ، واختلاق الخلاف بين عائشة ومعاوية –رضي الله عنهما - لا شك أنه ينصر مذهب التشيع . وقد يستشكل على البعض أنَّ الشيخ شعيب الأرنؤوط قال في تحقيقه لمسند الإمام أحمد معلقاً على هذا الحديث " صحيح لغيرهِ ، هذا إسناد ضعيف أختلف فيه على حماد بن سلمة " والجواب على هذا الإشكال أنَّ المقصود بالصحيح هو قوله (( الإيمان قيد الفتك ))([24] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn24)) دون سائر الرواية ، فقد صح هذا الحديث عن طريق الزبير بن العوام – رضي الله عنه - ، أما هذهِ الرواية وما فيها من حوار بين عائشة ومعاوية فلم ترد إلا بهذا الإسناد .
أما الرواية الثانية فهي ما روى ابن عبد البر في الاستيعاب عن مسروق بن الأجدع قال : " سمعت عائشة أم المؤمنين تقول أما والله لو علم معاوية أن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ على أن يأخذ حجراً وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام ولكن ابن آكلة الأكباد علم أنه قد ذهب الناس أما والله إن كانوا لجمجمة العرب عزا ومنعة وفقهاً ولله در لبيد حيث يقول شعراً :



ذهب الذين يعاش في أكنافهم



وبقيت في خلف كجلد الأجرب"


تحقيق سند هذهِ الرواية لا يحتاج إلى كبير جهد ، لأنها ببساطة بلا إسناد ، فقد ذكرها ابن عبد البر معلقةً دون أن نجد ما يعضدها من الأحاديث متصلة الإسناد . أما متن الرواية ففيهِ من التناقض ما لا يخفى على صاحب بصيرة .
في الرواية تحسر من عائشة على ( ذهاب الناس ) وفي الكوفة آن ذاك عدي بن حاتم الطائي والأشعث الكندي ، فمن هم الذين تتحسر على ذهابهم الأشتر النخعي مثلاً ؟؟ أم قتلى حروراء ؟ . وكيف يصح أن تستشهد ببيت لبيد قائلةً (( وبقيت في خلفٍ كجلد الأجرب )) وكانت تعيش في المدينة بين أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وفيهم ابو هريرة و عبد الرحمن بن ابي بكر و عبد الله ابن عمر و عبد الله بن الزبير وغيرهم من الصحابة وأبناء الصحابة . أما عن وصفها لمعاوية بـ ( ابن آكلة الأكباد ) فمن أشد أجزاء المتن نكارةً وذلك من وجوه عدِّة :
1) لا يجوز أن يعير معاوية بذنب أمهِ والله عز وجل يقول:ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽﭼ[ سورة الأنعام من الآية 164]
2) هند بنت عتبة اسلمت وشاركت بعد إسلامها في فتوحات الشام ، والإسلام يَجُبُّ ما قبله ، فلا يصح ان تعيير بما فعلت في جاهليتها والله عز وجل يقول : ﭽ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋﭼ[ سورة الحجرات من الآية :11 ]
3) صح عن عائشة أنها كانت تقبل العطاء من معاوية ، فلو أنها كانت متخذةً منه موقفاً لما قبلت منه العطاء ، خصوصاً وأنها كانت تمتلك من الشجاعة والجراءة في الحق ما يكفي لفعل ذلك .

[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1)ينظر : منهاج السنة ، أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية 3/179 ؛ العواصم من القواصم ، القاضي أبي بكر ابن العربي : 28

[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref2)ينظر : تاريخ الأمم والرسل والملوك ، محمد ابن جرير الطبري 2 /338

[3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref3)ينظر : تاريخ الطبري : 2/618

[4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref4)مسند الشهاب ،حمد بن سلامة بن جعفر أبو عبد الله القضاعي /1165

[5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref5)صحيح الجامع ، محمد ناصر الدين الألباني/ 9374 .

[6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref6)الأدب المفرد ، محمد ابن اسماعيل البخاري ، ت : محمد ناصر الدين الالباني/ 133

[7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref7)مسند الأمام أحمد/16860

[8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref8)ينظر متن الرواية ، صحيح البخاري/ 4473

[9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref9)طبقات أبن سعد ،8/62

[10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref10)صحيح البخاري /5779

[11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref11)سنن النسائي ، أحمد بن شعيب /3956

[12] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref12)صحيح البخاري /2661

[13] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref13)مسند الطيالسي ،سليمان بن داود أبو داود الفارسي البصري الطيالسي / 1613

[14] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref14)صحيح مسلم / 6443

[15] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref15)صحيح البخاري/ 2581

[16] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref16)طبقات ابن سعد : 8/67

[17] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref17)مسند أحمد / 24768

[18] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref18)صحيح البخاري / 4145

[19] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref19) تاريخ الطبري : 1/13

[20] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref20)حجر بن عدي : عده البخاري وغيره من التابعين ، وكان من شيعة علي – رضي الله عنه - ، وظل حجر هذا يألب الناس على أمير المؤمنين معاوية – رضي الله عنه – حتى بعد أن اجتمعت عليه كلمة المسلمين وبايعه الحسن بن علي –رضي الله عنهما - في عام الجماعة ، فكتب والي الكوفة إلى معاوية يشكوا حجراً ، وعدَّ عمله من الفساد في الأرض ، وكان معاوية يملك الحِلم وسعة الصدر عند البغي عليهِ في شخصهِ ، أما البغي على الجماعة في شخص حاكمها فهو لا يملك أن يتسامح فيهِ ، ولا سيما في مثل أهل الكوفة التي خرج منها العدد الأكبر من أهل الفتن ، فكبدوا الأمَّة من دمائها وسمعتها تضحيات غالية كانت في غنى عنها . ينظر : سير أعلام النبلاء : 3/462

[21] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref21)مسند أحمد ، 16878

[22] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref22)تنظر هذه الأقوال في تهذيب التهذيب 22/323

[23] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref23)معرفة الثقات ، أحمد بن عبد الله بن صالح أبو الحسن العجلي الكوفي ، 2/154

[24] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref24)مسند احمد ، 1426