المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإنسان وآلية نسله



أهــل الحـديث
29-06-2013, 06:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



لقد بدأ الله خلق الإنسان من الطين فقال العزيز القدير،
"الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ" سورة السجدة 7 .

وحدد وأشار على آلية خلقه من السلالة فقال الله تعالى،
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ" سورة المؤمنون 12 .

أي إذن إن طريقة خلق الإنسان من الطين كما أخبرنا الله تعالى كانت من خلال توظيف السلالة الطينية لعملية بناءه كمرحلة أولى ثم ألحق بعملية الخلق عملية الجعل والتي بها عمل على نسل الإنسان فكان فيها إعادة تكرار بناءه ونسخه وتكاثره من سلالة من ماء له خصوصية ووظيفة، وكان في ذلك قول العلي القدير،
"ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ" سورة السجدة 8 .

أما عملية نسل الإنسان فالمثال على ذلك ناخذه من خيط الصوف أو القطن والذي نستله من خلال عملية الغزل فيكون الخيط المستحوذ عليه بمثابة السلالة والتي أستلت أو سُلت منه، وهنا بدلاً من الصوف أو القطن أخبرنا الله بأنه نسل الإنسان بسلالة من ماء مهين، فكانت عملية خلق الإنسان ونسله شبيهة بالبناء النسيجي أو الغزلي والذي يجمع السلالة الصوفية من خيطين من الصوف بوحدة واحدة يتم جمعهما وإتحادهما بالقطبة الأولية أو العقدة لتكون هي أساس البناء النسيجي والذي مع تكرار عملية النسل ينتهي بنسيج كامل للملابس أو السلة أو ما شابه ذلك، ويشابهه في الإنسان خيطي "الـ دي أن إيه" للزوجين فلو أخذنا السلة وعملنا على تشبيهها بالتكوين الإنساني البشري لتَعرفنا على حقيقة آلية النسل، فعند إتحاد سلسلة الـ دي ان إيه للحيوان المنوي الذكري 23 كرموسوم فردي مع سلسلة الـ دي ان إيه للبويضة الأنثوية 23 كرموسوم أنثوي يتكون لدينا السلالة الإنسانية والتي تحتوي على 23 زوج من الكرموسومات والتي تقوم بحمل الصفات الوراثية للفرد الجديد وهذا شبيه كما ذكرنا بخيطي الصوف في عملية سل السلة وعند هذه المرحلة تتكون القطبة الأولى أو الحبكة أو العقدة الأولى حيث تختلف الإشارة عليها من مكان لآخر والتي يٌشار عليها علمياً بالخلية الأولى أو "كما أُشير عليها قرآنياً" النطفة الأمشاج عند الإنسان والتي في عملية تكرار عملية النسل ينشأ عنها بناء أو سل الإنسان بالكامل وهذا تشابه تقريبي لما يحصل في عملية نسل الصوف.
لقد خلق الله وكَوَن الإنسان بسلالة من الطين عملت على سله ونسيجه، ففي المرحلة الأولى عمل الله على خلقه واستعمل كلمة الخلق بالتحديد مع السلالة الطينية فقال "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ" وبعد أن تم بناءه ونسيجه بالكامل اراد الله لأن يجعل له ذرية ويكاثره فأخضعه لمستجدات وتحديثات جعلت من ذلك ممكنا فقال "ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ" ففي البداية والأساس كان خلق من الطين ومن ثم تبعه الجعل من ماء مهين، فالخلق هو الإحداث والتكوين أما الجعل فهو التطويع والتعديل والمعالجة على ما تم خلقه، وقال الله تعالى ثم جعل نسله أي بمعنى نسيجه ونسجه أو حبكه أي جعل تكرار بناءه وتكوينه وتركيبه، ونقول بالعربي للإشارة على الإبرة التي نخيط أو ننسج منها السلة والتي نُسِلّها سلاً بالمسلة، وأي شيء يخضع لعملية نسل فهو منسول ويكون قد نُسل نسلاً ، فالسلالة هي التي تخيط وتسل وتحبك ما أردنا خياطته وسله ونسله وحبكه، فكان بان جعل الله نسله بعملية شبيهة لعملية بناء السلة، وبالتالي كانت السلالة الوراثية أو الجينية عند الإنسان وخيط الصوف في السلة الصوفية قد اشتركا في تحديد طبيعة الشكل النهائي المطلوب سواء نسل الإنسان بالكامل أو نسل السلة من الصوف، ومثال على ذلك نأخذه من قوله تعالى،
"وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ" سورة يس 51 .

وهذا غير من الخروج وذلك لأن ينسلون أي ينسجون ويتضاعفون في بنائهم الخلوي حتى يكتمل نموهم فيصبحوا على ما كانوا عليه من النسل والبناء قبل موتهم.
أما بما يخُص النطفة "إتحاد سلالة الـ دي إن إيه للذكر والأُنثى – الـ 23 زوج من الكرموسومات" فكان في ذلك قوله تعالى،
"إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا" سورة الإنسان 2 .

فالنطفة الأمشاج فهي إمتزاج وإختلاط مائي الرجل والمرأة الممتهن أي الذي وظيفته هو حمل الصفات الوراثية للمخلوق الجديد، حيث وفيها أي بواسطتها يُنسل الإنسان وكأنه كنزة، جراب، طاقية صوف أو بلوزة، فهذه الخلايا الإنسانية والتي تنسج الإنسان تبدأها الخلية الأولى"النطفة الأمشاج" والتي مكوناتها هي السلالة وبالتعريف القاموسي لسُلالةُ الشيء نأخذه من لسان حالنا أي لسان العرب وفيه: هو ما اسْتُلَّ منه، ومنه قول الشماخ: طَوَتْ أَحْشاءَ مُرْتِجَةٍ لوَقْتٍ، على مَشَجٍ، سُلالتُه مَهِينُ والسَّليل: الولد سُمِّي سَليلاً لأَنه خُلق من السُّلالة. والسُّلالة والسَّليل: الولد، والأُنثى سَليلة. النسل قيل الولد وهو ما سُل من السلالة وقال الأَخفش: السُّلالة الوَلَد، والنُّطفة السُّلالة؛ وقد جعل الشماخ السُّلالة الماء في قوله: على مَشَجٍ سُلالَتُه مَهِينُ. وقال أَبو الهيثم: السُّلالة ما سُلَّ من صُلْب الرجل وتَرائب المرأَة كما يُسَلُّ الشيءُ سَلاًّ.
كما وكانت عملية تقدير الإنسان أي إعتماد شكله وصفاته وخواصّه لم تتم حتى كان في مرحلة الخلية، فالماء المهين حمل صفات كل فرد ذكري وأنثوي على إنفراد وبعد إتحادهما تشكلت النطفة وبعد مزجهما معا وإختلاطهما أصبحت النطفة ممشوجة وبعد ذلك تم تقدير هوية المولود الجديد حسب إرادة ومشيئة الخالق فقال تعالى،
مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ" سورة عبس 19.

فأعطى كل مخلوق هويته وإنفراديته فكان بأن ميزه عن غيره من الآخرين، فكان قوله من نطفة خلقه فقدره أي كونه وصوره بالقدر والكم والنوع واللون والنِسب والمقادير الثابتة منذ تلك اللحظة أي وهو في مرحلة النطفة ولذلك يعود تكوين كل مخلوق إنسي لما تحمله خليته من صفات وراثية فتكون هي بصمته ودليله وهذا يقربنا من فهم إعتماد الـ دي إن إيه أي حامل الخواص الوراثية في الفحوصات الطبية والمختبرات الجنائية للتعرف على هويات الأفراد والأمراض والتعرف على الأنساب والمجرمين.
فالسلالة هي سلالة الدي إن إيه والتي عرّف الله عليها في البداية على خلقه للإنسان منها أي تكوينه والتي ثم جعلها في تكوين النطفة أي ما أحتوت عليه الخلية ثم أوضح لنا خصوصية الخلية وتكوينها في قوله أو وصفه لها على أنها "أمشاج" والتي تحتوي طبيعتها المشج أي الخليط من ماء الرجل والمرأة معاً ليشكل مركب الـ دي إن إيه والذي أُستل منهما الإثنين ليُسِل ويُجعل منه نسل جديد ويكون هو بالتحديد ما يحتاجه السليل "الوليد" ويتَطلب نسله منه.

عبدالله أحمد خليل