المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بمَ يفرح الكثير من أبناء الأمة اليوم؟!!



أهــل الحـديث
27-06-2013, 05:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي (وفقه الله)، نفعنا الله وإياكم بها.


بمَ يفرح الكثير من أبناء الأمة اليوم؟!!

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن حالنا اليوم! أيها الأفاضل يُدمي العين ويُحزن القلب ! فقد أصبحنا - ولا حول ولا قوة إلا بالله- أضعف الأمم بعد أن كنا أقواها!وصرنا تابعين بعد أن كنا متبوعين! وأصبحنا عرضة للتسلط والاستهزاء!بعد أن كنا أعزة أقوياء!.
ضيع الكثير من المسلمين أوقاتهم في الملهيات وصرفوها في الشهوات واتباع الملذات، خاصة من الشباب والفتيات! وأصبح الكثير منهم يشتكي من الفراغات!! التي أدت إلى تسلط الشيطان،والانغماس في الهوى و العصيان!.
وهذا كله بسبب ترك الرجوع إلى الوحيين، والبعد عن الدين، وانحراف الكثير من الشباب عن المنهج القويم و الصراط المستقيم، قال الله تعالى:(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)[الرعد:11].
يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله-:"بين تعالى في هذه الآية الكريمة:أنه لا يغير ما بقوم من النعمة والعافية حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة الله جل وعلا ،والمعنى:أنه لا يسلب قوماً نعمة أنعمها عليهم،حتى يغيروا ما كانوا عليه من الطاعة والعمل الصالح". أضواء البيان(2/237)
أيها الأحبة إن أُمتنا اليوم تعيش واقعا مريرا مؤلما! ليس بسبب تكالب أعداء الدين عليها فقط! بل حتى بسبب الكثير من أبنائها! حيث انقلبت عندهم الموازين! مقارنة بمن سبقهم من الصالحين!.
فبعد أن كانت الأمة تعتز بشباب باعوا الغالي والنفيس من أجل نصرة هذا الدين العظيم، والذود عن حمى المسلمين، أصبحت الآن تفرح بمن يضحي ويبذل في سبيل الفن والتمثيل!.
وبعد أن كانت تفتخر بمن يموت من أجل كلمة التوحيد، ويُضرب المثل بشجاعته وتحكى قصصه وتروى أخباره للصغار حتى يعرفوا عظمة هذا الدين الذي من أجله يهون كل شيء! أصبح منها اليوم -إلا من رحم الله- يُبجل من يموت في سبيل الفن والطرب والغناء! ويسمى زورا وبهتانا "بشهيد الفن!!"، وتنقل أخباره، وتذكر سيرته في شتى وسائل الإعلام وتحيَّ من أجله السهرات، وتقام بسببه الاحتفالات وتدفع من أجل ذلك الأموال الطائلات!!!.
وبعد أن كان أبناء الأمة يخرجون فرحا لانتظار من يرجع من الجهاد والغزوات، صار بعض أبنائها اليوم! يخرج ابتهاجا بالورود لاستقبال المغنيين والمغنيات،والفنانين والفنانات!!.
وبعد أن كانت تفرح بالانتصارات على أعداء الدين، وتشكر نعم رب البريات،وتحزن للانهزامات وتستغفر وتتوب لرب الأرض والسموات،أصبح الكثير من أفرادها اليوم يفرح ويبتهج بالفوز في المباريات! واحتضان البطولات!!.
وبعد أن كانت الأمة تُكرم وتعتز بحفظة كتاب رب العالمين وسنة خير المرسلين كالصحيحين، صار منها اليوم من يُكرم المغنين والممثلين والراقصين!!.
وبعد أن كانت الأمة توالي وتعادي في الله جل جلاله،وقد يقاتل ويقتل المسلم والده وأقرب الناس إليه من أجل نصرة دين الله جل وعلا،ماتت عند أكثرهم اليوم عقيدة الولاء و البراء! وأصبحوا يفرحون بالتقرب من أعداء الدين من الكفار و المنافقين!!.
فخلاصة ذلك أن الأمة الكريمة بعد أن كانت تفرح بالصالحين من العلماء الربانين وطلبة العلم الحريصين و من الزهاد و المجاهدين، أصبح الكثير من أفرادها اليوم يفتخر بالمفسدين وأعوان الشياطين الذين يسعون جاهدين لهدم الأخلاق وقيم المسلمين.
أيها الكرام،إن تغير وتبدل فرح الكثير من أبناء الأمة اليوم من فرح شرعيّ إلى فرح شهوانيّ!، لا يعني من ذلك أنه لا يوجد في أُمتنا في وقتنا الحاضر من يسعد ويفتخر بالأتقياء ويبجل ويُكرمُ الأصفياء، ويُبغض الأشقياء، وكل من يحارب الدين من الأعداء، فالحمد لله فالأمة التي هي خير الأمم،لا تنعدم من هؤلاء الشرفاء الذين هم أهل الصبر والثبات مهما كان حجم الابتلاء ، فهم لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم،ولا ينظرون إلى الكثرة الهالكة!ولا يحتقرون القلة السالكة، يقول الإمام ابن القيم–رحمه الله-:"وإياك أن تغتر بما يغتر به الجاهلون،فإنهم يقولون لو كان هؤلاء على حق لم يكونوا أقل الناس عددا،والناس على خلافهم، فاعلم أن هؤلاء هم الناس ومن خالفهم فمشبهون بالناس وليسوا بناس، فما الناس إلا أهل الحق وإن كانوا أقلهم عددا ". مفتاح دار السعادة (1/147)
وهؤلاء عرفوا أنه لا عزة ولا تمكين إلا بإذن رب العالمين، ثم بالتمسك بالدين واتباع هدي خير المرسلين،قال سبحانه: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين(171)إنهم لهم المنصورون(172)وإن جندنا لهم الغالبون)[الصافات:171-173]
قال الشيخ السعدي –رحمه الله-:"قد سبقت كلمة الله التي لا مرد لها ولا مخالف لها، لعبادة المرسلين وجنده المفلحين ، أنهم الغالبون لغيرهم المنصورون من ربهم نصرا عزيزا، يتمكنون فيه من إقامة دينهم ،وهذا بشارة عظيمة لمن اتصف بأنه من جند الله ".تفسير السعدي (ص 709)
فعليكم يا من نجاكم الله جل جلاله من هذه الفتن ووفقكم للحق والعمل بالسنن أن تشكروا الله تعالى على هذه المنن ، وتخلصوا وتصبروا وتحتسبوا، وتدعوا المسلمين بالرفق والحكمة إلى ما ينفعهم وتحذروهم مما يضرهم، وتذكروهم بحال من سبقهم من الصالحين الذين ما سادوا و لا تمكنوا بين الأمم إلا بتمسكهم بالصراط المستقيم و المنهج القويم.
قال أمير المؤمنين عمر –رضي الهم عنه-:"إنا كنا أذلَّ قوم، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلبُ العزةَ بغير ما أعزَّنا الله به أذَلَّنا الله". رواه الحاكم في المستدرك(1/130)وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله-في السلسلة الصحيحة(51).
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يردَّ المسلمين إلى دينهم ردا جميلا، وأن يُبعد عنهم الأهواء والشرور، ويُثبت وينفع بالمتمسكين منهم بالهدي القويم والصراط المستقيم، فهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي