المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فقه النوازل !! [ الأوراق النقدية ـ زكاتها وجريان الربا فيها ]



أهــل الحـديث
27-06-2013, 10:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




http://1.bp.blogspot.com/-O1XtFQhIZdQ/UPMVWZDHivI/AAAAAAAAARw/pVAC0a9R_Gc/s320/fiqh.jpg (http://1.bp.blogspot.com/-O1XtFQhIZdQ/UPMVWZDHivI/AAAAAAAAARw/pVAC0a9R_Gc/s1600/fiqh.jpg)

الأوراق النقدية ـ زكاتها وجريان الربا فيها

تعريف النقد:
النقد لغة: تمييز الشيء وتقدير قيمته، ولهذا كان من خصائص الثمن أنه مقياسٌ للقيم.
والنقد هو: الثمن، وهو: ما يصح أن تجعل الباء في مقابلته فتقول مثلاً: بعت ثوباً بعشرة إلاّ أنه إن كان نقوداً فهو الثمن دائماً.
والنقد اصطلاحاً: هو كل شئ يلقى قبولاً عاماً كوسيطٍ للتبادل مهما كان ذلك الشيء وعلى أي حالٍ يكون.
ومن خصائصه: أنه مستودعٌ للقيمة فمن ملك النقد فكأنه ملك كل شئ لأنه يستطيع أن يشتري به ما يشاء، ولذلك لا ينبغي كنزه ومنعه من التداول أو الاقتصار على مبادلته ببعضه وجعله غايةً لا وسيلة، لأنه في ذاته لا غرض فيه كما ذكر ذلك الغزالي (رحمه الله) . وقد منع الإسلام من مبادلة الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلاّ مثلاً بمثل، لأن ذلك يؤدي إلى العزوف عن الأعمال بالضرب في الأرض، كما أن دورانه يؤدي إلى تكثير الاستفادة منه بخلاف تكدسه في أيدي فئةٍ قليلة.
نبذة عن تاريخ النقد:
كانت المقايضة أولاً وذلك بتبادل السلع، ثم الذهب والفضة كأساسٍ للتقييم، ثم ظهرت النقود من الذهب والفضة، ثم العملات المعدنية من غيرهما، ثم الورقية بعد أن كانت سنداً بدينٍ من الذهب لدى الصيارفة، وظهر أيضاً ما يشبه العملات مثل: الشيك وبطاقات الائتمان.
حكم العملات الورقية:
إن الحكم عليها مبني على النظر إليها وقد نظر إليها بعدة اعتبارات:
1- فقيل: هي سندات بدين على جهة إصدارها: وممن قال بهذا الشيخ/ أحمد الحسيني (رحمه الله) . ودليل هذا القول: التعهد المسجل عليها بتسليم قيمتها لحاملها عند طلبه، وبدليل تغطيتها بالذهب والفضة، ولأنها ليست لها قيمة في ذاتها.
ويلزم على هذا القول عدم جواز السلم، أو صرف نقد الذهب بالفضة لاشتراط التقابض وهو غير متحقق هنا لأنها سندات بدينٍ كما سبق، ويحرم البيع في الذمة لأنه يكون بيع دينٍ بدين، ثم إنها إذا كانت سنداً بدين فيجري فيها الخلاف في زكاة الدين.
مناقشة هذه القول: هذا القول بُني على التعهد المكتوب، وهذا التعهد هو في مرحلة من مراحل تطور النقد كان تعهداً حقيقياً، وأما الآن فهو تعهد اسمي.
وأما كونها مغطاةً بالذهب والفضة فهذا أيضاً إحدى المراحل فيها والتي لم تعد الدول تلتزم بها، فقد تغطى بالذهب وقد يكون الغطاء عقاراً أو غيره وقد يكون جزئياً. وأما أنها ليست لها قيمة في ذاتها فهذا حق فقيمتها اعتبارية، لأن السلطات تضمن في حال إبطالها قيمتها مما يجعل الثقة بتمولها وتداولها قوية، ثم إن هذا القول فيه من الحرج الشئ الكثير والله تعالى قد وضع الحرج عن هذه الأمة.
2- النظر إليها باعتبارها عرضٌ من عروض التجارة، وممن قال بهذا الشيخ: عبد الرحمن السعدي (رحمه الله) :
لأنها مالٌ متقومٌ مرغوب فيه ومدخر يباع ويشترى، ومخالفٌ في ذاته ومعدنه للذهب والفضة، ثم أنه ليس بمكيل ولا موزون فليس من الأجناس الربوية حتى يلحق بها. وأما التعهد المكتوب فلا يخرجها عن حقيقتها ولا يجعلها كالذهب والفضة.
ويلزم على هذا القول أن تعامل كعروض تجارية فلا تجب فيها الزكاة مالم تعد للتجارة، ولا يجري الربا فيها.
مناقشة هذا القول: أنها وإن كانت عرضاً إلاّ أنها انتقلت عن جنسها إلى جنس ثمني بدليل أنه لو أبطل السلطان التعامل بها لفقدت قيمتها وهذا يلحقها بالذهب والفضة، وأما اختلاف ذاتها ومعدنها عن الذهب والفضة فلا تأثير لهذه المخالفة. فالعبرة بكونها أثماناً في نظر الناس.
3- النظر إليها على أنها بديل عن الذهب والفضة:
ويلزم على هذا القول أن تأخذ حكم الذهب والفضة، لأنها حالة محلها جارية مجراها بدليل أنها لا قيمة لها في ذاتها. وبناءً على هذا فما كان بديلاً عن الذهب فله حكم الذهب وما كان بديلاً عن الفضة فله حكم الفضة.
مناقشة هذا القول: أن هذا مخالف للواقع فإن الغطاء لا يلزم أن يكون ذهباً أو فضة بل ولا يلزم تغطيتها بالكامل والعبرة بسن الدولة للتعامل بها وثقة الناس بها.
4- أنها تأخذ صفة الثمنية وتسري عليها أحكام النقدين وهذا قول أكثر العلماء المعاصرين ومنهم: الشيخ: ابن باز، والشيخ: ابن عثيمين، والشيخ: القرضاوي وغيرهم.
وقيل: هي نقدٌ قائمٌ بذاته: وممن قال بهذا الشيخان: محمد رشيد رضا، وعبد الله بن منيع.
لأنها تقوم مقام النقدية فلا يصح أن تكون سلعاً تباع وتشترى، ولأنها تقوّم بها الأشياء والناس تثق بها كقوة شرائية ومستودعاً للادخار وتتمول وتبرأ بها الذمم فقامت مقام النقود، ولهذا أفتى ابن الصلاح بأنه يجوز العقد على الفلوس بعد أن منع من ذلك وقال: لأن جميع ذلك يروج رواجاً واحداً وهو المقصود بها، وهي في حالة كونها مضروبة لا التفات فيها إلى مقدار الجرم لأنه لا يقصد فيها غير غرض النقدية والرواج. أ. هـ. وجاء في المدونة أن الإمام مالك (رحمه الله) قال: ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة أ. هـ. وقال ابن تيمية (رحمه الله) : وأما الدرهم والدينار فلا يُعرف له حد طبيعي ولا شرعي بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح، وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق الغرض المقصود به بل الغرض أن يكون معياراً لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها بل هي وسيلة إلى التعامل بها، ولهذا كانت أثماناً…والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيف ما كانت. أ. هـ وقال ابن القيم (رحمه الله) : فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات والثمن هو المعيار الذي به يعرف تقويم الأموال فيجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض… فالأثمان لا تقصد لأعيانها بل تقصد للتوسل بها إلى السلع فإذا صارت في أنفسها سلعاً تقصد لأعيانها فسد أمر الناس وهذا معنى معقول يختص بالنقود ولا يتعدى إلى سائر الموزونات. أهـ
فعلى هذا تكون علة الربا في الذهب والفضة مطلق الثمنية وهي قاصرةٌ عليهما (أي: في السابق، قبل ظهور النقود من غيرهما) .

الترجيح: الراجح هو القول الأخير وهو أنها ثمن قائمٌ بذاته كقيام الثمنية في الذهب والفضة وغيرها من النقود المعدنية وينبني على هذا القول ما يلي:
1- جريان الربا فيها كما يجري في النقدين، وتعتبر كل منها جنس قائم بذاته لاختلاف قيمته وجهة إصداره ، فعند استبدال عملةٍ بعملة يشترط التساوي والتقابض، وعند استبدال عملة بغيرها يشترط التقابض فقط، واعتبارها أجناس لاختلافها في القوة والقيمة وجهة الإصدار.
2ـ تجب زكاتها إذا بلغت أدنى نصابين من ذهب أو فضة ؛ إذا كانت مملوكة لأهل وجوبها.
3ـ جواز جعلها رأس مال في السلم والشركات.
وبهذا أفتى المجمع الفقهي في قراره رقم 21 (9/3) وكذلك هيئة كبار العلماء.


المصدر مدونتي عبر الشبكة ,,