المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل شرع ما قبلنا شرع لنا



أهــل الحـديث
27-06-2013, 06:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم


إن الدين الذي ارتضاه الله تعالى للبشرية جمعاء دين واحد هو الإسلام، قال تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) وقال تعالى ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، فهذا الدين يقوم على توحيد الله تعالى والإيمان بأنبيائه وملائكته ورسله واليوم الآخر، وهو دين نوح ، وإبراهيم وموسى عليهم السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء، وقد صرح القرآن بأن دين هؤلاء الأنبياء جميعاً هو الإسلام، قال الله تعالى عن نوحٍ عليه السلام ( فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ)، وقال تعالى عن موسى عليه السلام( وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ )، وقال تعالى عن يعقوب عليه السلام (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون)، وقال تعالى عن يوسف عليه السلام (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).

فالأنبياء عليهم السلام جميعاً يدعون إلى دين واحد هو الإسلام، لقوله تعالى (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، ولقوله عليه الصلاة والسلام (الأنبياء أخوة لعلاّت أمهاتهم شتى ودينهم واحد)، فجميع الشرائع السماوية متفقة فيما تدعو إليه من توحيد الله تعالى التوحيد الخالص وعدم الإشراك به ولكنها مختلفة في بعض التشريعات الفرعية حكمة من الله وابتلاء لعباده ليتبين المطيع من العاصي ، قال الله تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)، وقال تعالى ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ). وقد نسخ الله عزوجل جميع الشرائع السماوية بشريعة الإسلام وجعلها باقية إلى يوم القيامة وأرسله بها إلى الناس كافة لا يقبل الله من أحد بعد مبعثه عليه الصلاة والسلام ديناً غير الإسلام ، قال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، والذي أنزله الله تعالى على موسى عليه السلام التوراة فيها تفصيل لكل شئ والذي أنزل على عيسى عليه السلام هو الإنجيل وفيها هدى ونور ، وإباحة لبعض ما حرم في التوراة ، وقد نسخ الله ذلك كله بالقرآن الكريم، وختم الرسالات برسالة محمد صلى الله عليه وسلم. وما يدين به الآن اليهود أو النصارى محرف غاية التحريف ومبدل كل التبديل بشهادة القرآن وكفى به شهيداً ، وبشهادة بعضهم على بعض ، ولو لم يحرفوا ويبدلوا ما جاءتهم به أنبياؤهم وعملوا بمقتضى ذلك لكان لزاماً عليهم أن يؤمنوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ويتبعوه، لأن أنبيائهم أمروهم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، ونصت على ذلك كتبهم الخالية من التحريف، كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ).

ولكن هل يُؤخذ بأحكام شرائع من قبلنا، فقد ذهب بعض الأصولين إلى أن لكل شريعة سماوية الأحكام الخاصة بها، فكل شريعة لا تأخذ ولا تعمل بأحكام الشريعة التي سبقتها مُستدلين بقوله تعالى ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ، وبقوله عليه الصلاة والسلام ( كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ). وأقول أن إختصاص النبي عليه السلام بشريعة سماوية وبقوم يُبعث إليهم يجب أن لا ينفي حجة عمل شريعة بأحكام من شريعة سبقتها، فهنالك أحكام تقتضي النسخ والتغيير كالأحكام الطارئة العارضة التي تختص بقوم وزمن معين، وكالأحكام التي تحتاج إلى التخفيف أو التشديد، وكالأحكام التي تحتاج إلى الزيادة عليها في التفصيل، فهذه هي الأحكام التي تختص بها كل شريعة، ولكن في المقابل هنالك أحكام ثابتة لا تنسخ ولا تتغير كحكم تحريم القتل والزنا والسرقة وهذه يُؤخذ ويُعمل بها في كل الشرائع، وكذلك أحكام الشرائع السماوية السابقة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على وجه المدح والتقرير والسكوت عليها، يؤخذ ويُحكم بها في الشريعة الإسلامية. وقد ذهب الجمهور إلى الأخذ والحُكم بأحكام شرع من قبلنا ما لم تنسخها أحكام الشريعة الإسلامية وما لم تُخالف الشريعة الإسلامية كما هو المُختار عند الحنفية والمالكية، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)، وبقوله تعالى (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً) وبما في صحيح البخاري وغيره : (أن الربيع بنت النضر كسرت ثنية امرأة فطلبوا الأرش، وطلبوا العفو فأبوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالقصاص فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله؟ لا، والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال: يا أنس كتاب الله القصاص، فرضي القوم وعفوا)، والذي في كتاب الله تعالى هو ما كتبه الله تعالى في التوراة على أهل الكتاب من قبلنا في قوله تعالى( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)، فهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحكم بشرائع الأنبياء السابقين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المراجع:
1) موقع إسلام ويب الإلكتروني (www.islamweb.net/mainpage/index.php (http://www.islamweb.net/mainpage/index.php) ).