المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ظهور مجدد القرن في بلاد الشام



أهــل الحـديث
27-06-2013, 12:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
بالنسبة لهذا الجيل، منذ أن فتحنا أعيننا على الدنيا، ونحن نرى المسلمين يتخبطون، ليس لهم كلمة موحدة، ولا قائد يستحق الاتباع، ولا صف يتوحدون من خلاله، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، نرى تخبط الناس - وخاصة الشباب - في اختيار القدوات، فهذا يختار حزبا، وذاك يختار شيخا، وثالث يختار فكرا، وكل يدعي أنه هو الحق نفسه، وما عداه هو الباطل، وهكذا عشنا في صراع مع هذه المذاهب والأفكار والقيادات، كما عشنا في صراع مع أنفسنا، لأننا - بصراحة - كنا نحاول أن نقنع أنفسنا بهذا أو ذاك، لكننا من الداخل موقنون، أن كل هؤلاء مجرد سراب، فالروح التي هي من أمر الله، كما قال تعالى: ((قل الروح من أمر ربي)) كانت تحس وتشعر أنها في خواء وفي فراغ، لأن كل هذه المذاهب والأفكار والقيادات، لم تملأ فراغ الروح. إذ أن الروح تحتاج إلى أمر الله، أي شرع الله الحقيقي حتى تشبع وتطمئن.
في غضون هذه الصراعات كان يطرق آذاننا هذا الحديث العظيم الذي أخرجه العلماء عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها))(1).
وكنا كثيرا ما نتضرع إلى الله، أن يهيئ لنا هذا المجدد، لأن أرواحنا قد تعبت. وفي كل فترة يظهر عالم، أو داعية، أو قائد مجاهد، فيشار إلى بالبنان، بأنه هو المجدد، وأنه حجة العصر، وأنه المُخَـلِّص.
وكان من هؤلاء العلماء أو القادة أو الدعاة، من هو مُخْـلِـص صادق، ومن هو منافق مخادع دجال.. ولا أريد أن أذكر أسماء، فالآن الأسماء التي قفزت إلى أذهانكم كثيرة.
ويمر الزمن علينا وعلى هؤلاء فنكتشف، أننا كنا واهمين، وأن المجدد لم يظهر بعد..
لا أطيل عليكم:
إلى أن جاءت الثورة السورية، وكنا نتمنى ونطلب من الله أن يكون النصر سريعا، إلا أن إرادة الله بالغة، وحكمته عظيمة، فشاء الله أن تطول هذه الثورة المباركة، وتهز العالم من أوله إلى آخره، وتغربل البشر غربلة دقيقة، وتمحص الناس تمحيصا لم يشهده التاريخ من قبل، وتكشف نفاق من كنا نظنهم مخلصين ومجددين، وتخرجهم من دائرة القدوات، الذين ضيعوا علينا سنوات عمرنا ونحن في اتباعهم.
جاءت الثورة السورية:
وكادت أن تقول للمسلم يا مسلم، وللكافر يا كافر، وللمنافق يا منافق، وكأنها قد أظهرت الفسطاطين اللذين تحدث عنهما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ((.....فُسْطَاطَيْنِ : فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لا نِفَاقَ فِيهِ ، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لا إِيمَانَ فِيهِ...)).
جاءت الثورة السورية:
فعرف المسلمون - وخاصة الشباب - قدواتهم، عرفوا قدواتهم ليس في سورية فقط، وإنما في العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، وسقط - بفضل الله تعالى - أولئك الذين تسلقوا على الإسلام، سقطوا من دائرة القدوات، سواء منهم الأحياء، أو الأموات..
نعم عرف الشباب قدواتهم، وسقط الساقطون..
بالله عليكم...
لولا الله ثم الثورة السورية، من يستطيع أن يقنع الناس، بأن حسن نصر اللات، ما هو إلا عميل مخلص لإسرائيل، وما هو إلا خائن للعروبة والإسلام.
لولا الله ثم الثورة السورية، لو جاء كل دعاة الأرض، وبقوا عشرات السنين يجتهدون في إقناع الأمة، على أن الرافضة هم أخطر الأعداء للإسلام والمسلمين، لذهب جهدهم هباء منثورا..
الثورة السورية: صححت الفكر، وصححت العقيدة، وصححت الموازين، وصححت المفاهيم، وميزت الرجال.
الخلاصة:
بينما أنا أفكر في موضوع الثورة، قفز إلى ذهني، موضوع المجدد، الذي يجدد للأمة أمر دينها.
فما كان مني إلا أن قلت: الثورة السورية هي المجدد بإذن الله تعالى.
فالتجديد قد يتوزع على أفراد أو جماعات أو ميادين كذلك، فهناك المجددون في فكر الدعوة إلى الله، وهناك المجددون في فكر الجهاد في سبيل الله، وهناك المجددون في علوم الفقه أو التفسير أو غيره.........
والثورة السورية جددت الفكر والعقيدة والانتماء وصححت المسار..........
والجهاد الذي قاده صلاح الدين الأيوبي ونور الدين زنكي ضد الصليبيين، عده بعض العلماء تجديدا للإسلام في ذلك القرن وكذا فالجهاد في أرض الشام ضد الباطنية ومن عاونهم من المجرمين هو نفس حال ذلك الجهاد........
وقد قال العلماء:
قد يكون المجدد فردا، وقد يكون جماعة، وقد يكون حركة، وقد يكون مدرسة.
وأنا أقول: وقد يكون المجدد ثورة.
يقول الحافظ الذهبي رحمه الله :
"الذي أعتقده من الحديث أن لفظ (مَن يُجَدِّدُ) للجمع لا للمفرد" انتهى من "تاريخ الإسلام" (23/180)
-----------------
(1) الحديث صحيح، أخرجه أبو داود في كتاب الملاحم برقم 3740 والحاكم في المستدرك، 4/522.