المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ﻻ يشتت طالب العلم نفسه :: كﻻم نفيس ::



أهــل الحـديث
26-06-2013, 10:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصﻻة والسﻻم على خير خلق الله محمد بن عبدالله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصﻻة وأتم التسليم
أما بعد ...
فهذه كلمة للشيخ صالح بن عواد المغامسي أعجبتني واستفدت منها فأحببت أن أفيدكم وأن أشارككم الخير امتثالا لقوله تعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ))، وقوله تعالى : ((وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ))

يقول الشيخ - حفظه الله وأطال في عمره - :

(( من الجانب العملي: أن ﻻ يشتت طالب العلم نفسه، وكثير من الفضﻼء ممن اختلطنا بهم أو رأيناهم أو أشرفنا عليهم ﻻ ينقصهم ذكاء، وﻻ جلد على طلب العلم، وﻻ نية صادقة، فيما يظهر لنا، صحيحة نواياهم، وعظم صبرهم، واشتد ذكاؤهم، ومع ذلك لم يبلغوا حاجتهم، والله جل وعﻼ خلق أسبابا ورتب على تلك اﻷسباب نتائج، {إنا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر:49] فإذا تأملت في نفسك، أو فيمن حولك تجد أن بعض الفضﻼء يشتت نفسه، وﻻ يجمعها، يريد أن ينجز كل شيء، ومن يريد أن ينجز كل شيء لم ينجز شيئا، ومن يريد أن يجلس ليقول كل شيء لم يقل شيء. إن مما أضاع طلبة العلم أنهم يشتتون أنفسهم، فيأتي طالب العلم يريد أن يشرف على حلقة التحفيظ، ويريد أن يرتب لقاءات مع المشايخ، ويريد أن يقوم بخدمة المشائخ ذهابا وإيابا، ويريد أن يقيم احتفاﻻت ﻷهل حيه في المناسبات الدينية، ويريد أن يقود حملة في الحج، ويريد أن يرأس لجنة توزع اﻹعﻼنات، ويريد أن يفعل هذا كله، الجمع بين هذا وطلبه للعلم وهذا محال، {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه} [اﻷحزاب:4]. وسأضرب مثﻼ بسيطا، وقبل أن أضرب المثل اعتذر بأن المثل بسيط جدا، لكن أنا رجل من الله عليه بالتعلق بالقرآن، فﻼ أجد غضاضة أن أقول المثل؛ ﻷن الله قال: {إن الله ﻻ يستحيي أن يضرب مثﻼ ما بعوضة فما فوقها} [البقرة:26]، وقال جل وعﻼ: {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا} [الحج:73] ضرب الله مثﻼ بالذباب لئﻼ يأتي أحد يسأل ما هو الذباب؟ فالذباب يعرفه كل أحد، فالمثل ﻻ بد أن يكون قريبا من الناس. المثل هو أن الهر الحيوان المعروف اﻷليف يقول صلى الله عليه وسلم عنه: (من الطوافين عليكم والطوافات)، فلو حجزته في مكان ضيق، وأردت أن تؤذيه فأراد أن يتخلص منك، أول شيء يعمله ينكفئ على نفسه، أي: يجمع نفسه ثم بعد ذلك يفر عنك، فقبل أن يفر عنك يجمع نفسه، جمعه لنفسه ترتيب منطقي عقلي هو الصحيح، لم ينجز حتى يجمع نفسه. فإذا شتت مطالبك وتنوعت أهدافك وغاياتك ضاعت كلها وأنت شخص واحد، اﻹشراف على التحفيظ قربة من القربات، وسبيل عظيم إلى رحمة رب العالمين، ومنارة من منائر الدين، وشعيرة من شعائر اﻹسﻼم، وتعليق اﻹعﻼنات دعوة إلى الله، وقيادة الناس في الحج من أعظم السبل إلى رحمته، لكن محال أن يأتي إنسان واحد بهذا كله. والعلم يحتاج في مراحل العمر اﻷولى، وفي مراحل الطلب إلى جمع، وإلى تدوين، وإلى مراجعة، فلسنا أنبياء يوحى إلينا، كل أحد غير اﻷنبياء مطالب أن يجمع العلم ويثني الركب، ويحرر ويراجع، وهذا يحتاج إلى مساحة من الوقت، فإذا ذهب الوقت في أمور كثيرة، والذهن اشتغل بعدة أمور لن ينجز شيئا، فطالب العلم مطالب أن يحدد هدفه، وﻻ يعني ذلك أنه يحارب أو يعادي إخوانه الذين على تلك الثغور، هذا خطأ عظيم، وسوء ظن بالمسلمين، وعدم معرفة بالشرع، لكن كل ميسر لما خلق له. أيها المبارك، أيتها المباركة: أول اﻷمر حدد الهدف، ثم ﻻ بد من سنين تمضي حتى تصل إلى هدفك، فإذا حددت الهدف والغاية، ثم صبرت ستصل بإذن الله ورحمته إلى غايتك، لكن ﻻ يعني ذلك أن تفر من هذه اﻷمور إذا وقعت عارضة، فﻼ يستنكف المسلم أن يسلم في نشر اﻹسﻼم في شيء، فمرة تذهب مع زمﻼئك في حلقة التحفيظ إلى رحلة، أو تأتيهم بعد مغرب أو عشاء تعظهم، ومرة تلصق إعﻼنا، ومرة تستضيف شيخا، المقصود أن الدأب العام، الذي تتوﻻه في أكثر أوقاتك ينبغي أن يكون محددا واضحا بينا لك، حتى ﻻ تتشتت بك السبل، وﻻ تحتار في سلوك الطريق. فاﻷمر الذي يحول بينك وبين هدفك ولو كان صوابا تجنبه، واﻷمر الذي ﻻ يحول بينك وبين هدفك، وﻻ يؤخرك من الوصول إلى غايتك فﻼ بأس أن تأخذ منه بطرف، وبشيء يسير دون أن يكون ملتصقا بك التصاقا كليا، وهذه مسألة يجب التنبه لها، وأنت تطلب العلم)) .


:: انتهى كﻻم الشيخ حفظه الله ::