المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابن تيمية محلل سياسى



أهــل الحـديث
26-06-2013, 08:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


يكاد العالم الإسلامي الآن أن يخلوا من فقيه حقيقي ، فنحن إذا وجدنا من يعرف النصوص قد لا نجد من يحسن تطبيق النصوص على الواقع ويحدد المناط ، وإذا وجدناه قد لا نجد من يفهم الواقع ويحلله ويستشف المستقبل ويضع الفتوى التى تتلافى أخطار المستقبل وتحدياته ، قلة قليلة جدا من العلماء هى التى تُحسن ذلك ، تُحسن قراءة الواقع السياسي ، ولا يدفعها ورع ناقص أو شنآن لعدم مراعاة مستقبل الإسلام والمسلمين ، من هذا النوع فقيه الإسلام الأشهر ابن تيمية ، لقد بهرني شيخ الإسلام ابن تيمية دائما ، ليس بسبب علومه الشرعية الواسعة فقط ولكن بسبب تجرده وخلوصه من المذهبية عند نظره لمستقبل الأمة إنه قد يناصر دولة أشعرية لأنها أمل الإسلام فى هذا الوقت وفى هذه اللحظة ، ولأن البديل لها أشد ظلاما ، إن تحليل الواقع السياسى وربط الفتوى به حقيقة شرعية لا يغفلها الفقيه ولا يتهاون فيها ، فما هى حكاية ابن تيمية المحلل السياسي ، تعالوا لنرى .
...........................
ولد ابن تيمية فى عهد الظاهر بيبرس ، وعاصر ابن تيمية عددا من سلاطين المماليك ، إلا أن المعاصر الأصيل لأبن تيمية كان الملك الناصر بن منصور قلاؤون ، وكانت الشام ومصر والحجاز والسودان فى حكم المماليك آنذاك ، وكان نظام الحكم المملوكى قائما على التوارث ، والغلبة بالسيف والغدر ، فحيثما تغلب القوي الشجاع تولى الحكم ، وكانت دولتهم هذه مسلوبة من الدولة الأيوبية ، ويعود أصل المماليك ( البحرية ) فى غالبهم الى الجنس التركى ، وكانوا يكونون طبقة عسكرية محاربة تسيطر على المناصب العسكرية والإدارية ، ويستئثرون بالاقطاعيات الضخمة ، ولهم عوائد بعضها ظالم مجحف بحقوق الرعية ، وكان المجتمع خليطا غير متجانس من الأعراق المختلفة والعادات المختلفة.
المذاهب الدينية السائدة
...........................
سيطر المذهب الأشعري على الدولة ، وكان السلاطين والأمراء فى غاية الانحياز له ، وتغلغلت الطرق الصوفية المختلفة فى المجتمع وكان الأمراء يعظمون كثير من هذه المشيخات الصوفية ، فكان تبنى المنهج الأشعري والصوفي سمة هذه الدولة الرئيسة ، ورغم ذلك كانت هذه الدولة هى الطائفة المنصورة بشهادة ابن تيمية فى ذلك الوقت وكانت هى الأحق بالنصرة والدفاع عنها ضد دول أخرى تنتسب للإسلام ، وذلك لأنها أقوم هولاء جميعا فى القيام بأمر الدين ، فتنصب القضاة للحكم بالشريعة ، وتفتح المدارس الدينية ، وتوقر أئمة العلماء ، وتدافع عن بلاد المسلمين ضد الهجمات الصليبية وغيرها .
موقف ابن تيمية من دولة السلطان قازان التترى
.................................................. .....
وكانت العراق وفارس وخرسان تحت حكم دولة التتار ، الذين أعلنوا انتمائهم للإسلام ، وكانت أوضاعهم الدينية تشبه حال الأنظمة العلمانية فى زمننا يحتكمون الى شرائع جدهم الأكبر جنكيز خان ، وتستولى على قيادات دولتهم أفكار الرافضة والباطنية والفلاسفة ، ويعتبرون الأديان المختلفة طرق موصلة الى الله كما هو رائج عند بعض الجهال اليوم من المتغربين ، وكانوا لا يتورعون عن قتال المسلمين وسبى نسائهم وارتكاب المحرمات فلما
هاجمت هذه الدولة الشام فى عهد شيخ الإسلام ابن تيمية ، تنصل بعض الناس من القتال وزعموا أن هذا قتال بين طائفتين مسلمتين فلا يجوز القتال مع أحدهما ، فجاءت فتوى شيخ الإسلام فاضحة لمن يقول مثل هذا القول وكاشفة عن حقيقة التتار ، الأهم من ذلك هو ذلك التحليل الرائع لشيخ الإسلام ابن تيمية ، الذى كشف فيه ابن تيمية عن أوضاع المسلمين ، وعن تأثير هذه الأوضاع فى تمسكه بدولة المماليك على ما فيها من مسالب وأخطاء من أهمها أنها دولة أشعرية صوفية ، وهنا يظهر دور الفقيه الواسع العلم الممتلئ إيمانا بمنهجه، إن الاختلاف مع المذهب الأشعري والطريق الصوفي المنحرف لم يبرر لشيخ الإسلام أن يقف متفرجا على الصراع ، بدعوى أن لا هذا ولا ذاك يمثل المنهج الصحيح ، ومع أنه فى زيارته الى السلطان قازان عومل باحترام شديد ، وتبرك به أكابر الجند واحترموه لشجاعته ، ولم يحدث أن تأثر بمثل هذه المعاملة التى لا يبعد أن تكون استمالة له ، فكان حكمه عليهم نابع من الغيرة على شرائع الدين ، وانحيازا للأقل فسادا ، والأكثر صلاحا ، كما هو المنهج الشرعي فى الموازنة ، واحتمال أقل المفسدتين لدفع أعلاهما ، وهذه ما اختاره أهل السنة المعاصرون اليوم للخروج من سيطرة الأنظمة العلمانية المستبدة الفاسدة التابعة للغرب ، اتباعا لمنهج الموازنة بين المصالح والمفاسد ، ومنهج شيخ الإسلام يكشف بعض أدعياء السلفية اليوم الذين ينحازون الى العلمانيين ويظاهرونهم ضد الاتجاه الإسلامى ويعارضون في تطهير البلاد من بقايا النظام العلماني الفاجر ، الذى زرع عناصره فى كل مكان بالدولة ، فما أحوجنا اليوم لبيان فقه شيخ الإسلام ومنهجه الشرعي ، لمشابهة موقفه هذا من أوضاعنا اليوم ، وللتأكيد أن الفقه فى الدين والفتوى يلزمهما الفقه بالواقع والثقافة الموسوعية ، والتمييز بين خير الخيرين وشر الشرين ، وقد نقلت جزء من فتوى شيخ الإسلام لنرى عمق تحليلاته للواقع السياسى والدينى وارتباط هذا كله بفتواه .
........
الحكم الشرعى مبنى على أصلين
فى البداية قرر شيخ الإسلام أن الحكم الشرعي فى التتار مبنى على أصلين :
الأول : مَعْرِفَةُ أَحْوَالِهِمْ
الثاني : مَعْرِفَةُ حُكْمِ اللَّهِ فِي مَثَلِهِمْ
ففى القسم الأول من الفتوى يوضح شيخ الإسلام جملة أحوال دولة التتار ، وأهم هذه الأحوال هو الامتناع عن تطبيق شرائع الإسلام مع ما ذكرنا سابقا من جملة أوصافهم .
أما القسم الثاني من الفتوى فيشرح فيه مستند الحكم الشرعي من إجماع الفقهاء على قتال الممتنعين عن العمل بالشرائع حتى لو نطقوا بالشهادتين مع بيان مستند ذلك من الكتاب والسنة كالأمر بقتال آكلي الربا ، وقتال الصحابة لمانعي الزكاة وعدهم فى المرتدين ، والقتال ليكون الدين كله لله ، والأمر بقتال الخوارج ، وأن هولاء شر من الخوارج ومانعي الزكاة ....الخ
الحكم الشرعى فيهم وفيمن ناصرهم
...........................................
قرر شيخ الإسلام أن الحكم الشرعي فيهم أنهم مرتدون عن شرائع الإسلام .. بل هم ومن انضم إليهم فقال (((مَنْ قَفَزَ إلَيْهِمْ مِنْ أُمَرَاءِ الْعَسْكَرِ وَغَيْرُ الْأُمَرَاءِ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُمْ وَفِيهِمْ مِنْ الرِّدَّةِ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ بِقَدْرِ مَا ارْتَدَّ عَنْهُ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ . وَإِذَا كَانَ السَّلَفُ قَدْ سَمَّوْا مَانِعِي الزَّكَاةِ مُرْتَدِّينَ - مَعَ كَوْنِهِمْ يَصُومُونَ . وَيُصَلُّونَ وَلَمْ يَكُونُوا يُقَاتِلُونَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ - فَكَيْفَ بِمَنْ صَارَ مَعَ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَاتِلًا لِلْمُسْلِمِينَ ))).
(تحليل الواقع السياسى )
ثم قال رحمه الله محللا الواقع الدولي للمسلمين فى بلادهم فى هذا الوقت ، ومقررا النتائج الخطيرة المترتبة على سيطرة التتار ( العلمانيين ) على بلاد الشام ومصر ( لاحظ أنهما تحت حكم المماليك مع سيادة المنهج الأشعري والصوفي ) فقال رحمه الله :
النتائج الخطيرة المترتبة على سيطرة التتار(العلمانيين )
قال شيخ الإسلام (مَعَ أَنَّهُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ لَوْ اسْتَوْلَى هَؤُلَاءِ الْمُحَارِبُونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ الْمُحَادُّونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ الْمُعَادُونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى أَرْضِ الشَّامِ وَمِصْرَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ لَأَفْضَى ذَلِكَ إلَى زَوَالِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَدُرُوسِ شَرَائِعِهِ . أَمَّا الطَّائِفَةُ بِالشَّامِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهِمَا فَهُمْ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْمُقَاتِلُونَ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَهُمْ مِنْ أَحَقِّ النَّاسِ دُخُولًا فِي الطَّائِفَةِ الْمَنْصُورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ : { لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ}.)........
( تحليل الواقع )
و قال شيخ الإسلام: ((مَنْ يَتَدَبَّرُ أَحْوَالَ الْعَالَمِ فِي هَذَا الْوَقْتِ يَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ هِيَ أَقْوَمُ الطَّوَائِفِ بِدِينِ الْإِسْلَامِ : عِلْمًا وَعَمَلًا وَجِهَادًا عَنْ شَرْقِ الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا ؛ فَإِنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الشَّوْكَةِ الْعَظِيمَةِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَمُغَازِيهِمْ مَعَ النَّصَارَى وَمَعَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ التُّرْكِ وَمَعَ الزَّنَادِقَةِ الْمُنَافِقِينَ مِنْ الدَّاخِلِينَ فِي الرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ كالإسْماعيليَّة وَنَحْوِهِمْ مِنْ الْقَرَامِطَةِ مَعْرُوفَةٌ : مَعْلُومَةٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا . وَالْعِزُّ الَّذِي لِلْمُسْلِمِينَ بِمَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا هُوَ بِعِزِّهِمْ وَلِهَذَا لَمَّا هَزَمُوا سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ دَخَلَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ الذُّلِّ وَالْمُصِيبَةِ بِمَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ . وَالْحِكَايَاتُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا .
(أهل اليمن)
.............
( وَذَلِكَ أَنَّ سُكَّانَ الْيَمَنِ فِي هَذَا الْوَقْتِ ضِعَافٌ عَاجِزُونَ عَنْ الْجِهَادِ أَوْ مُضَيِّعُونَ لَهُ ؛ وَهُمْ مُطِيعُونَ لِمَنْ مَلَكَ هَذِهِ الْبِلَادَ حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُمْ أَرْسَلُوا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِهَؤُلَاءِ ( للتتار) وَمَلِكُ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا جَاءَ إلَى حَلَبَ جَرَى بِهَا مِنْ الْقَتْلِ مَا جَرَى .)
سكان الحجاز
...........
( وَأَمَّا سُكَّانُ الْحِجَازِ فَأَكْثَرُهُمْ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ خَارِجُونَ عَنْ الشَّرِيعَةِ وَفِيهِمْ مِنْ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ وَالْفُجُورِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَأَهْلُ الْإِيمَانِ وَالدِّينِ فِيهِمْ مُسْتَضْعَفُونَ عَاجِزُونَ ؛ وَإِنَّمَا تَكُونُ الْقُوَّةُ وَالْعِزَّةُ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِغَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِهَذِهِ الْبِلَادِ فَلَوْ ذَلَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - لَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْحِجَازِ مِنْ أَذَلِّ النَّاسِ ؛ لَا سِيَّمَا وَقَدْ غَلَبَ فِيهِمْ الرَّفْضُ وَمُلْكُ هَؤُلَاءِ التَّتَارِ الْمُحَارِبِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ الْآنَ مَرْفُوضٌ فَلَوْ غَلَبُوا لَفَسَدَ الْحِجَازُ بِالْكُلِّيَّةِ .)
شمال أفريقيا ( ليبيا تونس الجزائر)
( وَأَمَّا بِلَادُ إفْرِيقِيَّةَ فَأَعْرَابُهَا غَالِبُونَ عَلَيْهَا وَهُمْ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ ؛ بَلْ هُمْ مُسْتَحِقُّونَ لِلْجِهَادِ وَالْغَزْوِ ).
المغرب الأقصى
................
( وَأَمَّا الْمَغْرِبُ الْأَقْصَى فَمَعَ اسْتِيلَاءِ الْإِفْرِنْجِ عَلَى أَكْثَرِ بِلَادِهِمْ لَا يَقُومُونَ بِجِهَادِ النَّصَارَى هُنَاكَ ؛ بَلْ فِي عَسْكَرِهِمْ مِنْ النَّصَارَى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الصُّلْبَانَ خَلْقٌ عَظِيمٌ . لَوْ اسْتَوْلَى التَّتَارُ عَلَى هَذِهِ الْبِلَادِ لَكَانَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ مَعَهُمْ مِنْ أَذَلِّ النَّاسِ لَا سِيَّمَا وَالنَّصَارَى تَدْخُلُ مَعَ التَّتَارِ فَيَصِيرُونَ حِزْبًا عَلَى أَهْلِ الْمَغْرِبِ . فَهَذَا وَغَيْرُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ هَذِهِ الْعِصَابَةَ الَّتِي بِالشَّامِ وَمِصْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ هُمْ كَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ وَعِزُّهُمْ عِزُّ الْإِسْلَامِ وَذُلُّهُمْ ذُلُّ الْإِسْلَامِ . فَلَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ التَّتَارُ لَمْ يَبْقَ لِلْإِسْلَامِ عِزٌّ وَلَا كَلِمَةٌ عَالِيَةٌ وَلَا طَائِفَةٌ ظَاهِرَةٌ عَالِيَةٌ يَخَافُهَا أَهْلُ الْأَرْضِ تُقَاتِلُ مِنْهُ .)
حكم من انضم إليهم وعاونهم
............................
فَمَنْ قَفَزَ عَنْهُمْ إلَى التَّتَارِ كَانَ أَحَقَّ بِالْقِتَالِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ التَّتَارِ ؛ فَإِنَّ التَّتَارَ فِيهِمْ الْمُكْرَهُ وَغَيْرُ الْمُكْرَهِ وَقَدْ اسْتَقَرَّتْ السُّنَّةُ بِأَنَّ عُقُوبَةَ الْمُرْتَدِّ أَعْظَمُ مِنْ عُقُوبَةِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ . مِنْهَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ وَلَا يُضْرَبُ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ وَلَا تُعْقَدُ لَهُ ذِمَّةٌ ؛ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ . وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِتَالِ ؛ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد ؛ وَلِهَذَا كَانَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد.
. وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ وَلَا يُنَاكِحُ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ . إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ .
وَإِذَا كَانَتْ الرِّدَّةُ عَنْ أَصْلِ الدِّينِ أَعْظَمَ مِنْ الْكُفْرِ بِأَصْلِ الدِّينِ فَالرِّدَّةُ عَنْ شَرَائِعِهِ أَعْظَمُ مِنْ خُرُوجِ الْخَارِجِ الْأَصْلِيِّ عَنْ شَرَائِعِهِ ؛ وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ مُؤْمِنٍ يَعْرِفُ أَحْوَالَ التَّتَارِ وَيَعْلَمُ أَنَّ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ فِيهِمْ مِنْ الْفُرْسِ وَالْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ شَرٌّ مِنْ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ مِنْ التُّرْكِ وَنَحْوِهِمْ )
انتهى النقل وعسى أن لا يكون قد انتهى الفهم
النقول جميعها من مجموع الفتاوى ج 6ص 426


الكاتب:

أنور الزعيري