تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نرد على هذا ؟؟



أهــل الحـديث
26-06-2013, 01:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



مواقف مبدئية
بقلم د. أيمن الجندى 26/ 6/ 2013


مشهد القتل والسحل المروع لأربعة من الشيعة المصريين فى أبو النمرس، هناك حيث اجتمع أهل قرية بالعصى والشوم والسنج لكسر سقف المنزل، ثم النفاذ إلى داخل البيت لضربهم حتى الموت، ومشاهد الأجساد الأشبه بالذبائح، وهى تُقيد بالحبال، ثم تُسحل لمدة ساعتين وهى تنزف بالدماء، مع هرج ومرج وهياج جماعى، هذا المشهد ينبغى أن نتوقف عنده ونتأمله ونحلّله!

نحن -أولاً- أمام قتل جماعى. حيث تخلى المنطق والرحمة عن ألف وخمسمائة فى مواجهة أربعة عُزل. ونحن -ثانيا- أمام قتل حسب المعُتقد. ولسنا أمام اضطرابات طائفية تسقط فيها ضحايا بالمصادفة. ونحن- ثالثا- أمام جريمة فكرية فى المقام الأول، تم فيها تقبيح وتشويه الشيعة ووصفهم بالكفر على يد المشايخ المتطرفين حتى استقر فى وجدان العامة والغوغاء أنهم مُباحو الدم. ونحن -رابعا- أمام رئيس جمهورية سكتَ حين سمع وصف الشيعة بالأنجاس!! برغم أن جماعة الإخوان -على عكس السلفيين- لا توجد مشكلة بينها وبين الشيعة! ولكنه ارتضى فى سبيل الاستقواء بهؤلاء المتطرفين أن يسكت فى موقف لا ينبغى فيه السكوت، فحمل وزراً من دمائهم.

ونحن -خامسا- أمام أزهر مستنير متصالح مع الجميع ولكنه أخلى الساحة للأفكار المتطرفة. ونحن -سادسا- أمام خطر جسيم، فالمنطق الذى أباح دماء الشيعة يمكن إعادة استخدامه مع بعض التعديل لاستباحة دماء الصوفيين والليبراليين والعلمانيين والمسيحيين، باختصار كل من ليس منهم. وسيكون حالنا وقتها: «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض!». ونحن -سابعا- أمام خلل جسيم فى فهم ما يترتب على الكفر، بفرض حدوثه. إن أربعة أخماس البشرية هم كافرون بالعقيدة الإسلامية، ولكن من قال إن الكفر يبيح القتل؟ وهل مطلوب من المسلمين أن يقتلوا كل بوذى وهندوسى؟.

ونحن -ثامنا- أمام مهاويس ومخابيل على الجانبين، مشايخ الفتنة فى جهة، وفى الجهة الأخرى متشيعون متطرفون مثل «حسن شحاتة» الذى اتبع المذهب الشيعى وهو حر فيما يعتقده. ولئن كان له رأى سلبى فى بعض الصحابة الذين يجلّهم السنة، فقد كان بوسعه -وهو يحيا فى محيط سنى- أن يحتفظ بآرائه لنفسه. ولكن لأنه متطرف فى الاتجاه الآخر فقد أهان كبار الصحابة والسيدة عائشة بكلمات قذرة منحطة آذتنى شخصيا. هذا لا يبرر قتله طبعا بهذه الطريقة البشعة، فلا الإسلام يبيح ذلك، ولا الرسول قتل من اتهم زوجته بالفرية العظمى. ولكن -فى وسط مجتمع غوغائى متعصب كالذى نحيا فيه للأسف- لا شك أنه حفر قبره بيده وشارك فى تحديد مصيره.

نحن- تاسعا- نعرف مدى عمق الخلافات السنية الشيعية. ولسنا الآن فى رفاهية البحث إن كانوا مسلمين أم كافرين، فحتى لو كانوا كافرين، من قال إنه يحق قتل الكافر؟!! هذه هى المسألة.

إننا -عاشرا- أمام لحظة فارقة مفصلية، إما أن نسقط بعدها أو نتدارك أنفسنا. هل سنترك لمشايخ الفتنة أن يشكلوا عقول عامتنا ويستخدموهم كأداة للقتل؟ أم نُسلّم مصر إلى أبنائنا وأحفادنا مستنيرة وسطية كما تسلمناها من آبائنا وأجدادنا؟ ما حدث من سحل وقتل هو نتيجة طبيعية لخطاب دينى متطرف. هم القتلة الحقيقيون الذين صنعوا المسدس وعبأوه بالرصاص وأطلقوا الزناد، لأن القتل يبدأ بفتوى، والتفجير يبدأ بفكرة. عظّم الله أجركم فى مصر، وأسألكم أن تقرأوا على روحها الفاتحة.