المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسائل الخلاف بين الأشعرية والماتريدية



أهــل الحـديث
21-06-2013, 09:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




مسائل الخلاف بين الأشعرية والماتريدية



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم وبارك.
أما بعد:
فمما يثار كتبرير فيما اتفقت فيه الفرقتين الأشعرية والماتريدية، وتسمية كل فرقة للأخرى أنها من أهل السنة والجماعة: أن خصمهما واحد، فقيل خصمهما المعتزلة، وهذا ادعاء، فالخصم الحقيقي للفرقتين هم أهل السنة، أتباع الأثر من المحدثين والفقهاء.
لأن الأشعرية والماتريدية أخذا كثيراً مما ابتدعته المعتزلة وزادوا عليها بعض البلايا..
وقيل السبب في تقاربهما: تشابه منهج التلقي مثل تقديم العقل على النقل والقول بالمجاز ورد حديث الآحاد والتأويل والتفويض .. الخ
وقيل وجه التشابه : أن كلا من الأشعرية والماتريدية مرجعهما إلى فرقة واحدة وهي الكلابية ..
وهذا الأخير وإن كان هو الصواب، إلا أنه جمع الوجه الذي قبله ..
والحقيقة المفجعة: أن الفرقتين ليس بينهما توافق إلا طفيفا مع اتفاقهم على المنهج الكلامي جملة وتفصيلاً.
فمع هذا التوافق في المنهج العقلي الكلامي إلا أنهما اختلفا اختلافا بينا فيما بينهما من نتائج، وهذا وحده كفيل لرد المنهج العقلي الكلامي ونبذه.
وعلى كلٍ .. فنحن نذكر هنا بعض الخلافات العقدية بين الأشعرية والماتريدية.
أما عن عدد تلك المسائل العقدية المختلف فيها بينهما: ففيه خلاف.
فنقل التاج السبكي عن والده التقي السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (3/378) أن مسائل الخلاف، بين الطائفتين ثلاث مسائل فقط، ثم ذكر التاج نفسه - مخالفاً والده - أنها ثلاث عشرة مسألة، منها ست الخلاف فيها معنوي، وسبع الخلاف فيها لفظي، ووافقه على ذلك، الزبيدي، والمقريزي وغيرهما.
وأوصلها البياضي كما في إشارات المرام (ص: 53-56) إلى خمسين مسألة، ومن قائل أنهن عشرون مسألة.
وعدها أربعون مسألة الشيخ عبد الرحيم بن علي المشهور بشيخ زاده في كتابه نظم الفرائد وجمع الفوائد في بيان المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الماتريدية والأشعرية في العقائد، مع ذكر أدلة الفريقين، وهو كتاب جيد في عرضه ويستدل من كتب الفريقين.
فالمتيقن أن هناك مسائل كثيرة بين الفرقتين، بعضها كأصل من أصول العقيدة وبعضها من فروع الخلاف.. والذي يقلل العدد إنما هو مهون للخلاف لتقارب منهج الفرقتين في الاستدلال، واتحادهم في الجملة في النتائج.
في حين أن بعضهم قد يكفر الآخر في بعض هذه المسائل المختلف فيها بينهما، كما في مسألة خلق الإيمان.
فقال الأشاعرة أن الإيمان مخلوق، فكفرهم الماتريدية كما نقل شيخ زاده في نظم الفرائد (ص44) عن فتاوى الكردري، قال الإمام محمد بن الفضل (قاضيخان): من قال الإيمان مخلوق لا تجوز الصلاة خلفه، ووقعت هذه المسألة بفرغانه، فأتي بمحضر عنها إلى بخارى فاتفقوا على أنه غير مخلوق والقائل بخلقه كافر. اهـ
والإمام أحمد كفر القائل بخلق القرآن، وبدع القائل بعدم خلقه، لما فيه من ايهام، وفي المسألة تفصيل ليس هاهنا محله.
ولما قالت الأشاعرة في صفة السمع والبصر أن تعلقهما بكل موجود، خالفتهم الماتريدية وقالوا بل تعلق السمع والبصر بكل مسموع ومبصر، وبدعوا القائل بقول الأشاعرة ، فقال الشيخ علي القاري " أنه قول مجرد عن الأدلة وهو بدعة في الشريعة ". اهـ
وبهذا تبطل دعوى محقق تفسير الماتريدي المسمى بـ " تأويلات أهل السنة " عندما نقل قول الدكتور مُحَمَّد حسن أحمد حسانين مقراً له: " فالماتريدية والأشاعرة متفقون في المذهب، أما الناحية المنهجية: فإن بينهم بعض الاختلاف الذي لا يضر في العقيدة ولا يبدع أحدًا منهم؛ فالأمور المختلف فيها جزئية فرعية، معظمها مبني على شبه الألفاظ وتعيين المعنى المراد منها، وهي عند النظر السليم لا تخرج عن كونها اختلافات مثل ما بين أصحاب الأشعري وأصحاب أبي حنيفة " .اهـ
وهاهو قد ظهر التكفير والتبديع بينهما كما نقلنا أعلاه .. فأصبحت هذه الدعوى من أتباع الفرقتين كذب محض.
ونؤكد أن هذه المسائل كلها مسائل عقدية، لم نرهم اختلفوا في باب من أبواب الوضوء والنفاس أو الأقضية والأحكام، فالخلاف فيها يسير تبعاً لفهم الأدلة ..
أما هاهنا: فدعوى أن منهجهما واحد- وهو صحيح في الجملة- غير أن نتائجهما مختلفة ومتباينة، فهذا عندي أكبر دليل على سفه العقل الذي قدموه على النقل، والذي هو وحي الله عزوجل قرآناً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وسنة لا ينطق صاحبها عن الهوى صلى الله عليه وسلم.

وها نحن نذكر أشهر هذه الخلافات بين الأشاعرة والماتريدية:
1- في المعرفة:
الأشعرية قالوا: معرفة الله واجبة بالشرع.
والماتريدية قالوا: معرفة الله واجبة بالعقل.
2- في الإيمان:
الأشعرية: يجعلون الأعمال من الإيمان.
الماتريدية: لا يجعلون الأعمال من الإيمان.
3- خلق الإيمان:
الأشاعرة قالوا: الإيمان مخلوق.
الماتريدية قالوا: الإيمان غير مخلوق. وكفروا القائل بخلقه.
4- الاستثناء في الإيمان:
الأشعرية قالوا: بجواز الاستثناء في الإيمان.
الماتريدية قالوا: لا يجوز الاستثناء في الإيمان.
5- في إيمان المقلد:
الأشعرية قالوا: لا يصح إيمان المقلد.
والماتريدية قالوا: يصح إيمان المقلد.
6- الفريق بين الإسلام والإيمان:
الأشاعرة: يفرقون بين معنى الإسلام والإيمان.
والماتريدية: لا يفرقون بين معنى الإسلام والإيمان.
7- في عدد الصفات:
الأشعرية: أثبتوا سبعة صفات خبرية فقط.
والماتريدية: زادوا على سبعتهم صفة التكوين.
8- صفات الذات وصفات الفعل:
الأشعرية: فرقوا بين صفات الذات وصفات الفعل.
الماتريدية: لا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل.
9- أزلية الصفات:
الأشعرية قالوا: بأزلية صفات الذات وعدم أزلية صفات الأفعال.
الماتريدية قالوا: بأزلية جميع الصفات الذاتية والفعلية.
10- صفة التكوين:
الأشعرية قالوا: التكوين هو عين المكون وليس صفة أزلية.
الماتريدية قالوا: التكوين أزلي والمكون حادث.
11- كلمة كن التي خلق الله بها الخلق:
الأشعرية قالوا: هي حقيقية دالة على كلامه الأزلي وبها تعلق خلق الأشياء.
الماتريدية قالوا: هي مجاز وليست حقيقة وهي كناية عن سرعة الإيجاد.
12- الإرادة والمحبة والرضا:
الأشعرية قالوا: المحبة والرضا والإرادة بمعنى واحد.
الماتريدية قالوا: الإرادة لا تستلزم الرضا والمحبة.
13- الاستواء على العرش:
قال الأشعري: أن تفسير الاستواء بالاستيلاء هو تفسير الجهمية والمعتزلة وخالفه متأخروا الأشاعرة.
وقال الماتريدي: أن الاستواء هو الاستيلاء بالقدرة والغلبة كما في تفسيره موافقة للمعتزلة والجهمية.
14- كلام الله:
الأشعرية قالوا: كلام الله حكاية، ويجوز أن يسمع.
الماتريدية قالوا: كلام الله عبارة، ولا يجوز أن يسمع.
15- السمع والبصر:
الأشاعرة قالوا: السمع والبصر يتعلقان بكل موجود.
الماتريدية قالوا: السمع والبصر يتعلقان بما يسمع ويبصر فقط.
16- الوعد والوعيد:
الأشاعرة قالوا: بجواز أن يخلف الله وعيده.
والماتريدية قالوا: بامتناع أن يخالف الله وعده ووعيده.
17- التكليف بما لا يطاق:
الأشعرية قالوا: بجواز التكليف بما لا يطاق.
الماتريدية قالوا: لا يجوز التكليف بما لا يطاق.
18- ثواب العاصي وتعذيب المطيع:
الأشعرية قالوا: بجواز تعذيب المطيع ودخوله النار، وثواب العاصي ودخوله الجنة.
الماتريدية قالوا: لا يجوز تعذيب المطيع ودخوله النار، أو ثواب العاصي ودخوله الجنة.
19- الحكمة والتعليل في أفعال الله:
الأشعرية قالوا: لا حكمة ولا تعليل في أفعال الله تعالى.
الماتريدية قالوا: بلزوم الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى.
20- تحسين العقل وتقبيحه:
الأشعرية قالوا: العقل لا يحسن ولا يقبح.
الماتريدية قالوا: العقل يحسن ولا يقبح.
21- الاستطاعة والفعل:
الأشعرية قالوا: الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل.
الماتريدية قالوا: الاستطاعة يجوز أن تتقدم الفعل.
22- بين قدرة الله وقدرة العبد في الكسب:
الأشعرية قالوا في الكسب: المؤثر في صفة الفعل قدرة الله فقط.
الماتريدية قالوا في الكسب: المؤثر في صفة الفعل قدرة العبد فقط.
23- توفيق الله لعباده:
الأشاعرة قالوا: التوفيق هو خلق القدرة على الطاعة.
الماتريدية قالوا: التوفيق هو التيسير والنصرة.
24- السعادة والشقاوة:
الأشعرية قالوا: الشقاء والسعادة في الأزل، لا يجوز أن تتبدل.
الماتريدية قالوا: الشقاء والسعادة في الحال، ويجوز أن تتبدل.
25- نبوة النساء:
الأشاعرة قالوا: يجوز نبوة النساء والذكورة ليست شرطاً.
الماتريدية قالوا: بمنع نبوة النساء والذكورة شرط في النبوة.
26- عصمة الأنبياء من الصغائر:
الأشعرية قالوا: أن الأنبياء يجوز عليهم الوقوع في الصغائر قبل البعثة وبعدها سهواً.
الماتريدية قالوا: بوجوب عصمة الأنبياء من الصغائر عموما عمداً أو سهواً.
27- حكم الرسالة:
الأشعرية قالوا: الرسول بعد موته في حكم الرسالة.
الماتريدية قالوا: الرسول بعد موته باقية رسالته حقيقة.
28- الأعمال التي أحبطت بعد الردة:
الأشاعرة قالوا: تعود الأعمال المحبطة بعد التوبة من الردة.
الماتريدية قالوا: لا تعود الأعمال المحبطة بعد التوبة من الردة.
29- هل الكافر منعم عليه:
الأشعرية قالوا: الكافر لم ينعم الله عليه لا دنيا ولا آخرة.
الماتريدية قالوا: الكافر أنعم عليه الله نعمة الدنيا دون الآخرة.

هذا ما تيسر ذكره من مسائل الخلاف بين الفرقتين لوضوح الخلاف فيه، وهناك أمور أخر تركناها.
والله أعلم.