المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التذكير لكل من لم يبادر إلى صلاة الجماعة بالتبكير!!!



أهــل الحـديث
20-06-2013, 05:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي ( حفظه الله)، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها.


التذكير لكل من لم يبادر إلى صلاة الجماعة بالتبكير!!!.

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن للصلاة في ديننا الحنيف أيها الأفاضل منزلة كبيرة ودرجة عظيمة، ولهذا هي أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل –رضي الله عنه-:" ألا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال:" رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ". رواه الترمذي (2616) وصححه الشيخ الألباني –رحمه الله-.
وهي كذلك أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن أَوَّلَ ما يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يوم الْقِيَامَةِ من عَمَلِهِ صَلَاتُهُ ،فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ من فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قال الرَّبُّ عز وجل: انْظُرُوا هل لِعَبْدِي من تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بها ما انْتَقَصَ من الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ على ذلك". رواه الترمذي (413) وصححه الشيخ الألباني –رحمه الله-.
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-:" ولهذا كان من فضل الله ورحمته ونعمته وإحسانه، أن شرع لنا النوافل خلف الصلوات وقبلها وفي كل وقت، إلا الأوقات المنهي عنها، وذلك لأن الإنسان لابد أن يكون في صلاته خلل، فيكمل بهذه النوافل". شرح رياض الصالحين (5/103)
يقول المباركفوري –رحمه الله- :"قال العراقي –رحمه الله- في شرح الترمذي: لا تعارض بينه وبين الحديث الصحيح إن (أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء ) رواه مسلم (1678) من حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-.
فحديث الباب محمول على حق الله تعالى وحديث الصحيح محمول على حقوق الآدميين فيما بينهم
فإن قيل فأيهما يقدم محاسبة العباد على حق الله أو محاسبتهم على حقوقهم؟
فالجواب : أن هذا أمر توقيفي، وظواهر الأحاديث دالة على أن الذي يقع أولا المحاسبة على حقوق الله تعالى قبل حقوق العباد".تحفة الأحوذي (2/383)
و لهذه المكانة العالية والمنزلة الرفيعة أمرنا شرعنا المطهر أيها الكرام بالقيام بها والمحافظة عليها بعد أن حدد لنا أوقاتها،قال تعالى : (حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى )[البقرة:238]
قال الإمام البغوي –رحمه الله-:"أي واظبوا وداوموا على الصلوات المكتوبات بمواقيتها وحدودها،وإتمام أركانها".تفسير البغوي(1/220)
وقال تعالى:( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)[ النساء:103]
قال الشيخ الشنقيطي –رحمه الله-:" ذكر في هذه الآية الكريمة أن الصلاة كانت ولم تزل على المؤمنين كتابا أي : شيئا مكتوبا عليهم واجبا حتما (موقوتا)، أي:له أوقات يجب بدخولها".أضواء البيان(1/279)
أيها الأحبة الأفاضل مع أن النصوص الكثيرة والمتواترة جاءت بالأمر بالصلاة والحث على المحافظة عليها وأدائها في وقتها، لكننا لو نظرنا اليوم لحال كثير من المسلمين – إلا من رحم الله- نجد أن هذه الفريضة العظيمة قد تنوعت صور تضييعها والتفريط فيها بينهم،فمنهم من تركها بالكلية!!!!،ومنهم من يصليها فقط في المناسبات كالجمعة والعيدين!! والبعض الآخر يصليها أحيانا! ويتركها أحيانا أخرى!!ومنهم من يصليها في بيته! وقد لا يأتي إلى المسجد! أو يأتيه لكن نادرا جدا !!كيوم الجمعة!والبعض الآخر يؤديها في المساجد مع الجماعة ولله الحمد!، لكن عندهم عدم اهتمام بمقدار ما أدركوا منها مع الإمام! فنراهم دائما متأخرين عنها! وقد زين لهم الشيطان هذا العمل! فيقول لكل واحد منهم: المهم أنك تدرك منها شيء! وأنت أحسن من الذين لا يؤتونها مطلقا! ومن الذين لا يصلون أصلا! فينخدع بهذا التلبيس! ويتكاسل عن التكبير لها! ولهذا نجد عند هذا الصنف عدم الاهتمام بإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام! ويزداد الألم والحزن إذا رأينا أن من هؤلاء من ظاهره الصلاح والاستقامة! بل من طلاب العلم الذين هم أعلم من غيرهم بفضل التبكير إلى الصلوات!.
وهذا الصنف الأخير أيها الأفاضل ،وهم من يتأخر في الذهاب إلى المساجد ولا يهتم بإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام! هم الذين أردنا أن نقف معهم للحظات في هذه الكلمات،لعلها تكون ذكرى وعظة لكاتبها وقارئها بإذن رب البريات.
أيها الأحبة الكرام لقد جاءت نصوص كثيرة في الحث على المسابقة إلى الخيرات والمسارعة في الطاعات، ومن ذلك ما جاء في أمر المبادرة إلى الصلوات،فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو يَعْلَمُ الناس
ما في النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لم يَجِدُوا إلا أَنْ يَسْتَهِمُوا عليه لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إليه، وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما في الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا".رواه البخاري (590) ومسلم (437) واللفظ له.
قال الإمام النووي –رحمه الله- :"ومعناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظيم جزائه، ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيله، ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة نحو ما سبق وجاءوا إليه دفعة واحدة، وضاق عنهم، ثم لم يسمح بعضهم لبعض به لاقترعوا عليه". الشرح على صحيح مسلم (4/158)
وقال صلى الله عليه وسلم :"من صلى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا في جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى، كُتِبَتْ له بَرَاءَتَانِ، بَرَاءَةٌ من النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ من النِّفَاقِ".رواه الترمذي (241)من حديث أنس –رضي الله عنه-، وصححه الشيخ الألباني –رحمه الله-.
قال الملا علي قاري –رحمه الله- :"(كتب له براءتان براءة من النار ) أي :خلاصٌ ونجاةٌ منها يقال بريء من الدَّين والعيب خَلَص.( وبراءة من النفاق )قال الطيبي –رحمه الله-: أي يؤمنه في الدنيا أن يعمل عمل المنافق،ويوفقه لعمل أهل الإخلاص،وفي الآخرة يؤمنه مما يعذب به المنافق ويشهد له بأنه غير منافق،يعني بأن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى،وحال هذا بخلافهم".مرقاة المفاتيح(3 /201)
أيها المصلون يا من وفقكم الله جل جلاله للصلاة في المساجد وشهود الجماعات، لكن يحصل منكم التقصير في التبكير لهذه الفريضة العظيمة، أما آن لنا جميعا أن نقف مع أنفسنا وقفة صادقة! ونتساءل! لماذا نفوت تكبيرة الإحرام مع الإمام؟! لماذا لا نبادر إلى الجماعات بعد أن نسمع المؤذن ينادي إلى الصلوات؟! ألهذه الدرجة هانت علينا هذه العبادة العظيمة ؟! وصغرت في أنفسنا!،كيف تركنا المجال للهوى والشيطان، وقدمنا ما في أيدينا من الأمور الفانيات على ما عند الله جل وعلا من الباقيات الصالحات؟!.
إن الجزاء أيها الأفاضل من جنس العمل، وإننا سنسأل عن هذا التأخير وسنعاقب عليه يوم القيامة، إذا لم نبادر بالتوبة والاستغفار لخالقنا جل جلاله الغفار،فعن عائشة –رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ عن الصَّفِّ الْأَوَّلِ حتى يُؤَخِّرَهُمْ الله في النَّارِ".رواه أبو داود (679) وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله-.
قال العظيم آبادي –رحمه الله- :"يعني لا يخرجهم من النار في الأولين أو أخرهم عن الداخلين في الجنة، أولا بإدخالهم النار وحبسهم فيها".عون المعبود(2/264)
إن أرحم الراحمين جعل هذه العبادة العظيمة ملاذا للطائعين ومآلا للمستغفرين وقرة عين العابدين، فعن أنس -رضي الله عنه- قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي في الصَّلَاةِ".رواه النسائي (3940) وصححه الشيخ الألباني –رحمه الله-.
قال الحافظ المناوي-رحمه الله-:"لأنه كان حالة كونه فيها مجموع الهم على مطالعة جلال الله وصفاته فيحصل له من آثار ذلك ما تقر به عينه" .فيض القدير(3/348 )
لقد عرف من سبقنا من الصالحين منزلة الصلاة وفضل التبكير إليها وشرف إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام، فضربوا بذلك أروع الأمثلة وسطروا أزكى المعاني والعبر، فكانوا لمن بعدهم من المؤمنين المحبين قدوة، وكان في قصصهم عبرة.
- فهذا الإمام سعيد بن المسيب –رحمه الله-لم تفته تكبيرة الإحرام ولا يتخلف عن الصف الأول بفضل الله خمسين سنة، يقول-رحمه الله-:"ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة".حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني(2/163)
- ويقول الإمام إبراهيم التيمي –رحمه الله-:"إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى،فاغسل يدك منه".سير أعلام النبلاء للذهبي(5/84)
-ويقول يحيى بن معين –رحمه الله- :سمعت وكيعا –رحمه الله- يقول:"من لم يدرك التكبيرة الأولى، فلا ترج خيره".شعب الإيمان للبيهقي (3/74)
-وقال وكيع بن الجراح -رحمه الله- :"كان الأعمش قريبا من سبعين سنة، لم تفته التكبيرة الأولى واختلفت إليه قريبا من ستين فما رأيته يقضي ركعة".حلية الأولياء ( 5/49)
- بل إن بعضهم من شدة حرصه على الصلاة، يعتبر أن الذهاب إليها بعد سماع النداء من التقصير في حقها،فيقول الإمام سفيان بن عيينة -رحمه الله- : "لا تكن مثل عبد السوء لا يأتي حتى يدعى , ائت الصلاة قبل النداء ".التبصرة لابن الجوزي (1/131)
والآثار عنهم –رحمهم الله- في هذا الباب أيها الأحبة كثيرة،فهي أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر،يقول الحافظ ابن حجر –رحمه الله- :" "والمنقول عن السلف في فضل التكبيرة الأولى آثارٌ كثيرةٌ " .التلخيص الحبير (2 /131)
فعلينا أيها الأفاضل أن نستحضر دائما في قلوبنا عظمة الصلاة،وأن نعزم من الآن على أن لا نتهاون في التبكير إليها، وأن نحرص أشد الحرص على أن لا نضيع تكبيرة الإحرام مع الإمام،فإن في ذلك والله النجاح والفلاح والسعادة في الدارين بإذن رب العالمين.
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقنا وإياكم لكل ما يحبه ويرضاه ويجعلنا من أهل السرور،وأن يبعد عنا كل ما يشغلنا عن تطبيق تعاليم ديننا الحنيف من الشبهات والشهوات وأهل الشرور، فهو سبحانه العزيز الغفور.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي