المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحقيق حديث: "إن ما تكرهونه في الجماعة خير مما تحبونه في الفرقة" للشيخ المحدث ساعد بن عمرغازي حفظه الله



أهــل الحـديث
20-06-2013, 11:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


تحقيق حديث: "إن ما تكرهونه في الجماعة خير مما تحبونه في الفرقة"


قال الإمام الألباني -رحمه الله- في "الضعيفة" (12/742) تحت الحديث رقم (5838): "إن ما تكرهونه في الجماعة خير مما تحبونه في الفرقة": "لا أعرفه مرفوعاً. وإنما رواه الآجري في "الشريعة" (ص/13) من طريق مجالد بن سعيد عن الشعبي عن ثابت بن قطبة قال: إن عبد الله بن مسعود قال في خطبته: ... فذكره موقوفاً عليه بلفظ: "يا أيها الناس! عليكم بالطاعة والجماعة؛ فإنها حبل الله عز وجل الذي أمر به، وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة".

قلت -أي الإمام الألباني-: هذا مع وقفه فيه مجالد بن سعيد؛ وليس بالقوي، كما في "التقريب". انتهى كلامه.

قال مقيده عفا الله عنه: وقفت عليه مرفوعاً، وهو جزء من حديث، فقد قال الحافظ السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص/174): "وأورد الديلمي أيضاً من طريق حماد بن سعيد بن معروف الأنصاري قال حدثنا ليث بن أبي سلم عن أبي الزبير عن جابر رفعه: "من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس، لم يشكر الله وما تكرهون في الجماعة، خير مما تحبون في الفرقة، وفي الجماعة رحمة، وفي الفرقة عذاب". وسنده ضعيف". انتهى كلامه. وتابعه العجلوبي في "كشف الخفاء" (1/399).

والحديث في "كنز العمال" (3/480) رقم (6480). وعزاه أيضاً للديلمي عن جابر.

ثم وقفت عليه في "تسديد القوس" لابن حجر: "قال في "مسند الفردوس": أخبرناه الإمام أبي، ونقلت من خطه، قال: روى حماد بن سعيد بن معروف الأنصاري، حدثنا ليث بن أبي سليم، عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. الحديث".

فقد رواه الديلمي معلقاً، وفيه ليث وهو ضعيف لاختلاطه، وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه، وحماد بن سعيد لم أجد له ترجمة فيما عندي من كتب الرجال. فهذا سنده واه، والله أعلم.

والحديث ضعيف بهذا السياق، ولبعضه شواهد، من حديث النعمان بن بشير، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، والأشعث بن قيس-رضي الله عنهم-[1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/55004/#_ftn1). وإنما يهمنا منه هنا قوله: "وما تكرهون في الجماعة، خير مما تحبون في الفرقة". فلم أقف له على شاهد.

أما الموقوف الذي ذكره الإمام -رحمه الله- من طريق مجالد بن سعيد، فقد أخرجه أيضاً الطبراني في "المعجم الكبير" (9/198) رقم (8971)، (8972)،و ابن بطة في "الإبانة" (1/327)، والطبري في "تفسيره -تحقيق شاكر-"(7/76) رقم (7581)، وابن عبد البر في "التمهيد" (21/274).

ثم إنه لم يتفرد مجالد بن سعيد به، فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (37337)، والحاكم في "المستدرك" (4/555)، والطبراني في "الكبير" (9/199) رقم (8973)، من طرق عن زائدة، ثنا أبو حصين، عن عامر، عن ثابت بن قطبة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "الزموا هذه الطاعة والجماعة، فإنه حبل الله الذي أمر به، وأن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة، إن الله لم يخلق شيئاً قط إلا جعل له منتهى، وإن هذا الدين قد تم، وإنه صائر إلى نقصان، وإن أمارة ذلك أن تنقطع الأرحام، ويؤخذ المال بغير حقه، وتسفك الدماء، ويشتكي ذو القرابة قرابته لا يعود عليه بشيء، ويطوف السائل بين جمعتين لا يوضع في يده شيء، فبينما هم كذلك إذ خارت الأرض خوار البقرة، يحسب كل أناس أنها خارت من قبلهم، فبينا الناس كذلك إذ قذفت الأرض بأفلاذ كبدها من الذهب والفضة، لا ينفع بعد شيء منه ذهب ولا فضة".

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، وسكت عليه الذهبي.

بل هو صحيح فقط، ليس على شرطهما ولا على شرط أحدهما، فإن ثابت بن قطبة، ليس من رجال التهذيب، وهو ثقة ذكره ابن حبان في"الثقات" (4/92)، ووثقه العجلي في "ثقاته"(192) بقوله: "ثابت بن قطبة من أصحاب عبد الله ثقة". ووثقه ابن سعد في "طبقاته" (6/197) بقوله: "وكان ثقة كثير الحديث". وذكره الحافظ ابن قطلوبغا في كتابه: "الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة"(3/123) رقم (2194). ولذا قال الإمام الألباني -رحمه الله- في "الضعيفة" (13/864): "ثابت بن قطبة، وهو ثقة عند ابن حبان وغيره".

وفي هذا استدراك على الحافظ الهيثمي في قوله في "مجمع الزوائد" (5/222): "رواه الطبراني، في حديث طويل، وفيه ثابت بن قطبة ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".

وقد تابع زائدة وهو ابن قدامة: أبو بكر بن عياش، أخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (1/121) رقم (158) من طريق أبي هشام, قال: حدثنا أبو بكر بن عياش, قال: حدثنا أبو حصين, عن الشعبي, عن ثابت بن قطبة, قال: قال ابن مسعود: به.

وذكره ابن عبد البر في "التمهيد" (21/273) بقوله: "قال بقي وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن الشعبي عن ثابت بن قطبة قال: قال عبد الله بن مسعود فذكره.

ولكن رواه اللالكائي (1/121) رقم (159) قال: وأخبرنا أحمد بن عبيد, قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن مبشر, قال: حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: أخبرنا محمد بن يزيد, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن ثابت بن قطبة, قال: سمعت ابن مسعود وهو يخطب وهو يقول: "يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة, فإنهما السبيل في الأصل إلى حبل الله الذي أمر به, وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة".

فجعل إسماعيل بن أبي خالد متابعاً لعامر الشعبي، ولكن لم يذكروا لإسماعيل بن أبي خالد رواية عن ثابت بن قطبة، إنما ذكروا رواية الشعبي عن ثابت، فقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/457): "روى عنه الشعبي، وأبو إسحاق، وزياد بن علاقة، وسالم بن أبي الجعد سمعت أبي يقول ذلك". كما ذكروا الشعبي من شيوخ إسماعيل بن أبي خالد. فقال المزي في "تهذيب الكمال" (3/70): "وروى عن: ... وعامر الشعبي، ...". وعليه فيحتمل سقوط الشعبي من هذا الإسناد؛ ثم تبين لي هذا الاحتمال، بما أخرجه الطبري في "تفسيره" (7/75) رقم (7580) قال: حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري، قال: أخبرنا محمد بن يزيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن ثابت بن قطنة، قال: سمعت ابن مسعود وهو يخطب، وهو يقول: "يا أيها الناس، ثم ذكر نحوه.

وعبد الحميد بن بيان "صدوق" كما في "التقريب".

كما أن الطبري أخرجه في "تفسيره"(7/75) رقم (7579) من طريق المحاربي، وأبو نعيم في "الحلية" (9/249) من طريق يعلى بن عبيد، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن ثابت بن قطبة، قال: قال عبد الله يعني ابن مسعود-: "عليكم بالطاعة والجماعة فإنها حبل الله الَّذِي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة". وفي رواية المحاربي: "مما تستحبون".

ثم إن الحديث أخرجه الآجري في "الشريعة" (17) من طريق موسى بن أعين، وأبو جعفر ابن البختري (385) من طريق إسحاق الأزرق، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن ثابت بن قطبة، قال: قال عبد الله بن مسعود: فذكره.

وقد ذكروا مجالد بن سعيد من شيوخ إسماعيل بن أبي خالد كما في "تهذيب الكمال" (3/71)، وعليه يكون إسماعيل بن أبي خالد سمع الحديث أولا بواسطة، مجالد بن سعيد، ثم لقي الشعبي فحدثه به، وهذا غير مستنكر أن يرويه على الوجهين.

فتبين بمجموع ذلك سقوط الشعبي، من إسناد اللالكائي، فوجب التنبيه.

ومن هنا يتبين أن الحديث ضعيف مرفوعاً من حديث جابر رضي الله عنه، الذي لم يقف عليه الإمام -رحمه الله-، ولكنه صحيح موقوفاً على ابن مسعود رضي الله عنه من الطريق الذي لم يقف عليه الإمام -رحمه الله-. والله الموفق.

ما كتبته نقلاً من كتابي: "النكت الدواني على مصنفات الإمام الألباني".

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[1] (http://www.alukah.net/Sharia/0/55004/#_ftnref1) ينظر في ذلك "الصحيحة" (416)، (667).







رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/55004/#ixzz2Wjw1RECD