المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذكرات من رحلتي الى الشيخ يحيى بن عبد العزيز اليحيى(حفظه الله)



أهــل الحـديث
18-06-2013, 11:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله وصحابته اجمعين...
اما بعد:
إن اهل الحديث وطلابه هم بهجة الحياة وسرورها وميدان السعادة وعنوانها..وقد القى الله عز وجل في قلبي محبة الحديث واهله منذ الصغر..وقد قدر الله عز وجل لي وهي والله محض منة علي منه سبحانه ان دلني على كتاب "الجمع بين الصحيحين" لشيخنا المفضال يحيى بن عبد العزيز اليحيى(حفظه الله).
كيف كانت البداية:
قبل ان ابدأ في سرد التفاصيل اود ان انبه طلاب العلم الى ان مأخذ العلم الاعظم والسر في النجاح في مسيرة العلم هو اللجوء الصادق الى رب الارض والسموات , فاقرع يا طالب العلم ابواب السماء يفتح الله عليك من لطائف العلم واسراره ما لا يخطر لك على بال.
فاذا اراد الله منة على عبد يسر اسبابها,ففي يوم من الايام وانا مار ببيت والدي(حفظه الله) وانا واقف لم اجلس نظرت الى التلفاز واذا بالشيخ وحيد عبد السلام بالي يختم محاضرة له بالتنبيه على حفظ الصحيحين عن طريق كتاب الشيخ يحيى(حفظه الله) وماكنت سمعت به الا تلك اللحظة فوقع الكتاب في قلبي لا ادري لماذا !
فقلت في نفسي الامر هين , سأُحمله من النت ثم احفظه, وفتحت النت باحثاً عن الكتاب فاذا الحصول عليه من اصعب الصعوبات.وجرني البحث الى مشاركات تتعلق بالكتاب ومؤلفه في هذا الملتقى المبارك..فوقعت على ترجمة الشيخ وحياته وقصة دورات الصحيحين فازداد تعلقي بالكتاب..وحاولت الحصول عليه بشتى الوسائل ولكن دون جدوى..حتى حصلت على رقم جوال الشيخ فاتصلت به فوعدني خيرا وقلت له سابعث اليك عن طريق المعتمرين..لان العراقيين لايسمح لهم السفر الى المملكة الا عن طريق الحج او العمرة.
فاوصيت احد الاخوة من طلاب العلم واعطيته جوال الشيخ وقلت له اتصل بالشيخ واخبره بالقضية سيعطيك الكتاب
– إن شاء الله- .
ولما وصلك الاخ الى المدينة قلت له اتصلت بالشيخ؟ فقال بأن جواله مغلق !!
فجلست وبكيت وبكيت حتى خشيت على عيني من كثرة البكاء.
وسبحان الله بقي جواله مغلق طوال تلك الفترة ومضى وقت العمرة وجاء الاخ ولم يحصل على الكتاب..
ثم بعد ذلك تعرفت على اخ عراقي في هذا الملتقى من طلبة الجامعة الاسلامية في المدينة وقلت له اذا كان يستطيع الحصول على الكتاب..فوعدني خيرا ثم بعد فترة جاءني منه الخبر ان الشيخ لا يعطي الكتاب.
وفي خلال هذه الفترة لفني الحزن واليأس ومضت ايام وايام حتى تعرفت على الشيخ المحدث الدكتور ماهر الفحل(حفظه الله) في هذا الملتقى فقلت لنفسي لكن كيف اتواصل معه؟ وفي هذه الاثناء كنت قد نسيت قضية الحصول عل الجمع بين الصحيحين..
وبحثت عن رقم الشيخ ماهر في مظانه فوجدته..وتواصلت معه اسأله بعض المسائل في علوم الحديث..
ثم عنَ في بالي ان اسأله عن كتاب الشيخ يحيى(حفظه الله) وقيمته العلمية,فقال: ان الكتاب موجود في مكتبتي , فكاد قلبي ان يطير من الفرح بما قال , فقلت له ياشيخ هل استطيع الحصول عليه؟
فقال: نعم سأبعثه لك عن طريق سيارات الاجرة بين الانبار والموصل.
وبقيت انتظر الكتاب فترة من الزمن ولكن دون جدوى..
فاتصلت بالشيخ فقال لم اتمكن من ارساله عن طريق سيرات الاجرة وربما يتأخر ذلك..
وفي قصة يطول شرحها وصل الكتاب برا" وعن الطريق الترابي عبر الصحراء من الانبار الى جزيرة الموصل.. في الثاني عشر من شهر رمضان لعام 1432هـ وهذا كله بمنة من الله وفضل.
الحفظ وتواصلي مع الشيخ يحيى:
ثم تواصلت مع الشيخ يحيى اسأله عن بعض الامور في الحفظ فوجدت منه صدراً رحباً واتفقت معه ان ارحل اليه في رمضان من اجل الاختبار.
وبدأت الحفظ في اواخر شوال وكنت احفظ في كل يوم 6 اوجه ابدأ في الصباح وانتهي من الحفظ قبل الظهيرة , ثم اراجع المحفوظ بعد العصر واكرره حتى المغرب ثم اسمعه لامام المسجد - الذي اصلي فيه- بعد صلاة العشاء..
وكنت اواجه صعوبات كبيرة ومعاناة شديدة في بداية الحفظ..
واستشرت الاخوة من المجربين في الحفظ في دورات الصحيحين وغيرها من الاعضاء في هذا الملتقى فاشاروا علي في طرائق الحفظ وكيفيات الاختبار فاجادوا وافادوا, منهم الاخ امجد والاخ البرقاوي، ووغيرهم جزاهم الله خيراً.
وواصلت طريق الحفظ محفوفة بالمكاره في مجتمع اهل العلم فيه قلة قليلة فضلاً عن طلاب العلم..
كنت كلما ضعفت العزيمة وتقهقرت الهمة فتحت صفحات هذا الملتقى فلا اكاد اغلقه حتى يلتهب الحماس وتتعاظم الهمم.
فانطلق في مسيرة الحفظ بكل جد ونشاط..
وفي كثير من الاحيان كنت اذا مررت بالاحاديث الطويلة اقف امامها فاقول يارب ومن انا حتى احفظ هذه الاحاديث بطولها وصعوبة كلماتها..فاضع الكتاب جانباً ثم اصف قدمي بين يدي رب الارض والسموات, فاذا جاء السجود ابتهلت الى الله ؛ يارب اعني فلاحول لي ولا قوة الا بك اعني على حفظ هذا الحديث , فيفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه الامر العظيم , فاذا قضيت الصلاة اقبلت على الكتاب فابدأ بالحديث لاجد اموراً ما كانت تخطر لي على بال , فاقول: سبحانك يارب لولاك ما هتديت ولا حفظت ولافهمت فتفيض عيناي بالدموع الغزار حمدا وشكرا للواحد القهار..
كنت في الحفظ انتقل من حديث الى حديث كأني في جنة غناء انتقل فيها من روضة الى روضة..فاحياناً اتعجب واحياناً اضحك واحياناً اخرى ابكي.
عشت في تلك المدة اجمل فترات الحياة وكلما اقترب الموعد ازداد الشوق الى اللقاء باهل العلم الفضلاء.
وبدأت الرحلة:
في التاسع من شهر رمضان بدأ المسير , وحطت ركائبنا ارض المطار(مطار اربيل الدولي في كردستان العراق) وما كنت جربت السفر من قبل في حياتي..
وفي المطار وقبل الرحلة بساعات فكرت مع نفسي وقلت لا ادري اين الشيخ في مكة ام في المدينة؟؟
فارسلت للشيخ اسأله عن مكان اقامته لان الامر يتعلق بالاحرام للعمرة.. ان كانت الوجهة الى البلد الحرام ولكني لم احظ منه برد فقررت ان اولي وجهي شطر المسجد الحرام فقد غلب على ظني انه هناك ..وفي لحظات نادى القائمون على المطار بحزم الامتعة واحضارها لنقلها الى ملحق الطائرة..فتسارعنا ملبين للنداء وبعد ان تم نقل الامتعة تذكرت ان ملابس الاحرام مع المتاع وقد ذهبت الى ملحق الطائرة حاولت جاهدا اخراجها ولكن جدوى..
ثم ركبنا الطائرة مسافرين وكانت الوجهة "مطار جدة" وركبت بلا احرام وقد تحتم علي السفر من جدة الى المدينة بدلا" من مكة..فقلت في تفسي (اردت عمروا واراد الله خارجة) وعسى ان تكرهوا شيئا" ويجعل الله فيه خيرا كثيرا لاني علمت مؤخرا ان الشيخ في المدينة وليس بمكة...
وخلف كرسي الشيخ ابي بكر الجزائري في المسجد النبوي كان الموعد واللقاء
فارسلت للشيخ رسالة بأني الان قد وصلت الى المدينة واني اريد اللقاء به على الاجل الذي اجله لي , فقال لي بان موعد اللقاء خلف كرسي الشيخ الجزائري بعد صلاة التراويح , ومن بديع العبارات التي كتبها لي في رسالته ناداني" يا غالي" والتي لا انساها , وفي هذه الاثناء كان اصحابي الذين كنت في حملتهم في العمرة قد سبقوني في الوصول الى المدينة بايام , وفي اليوم الذي وصلت فيه المدينة التقيت بهم فقالوا بنا قد ازمعنا الرحيل الى مكة , وهذا يعني بالنسبة لي اني سأكون بلا سكن فقلت لهم سيروا على بركة الله فاني انما جئت لاختبر عند الشيخ واعطيتهم متاعي كله الا كتبي التي سأختبر بها مع ملابس الاحرام واشياء اخرى.. فساروا الى مكة وبقيت وحيدا"
وكلما اقترب موعد اللقاء بالشيخ ازداد شوقي , وحملت ما بقي من متاعي, وصرت اسأل عن كرسي الجزائري فاشاروا اليه فجئت وفي من التعب ما الله به عليم اسفار متصلة مع الصيام وشدة الحر , فوضعت كتبي خلف السارية بالقرب من كرسي الشيخ الجزائري , وصليت التراويح بين "النائم واليقضان" واسندت ظهري الى السارية انتظر الشيخ , "فغلبتني عيناي" فما استيقضت الا في اخر الليل , فجلست ونظرت الى الساعة فاذا هي بعد الثانية بعد منتصف الليل فاصابني من الهم ما الله به عليم فنظرت الى الجوال فرأت مكالمات الشيخ لم ارد عليها لاني كنت نائما , فلما كان اليوم الثاني اتصلت به فاخبرته بان النوم غالبني فقال لا بأس القاك في نفس الموعد والمكان..
يتبع – ان شاء الله - .