المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصحاب وأمة محمد وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام في القرآن الكريم



أهــل الحـديث
17-06-2013, 07:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

من فضل الله عزوجل على أمة الإسلام أن جعل رسولهم عليه الصلاة والسلام سيد الأنبياء جميعاً و جعل أصحابه المقربون خيرة أصحاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام و جعل أمته خير الأمم. فالرسول صلى الله عليه وسلم هو خير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لقوله تعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم ) فهذه الآية الكريمة تشير إلى مدح الله الملك العظيم للحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم بأنه صاحب الأخلاق العظيمة وهذا المدح لم يرد على الإطلاق بحق أي أحد من الأنبياء عليهم الصلاة و السلام جميعا في القرآن الكريم. كذلك عندما كان الله عزوجل يخاطب الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كان يخاطبه عليه الصلاة والسلام بتشريف و تكريم لقب النبي أو لقب الرسول وهو لقب لا يضاهيه أي لقب من إمبراطور أو سلطان أو ملك، لقوله تعالى (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين)، ( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر .....)، بينما عندما كان الله عزوجل يخاطب باقي الأنبياء عليهم الصلاة و السلام جميعاً فكان يخاطبهم سبحانه و تعالى بأسمائهم المجردة من أي لقب، كقوله تعالى (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وامي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب )، وكقوله تعالى ( وما تلك بيمينك يا موسى، قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى)، وكقوله تعالى ( قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم)، وكقوله تعالى ( وناديناه أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين ). أيضاً عند تدبر قوله تعالى ( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم و أخذنا منهم ميثاقا غليظا ) نجد أنه عندما أخذ الله عزوجل من النبيين عهدهم المؤكد بأن يفوا بما إلتزموا وأن يصدق بعضهم بعضا وأن يؤمنوا برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ورسالاتهم، قَدمَ سبحانه وتعالى ذكر الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم تكريماً و تشريفاً لمكانته العظيمة ثم من بعد ذلك ذكر الله عزوجل الأنبياء بالترتيب كل حسب وجودهم في الزمان. إذا فيبدو واضحاً أن كل هذه النصوص القرآنية المذكورة أعلاه تُفيد وتشير إلى حقيقة أن الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هو خير وسيد الأنبياء عليهم الصلاة و السلام جميعاً.

وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم هو خير وسيد البشرية جمعاء لأنه كون الأنبياء عليهم الصلاة و السلام جميعاً هم خيرة وسادة البشر وذلك طبعا بديهي لأنهم المثل الأعلى والقدوة في عبادة الله الملك العظيم، وكون الرسول صلى الله عليه و سلم هو خير وسيد الأنبياء عليهم الصلاة و السلام جميعاً كم وُضح ذلك أعلاه فبالتالي هو خير وسيد البشرية جمعاء. فعند التأمل في قوله تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) نجد أن الآية الكريمة تُشير إلى أن أمة الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هي خير الأمم لأنها هي الأمة التي اصطفاها واختارها الله عزوجل من بين الأمم من أجل أن تكون خيرا للناس وكون الرسول صلى الله عليه و سلم هو سيد وخير أمة الإسلام لأن النبي أو الرسول هو أشرف الناس في أمته أو قومه فبالتالي نستنتج أن الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هو خير وسيد البشرية جمعاء لأن أمته خير الأمم وهو خير أمته فبالتالي هو خير وسيد البشرية جمعاء. كذلك عند تدبر قوله تعالى ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) نجد أن معيار التفاضل في المنزلة عند الله عزوجل هي التقوى التي هي عبارة عن الإيمان و الإخلاص والطاعة والإنقياد لله الملك العظيم وبما أن الأنبياء عليهم الصلاة و السلام جميعا هم أتقى الناس وخيرهم لأنهم أقربهم إلى الله سبحانه وتعالى وبما أن الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هو خير الأنبياء وسيدهم كما أُثبت سابقا فبالتالي هو خير وسيد البشرية جمعاء. ولكن يجب التنبيه إلى نقطة مهمة جداً وهي أنه لا يجوز المفاضلة بين الأنبياء والرسل على وجه التخصيص أي (فاضل ومفضول) لقوله عليه الصلاة والسلام (لا تفضلوا بين أنبياء الله فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السموات و من في الأرض إلا ما شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي و لا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متى ) ولكن نؤمن ونصدق بأن الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هو خير وسيد الأنبياء على وجه العموم دون تخصيص وأن الأنبياء هم خيرة وسادة البشر جميعا وهم إخوة لكل واحد منهم ميزة فعلى سبيل المثال ( محمد حبيب الله، آدم صفي الله، إبراهيم خليل الله، موسى كليم الله، عيسى روح الله ). فالله عزوجل هو من أعطى هذه المنزلة العظيمة للحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم وهو المالك وحده لا شريك له والخالق لأرواحهم الطاهرة النقية، وهو سبحانه وتعالى من يتصف بصفات الكمال فهو لا يتبع الهوى ولا يظلم أحدا، مما يعني أنه عزوجل وحده القادر على أن يُفاضل بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ )، بينما نحن البشر لسنا معصومين و لسنا محصنين من الهوى فبالتالي نخاف إذا ما عملنا مقارنة بين الأنبياء عليهم الصلاة و السلام أن نقع في الخطأ سواء بقصد أو بدون قصد والخطأ في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعا هو جريمة عظيمة.

أما خيرة أصحاب الأنبياء المقربون، الذين هم خيرة الأتباع، فهم صحابة الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم الذين هم أفضل و خير من أصحاب سيدنا موسى وسيدنا عيسى عليهم الصلاة والسلام، كما أن أصحاب سيدنا عيسى عليه السلام أفضل وخير من أصحاب سيدنا موسى عليه السلام. فعند تدبر قوله تعالى ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ) نجد أن السبعين رجلا من خيار قوم سيدنا موسى عليه السلام الذين إختارهم عليه الصلاة والسلام ليعتذروا إلى الله عزوجل عن عبادتهم العجل، لما ذهبوا إلى طور سيناء مع سيدنا موسى عليه السلام طلبوا منه أن يسمعوا كلام الله عزوجل لسيدنا موسى عليه السلام في أمره و نهيه سبحانه و تعالى له، فلم سمعوا طلبوا ما هو أعظم حيث أنهم شرطوا أن يروا الله الملك العظيم جهرة حتى يصدقوا أن ما يسمعوه هو كلام الله عزوجل والعياذ بالله من هكذا عتو وإستكبار وجحود. بينما عند تدبر قوله تعالى ( إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين* قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين* قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين* قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين )، نجد أنه عندما طلب الحواريون من سيدنا عيسى عليه السلام أن ينزل الله عزوجل المائدة عليهم، استغرب سيدنا عيسى عليه السلام من طلبهم وقال لهم بأن لا يشكوا في قدرة الله الملك العظيم القادر فكان جوابهم أنهم يطلبون هذه الآية الربانية وهم مصدقون بأن سيدنا عيسى عليه السلام هو رسول الله إليهم ولكن ليزداد إيمانهم ويقينهم بالله عزوجل فتسكن و تطمئن قلوبهم. أما عند تدبر قوله تعالى ( لله ما في السموات والأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) نجد أنه عندما سمع الصحابة رضي الله عنهم جميعا هذه الآية اشتد عليهم ذلك وشعروا بمدى صعوبة هذا الإمتحان بأن يحاسبهم الله عزوجل على السر والعلن ولكن عندما أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالسمع و الطاعة فعندئذ أقر الصحابة رضي الله عنهم جميعا بالآية وذلت بها ألسنتهم وعندئذ نزلت الآية الكريمة ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله عزوجل الآية الكريمة ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ). إذا يبدو واضحاً كيف أن أصحاب سيدنا موسى عليه السلام يوجد في قلوبهم إيمان غير مكتمل مع عدم اليقين بالله الملك العظيم يتمثل في إشتراطهم رؤية الله عزوجل حتى يصدقوا أن ما يسمعوه هو كلام الله عزوجل، بالإضافة إلى عتو واستكبار في أنفسهم تجاه أوامر الله عزوجل. بينما في المقابل، نجد بكل وضوح كيف أن أصحاب سيدنا عيسى عليه السلام يوجد في قلوبهم إيمان يشوبه بعض الإرتياب والشك أي عدم اليقين الكامل الراسخ بالله الملك العظيم ولكنهم لا توجد لديهم نزعة الإستكبار الموجودة في أصحاب سيدنا موسى عليه السلام وإنما توجد لديهم الحاجة والفقر إلى الطمأنينة والسكينة ولذلك سألوا نبيهم عليه السلام أن يُنزل الله عزوجل عليهم آية المائدة لترسخ هذه المعجزة الإيمان في قلوبهم فيتولد اليقين بالله سبحانه وتعالى في قلوبهم. أما بالنسبة لأصحاب الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم فنجد بكل وضوح أنه في قلوبهم إيمان كامل مع يقين راسخ بالله الملك العظيم يتمثل في تصديقهم وإستجابتهم لكلام الله سبحانه وتعالى بالإنقياد والخضوع والإستسلام الكامل لله عزوجل والذي يتمثل في الطاعة الكاملة لله عزوجل بدون أي شروط. إذا فيبدو واضحا كيف أن صحابة الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هم خيرة أصحاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعا بما يحملون في قلوبهم من إيمان كامل ويقين راسخ، ثم نجد أن أصحاب سيدنا عيسى عليه الصلاة و السلام هم خير من أصحاب سيدنا موسى عليه السلام وذلك لما يحملونه في قلوبهم من إيمان مع عدم يقين راسخ، ومن بعد ذلك نجد أصحاب سيدنا موسى عليه السلام يحملون في قلوبهم إيمان غير مكتمل مع عدم يقين راسخ.

أما بعد أن تم إثبات أن خيرة أصحاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعا هم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، فخيرتهم هم الخلفاء الراشدون على وجه العموم دون أن يكون هنالك فاضل ومفضول مرتبين حسب وجودهم في الخلافة الإسلامية وهم أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا. فمجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة التي ذُكرت في حق هؤلاء الصحابة الطاهرون هي التالية: الأحاديث التي ذُكرت في حق أبوبكر الصديق رضي الله عنه (( قال محمد بن الحنفية: قلت لأبي- علي بن أبي طالب رضي الله عنه-: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال: أبوبكر قلت: ثم من ؟ قال: عمر، وخشيت أن يقول عثمان قلت: ثم أنت ؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين ))، أيضا (( قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سُد إلا باب أبي بكر.))، أيضا (( قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه و سلم: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. قال قلت: من الرجال؟ قال: أبوها )). أما الأحاديث النبوية الشريفة في حق عمر بن الخطاب رضي الله عنه (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب قال وكان أحبهما إليه عمر ))، وأيضا (( عن علي رضي الله عنه قال: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه و سلم أبو بكر ثم خيرها بعد أبي بكر عمر رضي الله عنه ثم يجعل الله الخير حيث أحب )) وأيضا (( عن أبي ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به )). أما الأحاديث النبوية الشريفة في حق عثمان بن عفان رضي الله عنه (( عن أنس قال: صعد النبي صلى الله عليه و سلم أُحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف، فقال (( أُسكن أُحد- أظنه ضربه برجله- فليس عليك إلا نبي و صديق و شهيدان)) وأيضا (( عن عبد الله بن حوالة أن رسول الله صلى اله عليه و سلم قال: من نجا من ثلاث فقد نجا- ثلاث مرات: موتي و الدجال وقتل خليفة مصطبر بالحق مُعطيه )) و أيضا (( عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال و الحرام معاذ بن جبل، وأقراها لكتاب الله أُبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح )). أما الأحاديث النبوية الشريفة في حق علي بن أبي طالب رضي الله عنه )) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: يا علي من فارقني فارق الله ومن فارقك يا علي فارقني))، وأيضا (( قال الرسول صلى الله عليه و سلم لفاطمة: أما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما ))، وأيضا )) قال الرسول صلى الله عليه و سلم لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى )).
فهذه الأحاديث النبوية الشريفة تُبطل جميع الشكوك والأوهام بأن هنالك تعارض أو اختلاف أو عدم انسجام بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه من جهة، وبين أبو بكر وعمر و عثمان رضي الله عنهم من جهة اخرى. فهذه الأحاديث النبوية الشريفة المذكورة أعلاه توضح وتبين فضائل الخلفاء الراشدون الأربع بالإضافة إلى أنها توضح كيف أنهم جميعا مقربون من الرسول صلى الله عليه و سلم وحاشى لله الملك العظيم سبحانه و تعالى أن يجعل في أي أحد من الصحابة المقربون من الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أي شيء معيب سواء من نفاق أو رياء أو غش أو خداع أو سوء خُلق. إضافة إلى ذلك رُب ضارة نافعة فعندما حصل تعارض واختلاف بين رؤية علي رضي الله عنه للحق ورؤيته لما فيه خير لأمة الإسلام من جهة ورؤية معاوية للحق ورؤيته لما فيه خير لأمة الإسلام من جهة أخرى، حصل صدام بينهما مع الإشارة إلى أن علي رضي الله عنه هو أتقى وأعدل وأصلح من معاوية وهذا لا يُنقص من مكانة وشأن معاوية الكريم كصحابي في الإسلام. مما يعني أنه لو كان هنالك قدر من الخلاف والتعارض حتى ولو كان بسيط بين علي رضي الله عنه وبين أبو بكر أو عمر أو عثمان رضي الله عنهم جميعا لظهر هذا الخلاف وربما لكان تحول إلى صدام، وحاشى لآل البيت وعلى رأسهم علي رضي الله عنه أن يسكت عن الحق و لا يظهره إذا رأى (لا قدر الله ) أي باطل من أبوبكر أو عمر أو عثمان رضي الله عنهم جميعا وحاشى لهم أن يخرج منهم ذلك، فالشهيد الحسين رضي الله عنه (سبط رسول الله) ضحى بحياته ونال الشهادة في سبيل الله من أجل أن يظهر الحق ويزهق الباطل المتمثل في الفاسق المجرم يزيد بن معاوية. والحمد لله رب العالمين أن أهل السنة و الجماعة من أتباع الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هم يُصدقون ويخلصون ويحبون الرسول صلى الله عليه و سلم رسول الحق والرحمة للبشرية جمعاء، قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) وكذلك يحبون ويحترمون آل البيت الطاهرين من علي و الحسن و الحسين وغيرهم رضي الله عنهم جميعا وأيضا يحترمون ويقدرون أمهات المؤمنين عائشة و خديجة وغيرهن رضي الله عنهن جميعا وكذلك يحترمون ويحبون الصحابة الكرام أبو بكر و عمرو عثمان و علي رضي الله عنهم جميعا، فآل البيت الطاهرين و الصحابة الكرام هم يستمدون نورهم من نور الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كما يستمد القمر نوره من ضياء الشمس.

أما خير الأمم فهي أمة الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثم أمة سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ثم أمة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام. فعند تأمل قوله تعالى ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون )، نجد كيف أن قلوب معشر اليهود، وهم أمة سيدنا موسى عليه السلام قد قست فأصبحت كالحجارة وبعضها أشد قسوة من الحجارة كالحديد مثلا فلا يؤثر فيها وعظ ولا تذكير حتى بعد رؤية المعجزات الباهرة ثم يقول الله سبحانه و تعالى أنه حتى الحجارة فمنها من تتدفق من خلالها الأنهار الغزيرة ومن الحجارة ما يتصدع إشفاقا من عظمة الله فينبع منه الماء ومنها يتفتت ويتردى من رؤوس الجبال من خشية الله فللأسف الحجارة تلين وتخشع وقلوب اليهود لا تتأثر و لا تلين من خشية الله عزوجل ولكنه سبحانه و تعالى يخبرهم بأنه هو الملك العظيم الرقيب على أعمالهم لا تخفى عليه خافية ويتوعدهم ويهددهم بأنه سيجازيهم على أعمالهم يوم القيامة. بينما عند تأمل قوله تعالى (ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم واتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا إبتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فأتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون) نجد أن الله عزوجل جعل في قلوب الذين اتبعوا سيدنا عيسى عليه السلام،وهم الحواريون ومن سار على نهجهم من أمة سيدنا عيسى عليه السلام، الرأفة و الرحمة و الخشية من الله عزوجل فهنا يبدو واضحا كيف أن الرأفة و الرحمة هي التربة الخصبة التي ينبت فيها شجرة الإيمان بالدين، فالدين هو رحمة للناس لقوله تعالى ( وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين ) فهذه الآية الكريمة تُشير إلى أن الله عزوجل بعث الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم بدين الإسلام رحمة للبشرية جمعاء. أما عند تأمل قوله تعالى (والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة ) نجد المؤمنين من أمة الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يصومون و يصلون و يتصدقون و بالرغم من ذلك هم يخافون أن لا يُتقبل منهم فيُسارعون في الخيرات.

إذا يبدو واضحا كيف أن قلوب أمة سيدنا موسى عليه السلام وهم اليهود شديدة القسوة فلا تلين وتخضع وتخشى من مخافة الله عزوجل فتعصي الله عزوجل وتغضبه سبحانه و تعالى. بينما قلوب أمة سيدنا عيسى عليه السلام فيها رأفة و رحمة ورقة فتخضع هذه القلوب وتلين لطاعة الله عزوجل وتخشى معصيته و إغضابه سبحانه و تعالى. أما قلوب أمة الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم نجدها في أقصى درجات الرقة و الرحمة و الخشية من الله عزوجل فهم يصومون ويتصدقون ويعملون غير ذلك من الأعمال الصالحة ومع ذلك يخافون أن لا يُقبل منهم خوفا من التقصير في أداء الطاعات فبدل أن يتولد لديهم إحباط أو يأس كما هو متوقع من أي نفس بشرية، على العكس يزدادوا رغبة و طمعا في رحمة الله عزوجل فيسارعون في الخيارات وهذا ما يُمثل حقيقة قمة العبودية وقمة التذلل لله الملك العظيم فتأبى قلوبهم إلا أن تقف على أبواب رحمة ورضوان الله الملك العظيم تتوسل رحمته ورضوانه سبحانه وتعالى. مما يعني بوضوح شديد وجلي كيف أن أمة الحيبب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هي خير وأفضل من أمة سيدنا عيسى عليه السلام لشدة إخلاصها في عبادة الله عزوجل وتعظيمها له سبحانه و تعالى، فالصحابة رضي الله عنهم جميعا الذين هم جزء أصيل من أمة الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يُعرفون بأنهم فرسان في النهار ورهبان في الليل، ثم نجد أن أمة سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام هم خير وأفضل من أمة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام للرأفة والرحمة في قلوبهم و حبهم لطاعة الله الملك العظيم ونيل رضوان الله سبحانه و تعالى، أما بالنسبة لأمة سيدنا موسى عليه الصلاة و السلام فللأسف فقلوبهم قاسية لا تخضع ولا تلين من خشية الله عزوجل فبالتالي تعصى الله عزوجل وتُغضبه بدلا من أن تُطيعه وتمتثل لأوامره سبحانه وتعالى ولكن بالرغم من ذلك فإن أمة سيدنا موسى عليه الصلاة و السلام هي أفضل و خير من غيرها من الأمم صاحبة العقائد الغير سماوية. فالحمد لله رب العالمين الذي أنعم على المسلمين بنعمة دين الإسلام الحنيف الناسخ لجميع الشرائع السماوية التي سبقته، والذي خصهم بخير الرسل والأنبياء جميعاً وهو الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وخصهم بخيرة صحابة وأتباع الأنبياء وجعلهم من خير الأمم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.