المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإيمان والشرك الأصغر



أهــل الحـديث
15-06-2013, 08:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الإيمان بالله سبحانه وتعالى هو الذي يدفع المؤمن إلى عبادته سبحانه و تعالى وطاعته فمن أحد أوجه الإيمان بالله الملك العظيم في الإسلام أن يكون الله عزوجل والرسول صلى الله عليه و سلم أحب إلى المؤمن من سواهما لقوله عليه الصلاة والسلام ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) ولكن من أعظم أوجه الإيمان بالله سبحانه و تعالى أن يُحب المؤمن ما تكرهه نفسه الأمارة بالسوء،(إلا ما رحم ربي)، فقط لأن الله عزوجل يحبه ويأمره بذلك، فعلى سبيل المثال النفس تكره الموت في الجهاد في سبيل الله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أو من قلة يا رسول الله؟ قال الرسول صلى الله عليه و سلم: بل أنتم كثير، و لكنكم غثاء كغثاء السيل، و لينزعن الله المهابة من قلوب أعدائكم منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال الرسول صلى الله عليه و سلم: حب الدنيا و كراهية الموت)، بينما المؤمن يحب الموت في الجهاد في سبيل الله من أجل إعلاء كلمة الله سبحانه و تعالى ومن أجل الدفاع عن المسلمين وعن الوطن الإسلامي وعن أهل الكتاب في الوطن الإسلامي ، مقابل الجزية التي يدفعونها والتي يُعفى منها فقراؤهم، وعن المظلومين في العالم لقوله تعالى ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) ومن أساس العدل هو رفع الظلم عن الناس وإعطاؤهم حقوقهم فإذا كان جيش المسلمون قوي وله القدرة على رفع الظلم عن غير المسلمين فيجب القيام بذلك من أجل تحقيق العدل وإظهار عدالة الإسلام العظيمة وحب الإسلام للعدل وللحق حتى ولو كان في حق أو في صالح غير المسلمين. كذلك مثال آخر، النفس الأمارة بالسوء توسوس لصاحبها كي يعصي الله عزوجل ولكن المؤمن يجاهد نفسه الجهاد الأكبر في طاعة الله سبحانه وتعالى، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات )، فيبدو واضحاً كيف أن السعي إلى الجنة يكون بترويض النفس على طاعة الله عزوجل وهذا ما يشق على النفس الأمارة بالسوء وما تكرهه فعلى سبيل المثال، النفس الأمارة بالسوء تكره أن يُشبع المؤمن غريزته وميولاته العاطفية على وجه العموم في الزواج فقط وهذا ما يحبه الله عزوجل بينما النفس الأمارة بالسوء تُحب أن يُشبع المؤمن غريزته وميولاته العاطفية في الزواج وغيره كالزنا. أيضا مثال آخر النفس الأمارة بالسوء تكره أن يكسب المؤمن المال الحلال وهذا ما يحبه الله عزوجل بينما النفس الأمارة بالسوء تُحب أن يكسب المؤمن المال الحلال والحرام فمن أجل ذلك عندما يستطيع المؤمن أن يُجبر نفسه الأمارة بالسوء رُغم أنفها على أن تُحب ما تكرهه فعندئذ ينجح المؤمن في ترويض نفسه كما ينجح الفارس في ترويض الفرس الجموح كما نجح السلف الصالح في ذلك، وبالتالي يُصبح هوى المؤمن وميول نفسه تبعاً لما أمر به الله عزوجل والرسول صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به).

أما في المقابل فهنالك ثلاث حالات لإرتكاب المعاصي وهي التالية: الحالة الأولى: وهي أن يستحل المسلم المعصية، أي يعتقد بأنها حلال، فهو بذلك يحلل ما حرم الله عزوجل وبالتالي يصبح المسلم (والعياذ بالله) كافر لوقوعه في هاوية الشرك الأكبر السحيقة لقوله تعالى ( وإتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ). بينما الحالة الثانية: المسلم يرتكب المعصية مع الإقرار بأنها حرام وبأنه مخطئ لإرتكابه المعصية ومع ثباته على كراهية المعصية فيكون سبب إرتكابه لها هو أنه يضعُف أمام هذه المعصية التي يرتكبها، قال تعالى ( وخلق الإنسان ضعيفا ) وبالتالي نفسه تلومه كلما ضَعُفَ أمام هذه المعصية، قال تعالى ( ولا أقسم بالنفس اللوامة )، والأمثلة على هذه الحالة كثيرة منها النظر إلى الحرام، الغيبة، النميمة، الحسد، الزنا، السرقة وغيرها. ففي هذه الحالة، يجتمع العقل السليم الذي يستطيع أن يُميز بين الخطأ و الصواب بإعتقاده أن المعصية حرام وبإعترافه أنه مخطئ لإرتكابه المعصية، مع القلب السليم جزئيا لإقترافه المعصية لقوله عليه الصلاة والسلام ( إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نقطة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع وأستغفر صقل منها وإن زاد زادت حتى يغلف بها قلبه )، ولكن النفس اللوامة تكره المعصية وتلوم صاحبها على إرتكابها. مما يجعل العبد المسلم في هذه الحالة يجمع إغضاب الله سبحانه و تعالى مع إرضاء الشيطان اللعين في عمله دون قلبه وبالتالي يكون الإيمان في هذه الحالة غير مكتمل لأن الإيمان يشمل عمل القلب من محبة وكراهية و عمل الجوارح معاً، مع الإشارة إلى أن قول اللسان هو يقع تحت عمل الجوارح. فعمل الجوارح في هذه الحالة خالف القلب بإرتكاب الجوارح للمعصية التي يكرهها القلب مما يجعل مرتكب المعصية يعزم وينوي على التوبة في أقرب وقت ممكن قبل أن يتوفاه الله عزوجل لأن نفسه اللوامة التي هي في داخل قلبه تلومه على إرتكاب المعصية. فحتى يحين وقت توبته يُكتب عند الله سبحانه و تعالى مسلم عاصي ويُعاقب على إرتكابه هذه المعاصي سواء كانت صغيرة أو كبيرة من الكبائرفي الآخرة إلا إذا شاء الله الملك العظيم العفوالغفور الحكيم أن يغفر له تلك المعاصي والذنوب بالرغم من عدم توبته في الدنيا لقوله تعالى ( إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ). أما إذا تاب وكانت توبته صادقة فإنه عزوجل يغفر له ويرحمه لقوله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا*وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب(.

أما الحالة الثالثة: المسلم يرتكب المعصية مع الإعتقاد بأنها حرام والإقرار بأنه مخطئ لإرتكابه المعصية ولكن للأسف مع حبه وعدم كراهيته لهذه المعصية مما يعني أن سبب إرتكابه لهذه المعصية هو أنه ليس ضعيف بل مستسلم بالكُلية أمام هذه المعصية لأن نفسه لا تلومه على إرتكاب المعصي. ففي هذه الحالة، يجتمع العقل السليم الذي يستطيع أن يُميز بين الخطأ و الصواب بإعتقاده أن المعصية حرام وبإعترافه أنه مخطئ لإرتكابه المعصية ، مع القلب الفاسد جزئيا وليس كليا بسب حبه للمعصية وعدم كراهيتها مع وجود حيز من الصلاح في هذا القلب لأن القلب يفسد كليا عندما يشرك أو يكفر بالله عزوجل لأن أعمال الكافر كلها محبطة وغير مقبولة عند الله سبحانه و تعالى فهو مخلد في النار مع الإشارة إلى أن أعمال الكفار الخيرة في ما دون العقيدة أو الإعتقاد بالله هي تُخفف العذاب عن الكافر فقط فعلى سبيل المثال الكافر الصادق خير من الكافر الكاذب والكافر الأمين خير من الكافر السارق أو الخائن وهكذا. ففي هذه الحالة، لا توجد نية للتوبة عند هذا العبد المسلم العاصي لأن نفسه لا تلومه على إقتراف المعصية فعندئذ تُمثل هذه الحالة الشرك الأصغر لأن صاحبها جمع إرضاء الشيطان اللعين مع إغضاب الله سبحانه و تعالى في قلبه وعمله معا لإقترافه المعصية و حبه لها في قلبه، تماماً كحالة الشرك الأصغر عندما يقصد المسلم الرياء مع الله عزوجل في عمل الطاعة لأنه يجمع بين إرضاء نفسه وإرضاء الله عزوجل في عمل الطاعة، ففي عمل الطاعة يُمكن الجمع بين إرضاء الله سبحانه وتعالى وإرضاء النفس لأنه سبحانه وتعالى يأمُر بعمل الطاعة وكذلك النفس ترضى عندما تُمدح لعمل الطاعة، بينما لا يُمكن الجمع بين إرضاء الشيطان وإرضاء الله عزوجل في إقتراف المعصية لإنهما متضادان وإنما يُمكن الجمع بين إغضاب الله سبحانه وتعالى (والعياذ بالله) مع إرضاء الشيطان اللعين في عمل المعصية. والدليل على أن هذه الحالة تُمثل الشرك الأصغر هو أن صفة الإيمان، الذي يشمل عمل القلب من محبة و كراهية وعمل الجوارح (بما فيها قول اللسان) معا، تنتفي عند العبد المسلم في هذه الحالة لأن كل من قلبه و جوارحه خالفوا أمر الله عزوجل وعصوه فالإيمان والشرك الأصغر لا يجتمعان في العبد المسلم وإنما يبقى العبد المسلم في هذه الحالة دون مرتبة الإيمان. فبالتالي فإن هذا العبد المسلم العاصي سوف يتعايش مع إرتكاب المعاصي بحيث أنه يستمرئ إرتكاب المعاصي مع عبادة الله عزوجل في النواحي الأخرى فحقيقة هذا يحدث في وقتنا المعاصر فتجد بعض من الناس يعترف على سبيل المثال بأن إرتكاب النميمة والإستغابة والنظر إلى الحرام هي معصية ومع ذلك يحبها و يرتكبها، فتُكتب كل معصية يرتكبها هذا المسلم العاصي ويُعاقب ويُحاسب عليها على قدر فُحش وبشاعة هذه المعصية عند الله الملك العظيم العدل، قال تعالى ( ومن يفعل مقدار ذرة شره يره). فهناك حديث نبوي شريف يُوضح ويُبين مفهوم حالات المعصية المذكورة أعلاه وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)، فهذا الحديث النبوي الشريف يشير إلى حقيقة أن صفة الإيمان تنتفي عن المسلم عندما يرتكب معصية الزنى أو السرقة أو شرب الخمر وغيرها من المعاصي ويبقى هذا الإنتفاء واقع على صاحبه المسلم حتى يتوب لله عزوجل ويترك فعل المعصية ويلتزم بطاعته سبحانه وتعالى فيصبح من المؤمنين (إن شاء الله تعالى ) لأنه نجد أن صفة الإيمان تنتفي (حين يزني) و(حين يسرق) و(حين يشربها) أي عندما يرتكب هذه المعاصي أو غيرها لأن كلمة (حين) هي ظرف زمان بمعنى (عندما) وبالتالي فإن إنتفاء صفة الإيمان هو مؤقت لأنه مقرون فقط بعمل هذه المعاصي. وهنا نجد أن إنتفاء صفة الإيمان عن العبد المسلم في هذا الحديث يشمل كلتا الحالتين الثانية والثالثة، ففي الحالة الثانية ينطبق عليها إنتفاء صفة الإيمان لأن الإيمان غير مكتمل كما قال الإمام النووي (رحمه الله تعالى) في شرح هذا الحديث فقال أن المراد في الحديث هو نفي كمال الإيمان لأن هذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله كقول (لا علم إلا ما نفع) أو قول ( لا عيش إلا عيش الآخرة)، وكذلك الحالة الثالثة ينطبق عليها إنتفاء صفة الإيمان بالكلية عن العبد المسلم لوقوعه في الشرك الأصغر .

وفي النهاية، فإن عمل الحسنات يهدي صاحبه إلى الجنة، أما إقتراف السيئات يُضل صاحبه ويوصله إلى جهنم، ولكن عظمة رحمة الله الرحمن ودوام رحمة الله الرحيم تتجلى في كيفية كتابته سبحانه وتعالى الحسنات للمسلم والسيئات على المسلم كما أخبرنا الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فمن رحمته عزوجل أنه عندما ينوي المسلم ويعزم في قلبه على عمل الحسنة مع عدم إستطاعته فعلها بغض النظر عن سبب ذلك، فإنها تُكتب له حسنة بالرغم من عدم فعلها وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام (إن ربكم عز وجل رحيم . من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ) مما يعني أن المسلم يبلغ مبلغ عمل الحسنة بمجرد عزمه على فعلها في قلبه. وكذلك من رحمته وعفوه سبحانه و تعالى أنه عندما ينوي المسلم ويعزم في قلبه على عمل السيئة فإنها لا تُكتب له سيئة إلا عند إقترافها، أما لو ترك فعلها فقط من أجل الله عزوجل، أي تركها خشية من الله سبحانه وتعالى أو حباً لله عزوجل، فإنها تُكتب له حسنة لحديث أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم: قال: (قالَتْ الْمَلَائِكَةُ رَبِّ ذَاكَ عَبْدُكَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً وَهُوَ أَبْصَرُ بِهِ فَقَالَ ارْقُبُوهُ فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِمِثْلِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَّايَ). مما يُظهر بوضوح عظمة رحمة الله عزوجل إذ أن الحسنة تُكتب للمسلم بمجرد العزم على فعلها في القلب بينما السيئة لا تُكتب للمسلم بمجرد العزم على فعلها في القلب وإنما تُكتب له عند فعلها فقط.
ومن رحمته وكرمه عزوجل أنه عندما يفعل المسلم الحسنة فإنها تُكتب له بعشر أمثالها ، ثم بالنية المخلصة تبلغ الأضعاف إلى ما شاء الله، لقوله عليه الصلاة والسلام (فإن عملها كتبت له عشراً إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة). والمراد هنا بالنية المخلصة هو نقاء روح وقوة إيمان فاعل الحسنة، فكلما اجتهد المسلم في تطهير روحه أي تطهير نفسه، إزداد نقاء قلبه وبالتالي إزدادت قوة إيمانه وأصبح عمله في وجوه الخير خالصاً لله عزوجل وهذا ظاهر في لفظ ( في سبيل الله ) في قوله تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)، فالله الملك العظيم العليم الخبير يعلم بعلمه السابق للغيب ما سوف يكون من أعمال عباده المؤمنين الصالحة لعلمه سبحانه وتعالى بنقاء روح عباده المؤمنين، لقوله تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)، ولعلمه سبحانه وتعالى قوة الإيمان التي تنشأ عن مدى نقاء الروح وإستسلامها لخالقها، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه )، وبالتالي يعلم سبحانه وتعالى إخلاص النية في الأعمال الصالحة، لقوله تعالى (إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ) وقوله تعالى (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ). ومن رحمته وكرمه عزوجل أنه عندما يتمنى المسلم فعل الحسنة، أي يحبها في قلبه ويرغب حصولها وتحقيقها لرؤيته غيره يفعلها مع عدم مقدرته على فعلها لأنه لا يتوفر لديه الأسباب الموصلة لفعل هذه الحسنة، فإنه يُكتب له نفس أجر فاعلها، لقوله عليه الصلاة و السلام (ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً، فيقول: لو آتاني مالاً لعملت فيه مثلما عمل فلان، فهما في الأجر سواء). وبشكل مناظر، من رحمته عزوجل أنه عندما يتمنى المسلم فعل السيئة، أي يحبها في قلبه ويرغب حصولها وتحقيقها لرؤيته غيره يفعلها مع عدم مقدرته على فعلها لأنه لا يتوفر لديه الأسباب الموصلة لفعل هذه السيئة، فإنه يُكتب له نفس وزر فاعلها، لقوله عليه الصلاة والسلام (ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو آتاني الله مالاً لعملت مثلما عمل فلان، فهما في الوزر سواء).

وفي الخلاصة يبدو واضحاً وجلياً رحمة الله سبحانه وتعالى وكرمه حيث أن المسلم تُكتب له حسنة بمجرد عزمه على فعلها في قلبه دون أن يفعلها مع عدم لزوم حبه لها، لأنه ليس بالضرورة للمسلم الذي لم يرقى إلى درجة الإيمان أن يحب جميع الطاعات فهو قد يعمل الحسنة ليس حباً فيها وإنما طمعاً في الأجر. وإذا ما أحبها لرؤيته غيره يفعلها مع عدم مقدرته على فعلها فإنه له نفس أجر فاعلها، مع الإشارة إلى أن أجر فاعلها قد يكون أضعافا مضاعفة، لقوله تعالى (وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) فتخيل رحمة الله عزوجل وكرمه ؟!!. أما من رحمة الله عزوجل أن المسلم لا تُكتب له سيئة لمجرد عزمه على فعلها في قلبه مع لزوم عدم محبته لها لأنه إذا تركها من أجل الله عزوجل تُكتب له حسنة ولا يُمكن للمسلم أن يترك السيئة وهو يحبها. أما إذا أحبها لرؤيته غيره يفعلها مع عدم مقدرته على فعلها فإنه له نفس وزر فاعلها لأن حب المعصية جرم كبير ولكن دون أي مضاعفة ، لقوله تعالى (مَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) فتخيل رحمة الله عزوجل ؟!!. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.