المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قواعد حديثية :يكتبها عماد بن حسن المصري الأردني الحلقة الأولى



أهــل الحـديث
13-06-2013, 01:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قاعدة في صفة من تقبل روايته ومن ترد، وتشمل:
1. تعريف العدالة لغةً واصطلاحاً.
2. أقوال أهل العلم في العدالة اصطلاحاً.
3. توسُّع بعض المحدّثين بالتوثيق.
4. نقد المؤلف لهذا المذهب.
5. قاعدة المستور والمجهول.
6. نقد العلامة ناصر للإمام ابن حبان.
7. نقد المؤلف لسماحة الشيخ العلامة ناصر.
8. اعتداد الحفاظ بتوثيق ابن حبان.
9. قاعدة في تحسين الحديث بشواهده وأول من قالها والتزمها.

ــ تعريف العدالة لغةً واصطلاحاً:
العدالة: لغة: من : عَدَل عدالةً وعدولةً: إذا كانَ عَدْلاً(1 )، والعَدْلُ: ضدُّ الـجَورِ(2 )، وعَدَلَ القاضي والوالي عَدلاً وعدالة وعُدولةً ومَعْدَلةً، والعدالةُ والعُدولة والـمَعْدَلةُ: كله العدل والإنصاف والقسط والحكم بالحق.
أما العدالة شرعاً: فقد اختلفت ألفاظ أهل العلم في تعريف العدالة اصطلاحاً، كما اختلفوا في طريقة إثبات العدالة للراوي، فالعدالة عند الخطيب البغدادي شيخ المحدّثين، ونقله عن ابن المبارك، خمس خصال: «أن يشهد الجماعة، ولا يشرب هذا الشراب، ولا يكون في دينه خربة، ولا يكذب، ولا يكون في عقله شيء».

ــ العدالة عند أئمة المذاهب الأربعة:
والعدالة عند أئمة المذاهب الأربعة شرطٌ لازمٌ في قبول الشهادات وفي الخصومات، وهي أعم في الحديث، وأئمة المذاهب الأربعة
المتبوعة هم أعمدة الحديث الشريف، ومنهم انبثق (مصطلح الحديث).

ــ العدالة عند الحنفية:
قال الإمام علاء الدين الكاساني: اختلفت عبارات مشايـخنا رحمهم الله في ماهية العدالة المتعارفة، فقال بعضهم: من لم يُطعَن عليه في بطنٍ ولا فرجٍ فهو عدل، لأن أكثر أنواع الفساد والشر يرجع إلى هذين العضوين، وقال بعضهم: من لم يعرف عليه جريمة في دينه فهو عدل، وقال بعضهم: من غلبت حسناتُه سيئاتِه فهو عدل، وقد روي عن النبي ^ أنّه قال: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان»( 3)، وقال بعضهم: من اجتنب الكبائر وأدى الفرائض وغلبت حسناتُه سيئاتِه فهو عدلٌ، وهو اختيار أستاذ أستاذي الإمام فخر الدين علي البزدوي رحمه الله تعالى(4 ). وفي «شرح أدب القاضي» للخصّاف ص83: قال أبو يوسف: أن لا يأتي بكبيرة، ولا يُصـرَّ على صغيرة، ويكون ستره أكثر من هتكه، ومروءته ظاهرة، يستعمل الصدق ويـجتنب الكذب ديانةً ومروءةً.

ــ العدالة عند الشافعية:
قال الإمام النووي: قال الأصحاب: يشترط في العدالة اجتناب الكبائر، فمن ارتكب كبيرةً واحدةً فُسِّق ورُدَّت شهادته. ثم قال بعد ذكر الصغائر: قول الجمهور أن مَن غلبت طاعته معاصيه كان عدلاً، وعكسه الفاسق، ولفظ الشافعي في «المختصر» يوافقه( 5).
ــ العدالة عند المالكية:
قال العلامة خليل: العدل: حرٌّ مسلم عاقل بالغ بلا فسقٍ وحجرٍ وبدعة، وإن تأوَّل كخارجي وقدري، لم يباشر كبيرةً أو كثيـرَ كذبٍ أو صغيرةَ خِسَّةٍ وسفاهةٍ ولعب نردٍ، ذو مروءةٍ بتركِ غيـرِ لائقٍ من حمام وسماع غناءٍ( 6).

ــ العدالة عند الحنابلة:
قال الإمام ابن النجار: العدالة: هي استواء أحواله في دينه واعتدال أقواله وأفعاله، ويعتبر لها شيئان: الصلاح في الدين وهو أداء الفرائض برواتبها فلا تقبل ممن داوم على تركها، واجتناب المحرم بأن لا يأتي كبيرة ولا يُدمن على صغيرة، والكذب صغيرة إلا في شهادةِ زُورٍ ورمي فتن ونحوه فكبيرة( 7).

ــ العدالة عند الظاهرية:
قال داود الظاهري، ونقل كلامه العلامة الإمام أبو محمد علي بن حزم أسد المغرب: العدل: من كان أكثر أمره الطاعة ولم يقدم على كبيرة.
وعرَّف الإمام ابن حزم العدالة بقوله: من لم تُعرَف له كبيرةٌ ولا مجاهرٌ بصغيرة، وفي قول آخر: العدالة إنما هي التزام العدل، والعدل: هو القيام بالفرائض، واجتناب المحارم، والضبط لِـمَا روى وأخبر به( .

ــ العدالة عند ابن حبان:
والعدالة عند الإمام الحافظ ابن حبان كما نقشها هو في مقدمة «صحيحه» 1/151، قال: والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعةً لله، لأنّا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحالٍ، أدّانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل: من كان ظاهر أحواله طاعة لله، والذي يخالف العدل: من كان أكثر أحواله معصيةً لله، وقد يكون العدل الذي يشهد له جيرانه وعدول بلده به هو غير صادق فيما يروي من الحديث، لأن هذا شيء لا يعرفه إلا مَن صناعته الحديث، وليس كل مُعدَّلٍ يعرف صناعة الحديث حتى يعدِّل العدل على الحقيقة في الرواية والدين. ثم ذكر رحمه الله العلم والعقل والتدليس كشروط للعدالة.

ــ العدالة عند شيخنا أبي أسامة شعيب الأرنؤوط:
قال حفظه الله في تعليقه على «الإحسان» 1/160 فيمن تقبل روايته: العبرة في الرواية بصدق الراوي وأمانته والثقة بدينه وخلقه. قلت: وهي عين ما نقله الخطيب عن ابن المبارك رحمه الله.

ــ العدالة عند ابن الصلاح:
قال رحمه الله في «مقدمته» ص94: أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنّه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلاً ضابطاً لِـمَا يرويه، وتفصيله: أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً، سالـماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة، مُتيقِّظاً غير مُغفَّلٍ حافظاً إن حدَّث من حفظه، ضابطاً لكتابه إن حدَّث من كتابه، وإن كان يُحدِّث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالـماً بما يُحيل المعاني، والله أعلم.

ــ العدالة عند السيوطي:
ونقل الإمام السيوطي عبارة ابن الصلاح المتقدمة في «تدريب الراوي» 1/352 وشرحها فقال: «(أن يكون عدلاً ضابطاً) وفسَّر العدل (أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً) فلا يُقبل كافرٌ ومجنونٌ مطبقٌ بالإجماع، ومن تقطّع جنونه وأثّر في زمن إفاقته، وإن لم يُؤثّر قُبل، (سليماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة) على ما حُرِّر في باب الشهادات من كتب الفقه، وتخالفهما في عدم اشتراط الحرية والذكورة».
قلت: ورأيت عبارةً للعدالة تفي بكل ما جاء في كتب أئمتنا السابقين مختصرة موجزة وهي أنها عبارةٌ عن (الاستقامة على طريق الحق باجتناب ما هو محظور)، قال تعالى: (وأشهدوا ذوي عدلٍ منكم) أي: العادل في الحكم دون شطط، أو أصحاب الاستقامة، أو عادلٌ ورضيٌّ ومقنعٌ في الشهادة.
قال الزركشي: واعلم أن اشتراط السلامة من خوارم المروءة خارج عن العدالة، فإن العدالة اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر، وخوارم المروءة التلبُّس بما لا يعتاد به أمثاله( 9).
وقال الخطيب البغدادي: العدالة المطلوبة في صفة الشاهد والمخبر هي العدالة الراجعة إلى استقامة دينه، وسلامته من الفسق وما يجري مجراه مما اتُّفق على أنّه مُبطِلٌ العدالة من أفعال الجوارح والقلوب المنهيِّ عنها(10 ).

ــ العدالة عند الإمام الغزالي:
وقال الإمام الغزالي: العدالة: عبارة عن استقامة السيرة والدين، ويرجع حاملها إلى هيئةٍ راسخةٍ في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعاً، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه( 11).

العدالة عند الإمام الحازمي:
قال الإمام الحازمي: وصفات العدالة: هي اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه، وتجنب الفواحش المسقطة، وتحري الحق، والتوقي في اللفظ مما يثلم الدين والمروءة، وليس يكفيه في ذلك اجتناب الكبائر حتى يجتنب الإصرار على الصغائر، فمتى وجدت هذه الصفات كان المتحلي بها عدلاً مقبول الشهادة(12 ) .

( 1) انظر غير مأمور «لسان العرب» لابن منظور 11/431، و«المعجم الوسيط» 2/609، و«محيط المحيط» للمعلم بطرس البستاني ص581.
( 2) الخطيب البغدادي في «الكفاية» ص73.
(3 ) أخرجه أحمد 3/68، والترمذي (2617)، والدارمي 1/378، وابن ماجه (802)، والبيهقي 3/66، وفيه درّاج وروايته عن أبي الهيثم فيها ضعف، والله أعلم.
(4 ) «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» علاء الدين الكاساني الحنفي 5/402.
( 5) «روضة الطالبين» 11/225.
( 6) «مواهب الجليل شرح مختصر خليل» 8/165.
( 7) «منتهى الإرادات في جمع المقنع وزيادات» لابن النجار 5/360.
( «المحلى» لابن حزم 9/393، و«الإحكام» 1/144. وهذا «المحلى» هو شرح للمجلّى، ولم يكمله ابن حزم، فقد مات رحمه الله وأكمله ابنه الحافظ الشهيد أبو رافع من الكتاب الكبير الإيصال من بعد المسألة 2029-2312، كما بيَّنتُه في «رفع النقيصة والذم عن مذهب شيخ الإسلام ابن حزم» ص135، فقد مات ابن حزم بعدما حرقت كتبه أمام عينيه من (حفنةٍ سفلة ورعاعٍ لو عاش ابن حزم ما قَبِلَهم ورّاقين عنده).
(9 ) «محاسن الاصطلاح» ص218، و«النكت» للعراقي ص136 ــ 137.
(10 ) «الكفاية» للخطيب ص102.
(11 ) «المستصفى» 1/157.
( 12) «شروط الأئمة الخمسة» ص55.