المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "أنت في حالك وأنا في حالي"



عميد اتحادي
12-06-2013, 10:40 PM
(جارك القريب ولا أخوك البعيد) كثيراً ما كنت اسمع من جدتي تلك العبارة على لسانها كلما تذمرت من أحد جيراننا على لعبه أو ما شابه، وكثيراً أيضاً ما كنت أرى أمي وهي تجمع جيرانها على فنجان القهوة والتمر، فعشت طفولتي وتربيت على أن جيراننا هم أخوتي وبقية عائلتي، فكانت أيام بسيطة مليئة بمشاعر الألفة والمحبة، ولكن وللأسف الشديد ذهبت تلك الأيام الجميلة مع الريح، وبدأت تلك العادات الجميلة في الاندثار يومًا بعد يوم، وانحصرت العلاقة بين الجيران في نطاق ضيق جداً، حيث أصبح الجيران يغلقون على أنفسهم الأبواب ويعيشون داخل الأربع جدران، لا يلتقون مع جيرانهم إلا عبر الصدفة، ويكون لقاءهم عبارة عن إلقاء السلام عند أبواب المنازل وتبادل التحية القصيرة، هذا هو أقصى ما يمكن أن يربط بين الجيران الآن.
(صباح الخير يا جاري لكن أنت في حالك وأنا في حالي) للأسف هذا ما يسري في مجتمعنا الآن، فهذه المقولة تطبق بحذافيرها، حيث تناسى الناس أن مصطلح الجار لم يعد قائماً ولا معترفاً به أصلاً، وأصبح الكثيرون يتحاشون لقاء جيرانهم حتى لا يتورطوا في هذا السلام والتحية - اللي بلا طعمه - ، بل ونجد الكثير من الناس لا يعرف عن جاره شيئاً ولا حتى اسمه، ونجده يعمل بمقولة (البعد عن الناس غنيمة) !.
هل السبب في ضعف العلاقة اليوم بين الجيران يعود إلى نمط الحياة الحديثة وضغوطها والمشاغل المستمرة وعدم وجود الوقت الكافي ؟ أم الجهل بحقوق الجار وغياب الثقافة الاجتماعية ؟ أو ربما ضعف الوازع الديني وجهل الناس بحقوق الجيرة التي أوصى بها الله ورسوله ؟ أم الأطفال المشاغبين وما يولدوه من مشاحنات ومشاجرات أجبرت الناس على التخلي عن عاداتهم القديمة وعلاقاتهم الأصيلة ؟.
ستظل أسباب ضعف العلاقة بين الجيران كثيرة، منها الأسباب المنطقية ومنها غير المنطقية.
لقد أوصانا الله تعالى بالجار، حيث قال: (والجار ذي القربى والجار الجنب)، كما أوصانا به رسولنا - صلى - حينما قال: (ومازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).
فيجب علينا جميعاً أن نعلم حقوق الجار، ونعمل بما أوصانا به الله ورسوله، فيجب علينا أن نتجاوز عن أخطاء جيراننا، ونتغاضى عن هفواتهم، ونصفح عن زلاتهم، ونكون بجوارهم في السراء والضراء، وذلك حتى تتآلف القلوب وتتقارب النفوس وتسود الثقافة الاجتماعية بيننا.