المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة كتب شيخ الإسلام رحمه الله



أهــل الحـديث
12-06-2013, 10:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا تلخيص أعددته من محاضرة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وهي كيف تقرأ كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ،أقول مستعينة بالله متوكلة عليه سائلة إياه الهدى والسداد وأن ينفع بما نكتب وأن ينفعنا به .


..كلامه رحمه الله تعالى على مكانته عميق غزير كثير الفوائد جم العوائد ،ولكن أكثر كلامه يحتاج إلى تبصر ونظر ، يحتاج إلى من يكون عالما بالعلوم الشرعية أو طالب علم فيها حتى يفهم مراده في كلامه .
... لهذا نقول إن فهم كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ينبني على أشياء ، وأن القارئ لكتب شيخ الإسلام يحتاج إلى قراءة بعد العلم بهذه الأشياء ..

ما يتميز به كلام شيخ الإسلام ابن تيمية :

أولا: أنه كان رحمه الله تعالى يوجز الكلام في مسألة في موضع ويبسطها في موضع آخر ..

ثانيا: تميز كلامه بأنه ألَّف التآليف فيما يريد وخاصة في مسائل الاعتقاد ، فجعل منها تواليف مختصرة ، وجعل منها تواليف مطولة ، والمختصرة كما سيأتي هي ذريعة المطولة والوسيلة إليها ، فمن لم يفهم المختصرات التي ألفها شيخ الإسلام فإنه لن يعي معاني المطولات.

ثالثا: تميز كلامه رحمه الله بأنه يؤصل ويستطرد ؛ يعني تميز كلامه بتأصيل واستطراد، فالتأصيل ما يذكر فيه أصل المسألة ويذكر فيه صورتها ، ويذكر فيه الحكم عليها ، ثم يستطرد إما ناقلا للأقوال التي تؤيد كلامه ، وإما ينقل النظائر التي تدل على أن قوله الذي ذكره صواب وأنه هو الراجح وأنه هو الذي لا يسوغ القول بغيره في بعض المسائل ، وإما يكون استطرد ببيان أقوال المخالفين في هذه المسألة والرد عليها.

فإذا أتى طالب العلم ونظر إلى تأصيله يقف عنده ، ثم إذا نظر نظرة أخرى ووجد بداية الاستطراد يضع هنا بداية الاستطراد حتى يفرق بين كلامه في التأصيل وكلامه في الاستطراد.


.. لهذا ينتبه طالب العلم بأنه لا يأخذ كلامه دائما من المستطردات ؛ بل يأخذها من التأصيلات ؛ لأن الاستطراد قد يكون – كما ذكرت – عنى به شيئا عرض فيه لبعض ما يريد من هذه المسألة التي استطرد إليها ، كتنظيره لمسألة بمسألة .
مثلا خذ كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم ) تجد أنه يمكن أن يلخص في صحفات يعني في أربعين خمسين صفحة ؛ لكنه يذكر المسألة ثم يستطرد كثيرا .
..فينتبه طالب العلم أنه إذا نظر في كلام شيخ الإسلام يفرق ما بين التأصيل والتنظير، ما بين التأصيل والاستطراد، ولا يأخذ المسألة دائما من الاستطراد.

رابعا: أن من مميزات كلامه رحمه الله أن كلامه يكثر فيه المحكم والمتشابه عنده فيما يقرر محكم ، وتارة في كلامه إما في الاستطراد أو أحيانا في بعض التأصيل يكون من المتشابه .
ونعني بالمحكم ما يتضح معناه وبالمتشابه ما يحتمل المعنى أو لا يتضح أو يكون مشكلا على أصول السلف ؛ لأن شيخ الإسلام رحمه الله كان متابعا للسلف الصالح لا يخرج عن أقوالهم ، وخاصة أقوال أئمة أهل الحديث كأحمد وباقي الأئمة ، فهو قد يورد كلاما ينظر إليه العالم أو طالب العلم ويجده مشكلا وهذا يسمى متشابه ؛ لأن المتشابه موجود في كلام أهل العلم ،ويُحل هذا المتشابه بالنظر في المواضع الأخر التي تكلَّم فيها عن هذه المسألة فيكون في الموضع الآخر جلاء إيضاح لهذا الموضع الذي اشتبه على الناظر..

خامسا :من مميزات كلامه أنه يكثر النقول، ويسهب في النقل على أهل العلم، وهذا الإسهاب في النقل للتدليل على أن ما ذهب إليه ليس متفردا به أو ليس غريبا..

سادسا: أنه يكثر الاستدلال، وهذا من مزايا شيخ الإسلام رحمه الله أنَّ أدلته التي يوردها كثيرة ومتنوعة، فتجد أنه يستدل بآيات القرآن استدلالا مستفيضا، ويستدل بالسنن ويميز رحمه الله بين المقبول منها وغير المقبول، وما أدرجه أئمة السنة قبله في تواليفهم وما لم يوردوه، كذلك يستدل بالإجماع إذا وجد، كذلك يستدل بالقياس، يستدل بالتقعيد الفقهي، يستدل بأقوال الصحابة فيما يريد تقريره يستدل بالتنظير، وهذه أنواع من الأدلة معلومة في أصول الفقة .

سابعا: كثرة استعماله لعلوم الآلة. .

الثامن: أنه رحمه الله يستعمل مصطلحات أهل الفنون، ولكل فن مصطلح، وهذه التي يسميها العلماء اللغة العرفية، فشيخ الإسلام إذا تكلم في مسألة فقهية استخدم كلام أهل الفقه؛ لغة الفقهاء، وإذا تكلم في مسائل عقدية استخدم لغة ذلك العلم، وإذا تكلم في مسائل أصولية استخدم لغة الأصوليين، وإذا تكلم في مسائل لغوية أو نحوية استخدم لغة أهل ذلك الفن، وإذا تكلم مع أهل السلوك والصوفية استخدم لغة أولئك. ..


وإذا أشكل شيء من ذلك من كلام شيخ الإسلام وأشكل بعض ما تميز كلامه مما ذكرت في مسألة أو في اصطلاح أو في استعمال أو في استدلال أو في مذهب نقضه أو في مذهب أيَّده، وأشكل ذلك فإذا أردت أن تعلم طريقته أو مذهبه فترجع إلى كلام ابن القيم رحمه الله؛ لأن ابن القيم في كتبه يفصل كلام شيخ الإسلام، ويبيِّن ما فيه ويكثر الاستدلال له، ويوضحه إيضاحا مفصلا.
ومن الكلمات المأثورة عن الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله رحمة واسعة أنه كان يقول: شيخ الإسلام ابن تيمية يأتي إلى جدار الباطل فيلطمه حتى يتهدم، وأما ابن القيم فيأخذ هذا الجدار حجرا حجرا فيكسره إلى أشلاء.