تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وَهْمٌ عَجيبٌ للحافظ الكبير ابن حَجَر العَسْقَلاني



أهــل الحـديث
09-06-2013, 09:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



وَهْمٌ عَجيبٌ للحافظ الكبير ابن حَجَر العَسْقَلاني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الهادي الأمين وبعد :
فقد وقفت قبل ربع قرن من الزَّمان عند كتابة رسالتي (( النَّقد الحديثي عند ابن القَطَّان من خلال كتابه الوهم والإيهام )) على وهْمٍ عجيبٍ للحافظ الفذِّ ابن حَجَرٍ العَسْقلاني في كتابه (( النكت على ابن الصلاح )) عند ذكر الحديث الحسن فقد قال (1/386) : (( ونوع اختلفوا في ثُبوتِه ، فبعضهم صحَّحَه وبعضُهم يُضعِّفه لعِلَّةٍ تظهر له بها ؛ إمّا أن يكون خَفِيت العِلَّةُ على من صَحَّحه ، وإمَّا أن يكون لا يراها مُعتبرةً قادِحَةً ، قلت ( ابن حجر ) : وأبو الحسن ابن القَطَّان في الوهم والإيهام يَقْصر نوع الحسن على هذا كما سيأتي البحث فيه في قول المصنف أنَّ الحسن يُحتَّج به )) .
وهذا كما أسْلَفتُ وهمٌ عجيبٌ لهذا الحافظ الكبير ، وهذا الوهم لا يُقلِّل من قيمته أو مكانته ، بل يبيِّن حقيقة ساطعة وهي أنَّ الخطأ والوهم والخلل جائزٌ على كلِّ أحدٍ من البشر ، وبيان هذا الوهم كالتالي : وهو أنَّ الحافظ ابن القطَّان تكلَّم عن رواةٍ وليس عن أحاديث ، فتكلَّم عن الرّواة الذين اختُلِف فيهم ، وليس الاختلاف في الحديث بأن يُصحِّحه بعضهم ويضعفّه آخرون كما فهم ابن حجر رحمه الله !! ولمزيد البيان أنقل كلام الحافظ ابن القطان ، فقد قال في بيان الوهم والإيهام ( 4/13) : (( ونعني بالْحسنِ، مَا لَهُ من الحَدِيث منزلَة بَين منزلتي الصَّحِيح والضعيف، وَيكون الحَدِيث حسناً هَكَذَا؛ إِمَّا بِأَن يكون أحد رُوَاته مُخْتَلفا فِيهِ؛ وَثَّقَهُ قوم وَضَعفه آخَرُونَ، وَلَا يكون مَا ضُعِّف بِهِ جرحاً مُفَسرًا، فَإِنَّهُ إِن كَانَ مُفَسرًا، قدم على تَوْثِيق من وَثَّقَهُ، فَصَارَ بِهِ الحَدِيث ضَعِيفاً.
وَإِمَّا بِأَن يكون أحد رُوَاته؛ إِمَّا مَسْتُورا وَإِمَّا مَجْهُول الْحَال.
ولنبين هذَيْن الْقسمَيْنِ، فَأَما المستور فَهُوَ من لم تثبت عَدَالَته لدينا مِمَّن روى عَنهُ اثْنَان فَأكْثر، فَإِن هَذَا يخْتَلف فِي قبُول رِوَايَته من لَا يرى رِوَايَة الرَّاوِي الْعدْل عَن الرَّاوِي تعديلا لَهُ.
فطائفة مِنْهُم يقبلُونَ رِوَايَته، وَهَؤُلَاء هم الَّذين لَا يَبْتَغُونَ على الْإِسْلَام مزيدا فِي حق الشَّاهِد والراوي، بل يقنعون بِمُجَرَّد الْإِسْلَام، مَعَ السَّلامَة عَن فسق ظَاهر، ويتحققون إِسْلَامه بِرِوَايَة عَدْلَيْنِ عَنهُ، إِذْ لم يعْهَد أحد مِمَّن يتدين يروي الدَّين إِلَّا عَن مُسلم.
ٍوَطَائِفَة يردون رِوَايَته، وَهَؤُلَاء هم الَّذين يَبْتَغُونَ وَرَاء الْإِسْلَام مزيدا، وَهُوَ عَدَالَة الشَّاهِد أَو الرَّاوِي، وَهَذَا كُله بِنَاء على أَن رِوَايَة الرَّاوِي عَن الرَّاوِي لَيست تعديلا لَهُ، فَأَما من رَآهَا تعديلا لَهُ فَإِنَّهُ يكون بِقبُول رِوَايَته أَحْرَى وَأولى، مَا لم يثبت جرحه.
وَالْحق فِي هَذَا أَنه لَا تقبل رِوَايَته، وَلَو روى عَنهُ جمَاعَة، مَا لم تثبت عَدَالَته، وَمن يذكر فِي كتب الرِّجَال بِرِوَايَة أَكثر من وَاحِد عَنهُ، مهملا من الْجرْح وَالتَّعْدِيل، فَهُوَ غير مَعْرُوف الْحَال عِنْد ذاكره بذلك، وَرُبمَا وَقع التَّصْرِيح بذلك فِي بَعضهم )) .
فكما يظهر لا مدخل للاختلاف في الحديث تصحيحاً وتضعيفاً للحكم عليه بالحسن ، وإنما هو الاختلاف في الرواة توثيقاً وتضعيفاً ، والله الموفق .