المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الميزان فيما وقع للغماري من الدجل والتخاريف والهذيان,



أهــل الحـديث
09-06-2013, 12:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الميزان فيما وقع للغماري من الدجل والتخاريف والهذيان

اتُهم الغماري بأنه حاد عن سبيل الحق وجادة الصواب ، وسلك الجادة فاتبع الصوفية والقائلين بوحدة الوجود ، وتعظيمه للقبور والاستغاثة منهم وسؤالهم والطلب منهم إلى آخر ما سننقله من كلامه ومن كتبه ، ولسنا هنا طرفاً في هذا الصراع ، ولكنا نريد إطلالة على عقيدة هذا المحدث !! لنعرف مدى مطابقة علمه لعقيدته والعكس .

الغماري يقول بوحدة الوجود :
قلت : هو يرى أن وحدة الوجود لا تدرك بالعلم ولكن تدرك بالذوق ، فقال في كتابه جؤنة العطار (1) :
مفهوم وحدة الوجود عند بعض شيوخ الطريقة كأبي العزائم :
وحدة الوجود لا تدرك بالعلم وإنما تدرك بالذوق ، وما خاض فيها أحد بعقله إلا وألحد ومرق من الدين غالباً ... وقد شاهدت من قوم تعلَّقوا بها مروقاًً من الدين بل ومن الإنسانية إلا أن ذلك في المشارقة أكثر فلا يحصى مَن مرق من الدين بسببها في بلاد الهند والعراق والعجم والترك ومصر والشام .
وقد كان رجل صوفي في زعمه منسوب إلى الطريقة المولوية يتردد إلى منزلي بالقاهرة فكنت أكرمه لفقره وغربته وظني أنه من أهل التصوف إلى أن جاء شهر رمضان فمكث معي مدة لا يخرج من المنزل ، وكنا نسهر الليل مع بعض المتصوفة في المذاكرة ولا ننام إلا بعد صلاة الصبح ، وكنت في تلك المدة لا أرى الرجل يصلي ، فكنت أرتاب به ، فقمت يوماً مبكراً قبل الوقت الذي أقوم فيه فوجدته في وسط الدار يشرب لظنه أني نائم .... فقلت له : ألست مسلماً ؟ ....
قال الغماري : وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : كنت مع أستاذي يعني القطب ابن مشبش ، ومعه ابن له صغير ، فخطر ببالي أن أسأل الأستاذ عن الاسم الأعظم فكشفني الصبي وقال لي : يا أبا الحسن ليس الشأن أن تعرف الاسم ، إنما الشان أن تكون أنت من الاسم ، فتبسم الأستاذ ، وقال لي : أجابك عنا ولدنا ، وكم لهؤلاء من نظير ، وأول من حصل له ذلك السبطان عليهما السلام ، واسطة جدهما الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ، وقد تركهما عند انتقاله إلى الرفيق الأعلى دون عشر سنين ، وقد نص أكابر الأقطاب على أن أول الأقطاب هو سيدنا الحسن السبط عليه السلام . (2)
أنظر أخي المسلم في هذا النقل من جؤنة العطار ( 3 : 241 ) :
( سألني بعض الصوفية عن قولهم : لا يكون الصديق صديقاً حتى يشهد فيه سبعون صديقاً بأنه زنديق ... فأجبته بأن المراد بالصديقين الشاهدين غير الصديق المشهود عليه فالصديقون الشاهدون هم صديقوا الظاهر وهم العباد والزهاد والأتقياء الصالحون والعلماء العاملون بظاهر الشريعة في نظرهم واعتقادهم ونظر الناس واعتقادهم فيهم ، وإن كانوا في الواقع ليسوا بصديقين ولا حاموا حول الصديقية ولا شموا رائحتها ، والصديق المشهود عليه بالزندقة هو الصديق الحقيقي وهو الصوفي الكامل العارف بالله تعالى الغريق في بحر الوحدة ، فإنه لا يصل إلى مقام الصديقية حتى يفنى عن الوجود وعما فيه ولا يرى إلا الله تعالى وتهر عليه أنوار الوحدة وأسرار المعرفة ومقامات الفناء فعند ذلك يبوح لا محالة بما في آنيته أحب أم كره لغاية حال السكر عليه ، فإذا دام على ذلك واشتهر به وشاع عنه شهد عليه الفقهاء والعباد الصالحون بالزندقة لبعدهم عن هذا المقام وجهلهم به وبالله تعالى تمام الجهل كما هو حالهم مع كبار العارفين كالحلاج وابن عربي وابن سبعين وابن الفارض والششتري وأمثالهم .
فإن جل الفقهاء يشهدون عليهم بالإلحاد والزندقة والقول بالحلول والاتحاد ، وقد ألف الحافظ السخاوي مجلداً حافلاً في إكفار الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه سماه ( القول المنبي في ترجمة ابن العربي ) لم يورد فيه إلا فتاوى كبار العلماء من عصر الشيخ الأكبر كالعز بن عبد السلام ومعاصريه إلى طبقة شيوخه وشيوخهم كالبلقيني والعراقي والحافظ ابن حجر وأمثالهم وكلهم حكموا بكفره وزندقته ، فهم صديقوا أهل القرن السابع والثامن والتاسع ، وهم نحو السبعين وما حصلت له رضي الله عنه الصديقية الكبرى إلا بعد شهادة هؤلاء الصديقين رحمهم الله وغفر لهم وجعلنا من حزب المشهود عليهم ولو كان الشاهدون ألف ألف صديق آمين آمين ) .
ولعه في القبور والمقبور :
حيث ألف كتاباً في هذا الباب وصرح بذلك في الجؤنة ( 2 : 106 ) فقال : ( يستحب تعظيم البقاع التي وقع فيها للصالحين تعبد وانقطاع إلى الله تعالى أو حل لهم بها فتح ، وإنه ينبغي الصلاة فيها والتبرك بها إذا مر في طريقه عليها خلافاً لما يدعيه شيخ الضلالة ابن تيمية وأذنابه ) .
وفي الجؤنة ( 3 : 195 ) سئل عن الذبح على الضريح قال : ( الذبح جائز وأكل لحمها حلال لا يشك فيه إلا جاهل أو متعنت ، فإن الأمكنة لا أثر لها في التحليل والتحريم إذ لا فرق في الذبح بين المجزرة والشارع والبيت وباب الضريح وغيرها من الأمكنة ) .
وقال في نفس الكتاب ( 3 : 196 - 197 ) : أن الذبح ما دام يعتقد أنه ليس مع الله شريك في ملكه وإلهيته وسمى الله فذبيحته جائزة ولو ذبحها إلى جان ... فالمسلم يأخذ الذبيحة إلى ضريح ولي من أولياء الله تعالى ويذبحها باسم الله تعالى لا باسم ذلك الولي ويقصد بها أمرين : أحدهما : نفع الفقراء من حفدة الشيخ أو غيرهم ممن يوجد عند الضريح ، وثانيهما : التوسل إلى ذلك الولي حتى لا يرد زيارته والاستشفاع به كما جرت العادة به مع الأحياء .
وقال في الجؤنة ( ص 20 - 21 ) : زيارة بلال لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم :
( في أخبار بلال رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم هو بالشام يقول له : ( ما هذه الجفوة ؟ أما آن لك أن تزورني ... ) فانتبه وركب راحلته حتى أتى المدينة فزار القبر الشريف وأذن بالمدينة المنورة في رحلته هذه فارتجت المدينة ، فما رؤي يوم أكثر باكياً بالمدينة من ذلك اليوم لأن آذان رضي الله تعالى عنه عند ذكر أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بأيام حياته الزاهرة .
وفي هذه الرؤيا النبوية الحقة رد على شيخ الضلالة ابن تيمية الذي يحرم شد الرحال لزيارة أفضل الخلق صلى الله تعالى عليه وآله وسلم .

عقيدته في الأولياء والصالحين :
قال الغماري في البرهان الجلي ( ص 141 ) مقرراً أن للأولياء تصرفاً في الكون ويعلمون الغيب :
( وقال السهروردي في عوارف المعارف : وسر الخرقة أن الطالب الصادق إذا دخل في صحبة الشيخ وسلم نفسه ، وصار كالولد الصغير مع الوالد يربـيه الشيخ بعلمه المستمد من الله تعالى بصدق الافتقار ، وحسن الاستقامة ، ويكون للشيخ بنفوذ بصيرته ، الإشراف على البواطن .
فقد يكون المريد يلبس الخشن كثياب المتقشفين المتزهدين ، وله في تلك الهيئة من الملبوس هوى كامن في نفسه ليرى بعين الزهادة ، فأشدّ ما عليه لبس الناعم ، وللنفس هوى واختيار في هيئة مخصوصة من الملبوس في قصر الكم والذيل وطوله ، وخشونته ونعومته على قدر حسبانها وهواها ، فليلبس الشيخ مثل هذا الراكن لتلك الهيئة ثوباً يكسر بذلك على نفسه هواها وغرضها ، وقد يكون على المريد ملبوس ناعم أو هيئة في الملبوس تشرئب النفس إلى تلك الهيئة بالعادة ، فيلبسه الشيخ ما يخرج النفس من عادتها وهواها ، فتصرف الشيخ في الملبوس ، كتصرفه في المطعوم ، وكتصرفه في صوم المريد وإفطاره ، وكتصرفه في أمر دينه إلى ما يرى له من المصلحة من دوام الذكر ، ودوام التنفل في الصلاة ، ودوام التلاوة ودوام الخدمة ، وكتصرفه فيه برده إلى الكسب أو الفتوح أو غير ذلك ، فللشيخ إشراف على البواطن ، وتنوع الاستعدادات ، فيأمر كل مريد من أمر معاشه ومعاده بما يصلح له ، والمريد الصادق الملتهب باطنه بنار الإرادة في بدء أمره ، وحدة إرادته ، كالملسوع الحريص على من يرقيه ويداويه فإذا صادف شيخاً انبعث من باطن الشيخ صدق العناية به لاطلاعه عليه وينبعث من باطن المريد صدق المحبة بتآلف القلوب ، وتشام الأرواح ، وظهور السابقة فيهما ، باجتماعهما لله وفي الله وبالله ، فيكون القميص الذي يلبس المريد خرقة تبشر المريد بحسن عناية الشيخ به ، فيعمل عند المريد عمل قميص يوسف عند يعقوب عليهما السلام .
وقد نقل أن إبراهيم الخليل عليه السلام ، حين ألقي في النار ، جرد من ثيابه ، وقذف في النار عرياناً ، فأتاه جبريل عليه السلام بقميص من حرير الجنة وألبسه إياه ، وكان ذلك عند إبراهيم عليه السلام ، فلما مات ورثه إسحاق ، فلما مات ورثه يعقوب ، فجعل يعقوب عليه السلام ذلك القميص في تعويذ وجعله في عنق يوسف فكان لا يفارقه ، ولما ألقي في البئر عرياناً جاءه جبريل ، وكان عليه التعويذ ، فأخرج القميص منه وألبسه إياه .
وقال في الجؤنة ( 2 : 93 ) : ( يقولون إن الأولياء جواسيس القلوب وقد وقع لنا من ذلك الكثير معهم ... ومنها أني قصدت مرة الشريف سيدي عبد السلام بن رحو بقبيلة بني جرفط للزيارة فلما كنت على قرب من قريته بنحو ساعة تقريباً خطر لي خاطر فقلت في نفسي هذا رجل من أولياء الله تعالى ، وقد عمر فوق التسعين سنة فلعل أجله يكون قد حضر فيورثنا الله مقامه ، ثم مر هذا الخاطر فلما دخلنا عليه وكان معي جماعة قابلنا ببعض جفاء وكان في أو ما قال : أنا قطب وعزرائيل تحت أمري ولا يأتي إلا بإذني ، فعلمت أنه كوشف بذلك الخاطر ) .
1. جؤنة العطار في طُرف الفوائد ونوادر الأخبار ، ص 111 .
2 . البرهان الجلي في تحقيق انتساب الصوفية إلى علي ، ص 224 – 225 .