المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفرق بين ما كان حكمه مستفادا بالقياس وما كان حكمه مستفادا من دلالة اللفظ



أهــل الحـديث
09-06-2013, 12:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

من مهمات مسائل أصول الفقه التمييز بين ما كان من قبيل القياس وما كان من قبيل دلالات الألفاظ
والفرق بين هذين في بعض المحال دقيق
وكثير مما يجعله متأخروا الفقهاء قياسا لا يكون الأمر فيه كذلك
ومما يبين هذا ما ينقل عن غير واحد ممن تقدم من أهل العلم والعناية بالدين كالشافعي وأحمد ابن حنبل في تضييقه القول بالقياس

وأنا ناقل لك إن شاء الله كلام أبي الوليد ابن رشد الحفيد والإمام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في ذلك
وملتمسٌ منك الإفادة


قال ابن رشد – في أوائل بداية المجتهد – وكان ذكَر اللفظ الخاص يراد به العموم:
((وأما القياس الشرعي فهو إلحاق الحكم الواجب لشيء ما بالشرع بالشيء المسكوت عنه لشبهه بالشيء الذي أوجب الشرع له ذلك الحكم أو لعلة جامعة بينهما، ولذلك كان القياس الشرعي صنفين: قياس شبه، وقياس علة.
والفرق بين القياس الشرعي واللفظ الخاص يراد به العام: أن القياس يكون على الخاص الذي أريد به الخاص، فيلحق به غيره، أعني أن المسكوت عنه يلحق بالمنطوق به من جهة الشبه الذي بينهما، لا من جهة دلالة اللفظ، لأن إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق به من جهة تنبيه اللفظ ليس بقياس، وإنما هو من باب دلالة اللفظ، وهذان الصنفان يتقاربان جدا، لأنهما إلحاق مسكوت عنه بمنطوق به، وهما يلتبسان على الفقهاء كثيرا جدا.
فمثال القياس: إلحاق شارب الخمر بالقاذف في الحد، والصداق بالنصاب في القطع.
وأما إلحاق الربويات بالمقتات أو بالمكيل أو بالمطعوم، فمن باب الخاص أريد به العام، فتأمل هذا، فإن فيه غموضا.
والجنس الأول هو الذي ينبغي للظاهرية أن تنازع فيه، وأما الثاني، فليس ينبغي لها أن تنازع فيه ; لأنه من باب السمع، والذي يرد ذلك يرد نوعا من خطاب العرب)). انتهى.

وليس يلزم من مثاله الذي ذَكر (وهو إلحاق الربويات بالمقتات أو بالمكيل أو بالمطعوم) صدْقُ إلحاقه بالخاص الذي يُراد به العموم
وهذا مقام يقع الغلط فيه كثيرا
فإنه ليس يلزم من صحة الأصل صحة ما جعل مثالا له
وليس يلزم من ضعف المثال ضعف ما جُعل أصلا له


وقال أبو العباس ابن تيمية يرحمه الله – في مجموع الفتاوى (15/ 447) -:
((ويجب الفرق بين تنبيه الخطاب وبين قياس الأولى؛ فإن الحكم في ذاك مستفاد من اللفظ عمّهما عُرفًا وخطابا، وهنا مستفاد من الحكم، بحيث لو دل على الحكم فعل أو إقرار أو خطاب يقطع معه بأن المتكلم لم يرد إلا الصورة: لكان ثبوت الحكم لنوع يقتضي ثبوته لما هو أحق به منه؛ فالعموم هنا معنوي محضٌ، وهناك لفظي ومعنوي، فتدبر هذا؛ فإنه فصل بين المتنازعين من أصحابنا وغيرهم في التنبيه هل هو مستفاد من اللفظ أو هو قياس جلي؟ لتعلم أنه قسمان.
والفرق أن المستفاد من اللفظ يريد المتكلم به العموم. ويمثل بواحد تنبيهًا كقول النحوي: ضرب زيد عمرا؛ بخلاف المستفاد من المعنى)). انتهى.

ولتبيُّن الفرق إن لم يظهر لك بجلاءٍ من النقلين: راجع كلامهما رحمهما الله قبله

ومحل هذه المسألة من كتب الأصوليين عند كلامهم عن مفهوم الموافقة والقياس الأولوي

والله تعالى أعلم