المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البيان لخطر المعازف والألحان



أهــل الحـديث
06-06-2013, 08:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة (وفقه الله)، نفعنا الله وإياكم بها.


البيان لخطر المعازف والألحان

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن أعداء الدين من الكفار والمنافقين والمفسدين اليوم يسعون بكل الطرق لإفساد المسلمين، فنراهم يبذلون وسعهم في نشر كل رذيلة وهدم كل فضيلة،مستعينين على ذلك بأساليب متنوعة،و من ذلك وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و المقروءة المنحرفة التي تسعى جاهدة لإفساد الشباب والفتيات بجميع أنواع الفتن و المغريات ! فوضعوا عليها من تتلمذ على أيديهم من عباد الدينار والدرهم والشهوات،فصورت هذه الوسائل الهدامة الباطل حقا والمنكر خيرا!،والتمسك بالدين غلوا وتشددا!،والانحراف عن الهدي القويم تفتحا وحضارة!وكذبوا والله مهما حرفوا وبدلوا واغتر بهم ضعاف النفوس!
ومن الوسائل التي رأوا كذلك أنها مؤثرة ومساعدة على إفساد المسلمين وخاصة منبع قوة هذه الأمة وسبب نهضتها وهم شبابها ،المعازف والألحان التي هي منبع كل شر ومصدر كل شقاء وسبب كل بلاء حصل في هذه الأمة، فما انتشرت الجرائم والمنكرات، وشربت المسكرات وانتشرت بين الشباب المخدرات إلا بسببها!
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:"المعازف هي خمر النفوس، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس، فإذا سكروا بالأصوات،حل فيهم الشرك ومالوا إلى الفواحش وإلى الظلم، فيشركون ويقتلون النفس التي حرم الله ويزنون، وهذه الثلاثة موجودة كثيرا في أهل سماع المعازف".مجموع الفتاوى(10/ 417)
إن الأغاني اليوم وللأسف تغلغلت في بيوت كثير من المسلمين!وافتتن بها الكثير فصارت مسيطرة على قلوبهم وعقولهم لا تفارقهم لا في حلهم ولا في ترحالهم!حتى صارت تؤثر على ضعاف النفوس أكثر من القرآن بل تجاوزت ذلك إلى درجة أن كثيرا من الشباب والفتيات أصبحوا متعلقين بالفنانين و الفنانات! لدرجة أن أحدهم يذرف الدمع إذا سمع المغني أو المغنية فلانة!.والعجب يشتد! والحيرة تكثر! عندما نرى ونسمع أن حب الغناء والتعلق به وصل حتى إلى الصغار والصغيرات!فالشيطان لم يترك أحدا إلا زين له هذه الملهيات!،فعن عبد الله بن دينار- رحمه الله- قال:"مر ابن عمر-رضي الله عنهما- بجارية صغيرة تغني فقال:"لو ترك الشيطان أحدا ترك هذه!".رواه البيهقي في السنن الكبرى(10/ 223)
وهذا كله بسبب تفريط الآباء والأمهات!
أين الحرص اليوم على الأبناء والبنات، لقد ترك الكثير منهم للذئاب المفترسة! تنهشهم وتجرهم إلى المحرمات! وتربيهم على التأثر بالفنانين والفنانات! والتعلق بالمطربين والمطربات! بدل الصالحين والصالحات! أين هم من حرص أسلافهم على فلذات أكبادهم!، فهذا عمر بن عبد العزيز –رحمه الله- يكتب إلى مؤدب ولده:" ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بِدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن جل وعز، فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب،كما ينبت الماء العشب".تلبيس إبليس لابن الجوزي(ص 289)
أما أعراس الكثير من المسلمين اليوم – إلا من رحم الله- فأصبحت إضافة إلى ما تعج به من المحرمات كالاختلاط! نرى أصحابها يتنافسون على جلب المغنيين والمغنيات،والراقصات!، الذين يحيون الليل كله بالمنكرات!، ويدفعون لهم أموالا طائلة من أجل إحياء هذه السهرات!ومن قصرت نفقاته وقلَّت أمواله على الإتيان بهؤلاء المفسدين والمفسدات!،استعانوا بأشرطة المطربين والمطربات!التي قد يصل صداها إلى خارج قاعات الاحتفلات،ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إن لهذا الشر المستطير التي ابتليت به الأمة الإسلامية اليوم عواقب وخيمة وأخطار جسيمة، حيث صدت عن فعل الطاعات وأعانت على نشر الفجور و المحرمات حتى أصبح الكثير من الشباب حتى الأطفال! ينامون على أصوات المعازف والألحان
بدل الذكر و القرآن! فبدلوا وحي الرحمن بمزمار الشيطان!فزاد منهم الإثم والعصيان!وقل فيهم الإيمان وهجر بسب ذلك كلام المنان! يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- في نونيته (326)
حب الكتاب وحب الحان الغنا
في قلب عبد ليس يجتمعـان
ثقل الكتـاب عليهم لـما رأوا
تقـييده بـشرائع الإيــــــمان
واللـهو خـف عليهم لما رأوا
ما فيه من طرب ومـن ألحان
قال الشيخ أحمد بن عيسى –رحمه الله- :" وهو من مكائد الشيطان التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين وصاد بها قلوب المبطلين والجاهلين سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة هو الذي يصد القلوب عن القرآن ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان، فهو قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن".شرح قصيدة ابن القيم (2/521)
إن هذه المعازف والألحان قد جعلت اليوم الكثير من المسلمين يلهث وراء المنكرات، ويسارع في إرضاء النفس بالملذات والشهوات حتى أصبح من الشباب من هو متأثر بالكفار الأشقياء ومتشبه في المشي والكلام بالنساء!بعيد عن هدي خير الأنبياء صلى الله عليه وسلم،وعن صفات الرجال الأتقياء،ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وهذا لا يستغرب!إذا عرفنا أن من مخلفات مزمار الشيطان! غرس النفاق في قلب الإنسان، يقول عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- :"الغناء ينبت النفاق في القلب".رواه البيهقي في شعب الإيمان (4/278)،وصححه العلامة الألباني – رحمه الله- في تحريم آلات الطرب ( ص10)
ألم يعلم هؤلاء المفسدين!ومن تأثر من ضعفاء النفس من المسلمين!أن الغناء محرم في وحي رب العالمين،وسنة خير المرسلين، يقول الله تعالى:(ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) [لقمان:6]
قال ابن عباس – رضي الله عنهما- :"نزلت في الغناء وأشباهه".رواه البيهقي في السنن الكبرى (10/221) وصححه العلامة الألباني-رحمه الله- في تحريم آلات الطرب(ص143)
ويقول عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-:"هو الغناء و الذي لا إله إلا هو،يرددها ثلاث مرات".رواه ابن أبي شيبة في المصنف(4/468) والطبري في تفسيره(21/61)،وصححه العلامة الألباني-رحمه الله- في تحريم آلات الطرب ( ص143)
يقول الشيخ السعدي –رحمه الله- :"(ومن الناس) من هو محروم مخذول ( يشتري ) أي:يختار ويرغب رغبة من يبذل الثمن في الشيء.( لهو الحديث )أي:الأحاديث الملهية للقلوب الصادة لها عن أجل مطلوب،فدخل في هذا كل كلام محرم وكل لغو وباطل،وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والفسوق والعصيان ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ومن غيبة ونميمة، وكذب، وشتم، وسب،ومن غناء ومزامير شيطان،ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا،فهذا الصنف من الناس يشتري لهو الحديث عن هدي الحديث( ليضل )الناس(عن سبيل الله بغير علم)أي:بعدما ضل هو في فعله أضل غيره،لأن الإضلال ناشئ عن الضلال،وإضلاله في هذا الحديث صده عن الحديث النافع والعمل النافع،والحق المبين،والصراط المستقيم،ولا يتم له هذا حتى يقدح في الهدى والحق الذي جاءت به آيات الله. ( ويتخذها هزوا ):يسخر بها وبمن جاء بها،فإذا جمع بين مدح الباطل والترغيب فيه،والقدح في الحق والاستهزاء به وبأهله، أضل من لا علم عنده وخدعه بما يوحيه إليه من القول الذي لا يميزه ذلك الضال،ولا يعرف حقيقته،( أولئك لهم عذاب مهين): بما ضلوا وأضلوا،واستهزؤوا بآيات الله،وكذبوا الحق الواضح" . تفسير السعدي(ص 647)
أما السنة الصحيحة، فعن أبي مالك أو أبي عامر الأشعري –رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" لَيَكُونَنَّ من أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ- أي الزنا-وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ...".رواه البخاري في صحيحه (5268)
وعن عمران بن الحصين –رضي الله عنه- أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"في هذه الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ، فقال رَجُلٌ من الْمُسْلِمِينَ: يا رسول الله ومتى ذاك؟ قال:" إذا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ- أي الغنيات- وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ".رواه الترمذي (2212) وصححه العلامة الألباني – رحمه الله-.
قال الشيخ الفوزان - حفظه الله- :" والمعازف هي آلات اللهو بجميع أنواعها، فذمهم النبي صلى الله عليه وسلم على استحلالها وقرن ذلك باستحلال الحر وهي الفروج يعني استحلال الزنا وباستحلال الحرير والخمر وتوعدهم بالخسف والمسخ مما يدل على شناعة استباحة المعازف". الجواهر من خطب المنابر (2/590)
وقال أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة : مزمار عند نعمة ، ورنة عند مصيبة".رواه البزار في مسنده (14/ 62)، وحسنه الشيخ الألباني – رحمه الله- في السلسلة الصحيحة (427)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"فمذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام".مجموع الفتاوى(11/ 576)
قال الإمام ابن القيم –رحمه الله-:"وإذا كان الزمر الذي هو أخف آلات اللهو حراما فكيف بما هو أشد منه كالعود والطنبور واليراع لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك فأقل ما فيه : أنه من شعار الفساق وشاربي الخمور".إغاثة اللهفان (1/ 228)
فعلى من ابتلي بسماع المعازف والألحان أن يتركها ويتوب من كل أنواع العصيان قبل فوات الأوان،وأن ينشغل بما ينفعه وبتقوية الإيمان بالطاعات كالذكر وقراءة القرآن،وعليه أن يسأل العفو والغفران من العزيز الرحمن فهو سبحانه الديان.
وعلى من نجاه الباري جل جلاله من فتنتها،أن يسأله سبحانه الثبات على ذلك،وليحذر أشد الحذر من مجالسة أهلها أو أن يستدرجه الشيطان لسماع شيء منها من باب التجربة!،وعليه أن ينصح من رآه قد ابتلي بها،وإذا خاف على نفسه أن يتأثر به وعلم أنه لا يؤثر عليه،فليبتعد فإن السلامة لا يعدلها شيء،وعليه مع هذا أن يدعوا الله جل جلاله لمن ابتلي بها أن يهديه ويخلصه من فتنتها.
قال نافع مولى ابن عمر –رحمه الله- أن ابن عمر -رضي الله عنهما- سمع صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فَوَضَعَ إصبعيه في أُذُنَيْهِ وَعَدَلَ رَاحِلَتَهُ عَنِ الطَّرِيقِ، وهو يقول: يا نافع أَتَسْمَعُ؟فأقول: نعم،فيمضي حتى قلت :لاَ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ وأعاد رَاحِلَتَهُ إلى الطريق وقال:"رأيت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فَصَنَعَ مِثْلَ هذا".رواه الإمام أحمد في المسند (2/8)،وصححه العلامة الألباني -رحمه الله- في تحريم آلات الطرب( ص116)
قال ابن الجوزي –رحمه الله- :"إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل الزمان و زمورهم؟!".تلبيس إبليس (ص 286)
وقال ابن قدامة-رحمه الله-:"إذا دعي إلى وليمة فيها معصية كالخمر والزمر والعود ونحوه،وأمكنه الإنكار وإزالة المنكر،لزمه الحضور والإنكار، لأنه يؤدي فرضين: إجابة أخيه المسلم وإزالة المنكر،وإن لم يقدر على الإنكار لم يحضر،وإن لم يعلم بالمنكر حتى حضر أزاله،فإن لم يقدر انصرف". المغني (7 / 214)
فالله أسأل بأسمائه والحسنى وصفاته العليا أن يبعد المسلمين والمسلمات عن المعازف والألحان وكل أنواع العصيان، ويجعل قلوبهم متعلقة بالقرآن،وكل ما يقوي الإيمان فهو سبحانه المنان.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي