المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقدمة عن الأديان ودين الفِطرة



أهــل الحـديث
05-06-2013, 11:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


خَلَق الله تعالى الإنسان مفطوراً على التوحيد والإسلام، فكُل إنسان في قديم الزمان أو حديثه، في أي بلد وُجِد وفي أي مكان، هو مولود على مِلة الإسلام، وإنما يقع له الانحراف بعامل خارجي، حيث يربيه والداه أو مجتمعه على ما يعتقدون مِن الأديان الباطلة.
يقول الله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [سورة الروم - الآية 30].
ويقول: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [سورة الأعراف - الآيات 172، 173].
ويقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة . فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه" [صحيح مسلم (ح2658)]، أي يجعلانه يهودياً، أو نصرانياً، أو مجوسياً.

والتوحيد والإسلام هو دين البشرية الأصلي، فقد كان أول البشر آدم عليه السلام مُسلِماً مُوَحِّداً، لأنه كان نبياً، وظلت ذريته على التوحيد أجيالاً عديدة، حتى ظهر فيهم الشرك بسبب تعظيم الموتى والصالحين، فعبدوا (وَدًّا وَسُوَاعًا وَيَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا).
وهذه المعبودات في الأصل هي أسماء رجال صالحين مِن قوم نوح عظَّمهم قومهم وقدَّسوهم، وكان مِن تعظيمهم لهم أنهم صوَّروا صورهم ليتذكرو بها عبادة الله، وأخيراً عبدوا تلك الصور نفسها، وأخذوا يدعونهم مِن دون الله تعالى.
وبعث الله تعالى أول الرُّسل نوحاً ليدعوهم إلى الإسلام، فأسلَم معه بعضهم وأغرق الله المشركين كما هو معلومٌ مِن سورة نوح وغيرها.
قال الله تعالى على لسان نوح: ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [سورة يونس - الآية 72]. وهكذا كل نبي جاء بعده، وإنما جاء يدعو قومه إلى التوحيد والإسلام، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [سورة الأنبياء - الآية 25].

وذَكَرَ اللهُ تعالى أنَّ كل نبي قال لقومه: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [سورة الأعراف - الآية 59].
ومِن أعظم هؤلاء الأنبياء إبراهيم خليل الرحمن، الذي قال عنه الله تعالى: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [سورة آل عِمران - الآية 67]، وهو أبو بقية الأنبياء الذين جاءوا مِن بعده.
وكذلك نبي الله موسى كان مُسلِماً ودعا قومه إلى الإسلام، ولهذا قال فرعون لما أدركه الغرق: ﴿قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [سورة يونس - الآية 90]، وكذلك عيسى كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾ [سورة المائدة - الآية 111]، والحواريون هُم أصحاب عيسى.

وكُل نبي دعا قومه إلى الإسلام، والإسلام هو دين الله الذي لا يقبل سواه، قال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾ [سورة آل عِمران - الآية 19]، وقال: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [سورة آل عِمران - الآية 85].
وقال صلى الله عليه وسلَّم: "والذي نفسُ محمدٍ بيده، لا يَسْمَعُ بي أحدٌ مِن هذه الأمةِ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ، ثم يموتُ ولم يُؤْمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به، إلا كان مِن أصحابِ النارِ" [صحيح مسلم (ح240)].
وقد أكرم الله تعالى أُمة محمد صلى الله عليه وسلَّم بأنْ سمَّاهم باسم الإسلام: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [سورة الحج - الآية 78]، لأنَّ رسالته هي الرسالة العامة للبشرية كلها، ولأنَّ اُمته أعظم الأُمم تحقيقاً لمعنى الإسلام وكمال الاستسلام.

ومما تقدَّم نستنتج:
1- أنَّ الإسلام هو دين الفطرة الذي يولَد عليه كل مولود على ظهر الأرض، ولكن التربية الضَّالة تجعله يدين بأي دين آخَر.
2- أنَّ الإسلام هو دين البشرية الأصلي، وأنَّ كل الأنبياء كانوا مُسلمن داعين إلى الإسلام والتوحيد.
3- أنَّ اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، والهندوسية، وكل الأديان سوى الإسلام ليست هي دين الله الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه، ولا يقبل الله منها شيئاً، ومصير كل مَن دان بها هو الخلود في النار وبئس القرار.
4- أنَّ الأديان الأخرى سوى الإسلام إنما هي مِن صُنع وابتداع الأحبار والرهبان والكُهّان ورجال الدِّين والفلاسفة.. الذين أسسوا أدياناً مِن عند أنفسهم، أو حرَّفوا دين الله وزادوا فيه ونقصوا حتى ضاعت الحقيقة في ركام الأباطيل.


كتبه: د. سفر الحوالي
مِن كتاب: أُصول الفِرَق والأديان والمذاهب الفكرية