المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حول قوله تعالى (وأنه هو أغنى وأقنى) ؟



أهــل الحـديث
02-06-2013, 08:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


تعددت أقوال المفسرين حول قوله تعالى ( وأنه هو أغنى وأقنى)

قال القرطبي((قَالَ اِبْن زَيْد : أَغْنَى مَنْ شَاءَ وَأَفْقَرَ مَنْ شَاءَ ; ثُمَّ قَرَأَ " يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده وَيَقْدِر لَهُ " [ سَبَأ : 39 ] وَقَرَأَ " يَقْبِض وَيَبْسُط " [ الْبَقَرَة : 245 ] وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيّ . وَعَنْ اِبْن زَيْد أَيْضًا وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَالْحَسَن : " أَغْنَى " مَوَّلَ " وَأَقْنَى " أَخْدَمَ . وَقِيلَ : " أَقْنَى " جَعَلَ لَكُمْ قِنْيَة تَقْتَنُونَهَا , وَهُوَ مَعْنَى أَخْدَمَ أَيْضًا . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَرْضَى بِمَا أَعْطَى أَيْ أَغْنَاهُ ثُمَّ رَضَّاهُ بِمَا أَعْطَاهُ ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس . وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : قَنِيَ الرَّجُل يَقْنَى قِنًى ; مِثْل غَنِيَ يَغْنَى غِنًى , وَأَقْنَاهُ اللَّه أَيْ أَعْطَاهُ اللَّه مَا يُقْتَنَى مِنْ الْقِنْيَة وَالنَّشَب . وَأَقْنَاهُ اللَّه أَيْضًا أَيْ رَضَّاهُ . وَالْقِنَى الرِّضَا , عَنْ أَبِي زَيْد ; قَالَ وَتَقُول الْعَرَب : مَنْ أُعْطِيَ مِائَة مِنْ الْمَعْز فَقَدْ أُعْطِيَ الْقِنَى , وَمَنْ أُعْطِيَ مِائَة مِنْ الضَّأْن فَقَدْ أُعْطِيَ الْغِنَى , وَمَنْ أُعْطِيَ مِائَة مِنْ الْإِبِل فَقَدْ أُعْطِيَ الْمُنَى . وَيُقَال : أَغْنَاهُ اللَّه وَأَقْنَاهُ أَيْ أَعْطَاهُ مَا يَسْكُن إِلَيْهِ . وَقِيلَ : " أَغْنَى وَأَقْنَى " أَيْ أَغْنَى نَفْسه وَأَفْقَرَ خَلْقه إِلَيْهِ ; قَالَ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ . وَقَالَ سُفْيَان : أَغْنَى بِالْقَنَاعَةِ وَأَقْنَى بِالرِّضَا . وَقَالَ الْأَخْفَش : أَقْنَى أَفْقَرَ . قَالَ اِبْن كَيْسَان : أَوْلَدَ . وَهَذَا رَاجِع لِمَا تَقَدَّمَ .

لكن الذي يظهر والله أعلم من هذه الأقوال هو قول من قال أن أقنى : بمعنى أفقر ، لأن هذا مناسب لسياق الآيات التي جاءت على نحو من المقابلة ، وكما هو معلوم أن خلق الضدين دليل على عظيم قدرة الله ، والآيات جاءت لتأكيد هذه الحقيقة .

لكن يبقى الإشكال في قول ابن كثير رحمه الله : ( وقيل معناه أغنى نفسه وأفقر الخلائق إليه قاله الحضرمي بن لاحق وقيل أغنى من شاء من خلقه وأقنى أي أفقر من شاء منهم قاله ابن زيد حكاهما ابن جرير وهما بعيدان من حيث اللفظ ) انتهى كلامه

فقوله بعيدان من حيث اللفظ ، لم يتبيّـن لي وجهه ، مع أن ممن قال بهذا القول أحد كبار أئمة اللغة وهو الأخفش ، وقول ابن زيد من المفسرين ، قال البغوي رحمه الله وقال ابن زيد : ((أغنى)): أكثر ((وأقنى)): أقل، وقرأ: " يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر "، (الإسراء-30) وقال الأخفش : (0أقنى)): أفقر . انتهى

وقد رجح هذا المعنى العلامة الطاهر بن عاشور في ( التحرير ) فقال : ويظهر أن معنى أقنى ضد معنى أغنى رعيا لنظائره التي زاوجت بين الضدين من قوله أضحك وأبكى و أمات وأحيا ، و الذكر والأنثى ، ولذلك فسره ابن زيد والأخفش وسليمان التميمي بمعنى أرضى .

أقول وفي كلام ابن عاشور رحمه الله وهم ، حيث قال في آخره ( بمعنى أرضى ) وأرضى هو قول ابن عباس ، أما ابن زيد والأخفش فيقولان : أفقر وأقل ، وبين أفقر وأرضى فرق كما هو معلوم ، ولعله سبق قلم منه رحمه الله ..

وترجيحه لهذا المعنى ، مع إمامة من سبقوه كابن زيد والأخفش وابن جرير ، ودلالة السياق ، كلها تقوي هذا المعنى بخلاف ما عليه كثير من المفسرين وأصحاب الغريب والله أعلى وأعلم .