المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقارنة بين صنيع الهيثمي والبوصيري في الزوائد :



أهــل الحـديث
01-06-2013, 10:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


مقارنة بين صنيع الهيثمي والبوصيري في الزوائد :
1. الهيثمي رتب كل كتبه الزوائد على الكتب الفقهية ، وهي بذلك يقتفي أثر المصنفين السابقين من العلماء ، وذلك ليسهل عليه حشد أكبر عدد من الأحاديث داخل الباب الواحد ، وربما فرّّق الأحاديث على اكثر من باب إذا كان المعنى واحد وكذلك البوصيري ، فلا مزية بين الإمامين في طريقة التبويب إطلاقاً فكلاهما رتب على الأبواب .
2. جمع الهيثمي كتابه الكبير مجمع الزوائد ومنبع الفوائد من كتبه المقصد العلي ، بغية الباحث ، وكشف الأستار ، وزوائد موارد الظمآن ، ومجمع البحرين ، ومصباح الزجاجة ، وهي كتب قليلة بالنسبة للبوصيري ، وهذا الجمع محذوف الأسانيد فجاء مبتوراً ، لان الباحث خلف الهيثمي ، الذي لم يقتنع بحكم الهيثمي ، يتعب جداً في العودة إلى أصول تلك الكتب لاستخراج أسانيدها والحكم عليها .
بينما تجد أن البوصيري جمع كتابه الكبير الإتحاف على أمرين :
الأول : اشتماله على عشرة مسانيد كبيرة ، ثلاثة منها مفقود ، فأسدى لنا البوصيري خدمة جليلة اشتملت على أمرين :
- حفظ من هذه الكتب من الضياع .
- حفظ لنا أسانيدها من السقط والتحريف والضياع .
الثاني : أورد المسانيد العشرة كاملة بأسانيدها ، وهذا لم يفعله الهيثمي ، فكان كتاب البوصيري انفع من كتاب الهيثمي .
3. استفاد البوصيري من الهيثمي في عمله للزوائد شيئاً كثيراً ولم ينبه البوصيري على هذه الاستفادة لا في المقدمة ولا في أثناء الكتب ، ولقد كتبت في المبحث السابق نماذج كثيرة من استفادة البوصيري من شيخه الهيثمي الكثير ، بل تتبع البوصيري أحكام شيخه على الأحاديث والرواة ونقدها بنقد شيخه ، بل كان يعمد إلى كلام شيخه فينقله من المجمع كله بفضه وقضيضه .
4. تكلم الهيثمي رحمه الله على مخارج الأحاديث ، بكثرة جداً ، حيث عد النقاد أن الأحاديث التي خرجها الهيثمي مقارنة مع البوصيري ثلثي الكتاب .
مثال : عن أبي بكرة بينما أنا أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعي رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بيننا ، إذ أتينا إلى قبرين ، فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم : إن صاحبي هذين القبرين ليعذبان الآن في قبورهما ، فأيكما يأتيني من هذا النخل بعسيب ، فاستبقت أنا وصاحبي ، فسبقته ، وكسرت من النخل عسيباً ، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم ، فشقه نصفين من أعلاه ، فوضع على أحدهما نصفاً ، وعلى الآخر نصفاً وقال : إنه ليهون عليهما ما دام في بلولتيهما شيء ، إنهما يعذبان في الغيبة والبول .
رواه أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا وكيع ، حدثنا الأسود بن شيبان ، حدثني بحر بن مرار البكراوي ، عن جده أبي بكرة ، وقال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين ، قال : إنهما ليعذبان ، وما يعبان في كبير ، أما أحدهما فيعذب في البوب ، وأما الآخر فيعذب في الغيبة .
قلت : كذا وقع في مسندي الطيالسي ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، وكذا رواه ابن ماجة في سننه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة بالإسناد والمتن .
وكذا رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ، وهو وهم .
قال المزي في الأطراف : رواه أبو سعد مولى بني هاشم ، ومسلم بن إبراهيم ، عن الأسود بن شيبان ، عن بحر بن مرار ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبي بكرة ، وهو الصواب . انتهى .
وكذا رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ، والطبراني في الأوسط .
وهو إسناد فيه مقال : بحر بن مرار ، وثقه ابن معين ، وقال النسائي : لا بأس به ، وققال ابن حبان : أختلط بأخرة حتى كان لا يدري ما يحدث ، فاختلط حديثه الأخير بالقديم ، ولم يتميز ، وقال ابن عدي : لم أر له حديثاً منكراً ، ولم أجد أحداً من المتقدمين ضعفه إلا يحيى بن سعيد في قوله : خولط وباقي رجال الإسناد ثقات .
وقال إسحاق بن راهويه : حدثنا النضر بن سميل ، حدثنا أبو العوام الباهلي .
عبد العزيز بن الربيع ، حدثنا أبو الزبير ، عن جابر بن عبدالله ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ، فأتى على قبرين يعذب صاحباهما ، فقال : ما يعذبان في كبير ثم قال : بلى ، أما أحدهما فكان يغتاب الناس ، وأما الآخر فكان لا يتأدى من بوله ثم أخذ جريدة رطبة أو جريدتين فكسرهما ، ثم غرس كل كسرة على قبر ، فقال : إنه يخفف عنهما ما دامتا رطبتين - أو قال : ما لم ييبسا .
قلت : أبو العوام وثقه ابن معين ، فالحديث حسن صحيح .
المثال من المجمع ( 1 : 256 ) : عن عائشة رضي الله عنها : مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين يعذبان فقال : إنهما يعذبان ، وما يعذبان بكبير ، كان أحدهما لا يتنزه من البول ، وكان الآخر يمشي بالنميمة ، فدعا بجريدة رطب كسرها فوضع على هذا وعلى هذا وقال : لعله يخفف عنهما حتى ييبسا .
قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون إلا شيخ الطبراني محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي المصري فإني لم أعرفه .
قلت : يتبين من هذا المثال تبين دقة الإمام البوصيري رحمه الله في أمرين اثنين : أولهما : سعة مخارج البوصيري فقد أكثر من مرجع ليبين أن الحديث صحيح . ثانيهما : رواة أبي بكر بن أبي شيبة ، ثم رواية الطيالسي ، ثم زاد رواية ابن ماجة ، ثم ساق كلام المزي ليبين أن في الإسناد انقطاعاً بين بحر بن مراد وجده أبي بكرة ، ثم تكلم على إسناد الطبراني الذي فيه بحر بن مرار ونقل أقوال الأئمة عليه ، بينما طعن الهيثمي بمحمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي فقال : لا أعرفه ، بينما هو ثقة كما جاء في تاريخ الخطيب ( 4 : 59 ) .
5. يسوق البوصيري الحديث في الإتحاف مسنداً من مسانيد العشرة ، وقد يكتفي بسياق بعضه ثم الإطالة على إسناد سابق أو لاحق ، وقد يكون المتن عنده بإسنادين من مسند أو أكثر ، ويلتقيان في أثناء الأسانيد فيسوقهم إليه ثم يوحد السياق ، ثم يقول : وذكره فلان نحوه . وهذا لا يوجد في كتاب الجمع .
6. ينبه الإمام البوصيري على مكان الانقطاع والتفرد بكثرة وهذا لا تجده كثيراً في الإتحاف وبحسبه بسيطة فإن تنبيه الهيثمي على الانقطاع جاء في المجمع مئة وثلاثون مرة بينما تجد في الإتحاف التنبيه على الانقطاع فقط تسعة وستون مرة .
7. ينبه البوصيري رحمه الله على الأحاديث الموضوعة في الإتحاف بينما تجد عند الهيثمي الإقلال من هذا النوع جداً ربما أربعة مواضع ، أو أكثر ، مما يدل على أن البوصيري أكثر تنبيهاً على الموضوع من الهيثمي .