المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المهاتما غاندي في الاتحاد بـــــقلم بتال القوس



عميد اتحادي
31-05-2013, 09:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم




http://al-marsd.com/uploads/writer/074c877a22a3d62c1411e1c87f5d4966.png (http://al-marsd.com/uploads/writer/074c877a22a3d62c1411e1c87f5d4966.png)



غاندي الاتحاد



.. بعد أيام من وصوله, بدا الفتى المدني الذي ولد ونشأ في أزقة وأحياء مدينة الرسول المصطفى, محطم القلب, تائه الخُطى, يسترجع قرار الماضي القريب, ويعيد ترتيب الحسابات, وسؤال لحوح يمد لسانه بسخرية: هل أخطأت الخيار؟

كل ما حوله يشي باللانظام, البحث عن ورقة المواعيد وجدول اليوم الرياضي, في هذا النادي, أصعب من زراعة الأناناس في صحراء الرياض.

قبل 11 عاما, اُستدعي أحمد الفريدي إلى معسكر منتخب الأخضر للناشئين, اقترب منه آنذاك سلمان القريني وقدم له ورقة تحوي أرقاما وجداول ومواعيد. قلّبَ وجهي الورقة بلا اهتمام, وسأل مديره بعفوية: ما هذه؟ رد القريني بجدية: مواعيد الأكل, التمارين, الصعود إلى الغرف, النزول إلى الباص, الصلاة, الاجتماع الفني اليومي والفترات الحرة. مطَّ الفتى القادم آنذاك من فريق الأنصار الصغير الذي يحمل اسم الجماعة التي غيرت التاريخ البشري, شفتيه للأمام بلا استيعاب ومضى.

في المعسكر الأخضر, لاحظ أن القريني المدير الصارم, يقرّع اللاعبين غير الملتزمين بالمواعيد, ويشد عليهم بالقول والفعل ويعاقبهم ويوبخهم أمام البقية, ولأن من سمات الفريدي الشخصية, رفض أي تقريع يوجه إليه, أصبح الالتزام بالنظام طريقه لاجتناب ما لقيه الآخرون.

منذ ذاك الوقت, بدأ شيء جديد يتشكل في مسيرة اللاعب الناشئ, كبر وكبر معه.

في الهلال عمل تحت قيادة كوزمين, استفزه أن هذا الروماني الحماسي أكثر صرامة على الصغار من أقرانهم اللاعبين الكبار, سأله مرة: لماذا؟ أجاب أولاريو: لأن الانضباط والالتزام بذرة تزرع في الصغر, وتنبت في الكبر. ابتسم وطاف في مخيلته وجه القريني مديره الذي يحبه حبا جما ويحفظ له فضله فيما علمه إياه في الصغر وأثمر في الكبر.

في الاتحاد العريق حيث حطت رحاله, وإلى قبل شهرين, كان التمرين يبدأ متى وصل ثلاثة أو أربعة أسماء, وينتهي متى تعب هؤلاء, والوصف لا يصدقه إلا من رأى وعاش في الكنف الأصفر وسَبُرَ غَورَهُ, تحرُك حافلة الفريق إلى الملعب قد يتأخر, لأن واحدا من الأربعة يفتش عن علبة تصفيف الشعر في حقيبته الرياضية, الأربعة كانوا هم القانون, وساعة الزمن والمواعيد في الاتحاد العظيم, والوقوف ضدهم لعب بالنار ومقامرة بالمستقبل.

حاول أن يحدث تغييرا, فاتجه إلى المهملين والصغار من القوم, اقتداءً بسنة كوزمين, ودعاهم لاعتناق ثقافته, بث فيهم الروح, حقنهم بالمسؤولية, عالج إحباطهم, وطبب نفسياتهم المرهقة بالتجاهل. وأسقط في يده حين وجد الصغار مكلومين, لا يتحدثون ولا يعترضون ويخشون أن ينطقون, فشل آخر لاحقه.

كل ما حوله يسير إلى الفشل, ولا بوارق تلوح بأمل في نجاح, أمام الهلال خرَّ الفريق صريعا بالأربعة, ولأول مرة قال في نفسه: هذا فراق بيني وبينكم.

في مران اليوم التالي, نظر إلى الصغار, وحدث نفسه أيضا: من سيساعدهم إن كنت أنا أول المستسلمين؟

حينما يصاب الفريدي بالإحباط, يذهب إلى طيبة الطيبة, يُقل والدته بسيارته, ويقصد مسجد الرسول الأمين, يخرج وأحماله قد زالت, وفي كل مرة يعتقد أن السر في هذا المسجد فقط, حتى قالت له أمه: لقد دعوت أن يشرح الله صدرك ويزيل همك, ويخفف حملك, ويسهل عليك كل صعب.

بعد عشاء ذاك اليوم, سمع الأخبار, ما يشبه الإنقلاب الأبيض حلَّ في العميد.

عاد إلى جدة مسرعا, وانضم إلى حملة التغيير, وجد نفسه أهم محركات المرحلة, والصغار يحفظون له ما بذر فيهم.

سألته آنذاك ماذا تفعل؟ قال: أنا الآن لاعب, ومصلح اجتماعي, وقدوة ومستشار شخصي للكثير من اللاعبين, قلت له: والآخرون؟ أجاب: كريري والمولد يقومان بالدور ذاته وأكثر, لدينا عمل كبير نقوم به, وسننجح.

في الاتحاد, نظام جديد بدأ القادة الجدد ببنائه, وما زالوا يزرعون بذوره في عمق طويل, وسيذكر التاريخ أن أحمد الفريدي, كان يوما المهاتما غاندي الاتحاد, والمهاتما في الهندية تعني الروح العظيمة.





نقلا من الاقتصادية
تحياتي للجميع