المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجمع بين الصلاتين بسبب المطر دراسة فقهية



أهــل الحـديث
31-05-2013, 12:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم






الجمع بين الصلاتين


في الحضر بسبب المطر



إنجاز الباحث:



أبو بكر عبد العني ادعيكل.



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، محمد بن عبد الله المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ وبعد:
فإن من مميزات الشريعة الإسلامية بمقارنتها مع باقي الشرائع الأخرى، أن تكاليفها جاءت على قدر هيئة الإنسان؛ فهي رحمة كلها وعدل كلها ومصلحة كلها، وليس فيها شيء يخالف هذه المبادئ الجميلة؛ وإذا وجدنا ما يخالف هذه المعاني الكلية فليس من الشريعة البتة، وإن أدخل فيها بالتأويل.
وإن من مقتضيات الرحمة والمصلحة أن جعل الله هذه الشريعة السمحاء سهلة ميسرة كل يعمل بها بحسب قوته وطاقته؛ وليس فيها شيء من الأغلال التي فرضت على الأمم السالفة، بل إن أدلة الشرع كلها تعاضدت وتناصرت على هذا المبدأ الكلي؛ والذي أجمله الحبيب صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن أي الأديان أحب إلى الله قال:" الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ "([1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1))؛ والسمحة معناها السهلة التي لا حرج فيها ولا ضرر ولا تضييق؛ ومما يعضد هذا المبدأ ويعززه ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم:" «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ([2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2))»([3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3)). مما يدل على أنه ليسفي الشريعة ما يخرج عن طاقة الإنسان وقدرته، وأن ثواب العمل ليس مرتبط بما يلازمه من مشقة، بحيث كلما كان العمل أشق كلما كان أعظم أجرا، بل العمل في الإسلام مرتبط بالقصد والإخلاص، ولهذا كم من واحد حصل على مراتب عالية في درجات العبودية بنيته وإخلاصه، وليس بكثرة صلاته وصيامه واعتكافه وإن كان ذلك شرطا في بلوغ هذه المراتب.
وإن من مظاهر التيسير على الأمة الإسلامية أن وضع تشريعات وألزم بها عباده؛ ووضع بجانبها رخصا بحيث إذا لم يستطع المكلف الإتيان بتلك التشريعات استند إلى الرخصة، وحصل على نفس أجر العمل الذي وضع ابتدءا؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ "([4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4)).
وإن مما شرع الله عز وجل لعباده خمس صلوات في اليوم والليلة؛ وحدد لها أوقاتا تؤدى فيها، بحيث من أداها في تلك الأوقات اعتبر طائعا ومؤديا لفريضته، ومن أداها في غير وقتها اعتبر مخالفا وعاصيا لأمر ربه. إلا أن هذا الإلزام لا يستطيعه كل الناس، أو تعرض لهم أسبابا تمنعهم من تأدية الصلاة في وقتها، أو ربما المحافظة عليها في تلك الأوقات المعينة يحدث مشقة وتضييقا في بعض الأحيان؛ فشرع الله عز وجل بعض الأحكام المخففة والميسرة على المكلفين، حتى لا يرهقهم ولا يشق عليهم وهي من رحمة الله عز وجل على عباده؛ ومن ذلك الجمع بين الصلاتين المشتركتين في الوقت كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، كل ذلك مراعاة لأحوال الإنسان الذي يكتنفه الضعف في كل أحواله؛ قال الإمام ابن العربي رحمة الله عليه في مقاصد الجمع بين الصلاتين:" نصب الله تعالى أوقات الصلاة محدودة الطرفين، متغايرة الذاتين، وجعل لكل صلاة وقتا يختص بها، ثم لما علم الله تعالى من ضعف العباد وقلة قدتهم على الاستمرار في الاعتياد وما يطرأ عليهم من الأعذار، التي لا يمكنهم دفعها عن أنفسهم، أرخص لهم في نقل صلاة إلى صلاة، وفي جمع المفترق منها"([5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5)).
وفي هذه البحث سنتحدث عن سبب من أسباب الجمع : وهو الجمع بين الصلاتين من أجل المطر، خصوصا في هاته الأيام التي يعرف فيها نزول المطر، مما استلزم منه كثرة الأسئلة والنقاشات التي تروج حوله، بين رافض له أصلا، وبين مسيئ لفهمه، وبين متشدد في تنزيله، وبين متساهل في تطبيقه، فهناك من رفض فكرة الجمع بين الصلاتين بسبب المطر، باعتبار أن المشقة التي كانت تصحب المطر قديما لم تعد موجودة في ظل هذا التقدم في التمدن والحضارة، بحيث الشوارع مزفتة، ومزودة بالإنارة، والمياه التي تنزل من السماء تذهب إلى المجاري الخاصة بها، فكل شيء مهيأ ومشيد، فليس هناك ما يشق ويضر الإنسان بسبب المطر؛ وطائفة أخرى ذهبت إلى نقيض هذا الاتجاه؛ فبمجرد سُحُب اعترضت في السماء يجمعون، فلا مطر ولا برد ولا ظلمة ولا وحل ومع ذلك يجمعون، وإذا سألتهم قالوا السحاب مظنة المطر، ومظنة وجود السبب تنـزل منزلة تحقق السبب؛ وطائفة أخرى راعت المطر، ولكن ليس كل المطر، فالجمع عندهم لا يتحقق إلا بالغيث الغزير والبرد الشديد والرياح القوية التي ينقطع معها التيار الكهربائي، وتتساقط معها الأشجار، فإذا كانت الحالة كما وصفنا جاز الجمع مراعاة للمشقة والضيق الحرج الذي يلحق المكلفين؛ وكل طائفة تدعي أنها على السنة، ومذهبها راجح على غيرها.
وفي خضم هذا التفرق والتنازع وقع العوام في اضطرابات، فمنهم من يخرج إذا جمع الإمام وتراه يرفع يديه ويشتم ويخاصم، ومنهم من يصلي ونفسه كارهة وغير راغبة ولا راضية، ومنهم من يجمع من أجل أن لا يكلف نفسه عناء الذهاب إلى المسجد، والآخرون يصلون حتى يتفرغون للعب والجلوس في المقاهي أو التسكع في الشوارع...
كل هذا دفعني لكي أبحث في الموضوع من أجل إظهار الحق وبيان الصواب وإزالة الحيرة والاضطراب، ذلك لأن السنة كما نحافظ عليها، بالتمسك بها وإحيائها؛ فإنه ينبغي علينا أن نحميها كذلك من الزيادة فيها أو النقصان منها؛ ولقد اعتمدت في هذا البحث على ما جاء في الكتاب والسنة من النصوص الدالة على الجمع إطلاقا وتقييدا، ثم ضمنتها تفسيرات الأئمة الفقهاء، وبالخصوص الفقهاء المالكية في النقط التالية:
أولا: مشروعية الجمع بين الصلاة بسبب المطر.
ثانيا: صفة المطر الذي يبيح الجمع.
ثالثا: الجمع بسبب الظلمة والوحل.
رابعا: صفة الجمع وشروطه.
خامسا: صلاة الوتر بعد الجمع مباشرة.


أولا: مشروعية الجمع بين الصلاة بسبب المطر.
إن جمع الصلاة من أجل المطر ثابت بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبـي صلى الله عليه وسلم وأصحابه البررة، ولهذا فالمنكر للجمع من أجل المطر منكر للسنة ورافض للرخصة التي تبرع ومن بها الله على عباده؛ ولا يسع المرء المسلم أمام هذه الأحاديث إلا الإذعان والتسليم، لعلمنا أن الخير كل الخير فيما فعله الحبيب صلى الله عليه وسلم، ومن ظن أن تمسكه بوقت الصلاة، وعدم الجمع بين الصلاتين إذا تحققت الرخصة، واعتقد أن ذلك هو الأفضل فقد أساء الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم.
والأحاديث والآثار الدالة على الجمع بين الصلاتين من أجل المطر كثيرة جدا نقتصر على بعضها، من أجل الاختصار، وهي بحمد الله تعالى كافية وشافية في إعطائنا صورة واضحة في الجمع بين الصلاتين في الليلة المطيرة؛ ومن تلك الأحاديث نذكر ما أخرجه الإمام مسلم عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ» قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَسَأَلْتُ سَعِيدًا، لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمَا سَأَلْتَنِي، فَقَالَ: «أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ»([6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6)).
وفي رواية أخرى عن عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ» فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ»، وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ»([7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7)).
من خلال هاتين الروايتين عن ابن عباس يمكن أن نستنتج ثلاثة أسباب في الجمع بين الصلاتين وهي: السفر والخوف والمطر.
إلا أن هاتين الروايتين وقع فيهما أخذ ورد، ذلك لأن الروايتين تثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من غير سبب، وهذا يعارض الأحاديث المتواترة الدالة على المحافظة على كل صلاة في وقتها؛ وبالفعل قد تمسكت طائفة من العلماء بهاته الأحاديث فأباحت الجمع من غير حاجة ولا ضرورة. ومن أولئك الأئمة الذين تمسكوا بظاهر الروايتين نجد: ابن سيرين، وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفال الكبير وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث وأهل الظاهر، الذين ذهبوا جميعا إلى جواز الجمع بين الصلاتين من غير عذر ما لم يتخذها الإنسان عادة([8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8)).
لكن جمهور العلماء اعتبروا هذا الرأي شاذا يخالف المعلوم من الدين بالضرورة، وهو خلاف وقع بعد ما أجمع عليه العلماء من أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين بلا عذر، ومن الذين نقلوا الإجماع ابن رشد الحفيد حيث قال وهو يتحدث عن قضية عدم جواز الجمع بين الصلاتين عند الحنفية:" لِأَنَّهُ قَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا فِي الْحَضَرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ: (أَعْنِي: أَنْ تُصَلَّى الصَّلَاتَانِ مَعًا فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا"([9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn9))، وكذلك ابن رجب في كتابه فتح الباري وسيأتي ذكر قوله.
وفي تأويلهم للحديث المروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر، مسالك عدة بلغ بها ابن رجب رحمة الله على الجميع ثمانية مسالك؛ وهي باختصار شديد:
المسلك الاول: أنه –يعني الحديث- منسوخ بالإجماع على خلافه، وقد حكى الترمذي في آخر " كتابه" أنه لم يقل به أحد من العلماء.
المسلك الثاني: معارضته بما يخالفه، وقد عارضه الإمام أحمد بأحاديث المواقيت، وقوله:" الوقت ما بين هذين"([10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn10))، وبحديث أبي ذر في الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، وأمره بالصلاة في الوقت، ولو كان الجمع جائزاً من غير عذر لم يحتج إلى ذلك، فإن أولئك الأمراء كانوا يجمعون لغير عذرٍ، ولم يكونوا يؤخرون صلاة النهار إلى الليل، ولا صلاة الليل إلى النهار.
وكذلك في حديث أبي قتادة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال لما ناموا عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس: " ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الاخرى"([11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn11)).
المسلك الثالث: حمله على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخر الظهر إلى آخر وقتها، فوقعت في آخر جزء من الوقت، وقدم العصر في أول وقتها، فصلاها في أول جزء من الوقت، فوقعت الصلاتان مجموعتين في الصورة، وفي المعنى كل صلاة وقعت في وقتها، وفعل هذا ليبين جواز تأخير الصلاة إلى آخر وقتها.
المسلك الرابع: أن ذلك كان جمعا بين الصلاتين لمطر، وهذا هو الذي حمله عليه أيوب السختياني كما في رواية البخاري، وهو الذي حمله عليه مالك أيضا.
المسلك الخامس: أن الذي نقله ابن عباس عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كان في السفر لا في الحضر، كما في رواية قرة، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن ذلك كان في غزوة تبوك، وقد خرجه مسلم في صحيحه.
المسلك السادس: أن جمعه ذلك كان لمرض.
وقد روي عن الإمام أحمد، أنه قال: هذا عندي رخصة للمريض والمرضع.
المسلك السابع: أن جمعه كان لشغل، وفي رواية حبيب بن أبي حبيب، عن عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، أنه جمع من شغل، كما خرجه النسائي وقد سبق.
وقد نص أحمد على جواز الجمع بين الصلاتين للشغل.
المسلك الثامن: حمل الحديث على ظاهره، وأنه يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر بالكلية، وحكي ذلك عن ابن عباس وابن سيرين، وعن أشهب صاحب مالك([12] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn12)).
وعند النظر والرجوع إلى كتب المسندة نجد أن المسلك الثالث له وجاهة وقوة، إذا ما استحضرنا مجموعة من ضوابط الجمع بين الأحاديث المتعارضة:
- أن أبا الشعثاء وهو راوي الحديث عن ابن عباس قد قال بالجمع الصوري، وتفسير راوي الحديث مقدم على غيره، فعن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا»، قُلْتُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ، وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ، قَالَ: وَأَنَا أَظُنُّ ذَاكَ ([13] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn13)). وهذا الأثر نص في حمل الحديث على الجمع الصوري باعتبار أن أوقات الصلوات أوقات موسعة وليست مضيقة، ففي أي أجزائها أوقع الفعل برئت الذمة، وإنما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يحرج أمته في التزامها بوقت محدد، وفي ذلك من المشقة ما لا يطيقه الإنسان، والشريعة جاءت لرفع المشاق والأغلال.
- كذلك مما يعضد المسلك الثالث أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعيين وتحديد لوقت الجمع، فإما أن تحمل على ظاهرها فيقتضي منها تجويز إخراج الصلاة عن وقتها وهو لا يجوز، أو نحمل الحديث على صفة مخصوصة تقتضي الجمع بين الأحاديث وهو أولى؛ ولن يكون ذلك إلا بالجمع الصوري.
- هناك أحاديث صريحة نصت على عدم إخراج الصلاة عن وقتها، وأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخر صلاة عن وقتها من غير عذر؛ قال الإمام الشوكاني رحمة الله عليه:" ومما يدل على تعيين حمل حديث الباب على الجمع الصوري ما أخرجه النسائي عن ابن عباس بلفظ: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء»([14] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn14)) فهذا ابن عباس راوي حديث الباب قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصوري...
ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصوري ما أخرجه مالك في الموطأ والبخاري وأبو داود والنسائي عن ابن مسعود قال: « مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِمِيقَاتِهَا، إِلَّا أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، وَصَلَّى الصُّبْحَ يَوْمَئِذٍ لِغَيْرِ مِيقَاتِهَا »([15] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn15)) فنفى ابن مسعود مطلق الجمع وحصره في جمع المزدلفة، مع أنه ممن روى حديث الجمع بالمدينة...وهو يدل على أن الجمع الواقع بالمدينة صوري، ولو كان جمعا حقيقيا لتعارض روايتاه، والجمع ما أمكن المصير إليه هو الواجب.
ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصوري أيضا ما أخرجه ابن جرير عن ابن عمر قال:« خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يؤخر الظهر ويعجل العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء فيجمع بينهما» وهذا هو الجمع الصوري، وابن عمر هو ممن روى جمعه - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة كما أخرج ذلك عبد الرزاق عنه"([16] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn16)).
وفي هذا النقل عن الإمام الشوكاني مزيد من البيان والتوضيح لما نحن فيه. ولقد ذهب جمع كبير من أهل العلم إلى حمل هذا الحديث على الجمع الصوري لا الحقيقي؛ نقل ذلك عن الأئمة الحنفية والإمام القرطبي ورجحه قبله إمام الحرمين وجزم به من القدماء ابن الماجشون والطحاوي وقواه بن سيد الناس وابن عبد البر وابن حجر والإمام الشوكاني وغيرهم كثير.
ومن الأحاديث الدالة على الجمع من أجل المطر ما رواه الإمام البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا: الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ "، فَقَالَ أَيُّوبُ – السختياني-: لَعَلَّهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ، قَالَ: عَسَى([17] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn17)).
قال ابن حجر في تفسير قول أيوب السختياني عسى:" قوله عسى أي أن يكون كما قلت"([18] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn18)).
وتفسير الإمام السختياني للجمع بأنه كان في يوم مطير، إشارة منه إلى أن الجمع من أجل المطر كان معروفا عندهم، ولا ينكره أحد.
ومن الأدلة القوية التي تثبت الجمع من أجل المطر ما رواه الإمام مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ «كَانَ إِذَا جَمَعَ الْأُمَرَاءُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَطَرِ، جَمَعَ مَعَهُمْ»([19] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn19)).
وهذا الأثر فيه دلالة على الجمع بين الصلاتين من وجوه:
أولا: أن ابن عمر كان يجمع مع الأمراء ولا ينكر عليهم، وتركه للنكير دلالة على الجواز؛ لأن سكوته فيه دلالة على رضاه، ولم ينقل عنه أنه أبدى معارضة للجمع؛ كما أن هذا الأمر تكرر منه وذلك لصيغة "كان"؛ فهو لم يجمع مرة واحدة، بل تكرر منه ذلك.
ثانيا: ما يعرف عن عبد الله بن عمر من حرصه الشديد وتمسكه القوي بالسنن، وما كان ليعمل عملا لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يبدي أي اعتراض، ويعلم أنه إمام متبوع.
ثالثا: مسألة الجمع من أجل المطر كانت معروفة ومنتشرة؛ لأن جمع الأمراء لا يكون إلا في جامع، وفي جماعة.
رابعا: قول التابعي في باب العبادات يحمل على أنه سنة قد رآها من النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا اتهم بالبدعة، وما أشد عبد الله من اجتنابها والنكير على أصحابها.
وقد نقل عن مجموعة من التابعين أنهم كانوا يجمعون بين الصلاتين من أجل المطر؛ فقد نقل هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ " أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ إِذَا جَمَعُوا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَلَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ "([20] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn20)).
ونقل مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ:" أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِذَا كَانَ الْمَطَرُ، وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَشْيَخَةَ ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَهُمْ وَلَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ "([21] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn21)).
وهذا يدل أن الأمر كان معروفا عندهم وليس غريبا عنهم؛ حتى إن بعض العلماء انطلاقا من هذه الآثار نقل الإجماع على جواز الجمع بين الصلاتين من أجل المطر. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى لما ساق هذه الآثار:" وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ إجْمَاعًا "([22] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn22)).
وخلاصة الأمر نقول إن الجمع بين الصلاتين من أجل المطر سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه، عمل بها في حياته وكذلك الصحابة والتابعون ومن تبعهم إلى يومنا هذا؛ ولا يسع المسلم التقي إلا أن يسلم بهذه السنة، وما يحاول أن يجحدها، ولكن ليبحث عن سبل تنزيلها في الواقع المعيش؛ ومنه تعلم أن الذين يرفضون الجمع من أجل المطر، فإنما يرفضون السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قد دعوا إلى أمر يخالف ما أجمع عليه الأمة التي لا يجوز مخالفتها.
ثانيا: صفة المطر الذي يبيح الجمع.
إذا سلمنا بأن الجمع من أجل المطر جائز، وأنه لا حرج من الجمع أثناء وجوده؛ فإن الإشكالية تبقى في صفة المطر الذي من أجله تجمع الصلاة، فهل كل مطر يجمع من أجله الصلاة؟ أم لابد أن تتوفر فيه مجموعة من الصفات؟ وإن كان ذلك لا بد فما هي تلك الصفات؟ وما مذاهب وأقوال العلماء في صفة المطر؟ هذا ما نحاول أن نجيب عنه في هذه النقطة.
وأبدأ بما نقل عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه:" كَانَ إِذَا جَمَعَ الْأُمَرَاءُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَطَرِ، جَمَعَ مَعَهُمْ". هكذا نُقِل الأثر، والذي يدل أن عبد الله ما كان يجمع بين الصلاتين إلا عند وجود المطر ونزوله، وليس مظنة نزوله من وجود السحاب في السماء، ورطوبة الجو، وهبوب الرياح الباردة.
ومما يُستند عليه في بيان صفات المطر الذي تجوز عنده الجمع ما نقله مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ:" أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِذَا كَانَ الْمَطَرُ، وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَشْيَخَةَ ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَهُمْ وَلَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ ". وقوله "إذا كان المطر" فيه دلالة على وجوده وتحققه لا وجود علاماته.
وأيضا ما نقله هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ " أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ إِذَا جَمَعُوا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَلَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ "
قوله: "فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ" فيه بيان شاف وكاف لصفة المطر الذي يجوز عنده الجمع، حيث عبر بقوله مطيرة على وزن فعيلة، وهي من أوزان المبالغة، التي تدل على وجود المطر بكثرة وغزارة، ومستمر وغير منقطع.
وقال الإمام مالك بعدما روى حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ:" أُرَى ذَلِكَ كَانَ فِي مَطَرٍ"([23] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn23)).
وتفسير مالك للحديث يبين لنا أنه إذا كان المطر واقعا وموجودا أثناء الصلاة وليس متوقعا أنه يجوز الجمع؛ لأنه ما ترك الحديث على ظاهره؛ فيكون النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين من غير عذر.
وقال أبو زيد القيرواني:" ورخص في الجمع بين المغرب والعشاء ليلة المطر"([24] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn24)). وقال أيضا في النوادر والزيادات:" من المَجْمُوعَة قال عليٌّ، ، عن مالك: وسُنَّة الجمع ليلة المطر إن تمادى للمغرب ... ومن الْعُتْبِيَّة من سماع ابن القاسم في المطر الدائم لا يرجون كشفه، فلهم الجمع فيه. وقال مثله ابن القاسم في المَجْمُوعَة "([25] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn25)).
وهذا النص من الإمام مالك الصغير يبين لنا بعض صفات المطر الذي يجوز عنده الجمع؛ والتي يمكن جمعها في الصفات التالية:
أولا: أن تكون في ليلة المطر، بمعنى أن الجمع يشترط فيه المطر والظلمة، وبالتالي سيكون خاصا بالمغرب والعشاء دون الظهر والعصر، وهذا ما ذهب إليه المالكية والحنابلة وخالفهم في ذلك الشافعية.
ثانيا: أن يكون المطر متماديا ودائما في النزول، لا يرجى كشفه؛ بمعنى أنه لا يجوز الجمع في حالة توقع نزول المطر أن تكون السماء ملبدة بالغيوم، بل لابد من وجود وتحقق المطر واستمراره في النزول من غير توقف، أما إذا نزل المطر وانقطع قبيل المغرب، فلا يجوز الجمع في قول مالك وابن القاسم.
وقال أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا النفراوي المالكي في شرحه للرسالة:"(وَرُخِّصَ) أَيْ سُهِّلَ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ أَوْ السُّنِّيَّةِ (فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ) الْغَزِيرِ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَغْطِيَةِ رُءُوسِهِمْ بِحَيْثُ يَشُقُّ مَعَهُ الْوُصُولُ إلَى الْمَنَازِلِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاقِعِ أَوْ الْمُتَوَقَّعِ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ"([26] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn26)).
وهذا النص فيه إضافة يمكن إجمالها في ما يلي:
أولا: أن المطر لا بد أن يكون غزيرا وليس خفيفا، يحمل الناس على تغطية رؤوسهم بحيث يشق معه الوصول إلى المنازل.
ثانيا: لا يشترط في المطر الوقوع، بل واقع أو متوقع بشهادة قرائن الأحوال الدالة على نزول المطر، هاته الأحوال جرت العادة في وجودها وحصولها نزول المطر، لكن قوله أن المطر ينبغي أن يكون غزيرا الذي يحمل على تغطية رؤوسهم ينقض هذا الأمر، لأنه كيف سيعطون رؤوسهم من مطر متوقع نزوله.
ونقل الإمام ابن عبد البر عن الإمام الشافعي أنه يجوز الجمع بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَطَرِ إِذَا كَانَ الْمَطَرُ قَائِمًا دَائِمًا وَلَا يُجْمَعُ فِي غَيْرِ حَالِ الْمَطَرِ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ المتقدم([27] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn27)).
وقَالَ الإمام الْمَاوَرْدِيُّ الشافعي:" قَدْ ذَكَرْنَا فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَالْحَثِّ عَلَيْهَا مَا فِيهِ مَقْنَعٌ وغنى، وذكرنا أَنَّ مَنْ تَرَكَهَا كَانَ مُسِيئًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، أَوْ عَاصِيًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهَا فَرْضٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا بِالتَّخَلُّفِ عَنْهَا فَلَا يَكُونُ مُسِيئًا ولا عاصياً، والعذر على ضربين:
الأول: خاص
الثاني: عَامٌّ، فَالْعُذْرُ الْعَامُّ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ، وَالرِّيحُ الشَّدِيدَةُ الْبَارِدَةُ، وَالْوَحْلُ الْمَانِعُ إِلَّا أَنَّ الْمَطَرَ عُذْرٌ فِي جَوَازِ التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَجَوَازِ الْجَمْعِ بين الصلاتين، والوحل، والريح ليس بِعُذْرٍ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَمِنْ ذَلِكَ الزَّلْزَلَةُ، وَالْخَوْفُ الْعَامُّ مِنْ مُتَغَلِّبٍ غَيْرِ مَأْمُونٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ"([28] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn28)).
وهذان النصان يثبتان أن المطر لابد أن يكون قويا وغزيرا، وواقعا وليس متوقعا.
وقال الماوردي أيضا:" لا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْمَطَرِ وَكَثِيرِهِ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ إِذَا كَانَ قَلِيلُهُ يَبُلُّ الثَّوْبَ لِحُصُولِ الْأَذَى بِهِ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَبُلَّ الثَّوْبَ لِقِلَّتِهِ كَالطَّلِّ وَالرَّذَاذِ لَمْ يَجُزِ الْجَمْعُ لِعَدَمِ الْأَذَى بِهِ"([29] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn29)).
وهذا النص من الإمام الماوردي يثبت أن العلة من الجمع هي الحصول المشقة الناتجة عن ضرر وأذى بلل الثوب؛ فأي مطر يحصل منه بلل الثياب، والتي ترجع على لابسها بالضرر والأذى فيجوز عنده الجمع لحصول المشقة، أما المطر الذي لا تحصل منه مشقة كأن يكون قليلا بحيث لا يبل الثوب، أو لا يعود على الإنسان بالضرر كأن يكون مثلا في الصيف فلا يجوز الجمع عنده.
وهذه العلة نفسها ذهب إليها الإمام النووي ونصرها حيث قال:" ولا يجوز الجمع إلا في مطر يبل الثياب وأما المطر الذي لا يبل الثياب فلا يجوز الجمع لأجله لأنه لا يتأذى به"([30] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn30)).
وكذلك الإمام ابن قدامة الحنبلي:" وَالْمَطَرُ الْمُبِيحُ لِلْجَمْعِ هُوَ مَا يَبُلُّ الثِّيَابَ، وَتَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ بِالْخُرُوجِ فِيهِ. وَأَمَّا الطَّلُّ، وَالْمَطَرُ الْخَفِيفُ الَّذِي لَا يَبُلُّ الثِّيَابَ، فَلَا يُبِيحُ"([31] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn31)).
ومن خلال هذه النقول يمكن أن نقول: أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين من أجل المطر إلا إذا توفرت في المطر الصفات التالية:
- تحقق وجود المطر ونزوله، فلا يجوز الجمع عند عدمه أو توقعه؛ وهو المفهوم من فعل عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن، وكل هؤلاء أئمة يقتدى بهم.
- أن يكون المطر نازلا مع وجود الظلمة، فالعلة من الجمع بين الصلاتين علة مركبة من المطر والظلمة، لأنه إذا عللنا الجمع المطر نقضت بعدم الجمع بين الظهر والعصر، لأنه رغم وجود المطر في النهار فإننا لا نجمع، وكذلك لم يقل أحد من العلماء أن الجمع معلل بالظلمة، لثبوت أن وقت العشاء لا يدخل إلا بعد نزول الظلام، وهذا موافق لما أول به الإمام مالك الحديث، لأنه لم يعتبر الجمع بين الظهر والعصر، وقال بالجمع بين العشاء لوجود الظلمة، وإلا انتقضت علته؛ ولقد سألت الشيخ محمد التاويل عن هذا الأمر فأجابني بأن العلة هنا مركبة وليست بسيطة.
قال الإمام الباجي في تعليل الجمع بين المغرب والعشاء دون الظهر والعصر، وفي توجيه قول الإمام مالك:"إذا ثبت ذلك فإن ظاهر الحديث وتفسير مالك له يقتضي إباحة الجمع بين الظهر والعصر بضرورة المطر.
وقد روي عن مالك كراهية ذلك وإنما كرهه لأن الغالب من أحوال الناس تصرفهم في معايشهم وأسواقهم وزراعاتهم وغير ذلك من متصرفاتهم في وقت المطر والطين لا يمتنعون من شيء من ذلك بسببهما فكره أن يمتنع مع ذلك من أداء الفرائض وهي عماد الدين في أوقاتها المختارة لها ولا يمتنع لأجله من السعي في أمور الدين وليس كذلك المغرب والعشاء فإنه ليس بوقت تصرف وإنما يتصرف من الجمع بين الصلاتين إلى السكون في منزله والراحة فيه مع أن مشقته بالنهار أخف لأن له من ضوء النهار ما يستعين به على المشي وتوقي الطين وذلك متعذر مع ظلام الليل"([32] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn32)).
- أن يكون كثيرا وغزيرا يبل الثوب الذي تلحق المشقة بالخروج فيه ويحمل الناس على تغطية رؤوسهم؛ أما إذا كان قليلا ولا تحدث معه المشقة والحرج ولا يبل الثوب الذي يلحق بالانسان الضرر من شدة البرد فلا يجوز الجمع، وهذا الأمر مأخوذ من قولهم ليلة مطيرة التي تدل على الكثرة والغزارة، وهي من أبنية صيغ المبالغة.
- تمادي المطر وهطوله ودوامه وعدم توقفه حتى الشروع في الصلاة الثانية؛ أما إذا انقطع أثناء الصلاة الأولى أو عند الانتهاء منها فلا يجوز الجمع لتخلف جزء علته وهو المطر وهذا ما ذهب إليه ابن القاسم من المالكية، وكذلك أغلب الأئمة الشافعية.
هذه هي صفات المطر الذي يجوز عندها الجمع بين الصلاتين، أما إذا لم يكن للمطر هذه الصفات فإنه لا يجوز الجمع؛ ومن ثم تعلم أن كثيرا من الناس الذي يجمعون قد خالف ما جاء في السنة الفعلية، وما نقل عن الصحابة والأئمة المجتهدين؛ ذلك لأنك حينما تأتي وتحاول أن تنزل هذه الصفات على أرض الواقع، لكي تعرف هؤلاء الناس حينما يجمعون قد وافقوا السنة وما قاله أصحاب المذاهب الفقهية أم لا؟ تجد أغلبهم قد اخترع لنفسه في هذه المسألة قولا ومذهبا لم يقل به أحد من الفقهاء، ترى أحدهم لا يجمع بتاتا، ولو سقطت الديار و تزلزلت الأراضي من شدة المطر وكثرته، وترى آخرا على نقيضه يجمع ولا مطر ينزل، بل أحيانا يجمع لظهور بعض السحابات المتفرقات في السماء. وهذا ناتج عن عدم تكلفهم عناء البحث لمعرفة الخطأ من الصواب، والحق من الباطل.
ثالثا: الجمع بين الصلاتين بسبب الظلمة والوحل.
لقد مر معنا من ذي قبل أن العلة من الجمع بين الصلاتين من أجل المطر هي رفع الحرج والمشقة عن الناس، ودفع ما يلحقهم من الضرر بسبب الذهاب والإتيان إلى المساجد، وهنا مسألة شبيهة بسابقتها؛ وهي هل يجوز الجمع بسبب الظلمة مع الوحل؟. خصوصا إذا علمنا أن هاته المسألة ربما تكون في كثير من الأحيان أكثر ضررا ومشقة من المطر؛ وبالخصوص في البادية التي لا إنارة فيها، ولا طرق معدلة ومعبدة، وكثرة الانعراجات، زيادة على ذلك فالأرض غير منبسطة بل فيها الهضاب والسهول والوديان وكذا الجبال، مما يجعل الذاهب فيها يخاف على نفسه من الهلاك من شدة الانزلاقات، وكم من واحد هلك، فإما كسرت يده أو رجله، أو حدث له عاهة مستديمة بسبب الذهاب إلى المسجد؛ فهل يجوز الجمع والحالة هذه أم لا؟.
لقد سئل الإمام مالك عن هذه المسألة فأجاب رحمه الله تعالى بقوله:" قيل لمالك في سماع ابن القاسم: إن المؤذنين يؤذنون واحدًا بعد واحد للعشاء الآخرة، إرادة الإبطاء بها. قال: لا بأس بذلك. قيل له: إنه ربما ينجلي المطر، وبقي الطين أيجمعون؟ قال: نعم. قيل: وإذا كان الطين فيرجو أَنْ يكون في سعة في تخلُّفه عن المسجد؟ قال: نعم.
قال مالك: وإذا ذهب المطر وبقيت الظلمة والطين. قال عنه ابن نافع في المَجْمُوعَة: وبقي اللَّثَقُ([33] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn33)) والطين، فلهم أَنْ يجمعوا...
قال ابن حبيب: ويجوز الجمع في الوحل والظلمة، وإنْ لم يكُنْ مطر مضرٌّ ويجمع أيضًا إن كان مطرٌ وإنْ لم يكُنْ ظلمة أو كان مطر مضرٌّ، وإنْ لم يكُنْ وحل ولا ظلمة، وإنما أريد بالناس الرفق في ذلك"([34] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn34)).
فهذا النص يثبت لنا جواز الجمع بين الصلاتين إذا كان الوحل والظلمة وإن لم يكن مطر، وعلل ذلك ابن حبيب رحمة الله عليه بالرفق والتيسير على الناس، ورفع الحرج والضرر عنهم؛ قال الإمام الباجي رحمه الله تعالى:" وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مَشَاقُّ تَمْنَعُ التَّعْتِيمَ بِالصَّلَاةِ فَأُبِيحَ أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ الِانْصِرَافُ مِنْهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ ضَوْءِ الشَّفَقِ مَا يُخَفِّفُ الْمَشَقَّةَ"([35] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn35)).
كما أننا نفهم من النص أنه لا يجوز الجمع من أجل الوحل وحده، أو الظلمة وحدها، فلابد من اقترانهما ووجودهما معا.
قال الإمام ابن رشد الجد في توجيه كلام الإمام مالك:" ظاهر قوله: وبقي الطين والظلمة أن الجمع لا يكون إذا لم يكن مطر إلا باجتماع الطين والظلمة"([36] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn36)).
وقال ابن أبي زيد رحمه الله تعالى في الرسالة:" ورخص في الجمع بين المغرب والعشاء ليلة المطر وكذلك في طين وظلمة"([37] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn37)).
وقال الشيخ شهاب الدين النفراوي شارح الرسالة:" (وكذلك) أي رخص في الجمع بين المغرب والعشاء (في) كل ليلة ذات (طين وظلمة) لكونها من ليالي آخر الشهر لا ظلمة الغيم نهارا، فلا يجمع لأجلها ولو انضم لها طين أو ريح شديد، وإنما يطلب ذلك الجمع في حق أرباب المساجد الساكنة بغيرها رفقا بهم في تحصيل فضل الجماعة لهم من غير مشقة زائدة بسبب ذهابهم قبل شدة الظلام اللاحقة لهم إن صبروا لغيبوبة الشفق"([38] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn38)).
وقال الشيخ صالح بن عبد السميع الآبي شارح الرسالة:" ومنه ما هو متفق على أنه سبب للجمع وهو الطين والظلمة والمراد بالطين الوحل وبالظلمة ظلمة الليل من غير قمر فلو غطى السحاب القمر فليس بظلمة فلا يجمع لذلك وظاهر كلام المصنف أنه لا يجمع للظلمة وحدها ولا للطين وحده وهو كذلك أما الظلمة فاتفق أهل المذهب على أنه لا يجمع لها وحدها وأما الطين فقد صرح القرافي بمشهورية القول بعدم الجمع وعليه اقتصر صاحب المختصر وهو المعتمد"([39] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn39)).
وقال ابن عد البر رحمه الله تعالى:" والطين والظلمة إذا اجتمعتا عند مالك كالمطر يجمع لذلك بين الصلاتين"([40] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn40)).
ونقل القرافي عن الإمام كمال الدين صاحب كتاب الْجَوَاهِرالثمينة قوله:" مهما اجتمع المطر والطين والظلمة، أو اثنان منهما، أو انفرد المطر جاز الجمع؛ بخلاف انفراد الظلام والمشهور عدم اعتبار انفراد الطين"([41] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn41)).
إذن تحصيل مذهب مالك في المسألة أنه يجوز الجمع ين الصلاتين من أجل الطين والظلمة، وذلك للمشقة التي تلحق المكلف.
وقد وافق المالكية في هذه المسألة جمهور الحنابلة؛ حيث نصوا على جواز الجمع من أجل الطين والظلمة؛ قال الإمام ابن قدامة:" فأما الوحل بمجرده. فقال القاضي: قال أصحابنا: هو عذر؛ لأن المشقة تلحق بذلك في النعال والثياب، كما تلحق بالمطر. وهو قول مالك. وذكر أبو الخطاب فيه وجها ثانيا، أنه لا يبيح.
وهو مذهب الشافعي، وأبي ثور؛ لأن مشقته دون مشقة المطر، فإن المطر يبل النعال والثياب، والوحل لا يبلها، فلم يصح قياسه عليه. والأول أصح؛ لأن الوحل يلوث الثياب والنعال، ويتعرض الإنسان للزلق، فيتأذى نفسه وثيابه، وذلك أعظم من البلل، وقد ساوى المطر في العذر في ترك الجمعة والجماعة، فدل على تساويهما في المشقة المرعية في الحكم"([42] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn42)).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن صلاة الجمع في المطر بين العشاءين، هل يجوز من البرد الشديد؟ أو الريح الشديد؟ أم لا يجوز إلا من المطر خاصة؟ فأجاب:"الحمد لله رب العالمين، يجوز الجمع بين العشاءين للمطر والريح الشديدة الباردة والوحل الشديد، وهذا أصح قولي العلماء وهو ظاهر مذهب أحمد ومالك وغيرهما والله أعلم"([43] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn43)).
أما الحنفية والشافعية فلم يوافقوا على ما ذهب إليه المالكية والحنابلة؛ فقد قال الإمام النووي رحمة الله عليه:" فأما الوحل والريح والمرض فلا يجوز الجمع لأجلها فإنها قد كانت في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل أنه جمع لأجلها"([44] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn44)).
وقال الإمام الماوردي الشافعي:" فأما الجمع في الزلازل والرياح والعاصفة والظلمة المدلهمة فغير جائز وكذلك في العتمة والأمراض والخوف العام لوجود كل ذلك كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع في شيء غير المطر وأما الوحل فقد جوز مالك الجمع فيه وإن لم يكن مطر وعندنا الجمع لأجل الوحل لا يجوز لأن عذر المطر يؤذي من جهتين: من أعلى، ومن أسفل، والوحل من جهة واحدة، والرخصة إذا أبيحت لمعنيين لم يجز تعلقها بأحدهما والله تعالى أعلم"([45] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn45)).
والذي يتلخض من خلال هذه الأقوال أن المسألة مختلف فيها بين مجيز ومانع؛ فقلد ذهب المالكية والحنابلة إلى جواز الجمع بين الصلاتين من أجل الطين أو الوحل مع الظلمة، وقد زاد بعض المالكية والحنابلة الريح الشديدة، في المقابل ذهب الحنفية والشافعية إلى عدم الجواز.
والناظر إلى أقوال الأئمة يرى أن الذين ذهبوا إلى الجواز أن قولهم تشهد له أصول الشريعة التي جاءت بالتيسير والرحمة، ولرفع المشقة والأغلال، وليس في إلزام الناس أثناء الوحل والظلمة بأداء الصلاة في وقتها هذا المقصد العظيم، خصوصا كما نبهت من ذي قبل أن الأرض إذا ارتوت مع شدة الظلمة تكثر الانزلاقات، مما يخاف الانسان ويخشى على نفسه من الهلاك؛ فلا يتشجع للخروج إلى الجماعة، ولا يحصل على فضيلتها؛ مما يمكن أن يساهم هذا في تعطيل فريضة الجماعة في المسجد؛ والذي يعيش في البادية يعرف هذا الأمر جيدا.
ولعل حديث ابن عباس السابق يصلح شاهدا للمسألة، حيث لما سئل عن سبب الجمع الذي قام به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أراد ألا يحرج أمته؛ ومن ثم يكون إلزام الناس أثناء الوحل مع الظلمة تكليف الناس بما فيه حرج، فوجب رفعه.
رابعا: صفة الجمع وشروطه.
إذا سلمنا بجواز الجمع بين المغرب مع العشاء بسبب المطر، وبينا صفة المطر التي يجوز عندها الجمع؛ فإنه ينبغي لنا أن نعرف كيف نجمع بين الصلاتين؟ وما هي الشروط التي ينبغي مراعاتها عند الجمع؟
قال ابن أبي زيد موضحا مذهب مالك في المسألة:" يؤذن للمغرب أول الوقت خارج المسجد ثم يؤخر قليلا في قول مالك ثم يقيم في داخل المسجد ويصليها ثم يؤذن للعشاء في داخل المسجد ويقيم ثم يصليها ثم ينصرفون وعليهم إسفار قبل مغيب الشفق "([46] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn46)).
وقال أيضا:" من المَجْمُوعَة قال عليٌّ، عن مالك: وسُنَّة الجمع ليلة المطر إن تمادى للمغرب. قال عنه ابن حبيب: في أول الوقت. قالا: ثم يؤخِّر شيئًا، ثم تقام الصَّلاَة. قال عنه عليٌّ: ثم يؤذَّن للعشاء في داخل المسجد في مَقْدَمِه، ثم يُقيم فيُصلِّيها، وينصرفون قبل مغيب الشفق.
وقال ابن حبيب: يؤذَّن للعشاء في صحن المسجد أذانًا ليس بالعالي، ومن شاء تنفل حينئذن([47] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn47)).
وقال ابن عبد البر أيضا:" وحكم الجمع في المطر تؤخر الأولى وتقدم الثانية ويصليان في وسط الوقت بأذانين وإقامتين أو بأذان واحد وإقامتين كل ذلك قد روي عن مالك ومن لم يدرك الأولى لم يصل الثانية إلا في وقتها على اختلاف من قول مالك في ذلك "([48] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn48)).
وقال ابن عسكر المالكي:" يؤخر الأولى ويقدم الأخيرة ويصليان في وسط الوقت؛ يؤذن في الأولى خارج المسجد. وهل يؤذن في الأخرى داخله أو خارجه قولان"([49] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn49)).
وقال ابن جزي رحمه الله:" وفي وقت الجمع للمطر ثلاثة أقوال أول وقت المغرب أو تأخيرها يسيرا أو تأخيرها إلى آخر وقتها ولكل واحد منهما أذان وإقامة على المشهور وقيل يكتفي بأذان الأولى وينوي الأولى ([50] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn50)).
وقال الإمام الباجي رحمه الله تعالى:" إذا ثبت ذلك - يعني الجمع بسبب المطر- فإن صفة الجمع بين المغرب والعشاء في ذلك أن ينادى بالمغرب في أول الوقت قال ذلك ابن حبيب عن مالك...". ثم قال:" فأما العشاء الآخرة فإنه يؤذن لها بإثر صلاة المغرب في صحن المسجد أذانا ليس بالعالي قاله ابن حبيب وقال بعضه علي بن زياد عن مالك.
ووجه ذلك أن هذا الأذان إنما يختص بأهل المسجد لما شرع من الأذان للصلوات المفروضة في المسجد ولما في الإعلان به من التلبيس على من ليس من أهل المسجد معهم فإن وقت العشاء الآخرة لمن يصلي في بيته لم يدخل فاستحب أن يقتصر من ذلك على ما اختص به أهل المسجد ولا يحتاج ذلك إلى صعود المنار لأنه إنما شرع للمبالغة في الإسماع"([51] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn51)).
من خلال هذه النقول يتبن أن صفة الجمع هي أن يؤذن للمغرب بصوت مرتفع خارج المسجد من أجل الإعلام؛ ثم تقام الصلاة، وعند الفراغ منها، يقوم المؤذن فيؤذن داخل المسجد، بصوت يُسمع به الحاضرين في المسجد حتى لا يلبس على غيرهم، فيظنون أن وقت العشاء قد دخل، ثم بعد الانتهاء منه تقام الصلاة فإذا فرغوا من الصلاة فلينتشروا جميعا.
ولكن إذا ما نظرت إلى صفة الجمع في المساجد حاليا، تراهم تمسكوا بغير المشهور، وتشبثوا بالمرجوح، حيث يكتفون بأذان واحد فقط؛ مع العلم أن الأذان لكل صلاة هو القول المشهور في المذهب المالكي كما نبه على ذلك ابن جزي وغيره، خصوصا إذا استحضرنا هنا عمل أهل المدينة، الذي يمكن أن يكون قد استند وعول عليه الإمام مالك في قوله الذي نقله غير واحد من تلاميذته. وهذا الأمر لا يبعد أن يكون قد أدركه الإمام في المدينة، والذي يشهد لهذا أنه حينما سئل عن الجمع بين الصلاتين من أجل المطر فقد أجاب بأن مسجدهم هذا لا يزال الناس يجمعون فيه، والذي يرجح أنه اطلع من خلال ما رآه على السنة المتوارثة هناك في الجمع، مما يمكن نقول أن الأذانين سنة في الجمع.
ثم إنه ليس هناك صلاة بلا أذان، والأصل فيها التأذين لكل صلاة حتى يرد دليل على عدمه أثناء الجمع بسبب المطر، فلما لم يرد دليل يمنعه، ولم نجده في أحد الكتب المصنفة، دل على أن الأصل ما زال على حاله.
كما أن في التأذين تحصيل لما فيه من الأجر والثواب، فقد وردت فيه فضائل عدة من ذلك ما رواه الإمام مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني، عن أبيه أنه أخبره: أن أبا سعيد الخدري ، قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك، أو باديتك، فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه:« لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ، جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ »، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم"([52] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn52)).
وهذا الحديث يدل على أن الأذان ليس المقصود منه الإعلام بدخول وقت الصلاة فقط، كما أنه يبين الفضل العظيم الذي يناله المؤذن، ثم كذلك يبين أنه إذا كان يسن للمنفرد الأذان، فإنه في حق الجماعة أوكد.
ومما روي في التأكيد والحرص على الأذان ما أخرجه الإمام البخاري عن مالك بن الحويرث، قال: أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم يريدان السفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:« إِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا»([53] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn53)).
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرخص للمسافر ترك الأذان للصلاة، دل على أن الحاضر أوكد في حقه.

ومن فضائل الأذان أيضا ما نقله الإمام مالك عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ قَالَ:" سَاعَتَانِ يُفْتَحُ لَهُمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَقَلَّ دَاعٍ تُرَدُّ عَلَيْهِ دَعْوَتُهُ: حَضْرَةُ النِّدَاءِ لِلصَّلَاةِ، وَالصَّفُّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"([54] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn54)).
فإذا عرفنا صفة الجمع، فلا بد لنا من معرفة شروط الجمع، حتى نكون على حذر من الإخلال بأحد شروطه، كل ذلك من أجل نيل الثواب على أتم وجه إن شاء الله تعالى.
وشروط الجمع كما نبه عليها أئمتنا أربعة([55] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn55)):
الشرط الأول: النية؛ وذلك بأن ينوي كل من الإمام والمأموم نية الجمع، فإن لم ينوها فلا جمع، ومحل النية عند الصلاة الأولى يعني المغرب، فإن نسيها والمطر ينزل فلا جمع.
الشرط الثاني: الجماعة؛ فلا يجوز الجمع بين الصلاتين بسبب المطر إلا في المسجد التي تقام فيه الجماعة، أما الإنسان الذي يصلى في بيته، فلا يجوز له الجمع وإن جمع الإمام، ذلك لأن الجمع إنما شرع من أجل المشقة التي يتعرض لها الناس في ذهابهم إلى المساجد، وكذلك من أجل تحصيل فضيلة وأجر الجماعة.
الشرط الثالث:الاتصال والموالاة؛ فلا يفرق بين الصلاتين إلا بقدر الأذان والإقامة، إذ لا يسن تأخير الثانية أو تراخيها عن الأولى، وإلا لم تحصل حقيقة الجمع التي تدل على ضم شيء إلى شيء ومتابعته، وأيضا لم يحصل الغرض من الجمع وهو رفع المشقة، وهي لا تتأتى إلا بالإسراع وخروج الناس من المسجد وما يزال شيء من النور.
الشرط الربع: استدامة المطر؛ ينبغي أن يتحقق الإمام أو ما ينوب عنه عند إقامة صلاة المغرب من وجود المطر، فإذا انتهى فينبغي أن يتأكد أن المطر ما زال يهطل وينزل، فإذا تأكد أنه مستمر في النزول جاز الجمع، أما إذا انقطع أثناء صلاة المغرب أو عند الانتهاء منها فلا ينبغي الجمع لعدم توفر سبب الجمع؛ للقاعدة الأصولية: السبب يلزم من وجوده وجود المسبب ومن عدمه انتفاؤه.

خامسا: صلاة الوتر بعد الجمع مباشرة.
إن من الأخطاء الشائعة التي تكثر عند العوام أن الإمام إذا جمع بين الصلاتين، فبمجرد تسليمه يقومون لكي يوتروا؛ ظانين أن ذلك هو الوقت الحقيقي للعشاء، أو أن الوتر له تعلق بأداء صلاة العشاء، ونسوا أن ذلك رخصة من بها الله على عباده.
ففعلهم هذا تضمن أخطاء: منها -وهي كثيرة الوقوع_ أداء النوافل في المساجد؛ والسنة أن تصلى في البيوت حتى لا ترجع هاته الأخيرة كالقبور خالية من ذكر الله تعالى؛ ومنها اعتقاد ارتباط وقت الوتر أثناء الجمع بأداء صلاة العشاء؛ ومنها أداء صلاة الوتر في غير وقتها فتقع باطلة، لأن الوقت شرط في صحة الصلاة، فلا تصح صلاة في غير وقتها بالإجماع.
وهنا أنقل بعد أقوال الأئمة في المسألة من أجل الإيضاح، وبيان الحق في المسألة.
قال ابن جزي رحمة الله عليه:" وَلَا يتنفل بَين الصَّلَاتَيْنِ لَيْلَة الْجمع وَلَا بعدهمَا فِي الْمَسْجِد وَلَا وتر حَتَّى يغيب الشَّفق "([56] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn56)).
وقال الشيخ صالح بن عبد السميع الآبي الأزهري:" فلا يتنفل أحد في المسجد بعد الجمع ولا يوتر بإثر صلاة العشاء أي يحرم لأنه دخل في عبادة باطلة إذ وقتها بعد مغيب الشفق ففعلها قبل مغيب الشفق فعل لها قبل وقتها وهو باطل"([57] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn57)).
وقال ابن رشد الجد:" وسئل مالك عن الجمع بين المغرب والعشاء إذا جمعتا في المطر أية ساعة يجمعان؟ قال: يؤخر المغرب قليلا. فقيل: أيوتر من جمع قبل أن يغيب الشفق؟ قال: لا، أفلا يستطيع أن يوتر في بيته؟
وقوله: إنه لا يوتر قبل أن يغيب الشفق صحيح؛ لأن الوتر من صلاة الليل، ولا ضرورة تدعو إلى تعجيله قبل مغيب الشفق، وبالله التوفيق "([58] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn58)).
هذه الأقوال تبين بوضوح: أن من صلى الوتر مباشرة بعد العشاء أثناء الجمع، يكون قد أداها في غيرها وقتها، ويجب عليه إعادتها، ولهذا ينبغي يعلم الناس أن تقديم العشاء كان رخصة؛ والرخص لا تتعدى مواضعها، فهي قاصرة عليها، فلا ينبغي إدخال الوتر مع العشاء في الجمع، لأن الرخصة وردت في المغرب والعشاء لا غير.
ولهذا فالإنسان إذا أراد أن يحصل على الفضيلة فعليه أن يصلي الجمع في المسجد مع القوم، ثم ينصرف ولا يوتر، ولينتظر حتى يدخل وقت العشاء، فإذا دخل جاز له آنذاك أن يوتر.
هذا ما تم جمعه في هذا البحث، والذي كان الغرض منه هو الاستجاة لتساؤلات كثيرة وقعت بين الناس، وتصحيح بعض الأخطاء التي تقع إما جهلا أو غفلة أثناء الجمع بسبب المطر.
والحمد لله رب العالمين
كتبه العبد الفقير إلى رحمة ربه وعفوه
الباحث: أبو بكر عبد الغني ادعيكل.

[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1) - مسند الإمام أحمد حديث رقم (2107)؛ وقال الشيخ أحمد شاكر صحيح لغيره، وعلقه الإمام البخاري في صحيحه، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح.

[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref2) - (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة كأول النهار وبعد الزوال وآخر الليل.

[3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref3) - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه؛ كتاب الإيمان، باب الدين يسر، حديث رقم (39).

[4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref4) - أخرجه الإمام أحمد في مسنده حديث رقم (5866)، وقال الشيخ أحمد شاكر: حديث صحيح.

[5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref5)- القبس (1/324).

[6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref6) - أخرجه مسلم في صحيحه؛ كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، حديث رقم (50).

[7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref7) - أخرجه مسلم في صحيحه؛ كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، حديث رقم (54).

[8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref8) - ينظر التمهيد لابن عبد البر (12/215-216)؛ فتح الباري لابن حجر (2/24)..

[9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref9) - بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (1/182).

[10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref10) - أخرجه الإمام مالك في موطئه؛ كتاب مواقيت الصلاة، باب وقوت الصلاة؛ وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه؛ كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، حديث رقم (176).

[11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref11) - أخرجه الإمام مسلم في صحيحه؛ كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، حديث رقم (311).

[12] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref12) - فتح الباري لابن رجب (4/264-270).

[13] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref13) - أخرجه البخاري في صحيحه؛ كتاب التهجد، باب من لم يتطوع بعد الكتوبة، حديث رقم(1174)؛ وأخرجه كذلك مسلم في صحيحه؛ كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، حديث رقم (55).

[14] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref14) - أخرجه النسائي في سننه؛ كتاب المواقيت، باب الوقت الذي يجمع فيه المقيم، حديث رقم (589)؛ قال الشيخ الألباني صحيح دون قوله أخر الظهر إلخ فإنه مدرج.

[15] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref15) - أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن مسعود؛ حديث رقم (4137)

[16] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref16) - نيل الأوطار للشوكاني (3/258) بتصرف شديد.

[17] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref17) - أخرجه البخاري في صحيحه؛ كتاب مواقيت الصلاة، باب تأخير الظهر إلى العصر، حديث رقم (543).

[18] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref18) - فتح الباري (2/23).

[19] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref19) - أخرجه مالك في الموطأ؛ كتاب قصر الصلاة في السفر، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر.

[20] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref20)- أخرجه البيهقي في السنن الكبرى؛ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَالْجَمْعِ فِي السَّفَرِ، باب الجمع في المطر بين الصلاتين، حديث رقم (5557).

[21] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref21) - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى؛ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَالْجَمْعِ فِي السَّفَرِ، باب الجمع في المطر بين الصلاتين، حديث رقم (5558).

[22] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref22) - المغني لابن قدامة (2/203).

[23] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref23)- الموطأ؛ كتاب قصر الصلاة في السفر، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر.

[24] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref24) - الرسالة لابن أبي زيد القيرواني؛ ص: 40.

[25] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref25) - النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني (1/265-266).

[26] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref26) - الفواكه الدواني (1/231).

[27] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref27) - التمهيد لابن عبد البر (12/212).

[28] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref28) - الحاوي الكبير للماوردي (2/304)

[29] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref29) - الحاوي الكبير (2/400).

[30] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref30) - المهذب في فقه الإمام الشافعي (1/198)؛ والمجموع (4/378) كلاهما للإمام النووي.

[31] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref31) - المغني لابن قدامة (2/203).

[32] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref32)- المنتقى (1/257).

[33] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref33) - اللثق، بالتحريك: البلل. يقال: لثق الطائر إذا ابتل ريشه، ويقال للماء والطين لثق أيضا. واللثق: الماء والطين يختلطان. واللثق: اللزج من الطين ونحوه؛ ينظر لسان العرب؛ مادة لثق (10/326).

[34] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref34) - النوادر والزايادات لابن أبي زيد القيرواني (1/266-267).

[35] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref35) - المنتقى شرح الموطأ (1/258).

[36] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref36) - البيان والتحصيل (1/422-423).

[37] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref37) - الرسالة لابن أبي زيد القيرواني ص : 40.

[38] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref38) - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/231).

[39] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref39) - الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/190).

[40] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref40) - الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر (1/193).

[41] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref41) - الذخيرة للإمام القرافي (2/374).

[42] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref42) - المغني لابن قدامة (2/203)

[43] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref43) - مجموع الفتاوى (24/29).

[44] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref44) - المهذب في فقه الإمام الشافعي (1/198)؛ المجموع للنووي (4/378).

[45] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref45) - الحاوي الكبير (2/400).

[46] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref46) - الرسالة لابن أبي زيد القيرواني: ص : 40-41.

[47] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref47) - النوادر والزيادات (1/265-266).

[48] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref48) - الكافي (1/193).

[49] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref49) - إرشاد السالك إلى مذهب الإمام مالك: ص 18.

[50] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref50) - القوانين الفقهية: ص 57.

[51] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref51) - المنتقى (1/256-258).

[52] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref52) - أخرجه الإمام مالك في موطئه؛ كتاب الصلاة؛ باب ما جاء في النداء في الصلاة؛ والبخاري في صحيحه؛ كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، حديث رقم (609).

[53] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref53) - أخرجه البخاري في صحيحه؛ كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، والإقامة، حديث رقم (630).

[54] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref54) - أخرجه الإمام مالك في موطئه؛ كتاب الصلاة؛ باب ما جاء في النداء في الصلاة.

[55] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref55) - ينظر: الفواكه الدواني (1/232)؛ الذخيرة (2/ 376-377)؛ الحاوي الكبير للماوردي (2/395-398)؛ المغني لابن قدامة (2/206).

[56] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref56) - القوانين الفقهية: ص 57

[57] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref57) - الثمر الداني (1/192).

[58] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref58) - البيان والتحصيل (1/259).