المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعض أقوال أهل العلم في فضائل دولة بني أمية



أهــل الحـديث
30-05-2013, 05:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

قال فيهم الإمام الكبير العَلَم ابن حزم رحمه الله كلمة ما أصدقها، قال: «وكانت دولة عربية لم يتخذوا قاعدة[1]، إنما كان سكنى كل امرئ منهم في داره وضيعته التي كانت له قبل الخلافة، ولا أكثروا احتجانَ[2] الأموال ولا بناءَ القصور، ولا استعملوا مع المسلمين أن يخاطبوهم بالتمويل[3] ولا التسويد[4]، ويُكاتبوهم بالعبودية والمُلك[5]، ولا تقبيل الأرض ولا رِجْلٍ ولا يَدٍ[6]، وإنما كان غرضهم الطاعةَ الصحيحة من التولية والعزل في أقاصي البلاد، فكانوا يعزلون العمَّال، ويولُّون الآخرين في الأندلس، وفي السند، وفي خراسان، وفي أرمينية، وفي اليمن، فما بين هذه البلاد. وبعثوا إليها الجيوش، وولَّوْا عليها مَنِ ارتضوا من العمال... فلم يملك أحد من ملوك الدنيا ما ملكوه من الأرض، إلى أن تغلَّب عليهم بنو العباس بالمشرق، وانقطع بهم ملكهم، فسار منهم عبد الرحمن بن معاوية إلى الأندلس، وملكها هو وبنوه، وقامت بها دولة بني أمية نحو الثلاثمائة سنة، فلم يكُ في دول الإسلام أنبل منها، ولا أكثر نصرًا على أهل الشرك، ولا أجمع لخلال الخير»[7].

[1] أي لم يتخذوا مدينة ملكية.
[2] الاحتجان: جمعُ الشيء وضمُّه إليك. ابن منظور: لسان العرب، مادة حجن 13/108، والزبيدي: تاج العروس، باب النون فصل الحاء 34/399، والمعجم الوسيط 1/158.
[3] أي لم يلزم الخليفةُ الناسَ أن يقولوا عند مخاطبته: يا مولاي.
[4] أي أن يقولوا: يا سيدي.
[5] أي أن يكتبوا إلى الولاة والوزراء بقولهم: من الملك، أو من السيد إلى العبد أو المولى.
[6] كان من عادة خلفاء الدول من بعد بني أمية، ومما يُعَدُّ من الآداب السلطانية أو «البروتوكول الرسمي» –بمصطلح هذه الأيام- أن يُقَبِّل الناس يد الخليفة، وبعض الدول كان الناس يُقَبِّلون الأرض بين يدي الخليفة.
[7] ابن حزم: رسائل ابن حزم، 2/146.
---------------------------------------------------------

وقال ابن كثير في تاريخه (9|104): «فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ليس لهم شغل إلا ذلك، قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها. وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبا، لا يتوجه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه. وكان في عساكرهم وجيوشهم في الغزو الصالحون والأولياء والعلماء من كبار التابعين، في كل جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر الله بهم دينه. فقتيبة بن مسلم يفتح في بلاد الترك، يقتل ويسبي ويغنم، حتى وصل إلى تخوم الصين، وأرسل إلى ملكه يدعوه، فخاف منه وأرسل له هدايا وتحفا وأموالا كثيرة هدية، وبعث يستعطفه مع قوته وكثرة جنده، بحيث أن ملوك تلك النواحي كلها تؤدي إليه الخراج خوفا منه. ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها، فلما مات الحجاج رجع الجيش كما مر. ومسلمة بن عبد الملك بن مروان وابن أمير المؤمنين الوليد وأخوه الآخر يفتحون في بلاد الروم ويجاهدون بعساكر الشام حتى وصلوا إلى القسطنطينية، وبنى بها مسلمة جامعا يعبد الله فيه، وامتلأت قلوب الفرنج منهم رعبا. ومحمد بن القاسم ابن أخي الحجاج يجاهد في بلاد الهند ويفتح مدنها في طائفة من جيش العراق وغيرهم. وموسى بن نصير يجاهد في بلاد المغرب ويفتح مدنها وأقاليمها في جيوش الديار المصرية وغيرهم».
---------------------------------------------------------

يقول الطبري في التاريخ (7|202): «ولم يكن أحد من بني مروان يأخذ العطاء إلا عليه الغزو، فمنهم من يغزو، ومنهم من يخرج بدلا. وكان لهشام بن عبد الملك مولى يقال له يعقوب، فكان يأخذ عطاء هشام مئتي دينار ودينارا يفضل بدينار، فيأخذها يعقوب ويغزو. وتفقد هشام بعض ولده ولم يحضر الجمعة، فقال له: ما منعك من الصلاة؟ فقال: نفقت دابتي، فقال: أفعجزت عن المشي فتركت الجمعة؟! فمنعه الدابة سنة».
---------------------------------------------------------

قال الدكتور محمد السيد الوكيل، في مقدمة كتابه "الأمويون بين الشرق والغرب" (1|8): «إنَّ الدَّولةَ الأُموية التي فتحت بلاد الهند والسند، حتى وصلت حدود الصين شرقاً، وواصلت فتوحاتها في المغرب العربي، بل وجاوزته إلى أوروبا، حتى فتحت الأندلس، ووصلت جنوب فرنسا، هذه الدولة، لا يُمْكِن أن تَسْلَمَ مِن ألسنة المستشرقين والمستغربين على حَدٍّ سواء؛ لأن هذه الفتوحات المُذْهِلَة، أَوْرَثَتِ الأعداءَ حِقْداً لم يستطيعوا إخفاءَهُ، ولم يقدروا على تجاوزه، بل ظلُّوا يجترُّونه قروناً طويلة، حتى واتتهم الفرصة، بإصابة الدولة الإسلامية بالشيخوخة، التي تُصِيبُ الأمم دائماً من غير تفريق، فانقضُّوا عليها وهي تحتضر، ليأخُذُوا منها ثأرهم، وهي على فراش الموت. ومَهْمَا قال الحاقِدُون عن الأمويين، ومهما أثاروا الزوابع والعواصف من حولهم، فإن تاريخهم حقبةٌ مُشْرِقَةٌ مِن أحقاب التاريخ الفذ. وسيرى الدَّارِسُ لهذه الحقبة: ما نشَرُوهُ مِن الحضارة، وما خلَّفُوهُ وراءَهُم من النظم، وما أنجبوا من القيادات، التي ساقت جيوشهم من نصر إلى نصر، حتى دان لهم أكثرُ مِن نصفِ الأرض المعروفة في تلك الفترة من الزمان. وإذا تركنا الأمويين في الشرق، لِنُلْقِي نظرةً على دولتهم في الغرب، نرى ما لم يخطر لأحد على بال في تلك الفترة، نرى حضارة في العمران، في القصور الرائعة، والمساجد المبهرة، نرى الحدائق في البيوت والميادين، نرى الشوارع المرصوفة والأسواق العامرة».
---------------------------------------------------------

قال الدكتور عبد الشافي (587): «أمَّا أبرزُ أمجادِ الأمويين الباقية على الزَّمن: فهي جهودهم في ميدان الفتوحات الإسلامية. فرغم المصاعب الجَمَّةِ التي كانت تعتَرِضُ طريقهم، والقوى العديدة المعادِية لهم، والتي كانت تَشُدُّهُم إلى الوراء، فقد نفذوا برنامجا رائعا للفتوحات، ورفعوا راية الإسلام، ومدُّوا حُدود العالم الإسلامي، من حدود الصين في الشرق، إلى الأندلس، وجنوب فرنسا في الغرب، ومن بحر قزوين في الشمال، حتى المحيط الهندي في الجنوب. ولم يكن هذا الفتحُ العظيم، فتحاً عسكرياً ليبسط النفوذ السياسي، واستغلال خيرات الشعوب، كما يدَّعي بعضُ أعداءِ الإسلام. وإِنَّما كان فتحاً دِينِيّاً وحضارِياً، حيث عَمِلَ الأُمويُّون بجدٍ واجتهاد على نشر الإسلام في تلك الرقعة الهائلة من الأرض، وطبَّقُوا منهجاً سياسياً في معامَلَةِ أبناءِ البلاد المفتوحة، هيَّأَهُم لقبول الإسلام ديناً، حيث عاملوهم معاملةً حُسْنَى في جُمْلَتِها، واحترموا عهودهم ومواثيقهم معهم، وأشركوا في إدارة بلادهم، فأقبلوا على اعتناق الإسلام عن اقتناع ورضا. وبذلك تكوَّنَ في العصر الأموي عالمٌ إسلاميٌّ واحدٌ، على هذه الرقعة الكبيرة من الأرض، أخذ يشق طريقه تدريجياً نحو التَّشابهِ والتماثل في العادات والتقاليد والأخلاق، ومعاملات الحياة. وأخذت أُمَمُهُ وشعوبُه، تنسَلِخُ من ماضيها كُلِّهِ، وتنصَهِرُ في بوتقةِ الإسلام، الذي حقَّقَ لها العزة والكرامة والحرية والمساواة، مُكَوِّنَةً الأُمَّةَ الإسلامية».
---------------------------------------------------------

جاء في أطلس تاريخ الإسلام (ص51): «إن الدولة العباسية لو تنبهت إلى حقيقة وظيفتها كدولة إسلامية، وهي نشر الإسلام لا مجرد المحافظة عليه كما وجدته، لو أنها قامت برسالتها وأدخلت كل الترك والمغول في الإسلام، لأدت للإسلام والحضارة الإنسانية أجَلَّ الخدمات، ولغيّرت صفحات التاريخ. وهكذا تكون الدولة العباسية قد خذلت الإسلام في الشرق والغرب. فهي في الشرق لم تتقدم وتُدخل كل الأتراك والمغول في الإسلام، كما تمكنت الدولة الأموية من إدخال الإيرانيين ومعظم الأتراك في الإسلام وفتحت أبواب الهند لهذا الدين. وفي الغرب قعدت الدولة العباسية عن فتح القسطنطنية. ولو أنها فعلت ذلك لدخل أجناس الصقالبة والخزر والبلغار الأتراك في الإسلام تبعاً لذلك، إذ لم تكن قد بقيت أمام هذه الأجناس العظيمة أية ديانة سماوية أخرى يدخلونها. وهنا ندرك الفرق الجسيم بين الدولة الأموية والدولة العباسية. فالأولى أوسعت للإسلام مكاناً في معظم أراضي الدولة البيزنطية، وأدخلت أجناس البربر جميعاً في الإسلام، ثم انتزعت شبه جزيرة أيبريا (الأندلس) من القوط الغربيين، ثم اقتحمت على الفرنجة والبرغنديين واللومبارد بلادهم بالإسلام، وحاولت ثلاث مرات الاستيلاء على القسطنطنية. أما العباسيون فلم يضيفوا -رغم طول عمر دولتهم- إلى عالم الإسلام إلا القليل، ومعظمه في شرقي آسيا الصغرى»، أي شرق تركيا.
---------------------------------------------------------