المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البوصيري والهيثمي وتجهيلهم للرواة وكيف خرجوا أحاديثهم :كتبها عماد بن حسن المصري الأردني



أهــل الحـديث
29-05-2013, 09:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


البوصيري والهيثمي وتجهيلهم للرواة وكيف خرجوا أحاديثهم :

1- الصباح بن محمد أبو حازم البجلي الكوفي :
وحديثه عند الهيثمي في المجمع ( 164 ) عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : إن الله عز وجل قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله عز وجل يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب الحديث . وهو في الإتحاف حديث رقم ( 32 ) باب في الإيمان والإسلام .

طريقة تخريج الرجلين للحديث وحكمهم على رواته :
الهيثمي في المجمع ( 1 : 59 ) رواه أحمد ورجال إسناده بعضهم مستور وأكثرهم ثقات ، وهو حكم كلي لا تفصيلي .
البوصيري في الإتحاف ( 1 : 8 ) حديث رقم ( 33 ) هذا ضعيف الصباح بن محمد أبو حازم البجني الكوفي مجهول . قاله الذهبي في طبقات رجال التهذيب ، وقال ابن حبان : كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات ، وقال العقيلي : في حديثه وهم ويرفع الموقوفات .
قلت : وحكم الهيثمي أشمل وذلك لأن الهيثمي نظر فوجد أن الصباح بن محمد وثقه العجلي ( 757 ) وقال الدارقطني : الصباح بن محمد الهمداني وهو كوفي أحمسي ليس بالقوي . وقال الحافظ في التقريب : ضعيف أفرط فيه ابن حبان ، فوازن بين ذلك كله فقال ما قال ، وظني أنه رأى الحديث في المستدرك ( 2 : 485 ) حديث رقم ( 3671 ) وتصحيح الحاكم له فقال قولته وهي أن الصباح رفع هذا الحديث ( وهو صدوق ) فليس هو متفرد بل تابعه زبيد بن الحارث اليامي الحافظ أحد الأعلام عند الدارقطني في العلل ( 5 : 271 ) حدثنا أبو بكر الشافعي حدثنا عياش بن محمد الجوهري ، قالا : حدثنا أحمد بن جنان ، حدثنا عيسى بن يونس عن الثوري ، عن زبيد ، عن مرة عن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم به ، من هنا نعلم أن حكم الهيثمي أدق وأشمل .

2- إتحاف المهرة ( 5 : 137 ) حديث رقم ( 4868 ) ( محمد بن نافع بن عجير ) :
قال محمد بن يحيى بن أبي عمر : وثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يزيد ابن الهاد ، عن محمد بن نافع بن عجير عن أبيه نافع ، عن علي بن أبي طالب قال : خرج زيد بن حارثة إلى مكة فقدم ببنت حمزة بن عبد المطلب ، فقال جعفر بن أبي طالب : أن آخذها أنا أحق بها ، بنت عمي وعند خالتها ، وإنما الخالة أو وهي أحق ، وقال علي أنا أحق بها ابنة عمي وعندي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث . قال البوصيري : هذا إسناد فيه مقال ، محمد بن نافع بن عجير لم أقف له على ترجمة وباقي رجال الإسناد ثقات .
قلت ( عماد ) : أخرجه الهيثمي في المجمع ( 9 : 78 ) برقم ( 14935 ) وقال : رواه أبو داود باختصار ، ورواه البزار ورجاله ثقات .
طريقة تخريج الحديث من الرجلين وحكمهما على محمد بن نافع : فالهيثمي رحمه الله ليس عنده في محمد بن نافع بن عحير شيء يُعلُّ به هذا الحديث ، سيما أنه ( الهيثمي ) نقله من مسند البزار ونظر في أصله سنن أبي داود وبهذا صرَّح فقال : رواه أبو داود باختصار ، فالحديث عنده موطن احتجاج وهو صحيح عنده ، فلا مغمز فيه .
أما قول البوصيري : هذا إسناد فيه مقال ، محمد بن نافع بن عجير لم أقف له على ترجمة ، قلت :فهو مترجم في التاريخ الكبير ( 1 : 974 ت ) محمد بن نافع بن عجير وهو بن عبد يزيد بن هاشم ، قال البخاري : وقال لي علي حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال : حدثني محمد بن نافع بن عجير وكان ثقة .
فحكم البوصيري ينقصه الاستقصاء والدراسة ، فهو حكم على إسناد ، ولو أصاب الحكم لقال : هذا إسناد ضعيف ( على حد زعمه ) والحديث صحيح سيما أن البخاري روى عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم ( الخالة بمزلة الأم ) وهو عند البخاري ( 2699 ) ، فكان حكم الهيثمي أدق وأصوب ، وحكم وتخريج البوصيري مشوب بنقص الدراسة والاستقصاء .

3- منبه بن عثمان :
قال الهيثمي في المجمع ( 3 : 15 ) حديث رقم ( 3975 ) عن عبد الرحمن بن عائذ ، أن شرحبيل بن السمط قال لعمر بن عبسة : هل أنت محدثني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( قال الله تعالى : حقت محبتي للذين يتصافون من اجلي ، وحقت محبتي للذين يناصرون من أجلي )) . قال الهيثمي : رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه : منبه بن عثمان ولم أجد من ترجة .

إتحاف الخيرة المهرة ( 8 : 96 ) حديث رقم ( 792 ) :
وبعد ما أورده قال : رواه عبد بن حميد ، وأحمد بن حنبل ، والطبراني في المعاجم الثلاث والحاكم وقال : صحيح الإسناد .
كيف حكم الرجلان على الحديث ورجاله :
لقد حكم الهيثمي رحمه الله على هذا الحديث على ما ورد في المعجمين ولم يتطلع إلى المتن في غير هذين الكتابين ، فجاء حكمه ناقصاً مبتوراً ، حتى أنه لم يعطينا حكماً على النص بل جلَّ ما قاله :انه خرَّج لنا النص وجهَّل لنا منبه بن عثمان ، بينما تجد صنيع البوصيري في هذا الحديث صنيع المتقدمين في الحكم على النص ، فهو خرَّج النص أولاً ثم نظر فوجد أن منبه بن عثمان لم يتفرد بهذا النص خالية تماماً من منبه بن عثمان ، والدليل إحالة البوصيري على كتب الإمام أحمد ، والحاكم ، والطبراني في معاجمه الثلاث ، وعبيد بن حميد ، فحكم بحكم المتقدمين كالحاكم بتصحيح الحديث .
أما قول الهيثمي في منبه بن عثمان لم أجد من ترجمة ، مجازفة منه رحمه الله ، فلو قال : لم أعرفه لكان صواباً ، ومنبه بن عثمان اللخمي من أهل الشام ، يروي عن الأوزاعي كما في ثقات ابن حبان ( ت 15985 ) وروى عنه هشام بن عمار ، وأحمد بن أبي الحواري ، وهارون بن محمد بن بكار كما في الجرح والتعديل قال ابن أبي حاتم ( ت 1908 ) : سمعت أبي يقول : كان صدوقاً .
فالخلاصة : إن الهيثمي تسرع بإطلاق هذا الحكم على هذا الراوي ، وهذا في حقه رحمه الله لا يساوي شيئاً مع ضخامة واتساع موسوعته الزوائد التي في المجمع , ولقد قال الهيثمي رحمه الله كذلك البوصيري في رجال لهم تراجم , ووثقوا , لم أعرفه , لم أجد من ترجمه وهذا حال جميع العلماء من السابقين ومن المعاصرين , ولم يسلم في هذه البابة أحد من العلماء , لأن العلم متسع وذو شجون فلا إحاطة له وبه من قبل فرد واحد في عمر قصير , وانشغال مستمر بين مصادر العلم والتعلم .
والعذر دائما للمتقدمين منا موصول بالدعاء لهم بالمغفرة والرحمة , وحسن المعتقد وسداد الطلب , ونجابة العجل وحسن الفهم , فما منهم إلا وأصاب في جلّ وأخطاء في بعض , وكل مثبت للنبوة معظم لصاحب الرسالة , متتبع لآثاره بأبي هو وأمي , ولم يضعفوا ويصححوا هكذا تشبها حاشاهم من ذلك , ولكن هكذا هو الإنسان بطبعه ينسى ويخطأ ويصيب , فالكمال له نبي ولله مطلق , فالحمد لله .

4- زيرك أبو العباس الرازي :
مجمع الزائد ( 1 : 223 ) حديث رقم ( 980 ) :
عن عون بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( لا يقص إلا أمير أو مأمور أو متكلف )) .
قال الهيثمي : رواه أبو داود غير قولة أو متكلف .
رواه الطبراني في الأوسط وفيه زيرك أبو العباس الرازي ولم أر من ترجمه .

إتحاف الحيرة ( 7 : 128 ) حديث رقم ( 7065 ) :
أخرجه صاحب الإتحاف من طريق القاسم بن كثير عن رجل من أصحابه قال : كان كعب يقص , فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : سمعت رسول الله يقول : (( لا يقص إلا أمير أو مأمور , أو محتال )) قال : فقيل لكعب ثكلتك أمك , هذا عبد الرحمن بن عوف يقول كذا وكذا , فترك القصص .
قال البوصيري : رواه إسحاق بسند ضعيف .

كيف خرّج الرجلان الحديث وكيف حكما على رجاله :
ذكر الهيثمي أن الحديث معلول ( حديث عوف ) والعلة فيه زيرك أو العباس الرازي لم يجد له ترجمه , وكان على الهيثمي رحمه الله التوقف والتريث , سيما أنه أخرج قبله بحديث رواه أحمد , وهو حديث عبد الجبار الخولاني , وحسّن إسناده رحمه الله , وكان عليه أن يجمع المتنين على سبيل الجادة ثم يفرّق الإسنادين فيقول في الأخير إسناده ضعيف ( على حد زعمه ) زيرك الرازي لم أرى من ترجمة ولكن الحديث صحيح .
ثم كان على الهيثمي رحمه الله أن ينظر إلي سنن أبي داود ( 3665 ) وينظر إلى الحديث فأن متنه موافق لما قرره الهيثمي وإسناده حسن , ويحكم على الزيادة التي جاءت من طريق زيرك .
والبوصيري رحمه الله لم يذكر للحديث مخرجاً سوى رواية إسحاق وضعفها بالرجل صاحب القاسم بن كثير , وهذا صنيع تقصير من البوصيري رحمه الله فقوله : لا يقص إلا أمي أو مأمور أو محتال , جاء ذكره عند أبي داود في السنن وما صنع البوصيري في هذا شيئا بل لا زيادة في هذا الحديث إطلاقا مؤثرة أو غير مؤثرة , فما صنع البوصيري في هذا الحديث إلا أنه ذكر المخرج وحسب أن هذا الحديث من شرط كتابه والصواب أنه بهذا اللفظ ليس شرطا في كتابه وزيرك أبو العباس الرازي مولا معاذ بن مهاجر , قال أبن أبي حاتم قال : سمعت علي بن الحسين يقول : كان شيخا صدوقا .
الخلاصة : إن الرجلين أخطأ كل منهما في تخريج الحديث وفي الصناعة الحديثية لهذا النص , وبالمحصلة لن نجد مرجحاً يؤكد لك توفق أحدهما على الآخر , لكن بالمحصلة الهيثمي أكثر حكما على الأحاديث , والبوصيري أدق في المتابعات والشواهد والعلل والله أعلم .