تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : النحو زين للفتى يكرمه حيث اتى



أهــل الحـديث
28-05-2013, 03:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على سيد الهداة والمهتدين
أما بعد
هذه لمحة طيبة مباركة أسوقها بين أيديكم في مادة النحو أو ما يسمى بعلم النحو والصرف
أتدرون أن سبب وجود هذا العلم العظيم بيننا هو خطأ وقعت فيه امراة مسلمة زمن خلافة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله تعالى عنه؟
وهل تدرون من كان السبب في نقل هذا العلم الشريف؟
إنه رجل مسلم وهو يقرب لهذه المرأة التي أخطأت، نعم إنه أبو الفتاة .
كيف ذلك؟
مرة دخل أبو الأسود الدؤلي وهو من كبار التابعين وكان مجالسًا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان من خاصته ومقربيه ومحبيه
فدخل على ابنته وهي تقول ما أحسن السماء لكن هذه الجملة تحتمل ثلاثة معان بحسب نطقها عند العرب
فهي قالتها بهذا اللفظ
ما أَحسنُ السماءِ بضم النون وكسر الهمزة
فـ "ما" هنا استفهامية في محل رفع مبتدأ
"أحسن" خبر مرفوع وهو مضاف
"السماء" مضاف إليه
فالأب بحكم عروبته وجودة كلامه وفصاحة لسانه ظن أن البنت تسأل فأجاب: نجومها
لكن هنا وقعت المشكلة.
قالت البنت: يا أبت ما أردت سؤالًا ولكنني أتعجب
نسوق صيغة التعجب في نفس الجملة
ما أحسنَ السماءَ بفتح كل من النون والهمزة هذا هو الصواب
فتكون "ما" هنا ابتدائية و "أحسن السماء" جملة من فعل وفاعل مستتر ومفعول به في محل رفع خبر
فما كان بأبي الأسود الدؤلي إلا أن هرع وأسرع إلى أمير المؤمنين يشتكي حال الأمة من ضياع لغة قرآنها وسنة نبيها عليه الصلاة والسلام
وعلم يقينًا أن العرب اختلط لسانها بلسان العجم لحال العراق وقتها من وجود الفرس وبعض الروم والعرب .
أتدرون من أتى بهذه الكلمة الاصطلاحية التي بها يعرف هذا العلم الواسع؟
هو أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، إذ قال: الكلام اسم وفعل وحرف وانْحُ نحوه .
ومن هنا ظهر علم النحو وأبدع فيه المبدعون كسيبويه وابن مالك وابن أبي اسحاق والكسائي والفراء وابن الحاجب والجزولي والأصمعي وابن هشام والسبكي والمكودي المغربي و... القافلة تطول .
وعلم النحو هو علم شريف وجليل فبه يعرف الكتاب والسنة وكذلك من فوائده إقامة اللسان على لسان العرب الفصيح، فهي لغتنا الأم وبها نتواصل ونتفاهم .
ولهذا، دراسة هذا العلم الشريف هي الشرف لمنتسبيه، فبها نتعلم الإعراب. وبالإعراب تتضح المعاني وتنجلي المكمونات اللغوية، وتظهر الحقائق المعنوية، ونحن أمة معروفة بالإعراب، والأنساب، والإسناد .
ولهذا هي من العلوم الكفائية التي يجب أن يقوم بها بعضٌ من أمة الإسلام لئلا تضيع الفوائد اللغوية، ويسهل الغوص في المعاني ويعمق الفهم ويسهل التعبير، وبها تعرف وتنضبط القواعد الأصولية والفقهية .
ولا ننسى أن البارع في النحو يستمتع بهذا العلم العظيم وتسهل عنده المعاني والمقاصد، ويعرف بها كتاب الله تعالى، وتتضح كلمات الرسول وجوامع كلماته.
ولهذا قال بعضهم:
النحو زين للفتى يكرمه حيث أتى *** من لم يكن يعرفه فحقه أن يسكتا
وكنت غالبا ما أسمع من شيخ لي كلمة يقول فيها= يا صاحبي- النحوي جن في الارض -
ولدراسة هذا العلم ومعرفة الإعراب والصرف //
على الطالب أن يدرس بعض الكتب المعتمدة في المادتين كالآجرمية للمبتدئين، والألفية لابن مالك للمتوسطين والمتقدمين، وكذلك همع الهوامع للسيوطي، إلا أن هذه الكتب معروفة بصعوبتها وطولها، لأن كلام المصنف وزيادة الشارح تعطي للكتاب ضخامة في المعلومات وزيادة في الحجم .
ولكن أقول إن هذا مفيد لأن الطالب إذا حفظ المصنَّف ونظم الألفية ومعرفة القواعد النحوية إضافة لاستدلالات لغوية من الشعر العربي، سيكون له رؤية واضحة، وتكوين مثالي ليكون بارعًا في المادة، ويغوص بدوره في بحر العربية العظيم إعرابًا وصرفًا وبلاغة.
وصدق من قال: اللغة العربية بحر لا شاطىء له. وأظنه كلا م علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
فهو بحر وافر لما يحويه من علوم شتى، النحو والصرف والإعراب والعروض والبيان والفصاحة والمعاني والشعر والآداب وغير ذلك*
وقد جمعها الناظم في بيتين أنقلهما لكم للفائدة//
نحو وصرف عروض ثم قافية *** وبعدها لغة قرض وإنشاء
خط بيان معانِِ ٍمع محاضرة *** والاشتقاق لها الآداب أسماء
فكل هذه العلوم وضعها العلماء خدمة اللغة العربية الفصيحة وبها يصان اللسان عن الخطأ والوقوع في الزلل.
وبالنحو الذي هو مرادي وخصصت الكلام عنه، يقول ابن مالك كلامنا لفظ مفيد كاستقم
ثمرته العظيمة: صون اللسان عن الخطأ في ضبط أواخر الكلمات , وعن التراكيب غير الصحيحة .
ومن هنا يطول المقام حول هذا العلم الكبير والوافر والشريف، والذي ينتسب كليةً إلى القرآن والسنة فالله عز وجل أنزل كتابه واختار نبيه من العرب لفصاحتهم وجودة لسانهم ثم لبعض الأخلاق التي تميزوا بها كالكرم والبسالة والغيرة..
وإذا تأملنا في العرب قديمًا وخاصة شعراء الجاهلية لوجدنا أن لسانهم كان ينطق عسلًا بالفصحى، وأنهم تميزوا بطول النفس والقول الجامع والإطالة والبساطة حتى كان بعضهم يصفهم بأنهم أمضغ للشيح والقيصوم وهما نبتتان توجدان في الصحراء لأن العرب الأقحاح كانوا بدوًا وصحراويين، وإذا تأملنا في أسمائهم لوجدناهم كذلك، ومنهم:
عمرو بن كلثوم، وعنترة بن شداد، وامرؤ القيس، ورؤبة بن العجاج، وغيرهم من فطاحلة اللغة والفصاحة والشعر والبيان، إذ كانت اللغة أعينهم التي يبصرون بها والتي يتداولونها بينهم. ولهذا خصهم الله تعالى بنبي هو خاتم الأنبياء والمرسلين وبكتاب هو أجلُّ كتب الله عز وجل .
وحتى لا أطيل عليكم وبإيجاز ندعو المسلمين لمعرفة هذا العلم الشريف لأن معرفتَه تعني معرفةُ القرآن والسنة الشريفة
ومسك الختام صلاة وسلام دائمان متواصلان ما دامت السموات والارض على نبي الهدى ورسول الرحمة ومعلم الثقلين من إنس وجان