المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام الهيثمي ومنهجه في كتب الزوائد:يكتبها عماد بن حسن المصري الأردني



أهــل الحـديث
28-05-2013, 01:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الكتاب الخامس : موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان :
وهو الاسم المعروف والمتداول بين أهل العلم الذين اعتنوا بهذا الكتاب ، ولقد سماه مؤلفه نفسه بهذه التسمية كما في مقدمته فقال : وقد سميته ( موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ) وهو الاسم الذي سماه كل من ترجم للهيثمي رحمه الله ، وعدوه من كتبه التي زاد بها ابن حبان على الصحيحين .
وطيع كتاب موارد الظمآن عدة طبعات من أشهرها :
1. طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت ، حققه ونشره محمد عبد الرزاق حمزة .
2. صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان مضموماً إليه الزوائد على الموارد ، محمد ناصر الدين الألباني ، ط 1 ، 1422 / 2004 ، دار الصميعي للنشر والتوزيع .
3. موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ، حققه وعلق عليه شعيب الأرنؤوط ومحمد رضوان عرقسوسي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط 1 ، 1414 / 1993 .

منهج الهيثمي في كتابه :
قال الهيثمي رحمه الله : لقد رأيت أن أفرد زوائد صحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي رضي الله عنه على صحيح البخاري ومسلم رضي الله عنهما ، مرتباً ذلك على كتب فقه أذكرها لكي يسهل الكشف منها ، فإنه لا فائدة في عزو الحديث إلى صحيح ابن حبان مع كونه في شيء منهما ، وأردت أن أذكر الصحابي فقط وأسقط السند اعتماداً على تصحيحه ، فأشار علي سيدي الشيخ العلامة الحافظ ولي الدين أبو زرعة ابن سيدي الشيخ العلامة شيخ الإسلام أبي الفضل عبد الرحيم بن العراقي بأن أذكر الحديث بسنده لأن فيه أحاديث تكلم فيها بعض الحفاظ ، فرأيت أن ذلك هو الصواب فجمعت زوائده ورتبتها على كتب أذكرها هي : كتاب الإيمان ، كتاب العلم ، كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الجنائز ، كتاب الزكاة ، كتاب الصيام ، كتاب الحج ، كتاب الأضاحي وفيه الصيد والذبائح والعقيقة والوليمة ، كتاب البيوع ، كتاب الأيمان والنذور ، كتاب القضاء ، كتاب العتق ، كتاب الوصايا ، كتاب الفرائض ، كتاب النكاح والطلاق والعدة ، كتاب الأطعمة ، كتاب الأشربة ، كتاب الطب وفيه الرقى وغير ذلك ، كتاب اللباس والزينة ، كتاب الحدود والديات ، كتاب الإمارة ، كتاب الجهاد ، كتاب السير وفتح فارس وغيرها ، كتاب التفسير ، كتاب التعبير ، كتاب القدر ، كتاب الفتن ، كتاب الأدب ، كتاب البر والصلة ، كتاب علامات النبوة وفيه من ذكر من الأنبياء صلى الله على نبينا وعليهم أجمعين ، كتاب المناقب ، كتاب الأذكار ، كتاب الأدعية ، كتاب التوبة ، كتاب الزهد ، كتاب البعث ، كتاب صفة النار ، كتاب صفة الجنة ، وقد سميته ( موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ) وأسأل الله النفع به لي وللمسلمين آمين .
وقد أخبراني بصحيح ابن حبان المسمى بالتقاسيم والأنواع خلا ما فيه من الكلام على الحديث الشيخان الإمامان الحافظان العلامة بهاء الدين عبدالله بن محمد ابن أبي بكر بن خليل المكي بقراءتي عليه ، وقاضي المسلمين عز الدين أبو عمر عبد العزيز ابن قاضي المسلمين بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني قراءه عليه ، وأنا أسمع بقراءة سيدي وشيخي شيخ الإسلام زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي قالا : أخبرنا الشيخ الإمام رضي الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبري ، قال الشيخ بهاء الدين بقراءتي عليه وقال الآخر قراءة عليه وأنا أسمع قال : أنبأنا الشيخ شرف الدين أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد بن أبي الفضل المرسي قال : أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي ( ح ) قال ابن جماعة وأنبأنا به أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر عن أبي روح قال : أنبأنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني قال : أنبأنا علي بن محمد البحاثي قال : أنبأنا محمد بن أحمد بن هارون الزوزاني قال : أنبأنا أبو حاتم ابن حبان البستي .
مما سبق تبين لنا المنهجية الواضحة لكتاب موارد الظمآن ، وكيفية صناعته الحديثية فيه ، وكيف رتبه رحمه الله .
وقبل البدء في بيان منهج الهيثمي في الموارد لا بد من ذكر معلومة مهمة ألا وهي : أن أول من صنف على زوائد ابن حبان وهو الإمام مغلطاي بن قليج الحنفي ( ت 762 ) ، وظني أن الإمام الهيثمي ربما اطلع على ما كتبه مغلطاي فاستفاد من طريقته .
1. أفرد زوائد ابن حبان على الصحيحين فقط ولم يفردها عن الستة فقد أورد أحاديث زائدة على الصحيحين وفي أحدها وجود عند أصحاب السنن الأربعة مثاله :
حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من جلس في مجلس كثر فيه لفظه ثم قال قبل أن يقوم : سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك إلا غفر له )) . ذكره ابن حبان في الموارد وهو عند أصحاب السنن وليس له ذكر في الصحيحين .
مع أن مسلماً رحمه الله كان مطلعاً على هذا الحديث بالذات وله مع شيخه البخاري فيه قصة ، أورد الحاكم في كتابه معرفة علوم الحديث : أن مسلم بن الحجاج جاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقبل بين عينيه وقال : دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين ، وطبيب الحديث في علله ، حدثك محمد بن سلام قال : ثنا مخلد بن يزيد الحراني قال : أخبرنا ابن جريح عن موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة المجلس فما علته ، قال محمد بن إسماعيل : هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث ، إلا أنه معلول ، حدثنا به موسى بن إسماعيل هذا أولى فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماعاً من سهيل .
ولذلك لم يخرجاه رحمهم الله للعلة الآنفة .
2. ذكر أنه رتب كتابه على الكتب الفقهية ليساعد ذلك الباحثين عن حديث رسول الله سهولة استخراج النص ، سيما أن صحيح ابن حبان التقاسيم والأنواع رتبه صاحبه رحمه الله على الأوامر فجاء عسراً جداً ، حتى جاء الأمير ابن بلبان فرتبه على الأبواب الفقهية وسماه ( الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ) حققه الشيخ شعيب الأرنؤوط .
3. كان يريد في البداية إسقاط السند مع بقاء اسم الصحابي معتمداً على تصحيح تلكم الزيادات على ابن حبان رحمه الله ، حتى أشار عليه شيخه وابن شيخه أن يذكر الحديث بسنده ، والسبب في ذلك أن بعض أحاديث ابن حبان تكلم عليها بعض الحفاظ فأرادوا بذلك إيراد الإسناد ليتسنى لغيره دراسته .

ما أخذ على الموارد :
وكما فعلنا في غير مكان من هذا الكتاب فإن الحافظ الهيثمي رحمه الله لم يعرِّف شرطه كتابه ، فإنه قال في مقدمة كتابه : ( قد رأيت أن أفرد زوائد صحيح أبي حاتم محمد بن حبان على صحيحي البخاري ومسلم ) وهذه الزوائد لا بد أن تكون زائدة على أصل النص المزيد عليه ، فيشاركه صاحب الأصل في مقطع أو جزء ولكن لا يتطابقان بالجملة ، من هنا درست بعض أحاديث الموارد وطابقتها على أصل الزائد عليه وهو الصحيحين فوجدت ما يلي :
1. حديث رقم ( 1 ) عند الهيثمي حديث حمران عن عثمان رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة )) وهو بقضه وقضيضه عند مسلم حديث رقم ( 145 ) فماذا زاد ابن حبان على ما في صحيح مسلم لا سنداً ولا متناً ؟
2. الحديث الثاني عند ابن حبان في الموارد وهو حديث أبي الدرداء (( من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ، قلت يا رسول الله : وإن زنى وإن سرق ، قال : وإن زنى وإن سرق )) .
قلت : وهو بلفظه وسنده إلا قليلاً عند البخاري ( 6268 ) ومسلم ( 283 ) ، فماذا زاد ابن حبان ؟
ولو استعرضت لطال بنا المقام ويكفي هذا المثالان لبيان أن الهيثمي لم يستقرأ زوائد ابن حبان على الصحيحين جملة .

الكتاب السادس : بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث :
قلت : وهو الحارث بن محمد بن أبي أسامة واسم أبيه داهر ( ثقة ) صاحب السند المشهور , ولم يرتبه على الأبواب الفقهية و لا على الصحابة .
وهذا الاسم : هو الذي عرف وشاع وذاع بين أهل العلم بالحديث الشريف وهو الذي سماه صاحبه الإمام الهيثمي رحمه الله فقال في المقدمة : وقد سميته بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث . و هو الاسم الذي نسبه كل من ترجم للهيثمي رحمه الله وعده من كتبه التي جمع زوائدها .
و للكتاب طبعتان متداولتان في الأسواق وين يدي الناس ، هما :
الطبعة الأولى تاريخ ( 1413 / 1992 ) في المملكة العربية السعودية حماها الله , تحقيق الدكتور حسين أحمد صالح الباكري , وهي مطبوعة في مركز خدمة السنة النبوية بالجامعة الإسلامية .
والطبعة الثانية طبعت عن دار الطلائع , حققها مسعد بن عبد الحميد السعدني .
و أصل الكتاب مخطوط بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام و لم يتيسر لي الحصول على نسخه منها , يسر الله ذلك .

منهج الهيثمي في كتابه :
قال الهيثمي في مقدمة كتابه : فإن سيدي وشيخي الإسلام زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي - أحسن الله إليه وأرضاه وجعل الجنة مثوانا ومثواه - أهلني لإفراز كتب فسررت بذلك ، ثم أمرني بتخريج زوائد الحارث بن محمد بن أبي أسامة ، وزادني في ذلك رغبة حظ سيدي وشيخي وابن شيخي الشيخ ولي الدين أبو زرعة ولد شيخي - أحسن الله إليه على ذلك - فجمعتها من نسخة من تجزئة سبعة وثلاثين جزءاً ، فوجدتها ناقصة الجزء الثالث عشر ، ومقداره عشر ورقات أو نحوها ، وصفحة من أول الجزء الحادي عشر ، وصفحة من أول الجزء الأخير ، وأنا أتطلب ذلك إلى الآن لم أجده ، وعسى أن يسهلها الله بمنه وفضله آمين .
وقد سميته ( بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ) ، ورتبته على كتب أذكرها لكي يسهل الكشف منه : كتاب الإيمان ، كتاب العلم ، كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الجنائز وفي أوله كفارة المرض والعيادة ، كتاب الزكاة وفيه فضل الصدقة ، كتاب الصيام ، كتاب الحج ، كتاب الأضاحي وفيه العقيقة والصيد والذبائح ، كتاب البيوع ، كتاب الإيمان والنور ، كتاب القضاء والشهادة ، كتاب الوصايا ، كتاب العتق ، كتاب الفرائض ، كتاب النكاح ، كتاب الطلاق ، كتاب اللباس ، كتاب الزينة ، كتاب الإمارة ، كتاب الجهاد ، كتاب المغازي ، كتاب التفسير ، كتاب التعبير ، كتاب القدر ، كتاب الفتن ، كتاب الأدب ، كتاب البر والصلة ، كتاب علامات النبوة وفي أوله ذكر الأنبياء ، كتاب علامات نبوة رسولنا صلى الله عليه وسلم ، كتاب المناقب ، كتاب الأذكار ، كتاب الأدعية ، كتاب المواعظ ، كتاب التوبة ، كتاب الزهد ، كتاب البعث ، كتاب صفة النار ، كتاب صفة الجنة .

يتبين لنا من منهج الهيثمي ما يلي :
1. بلغت الأبواب الفقهية ما يقارب الاثنين والأربعين باباً بدأها بالإيمان وأنهاها بكتاب صفة الجنة .
2. رتب الهيثمي هذه الزوائد على كتب الفقه أو ما تسمى في عرضهم ( أبواب ) .
3. لم يبين لنا رحمه الله طريقته في جمعه لزوائد الحارث بن أبي أسامة ، هل جمعها على زوائد الصحيحين أم هي كما عند أهل العلم على الكتب الستة ؟ والذي أرجحه أنها مجموعة على الكتب الستة كما في جمع زوائده باستثناء الموارد لابن حبان .
4. أخرج الهيثمي زوائد الحارث بن أبي أسامة على الستة مقتفياً أثر نفسه في جمعه للزوائد التي سبقت الحارث بن أبي أسامة .
5. جمع كتابه ( البغية ) من نسخة مجزئة إلى سبعة وثلاثين جزءاً ناقصة الجزء الثالث عشر ، ومقدار عشر ورقات أو نحوها .
6. ولم يراع رحمه الله شرطه في جمعه للزوائد أن الزائد على الكتب الستة هو الذي يجب جمعه ، وهو الشرط المتعارف عليه بين أهل العلم . قال الدكتور خلدون الأحدب معرفاً علم الزوائد : علم يتناول إفراد الأحاديث الزائدة في مصنِّف رويت فيه الأحاديث بأسانيد مؤلفة على أحاديث كتب الأصول الستة أو بعضها من حديثه بتمامه لا يوجد في الكتب المزيد عليها ، أو هو فيها عن صحابي آخر ، أو من حيث شارك فيه أصحاب الكتب المزيد عليها أو بعضهم وفيه زيادة مؤثرة عنده .
قلت : ولم يعرف الهيثمي شروطه في كتبه بل ندَّ عنه كثير من الأحاديث التي ظنها زائدة على الأصول الستة ، ولو جمعت من جميع كتبه لجاءت في مجلدين كبيرين .
ولنؤخذ أمثلة :
الحديث الأول : بغية الباحث ( ج 1 : ص 305 ) حديث رقم ( 201 ) حدثنا روح بن عبادة ثنا نور بن يزيد عن عثمان الشامي انه سمع أبا الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس الثقفي عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من غسَّل واغتسل ، وغدا وبكر ، ودنا فاقترب ، واستمع وأنصت ، كان له بكل خطوة أجر قيام سنة وصيامها )) .
الحديث عند أصحاب السنن .
قال الترمذي ( 496 ) رحمه الله : حدثنا محمد بن غيلان ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان وأبو جنان يحيى بن أبي حية عن عبدالله بن عيسى ، عن يحيى بن الحارث ، عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من اغتسل يوم الجمعة وغسل ، وبكر وابتكر ، ودنا واستمع وأنصت كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها )) .
قلت ( عماد ) : أترك للقارئ المقارنة بين النصين فماذا فعل الهيثمي في زوائد الحارث ، والحارث رواه كما هو في أصله من السنن ، وهو في سنن النسائي الكبرى ( 1381 ) .
الحديث الثاني : ( ج 1 : ص 325 ) حديث رقم ( 209 ) حدثنا عبدالله بن عون ، ثنا فرج بن خضالة عن عبد العزيز عامر الأسلمي ، عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيد سبغ تكبيرات في الأولى وخمساً في الآخرة .
الحديث عند أصحاب السنن .
أخرج أبو داود في سننه ( 1149 ) حدثنا قتيبة ، ثنا ابن لهيعة ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثامنة خمساً .
قلت ( عماد ) : فماذا صنع الهيثمي في هذا النص ؟ ولو أن الهيثمي أخذ الحديث الذي بعده من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ( التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كليهما ) لأجاد .
لم يتكلم على الأحاديث صحة وضعفاً ، جرحاً ولا تعديلاً ، والله أعلم .

الكتاب السابع : كشف الأستار عن زوائد البزار :
وهذا الكتاب هو ما زاد الإمام البزار في كتابه ( البحر الزخار ) من الأحاديث الكتب الستة الأصول ، وهذا الكتاب نسبه المخرجون والآخذون من علم الزوائد منه وعنه ، ونسبوه للإمام الهيثمي ، وأنه هو من ضعفه وأخرج زياداته على الأصول الستة .
ولقد سماه مؤلفه هكذا كما جاء في مقدمة كتابه فقال : وقد سميته ( كشف الأستار عن زوائد البزار ) ولم يخطئ أحد في اسم ونسب هذا الكتاب إلا ما كان من ابن فهد في لحظ الإلحاظ فسماه ( البحر الزخار في زوائد البزار ) وهذه التسمية خطأ محض ، وإنما هي ( يعني التسمية ) أصل الكتاب وهو ( البحر الزخار ) فجاء الهيثمي فتتبع ما زاده أبو بكر البزار على الكتب الستة من حديث بتمامه ، وحديث شاركهم منه وفيه زيادة .
ولم يطبع هذا الكتاب على شهرته وذيوعه بين الناس ، ونهلهم منه علوماً شتى إلا طبعة واحدة وهي :

الطبعة على يد المحقق العلامة حبيب الرحمن الأعظمي ، طبعت في مؤسسة الرسالة الجزأين الأول والثاني منه سنة ( 1399 ) .

منهج الهيثمي في كتابه :
قال الهيثمي في بيان منهجه : فقد رأيت مسند الإمام أبي بكر البزار المسمى بـ ( البحر الزخار ) قد حوى جملة من الفوائد الغزار ، يصعب التوصل إليها على من التمسها ، ويطول ذلك عليه قبل أن يخرجها ، فأردت أن أتتبع ما زاد فيه على الكتب الستة ، من حديث بتمامه ، وحديث شاركهم .... وفيه زيادة ، مميزاً بقولي : قلت رواه فلان خلا كذا ، أو لم أره بهذا اللفظ ، أو لم أره بتمامه ، اختصره فلان ، أو نحو هذا ، وربما ذكر الحديث بطرق فيكتفي بذكر سند الحديث الثاني ، ثم يقول : فذكره ، أو فذكر نحوه ، وما أشبه ذلك ، فأقول بعد ذكر السند : قال فذكره ، أو قال فذكر نحوه ، وربما ذكر السند والمتن فأقول : قلت ذكره ، أو ذكر نحوه ، وإذا تكلم على حديث بجرح لبعض رواته أو تعديل بحيث طوّل : اختصرت كلامه من غير إخلال بمعنى ، وربما ذكرته بتمامه إذا كان مختصراً ، وقد ذكر فيه جرحاً وتعديلاً مستقلاً لا يتعلق بحديث بعده ، وروى فيه أحاديث بسنده فرويت الأحاديث والكلام عليها إن كان تكلم عليها ، وتركت ما عداه .
وقد ذكرت فيه ما رواه البخاري تعليقاً ، وأبو داود في المراسيل ، والترمذي في الشمائل ، والنسائي في غير السنن الصغرى مثل أن يرويه النسائي في المناقب ، أو التفسير ، أو السير ، أو الطب ، أو غير ذلك مما هو ليس في نسختي .
وقد عزا سيدنا شيخ الحفاظ جمال الدين المزي رضي الله عنه وأرضاه إلى غير ذلك في النسائي أحاديث لا يحصرها إلا من تفرغ لها ، وأفردها بتصنيف من غير ذكر أنه ليست في المجتبى ، ولم أرها فيه فذكرتها أيضاً .
وقد روى الطبراني في المعجم الكبير حديث ابن عباس رفعه ( كل أحد يؤخذ من قوله ويدع إلا النبي صلى الله عليه وسلم ) وقد رتبته على كتب أذكرها : كتاب الإيمان ، كتاب العلم ، كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الجنائز ، كتاب الزكاة ، كتاب صدقة التطوع ، كتاب الصيام ، كتاب الحج ، كتاب الأضاحي وفيه الصيد والذبائح والوليمة والعقيقة ، كتاب البيوع ، كتاب الأيمان والنذور ، كتاب الأحكام ، كتاب اللقطة ، كتاب الغصب ، كتاب الوصايا ، كتاب الفرائض ، كتاب العتق ، كتاب النكاح ، كتاب الطلاق ، كتاب الجنايات ، كتاب الديات ، كتاب الحدود ، كتاب الإمارة ، كتاب الجهاد ، كتاب الهجرة والمغازي ، كتاب قتال أهل البغي ، كتاب البر والصلة ، كتاب الأدب ، كتاب التعبير ، كتاب القدر ، كتاب التفسير وفيه القراءات وكم أنزل القرآن على حرف وما يتعلق بقراءة القرآن ، كتاب علامات النبوة وفيه ذكر الأنبياء صلوات الله على نبينا وعليهم ، كتاب المناقب ، كتاب الأطعمة ، كتاب الأشربة ، كتاب اللباس ، كتاب الزينة ، كتاب الطب ، كتاب الأذكار ، كتاب الأدعية ، كتاب التوبة ، كتاب الفتن ، كتاب البعث ، كتاب صفة النار ، كتاب صفة الجنة ، كتاب الزهد .
والله أسأل أن ينفع به ، إنه قريب مجيب ، وقد سميته ( كشف الأستار عن زوائد البزار ) وقد أخبرني به شيخ الإسلام قاضي المسلمين أبو عمر عبد العزيز بن قاضي المسلمين بدر الدين أبي عبدالله محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني رضي الله عنه إجازة معينة ، قال : أنا الأستاذ أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير مكاتبة من المغرب ، أنبأ به أبو الحسن علي بن محمد الغافقي إجازة معينة ، أنبأ عبدالله بن محمد الحجري سماعاً عليه لجميع المسند وكان قد انفرد به عنه ، أنا محمد بن الحسين بن أحمد بن أبي أحمد عشرة ، أنا الحافظ أبو علي الحسين بن محمد الصدفي ، أنا عبدالله بن محمد بن إسماعيل بن فورتش ، أنا أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي إجازة ، أنا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج ، ثنا محمد بن أيوب بن حبيب ابن الصموت ، ثنا أبو بكر أحمد بن عبد الخالق البزار رضي الله عنه .
وأخبرني به أعلى من هذا بدرجتين أبو الفتح محمد بن محمد الميدومي إجازة مشافهة ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد القسطلاني إجازة ، أنا أبو الحجاج يوسف بن عبدالله بن يوسف الفهري الشاطي في كتابه إلينا من المغرب ، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب إجازة ، حدثني أبي سماعاً عليه ، أنا سليمان بن خلف بن عمرون قال : أنا ابن مفرج .

ونلخص المنهج بما يلي :
1. وجد صعوبة على الناس والمطالعين لكتاب البزار ( البحر الزخار ) من إخراج زوائد هذا الكتاب أو تمييزها من باقي كتب السنة الستة فعمد إلى تتبع تلك الزيادات وإفرادها في مصنف خاص هو هذا الذي بين أيدينا .
2. ربما ذكر الحديث بطرق فكيف بذكر سند الحديث الثاني ثم يقول فذمره أو فذكر نحوه وما أشبه ذلك فأقول بعد ذكر السند : قال فذكره ، أو قال : فذكره نحوه ، أو ربما ذكر السند والمتن فأقول : قلت فذكره ، أو قد ذكر نحوه .
3. تتبع الزيادات التي في مسند البزار على الكتب الستة من حديث بتمامه وحديث شدكهم فيه وفيه زيادة مميزاً لها بقوله : قلت رواه فلان خلا كذا أو لم أره بهذا اللفظ ، أو لم أربه بتمامه ، اختصره فلان ، أو نحو ذلك .
4. كانت عمدته في هذا الكتاب ، أن يذكر ما رواه البخاري تعليقاً ، وأبو داود في المراسيل ، والترمذي في الشمائل ، والنسائي في غير السنن الصغرى مثل أن يرويه النسائي في المناقب ، أو التفسير ، أو السير ، أو الطب أو غير ذلك مما هو ليس في نسختي .
5. إذا تكلم البزار على حديث يجرح لبعض رواته أو تعديل بحيث طوَّل اختصر كلامه من غير إخلال بمعنى ، وربما ذكر بتمامه إذا كان مختصراً ، وقد ذكر فيه جرحاً وتعديلاً مستقلاً لا يتعلق بحديث بعده ، وروى فيه أحاديث بسنده فرويت الأحاديث والكلام عليها وتركت ما عداه .
6. قسم الكتاب على الأبواب بدأه بكتاب الإيمان وانتهى بكتاب الزهد .
7. اعتمد في إخراج الزوائد خاصة في سنن النسائي المجتبى على ما عزاه الحافظ جمال الدين المزي ولم يرها فيه فذكرها أيضاً .
8. تكلم رحمه الله على أسانيد الحديث ومتونه بكلام علمي رصين ، وأقر البزار على نقده للأحاديث كما في الحديث رقم ( 2 ) مفتاح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله ، قال البزار : وشهر بن حوشب لم يسمع من معاوية بن جبل .
وكما في الحديث رقم ( 3 ) حدثنا أبو كامل ، نا أبو عوامة ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن الأغر ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قال : لا إله إلا الله ، نفعته يوماً من دهره ويصيبه قبل ذلك ما أصابه )) . قال البزار : وهذا لا نعلمه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد ، ورواه عيسى بن يونس عن الثوري عن منصور أيضاً ، وقد روى عن أبي هريرة موقوفاً ورفعه أصح .
قلت ( عماد ) : سقط من هذا السند من نسخة الأعظمي رحمه الله الراوي عن أبي هريرة وهو الأغر وكان على العلامة حبيب الرحمن الاعتماد في تحقيقه لكتاب كشف الأستار على أصله وهو البحر الزخار فهو فيه والإسناد على الجادة جاء كما يلي : حدثنا أبو كامل ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن منصور ، عن هلال بن سياف ، عن الأغر ، عن أبي هريرة به .
وكما في الحديث رقم ( 4 ) حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد ، حدثني أبي ، ثنا عبيدة بن أبي رائطة ، عن عبد الملك بن عمير هكذا ، قال عن عبد الرحمن القرشي ، عن عياض الأنصاري رفعه قال : إن لا إله الله كلمة على الله كريمة ، لها عند الله مكان ، وهي كلمة من قالها صادقاً أدخله الله بها الجنة ، ومن قالها كاذباً ، حقنت دمه ، وأحرزت ماله ، ولقي الله غداً فحاسبه . قال البزار : ولا نعلم أسند عياض إلا هذا .
قلت ( عماد ) : في هذا الحديث قال الهيثمي في المجمع ( 1 : 26 ) : رواه البزار ورجاله موثوقون إن كان تابعه عبد الرحمن بن عبدالله بن مسعود .
9. تكلم الهيثمي رحمه الله بكلام مستقل عن البزار في بعض الأحاديث كقوله في الحديث رقم ( 16 ) : حدثنا يحيى بن حكيم ، ثنا أبو داود ، ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يسمع في أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار )) . قال البزار : لا نعلم أحداً رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو موسى بهذا الإسناد ، ولا أحسب سمع سعيد من أبي موسى .
قلت ( عماد ) : هو في الصحيح عن أبي هريرة . وزاد في غاية المقصد ( 2 : 1081 ) ولفظه : لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني .

ما أخذ على هذا الكتاب :
1. إيراده أحاديث ظنها زائد على الأصول الستة وهي ليست من الزوائد كالحديث رقم ( 503 ) في سبب نزول الآية الكريمة (( وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً )) ، وهو في الصحيحين بقضه وقضيضه وكالحديث رقم ( 511 ) ( ما بين قبري ومنبري أو قال بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ) ، وهو في صحيح البخاري .
2. متابعته لكل ما قاله البزار رحمه الله دون التعليق بشيء .
3. كلامه في الجرح والتعديل بالنسبة لمادة الكتاب قليلة وضئيلة جداً ، فكان على الهيثمي رحمه الله تتبع كل رواية وإشباع الاستقراء النصي عليها جرحاً وتعديلاً ، والله أعلم .
4. لم يستقرأ كتب الأصول الستة رحمه الله ففاته الكثير من زيادات هذه الأصول وظني كما قلت في المجمع وغيره أنه اعتمد في إخراج الزوائد على موسوعة الأطراف للإمام المزي رحمه الله .
5. وجاء كلام الأعظمي قليل جداً وكأنه رحمه الله ليس له علاقة بالكتاب ، ولا هو محققه .

ماهية علم الزوائد عند الهيثمي :
في كل كتب الهيثمي رحمه الله التي أفردها للزوائد من خلال كل مقدماته التي سقناها لم نجد عند الهيثمي تعريفاً لمعنى الزوائد ، ولا ماهية الزوائد ، والسؤال الذي نطرحه على الهيثمي ما الزوائد عنده ؟ هل إذا روى حديثاً سماه زائداً وكان كله عند أحد أصحاب الأصول الستة وجاء عند الهيثمي من غير صحابي أصحاب الستة هل يسمى زائداً ؟ ولقد قدمنا أن المراد بالزوائد ( أن تكون هذه الأحاديث زائدة على أصل الكتاب ، المزاد عليه وهي مطلقة ) .
ولكنا تفاجئنا من الهيثمي من خلال الاستقراء لجميع ما كتبه في الزوائد أنه أخرج أحاديث لمجرد أن صاحبيه كان مختلفاً عن ما عند أصحاب الكتب الستة وقد يخرج حديثاً من كتب الزوائد يظن أنه زائد على ما في الستة ولكن المتابع يتفاجأ أن هذا الحديث موجود برمته في إحدى الكتب الستة .
ولو أنه رحمه الله عرَّف علم الزوائد وسار على تلك المنهجية التي من خلالها عرَّف علم الزوائد لأراح واستراح .
ولم يتكلم رحمه الله كباقي علماء الجرح والتعديل في التصحيح والتضعيف - إلا قليلاً - في كتبه الزوائد كمجمع الزوائد ، وتكلم في رجالها ولم يتكلم في متونها فمثلاً يقول : رجاله رجال الصحيح ، ورجاله ثقات ، أو غير فلان وهو ثقة ، وكل هذه العبارات لا تفيد صحة للحديث إنما تفيد أن شرطاً واحد من شروط الصحة قد تحقق وبقيت باقي الشروط لم تتحقق ، ثم لم يتكلم رحمه الله ولم يجمع المتابعات والشواهد لكل تلك الزوائد التي أخرجها من أصولها .
وعادته رحمه الله يقطع الحديث الواحد ذا المعنى في أماكن مختلفة من كتابه وهذا استخدمه بكثيرة في مجمع الزوائد ينظر ( ج 5 : ص 310 ) حديث رقم ( 9314 ) .
وعادته يورد الحديث الصحيح المرفوع ليعزز شواهد الباب لأنه ليس عنده في الباب إلا هذين الحديثين .
وعادته رحمه الله بإيراد الحديث مع زياداته من الأصول الستة ثم ينسبه في آخر الحديث على القطع التي هي عند أصحاب الكتب الستة ينظر حديث رقم ( 148 ) مجمع الزوائد .
وكان يميز الأحاديث التي فيها انقطاع واضح ولا يتعب نفسه في البحث عن الانقطاع المتكلم فيه من قبل أحد العلماء ، ويبحث في الانقطاع المجمع عليه ينظر الحديث رقم ( 71 ) مجمع الزوائد .
ينبه رحمه الله على بعض الكلمات الغريبة التي وردت في النصوص ينظر الحديث ( 5612 ) مجمع الزوائد .
اعتمد رحمه الله في إخراج الزوائد على موسوعة الأطراف للإمام جمال الدين المزي رحمه الله ينظر حديث رقم ( 7115 ) من المجمع .