المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القواعد الحديثية في مجمع الزائد للهيثمي والمآخذ عليه .يكتبها عماد بن حسن المصري الأردني



أهــل الحـديث
27-05-2013, 11:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


القواعد الحديثية في مجمع الزائد للهيثمي والمآخذ عليه .يكتبها عماد بن حسن المصري الأردني
استخدم الإمام الهيثمي رحمه الله في كتابه مجمع الزوائد قواعد حديثية يحكم بها على متون الأحاديث وأسانيدها ، وهذه القواعد لم يبتكرها الهيثمي ، بل نقلها عمن سبقه من أهل العلم ممن عملوا بهذا الفن وطبقوا قواعده جرحاً وتعديلاً .
ومن هذه القواعد قد يكون غامضاً عنده ، يحتاج معها إلى سبر كتبه ليصار إلى معرفة ما يريد الهيثمي بهذه القواعد ، سيما أنه لا يوجد كاتب ولا مؤلف جمع مصطلحات الهيثمي وعرَّف بها ، اللهم إلا ما كتبه الأخوان عبدالله الدويش وسعد الشتري في تعليقهم على بعض كتب الهيثمي ، ولان كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد كتاب كبير ومادته العلمية الحديثية كبيرة وكثيرة ، اخترته من بين الكتب لأعلق بإيجاز واختصار غير مخلين على قواعد الهيثمي مستعيناً بالله أولاً ثم بكتب أهل العلم ممن شرح مثل هذه القواعد .
استخدم الهيثمي في كتابه هذه القواعد دون إشارة منه إلا أماكن وجودها في المجمع ، ولو أردت إحصائها رقمياً لخرجنا عن المعقول لكن يكفينا الإشارة إليها وهي :
1. مرسل صحيح .
2. رجاله رجال الصحيح .
3. حديث صحيح .
4. رجال الثقات .
5. رجاله وثقوا .
6. فيه ضعف .
7. فيه عنعنة فلان .
8. حسن صحيح .
9. إسناده حسن .

ترتيب القواعد :
أولها : حديث صحيح : وهذا النوع من التعريف يطلق على كل حديث توافرت فيه شروط الصحة جميعاً من اتصال السند ، عدالة ناقليه ، عدم الشذوذ والعلة والضبط ولا يشترط أن يكون في الصحيحين كما هو مقعِّد في أذهان صغار طلبة العلم ، حتى يكون انطباقه على التعريف السابق ، فهناك أحاديث في الصحيحين أطلق عليها أهل العلم الشذوذ وعُللِّت بعلل كثيرة ، كحديث خلق الله التربة يوم السبت .
ثانيها : رجاله ثقات : ولقد استخدم هذه اللفظة الهيثمي في المجمع والمنذري في الترغيب والترهيب واستخدموها بكثرة فراراً من دراسة الأسانيد الطويلة والكثيرة والمتون المتنوعة ، لأن كتبهم كانت كبيرة ومليئة بالأحاديث ، سواء أكانت أحاديث طوال أم قصيرة ، وهذه اللفظة لا تفيد إلا في شرطين اثنين لتعريف الحديث هما الضبط والعدالة دون البحث في شروط صحة الحديث ، وقد ينصرف إلى ذهن بعض المشتغلين في هذا الفن أن قولهم رجاله ثقات يعني أنهم في أعلى درجات الصحة ، لا ، بل يحتج بهم ، فهذا القول ( رجاله ثقات ) إنما سيق للاحتجاج بالرواة لا التوثيق الاصطلاحي .
ثالثها : إسناده صحيح : وهو دون الحديث الصحيح ، لأن هذا التعريف منطبق فقط على الإسناد بشروطه الثلاثة السابقة وهي اتصال السند ، وعدالة ناقليه ، وضبطهم ، دون النظر إلى العلل القادحة وغير القادحة في متن الحديث والشذوذ فيه ، وقد تكون العلة غير قادحة في أصل السند أو المتن لكنها علة أُعل بها الحديث .
رابعها : رجاله رجال الصحيح : وهذه اللفظة استخدمها الهيثمي بكثرة في مجمع الزوائد ولا تعني هذه الكلمة إلا العدالة وهو شرط متيقن في هذه اللفظة ، وقد أراد بها رحمه الله رجال مسلم دون البخاري ، ولأن من رجال الصحيحين من هو ثقة أو دون الثقة ، أو صدوق ، أو فيه كلام لا يضر ، أو خرج له صاحب الصحيح اعتباراً لا في الأصول .

قال الشيخ العلامة الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة ( 14 / القسم الأول ) : وقول الهيثمي المتقدم : وبقية رجاله رجال الصحيح ، إنما يعني دون شيخ الطبراني - كما هي عادته - وهذا لا يُشْكِل على العارفين بهذا العلم ، لأن شيوخه أدنى طبقة من شيوخ الصحيحين ، وإنما يرد الإشكال حين يقول : وبقية رجاله ثقات ، وهذا يفعله كثيراً ، فينبغي الانتباه لهذا فكثيراً ما يكون شيخ الطبراني غير موثق بل وغير ثقة وإنما هو التسامح والتساهل .
ومما ينبغي فهمه من ما سبق أن قول الهيثمي رجاله رجال الصحيح لا يعني صحة الحديث ، لأنه لم يحكم إلا على سند الحديث أما المتن فلم يتعرض له البتة ، وكذا قوله في رجاله ثقات ، لأنه لا يلزم من مجرد توثيق الراوي الحكم على صحة الحديث لأن الشروط المطلوبة في صحة الحديث مفقودة هاهنا .
خامسها : رجاله وثقوا : فإنه قصد بذلك أن الإمام ابن حبان فقط هو من وثقهم ، وهذا المصطلح اتبع فيه الهيثمي مثل منهج الذهبي في الكاشف ، فإنه كان يرمز إلى من وثقه ابن حبان في تراجم كاشفه ممن لم يوثقهم إلا ابن حبان بقوله وُثِّق .
سادسها : إسناده حسن : فإن الهيثمي رحمه الله لم يتبع في هذا الاصطلاح ( الحسن الاصطلاحي عند المتقدمين ) إنما ذلك كان يطلق على الحديث جملة من حيث تركيبه الثاني السند والمتن ، إما إذا أطلق وقيد بقوله إسناده حسن احترازاً أن يكون للحديث إسناد ومتن آخرين إسناده حسن حتى يتقوى بتلك الطرق والشواهد إلى الصحيح لغيره .
لأن المتقدمين حينما عرّفوا الحديث الحسن ( هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه وخلا من العلة والشذوذ ) فقوله إسناده حسن لا يعني صحة الحديث فضلاً عن حسنه .
سابعها : حسن صحيح : فإنه يعتمد في هذه اللفظة على ما قاله الترمذي رحمه الله عقيب تخريجه للحديث ، لأن الهيثمي رحمه الله كان يتهيب التصحيح والتضعيف ، فكان يقول : قال الترمذي حسن صحيح .
ثامنها : فيه عنعنة فلان : فإنه يقصد أن هذه الطريق أو هذا المتن جاء من طريق هذا المدلس وأنه عنعنه أي رواه بالعنعنة ولم يقل حدثني أو حدثنا لينتفي عنه شبهة التدليس .
هذه بعض مصطلحاته رحمه الله وقد أعرضت عما كتبه بعض الإخوان في شرح مصطلحات الهيثمي ، لأني رأيتهم يتعجلون المصطلح ويلوون عنقه ليوافق ما أرادوه والله الموفق .

ما أخذ على المجمع :
إن كل عمل بشري مهما وصل من الإتقان بدرجة يبقى عملاً بشرياً ناقصاً ، ويعتريه الخطأ والصواب ويعتريه الوهم والخطأ والنسيان ، كيف لا ، وهو عمل عمله البشر ، لأنهم مهما وصلوا من الرقي والإبداع فلن يعدوا أقدارهم البشرية بعوامل البشر .
وكل الكتب يعتريها ما يعتري غيرها من التحريف والنقص والزيادة إلا كتاب الله الذي ((               )) فصلت - 23 . فهو التمام وهو الكامل ((   •     )) الحجر - 9 . فهو محفوظ من النقص ، والزيادة ، والوهم والخطأ والنسيان ، والتحريف وما دونه عرضة للخطأ والنسيان والتحريف ، كيف لا وقد انتقد العلماء على صحيح البخاري إخراجه أحاديث لبعض الرواة ممن أتهم بتهمة عقديِّة سواء أكانت مؤثرة أو غير مؤثرة ، مثل إبراهيم بن طهمان رمي بالإرجاء ، وإسحاق ابن سويد العدوي رمي بالنصب ، وإسماعيل بن أيان بالتشيع ، وأيوب ابن عائذ الطائي بالإرجاء ، وبشر بن السري رمي برأي جهم ، بهز بن أسد رمي بالنصب وجميعهم أخرج لهم أحد أصحاب الصحيحين .
ولقد انتقد العلماء أيضاً بعض الأحاديث في الصحيحين كالحديث الذي رواه مسلم ( 2149 ) خلق الله التربة يوم السبت ، فنازع مسلماً فيه ابن معين والبخاري كما في تاريخه ( 1 : 413 : ت 1317 ) وقال : هو من كلام كعب ، وليس مكان الرد هنا ولكن أردت تباين أمر مهم أن الخطأ والسهو والنقص هو ميزان للبشر ، فكتاب مجمع الزوائد وقع فيه ما وقع لغيره من الخطأ والنسيان والتحريف والسقط والتكرار وغيرها من الأخطاء .
إن كتب الهيثمي ( الزوائد ) ساقها بأسانيدها كل على حد منفردة ، وربما حكم على بعضها في مواضعها ولم يكن يجمع في الكتاب الواحد إلا ما زاد على الأصول الستة مما شاركهم فيه .
ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد يعتبر أهم موسوعة تخريجية في الزوائد وأصولها ، وبلغت من علو شأنها أن العلماء اهتموا بنقل أحكام الهيثمي على الأحاديث جرحاً وتعديلاً ، صحة وضعفاً ، وتابعوا الهيثمي - إلا نفراً قليلاً - على نقل كلامه في الرجال في مجال التوثيق والتضعيف .
قال الحافظ ابن حجر : كنت قد تتبعت أوهامه في كتابه المجمع فبلغني أن ذلك شق عليه فتركته رعاية له .
فمن أوهامه رحمه الله :
1. وصفه بعض الرواة بما ليس فيهم من كلام المتقدمين كقوله في ليث بن أبي سليم حديث رقم ( 271 ) : رواه الطبراني في الكبير وفيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس .
2. لم يعتنِ في المجمع بالشواهد والمتابعات بكثيرة فتجدها في كل المجمع لا تعدوا مجموعة إلى أصابع اليد .
3. تارة يوثق رجلاً في كتابه وأخرى يضعفه فقال في الحديث رقم ( 16 ) : رواه البزار ورجاله ثقات إلا أن من روى عنهما البزار لم أقف لهما على ترجمة وهو محمد بن إسماعيل بن سمرة ، ثم قال ( ج 4 : 200 ) برقم ( 6854 ) رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا محمد بن إسماعيل بن سمرة وهو ثقة .
4. يجهِّل بعض الرواة بناء على عدم معرفته بهم مثاله : حديث رقم ( 36 ) حديث عمران بن حصين قال الهيثمي : رواه البزار وفي إسناده عمران الصغير وهو متروك . قلت : وثقه أحمد وابن معين ، وأنظر ما سبق في منهج الهيثمي .
5. التحريف الزائد عن حده في المجمع مما وقع فيه الهيثمي رحمه الله مما استدعى الدكتور عاصم القريوتي ليؤلف رسالة أسماها ( تنبيهات على تحريفات وتصحيفات في كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ) .
6. أخذ عليه رحمه الله قوله في المقدمة ( ومن كان من مشايخ الطبراني في الميزان نبهت على ضعفه ، ومن لم يكن في الميزان ألحقته بالثقات الذين بعده ، والصحابة لا يشترط فيهم أن يخرج لهم أهل الصحيح ، فإنهم عدول وكذلك شيوخ الطبراني الذين ليسول في الميزان ) .
7. لم يذكر رحمه الله في كتابه حديثاً بإسناده إلى رسول الله إلا الحديث الأول ، وهذا أفقد الكتاب بريقه الأخاذ ، لأن المشتغل في هذا العلم لا بد له من حاجة للإسناد وهو القائم ليحكم عليه وعلى المتن كما يقتضيه علم الحديث .
قلت : ولم يوفي الهيثمي في مجمعه شروطه هذه ، وخاصة هذه القاعدة الرئيسية شديدة الحساسية فقوله : ( وكذلك شيوخ الطبراني الذين ليسوا في الميزان ) خلافاً لعلوش في كتابه علم زوائد الحديث ، قال : وقد وفى الهيثمي رحمه الله بما اشترطه على نفسه هنا ، والتزم به في غالب الأحيان .
وهذه القاعدة أن شيوخ الطبراني الذين ليسوا في الميزان ثقات لا تصح البتة وهي قاعدة باطلة ، فكم من شيخ للطبراني خارج الميزان قال الهيثمي فيه : لم أعرفه ، لم أجد له ترجمة ؟ ينظر المجمع ( ج 1 : ص 36 ) و ( 1 : 1023 ) و ( ج 1 : ص 354 ) و ( 503 ) و ( 526 ) و ( 489 ) و ( ج 2 : ص 137 ) و ( 177 ) و ( ج 3 : 87 ) و ( 213 ) ... الخ .
قال العلامة الألباني في السلسة الضعيفة ( 14 : 361 ) : لا يصح عندي الإطلاق المذكور في كل شيوخ الطبراني ، بل أود بتقيد ذلك بالشيوخ الذي أكثر الرواية عنهم ، فإنه يدل على شهرتهم واعتنائهم بهذا العلم .
قلت : وكلام الشيخ الألباني رحمه الله ليس دقيقاً وأيضاً كلام الهيثمي رحمه الله والكلامان يحتاجان لمزيد من التدقيق وإليك الدليل :
روى الطبراني في الأوسط والكبير في تسع وتسعين موطناً عن شيخه أحمد بن محمد بن نافع الطحان مع العلم أن أحمد بن نافع من مشايخ الطبراني المصريين والذين أكثر عنهم الطبراني وهو مشهور ، مع ذلك قال الشيخ الألباني في الصحيحة ( ج 1 ) حديث رقم ( 116 ) : ( إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول من خلقك ) عند أحمد ( 5 : 214 ) قال الهيثمي ( 1 : 16 ) : ورجاله رجال الصحيح خلا أحمد بن نافع الطحان شيخ الطبراني ، كذا قال ولم يذكر من حاله شيئاً ، كأنه لم يقف له على ترجمة ، وكذلك أنا فلم أعرفه وهو مصري كما في معجم الطبراني الصغير ( ص 10 ) .
قلت ( عماد ) : هذا نموذج من شيوخ الطبراني ممن قال فيهم الشيخان الهيثمي والألباني لا أعرفه على شهرة أحمد بن نافع فهل دلّل الشيخان على صحة قواعدهما ، مع أن أحمد بن نافع الطحان ثقة وثقه ابن يونس قال : ثقة كتبت عنه توفي سنة ست وتسعين ومائتين . ينظر ثقات قاسم بن قطلوبغا ( 1 : ق 775 ) وهي نسخة تركية في مجلدين ياليتهما تطبع .
( ج 5 : ص 36 ) حديث رقم ( 7920 ) الأكل في الأسواق دناءة . رواه الطبراني وفيه عمر بن موسى بن وجيه وهو ضعيف وقال في ( 4 : 127 ) حديث رقم ( 6528 ) : متروك . وكذا ضعفه النسائي بقوله : متروك . ينظر الضعفاء والمتروكين ( 1 : 82 : ت 463 ) .
( ج 1 : 95 ) حديث رقم ( 253 ) قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد المنعم بن إدريس كذبه أحمد ، وقال ابن حبان : كان يضع الحديث .
( ج 1 : ص 157 ) حديث رقم ( 547 ) قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط وفيه زكريا بن يحيى الوقار ، قال ابن عدي : كان يضع الحديث . قلت ( عما د ) : وزكريا بن يحيى كان يتعمد الوضع ويتعبد به .
( ج 1 : ص 396 ) حديث رقم ( 1771 ) قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير وفيه معلى بن عبد الرحمن الواسطي ، قال الدارقطني : كذاب وضعفه الناس وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به .
( ج 6 : 454 ) حديث رقم ( 11196 ) قال الهيثمي : رواه الطبراني منقطعاً بإسناد واحد فلا فائدة في إعادته في كل قطعة ، وفي إسناده موسى بن عبد الرحمن الصنعاني وهو ضعيف ، وقال في ( 8 : 213 ) حديث رقم ( 13981 ) : رواه الطبراني في الأوسط وفيه موسى بن عبد الرحمن الصنعاني وهو كذاب .
قلت ( عماد ) : ولو استمررت في البحث والتنقيب والتمحيص لوجدت الكثير من مشايخ الطبراني ممن خارج الميزان فيهم الوضاع والكذاب والدجال وغيرهم ، فكان على الهيثمي رحمه الله أن يصوغ العبارة كما يلي : وما كان من مشايخ الطبراني في الميزان نبهت على ضعفه ومن لم يكن في الميزان فتشت عنه ووضعته تحت مسبار الجرح والتعديل وحكمت عليه بحكم أهل الجرح والتعديل .
وقد يقال : إن الطبراني قد كتب معجميه الأوسط والصغير لبيان الأحاديث الغرائب ، فمن المنطقي أن لا يحدث فيه إلا عن ثقة .
قلت ( عماد ) : وليس الأمر كذلك ، فإن الطبراني رحمه الله كان يبين ما في الحديث من الضعف والنكارة والانقطاع والتفرد وكان يعدِّل ويجرح ويقول : تفرد به فلان وهو ثقة .
وانتهج الدارقطني في سننه مثل هذا المنهج فإنه ألف سننه هذه على الأبواب الفقهية وسرد فيها الأحاديث سرداً وأبان عن كل علة في الحديث وكان يوثق ويجرح . ينظر سنن الدارقطني حديث رقم ( 37 ، 4 ، 5 ) .وينظر ( ج 1 : 124 ) و ( 1 : 176 ) و ( 1 : 252 ) ثقة و ( 1 : 37 ) و ( 1 : 46 ) و ( 1 : 27 ) و ( 1 : 48 ) و ( 1 : 49 ) ضعيف و ( 1 : 57 ) و ( 1 : 24 ) و ( 3 : 44 ) و ( 3 : 117 ) كذاب وهكذا فالقول أن قول الهيثمي في شيوخه تلك المقالة ناتجة عن تلك الغرائب ليس صواباً .
ومن المآخذ عليه رحمه الله توثيقه للرواة الذين وثقهم ابن حبان ولم يوثقهم غيره ، أو هم مجهولون فوثقهم الهيثمي ، وإليك الأمثلة :
1. من طريق بكر بن سليم عن أبي طوالة عن أنس قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : إني أحبك ... قال الهيثمي في المجمع ( 10 : 274 ) رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير بكر بن سليم وهو ثقة ، وإطلاق التوثيق على بكر بن سليم الصواف مجازفة كبيرة من الهيثمي ، فالمتقدمون منهم من لم يعرفه كابن معين ، ومنهم من جهله ، فهذا أبو حاتم على توسعة دائرة معرفته بالرجال ، أقصى ما قال فيه : شيخ يكتب حديثه ( يعني للاعتبار ) وذكره ابن حبان في ثقاته قال الحافظ في التهذيب ( 1 : 283 ) : وقال ابن عدي : يحدِّث عن أبي حازم وغيره ما لا يوافقه أحد عليه ، وعامة ما يرويه غير محفوظ ولا يتابع عليه ، وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم .
2. ( ج 4 : ص 154 ) حديث رقم ( 6640 ) ( صاحب الدَيْن مأسور بدينه يشكو إلى الله وحده ) قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط وفيه مبارك بن فضالة وثقه عفان وابن حبان وضعفه جماعة .
قلت ( عماد ) : وهذا يعد تساهلاً من الهيثمي رحمه الله ، فإن مبارك بن فضالة وإن وثقه عفان فقد جرحه كثيرون والقاعدة الجرح المفسر مقدم على التعديل ، ثم : كيف غاب عن الهيثمي أن مبارك بن فضالة يدلس تدليساً شديداً ؟ قال سبط بن العجمي ( ت 58 ) : المبارك بن فضالة قال فيه أبو زرعة : يدلس كثيراً ، وقال أبو داود : شديد التدليس . والراوي الثاني كثير أبو محمد وثقه الهيثمي ( أو بالأصح سكت عنه ) فإنه مجهول لم يرو عنه إلا اثنان ولم يوثقه إلا ابن حبان ، فهل هذا يعد توثيقاً لمن يروي حديث رسول الله ؟

ومما أخذ عليه رجمه الله في مجمع الزوائد مجازفاته في الحكم على الرواة جرحاً وتعديلاً ، وهذا هو الذي حذا بالحافظ ابن حجر إلى تتبع أوهامه رحمه الله فمنها :
1. ( ج 2 : ص 318 ) حديث رقم ( 3625 ) عن عبدالله قال : من قرأ ثلاث آيات من سورة البقرة في الليلة فقد أكثر وأطيب . قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير وفيه يحيى بن عمر بن سلمة ولم أجد من ترجمه ، وبقية رجاله رجال الصحيح .
قلت : وهو في التاريخ الكبير ( 8 : 292 : ت 3046 ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وقال العجلي ( ت 1990 ) : كوفي ثقة وأبوه كوفي تابعي ثقة ، وقال يعقوب الفسوي في المعرفة ( 2 : 104 ) : حدثني سفيان عن يحيى بن عمرو بن سلمة لا بأس به .
2. ( ج 4 : ص 316 ) حديث رقم ( 7439 ) عن عبدالله بن سلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( خير النساء تسرك إذا أبصرت ، وتطيعك إذا أمرت ، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك )) . قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه زريك بن أبي زريك ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات .
قلت ( عماد ) : وهو عند ابن حبان ( 6 : 348 ) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ( ت 2822 ) وقال ابن معين : ثقة ، وقال علي بن الحسين بن الجنيد المالكي : ثقة .
3. ( ج 5 : ص 193 ) حديث رقم ( 8796 ) عن مستقيم بن عبد الملك قال : رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما شابان وما يخضبان . قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه جمهور بن منصور ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات .
قلت : ولماذا لم يذهب الهيثمي رحمه الله إلى ثقات ابن حبان ، فهو بالعادة يقلده رحمه الله في أحاكمه ؟ قلت : ذكره ابن حبان ( 8 : 167 : ت 12783 ) في ثقاته . وقال العقيلي في ضعفائه في ترجمة وهب بن حكيم ( 4 : 223 : ت 1927 ) : حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي قال : حدثنا جمهور بن منصور القرشي ، قال : حدثنا وهب بن حكيم الأزدي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( تحرم النار على كل هين لين سهل قريب )) قال لنا الحضرمي : سألت ابن نمير عن جمهور فقال : أكتب عنه .
4. ( ج 7 : ص 193 ) حديث رقم ( 12089 ) عن عقيل بن خالد أن أباه كان مع الحجاج لما قتل ابن الزبير فبعثه إلى أسماء بنت أبي بكر فقال له : قل لها : يقول لك الحجاج : اعز لي ما كان من مال عبدالله بن الزبير فقالت : أفعلها بابن أسماء ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( يخرج من هذا الحي من ثقيف رجلان أحدهما يكذب والآخر مبير )) فأما الكذاب فقد عرفناه وما أحسبه إلا المبير ، فرجعت إليه فأخبرته فلم يكره ذلك . قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر ولم أعرفه .
قلت : هو في إكمال الكمال ( 7 : 23 ) وقال : كان فقيهاً ، وذكره ابن حبان في الثقات وهذا الكتاب مرجع الهيثمي ( 8 : 380 ) وذكره ابن حجر في رفع الإصر عن قضاة مصر ( 1 : 117 ) فقال : أحد الفقهاء بمصر .
5. ( ج 5 : ص 83 ) حديث رقم ( 8169 ) وعن سعيد بن شعبة بن الحجاج قال : حدثني أبي عن أبيه قال : رأيت أنس بن مالك يشرب الطلاء . قال الهيثمي : رواه الطبراني وسعيد هذا لم أعرفه ولا من فوقه .
قلت ( عماد ) : وسعد بن شعبة بن الحجاج الأزدي مولى العتيك ذكره ابن حبان في الثقات ( 8 : 283 ) رقم ( 13464 ) وقال أبو حاتم الرازي في الجرح والتعديل ( 4 : 86 : ت 375 ) : صدوق . وعجبي من الحافظ ابن حجر كيف ذكره في اللسان ( ت 60 ) وهو ليس من شرطه .
6. ( ج 3 : 55 ) حديث رقم ( 4189 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من رجل يصلي عليه مائة إلا غفر الله له )) . قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير وفيه مبشر بن أبي المليح ولم أجد من ذكره . وكذا قال الألباني في السلسلة الضعيفة .
قلت ( عماد ) : ذكره ابن حبان ( عمدة الهيثمي ) ( 7 : 507 ) وقال الدارقطني كما في سؤالات البرقاني ( 486 ) : لا بأس به ويحتج بحديثه .