المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تخاريف



الاهلي الراقي
26-05-2013, 03:40 PM
http://najaah.com/sites/default/files/imagecache/inner-pages/image-63002_3.jpg
يمكننا أن نضع عنوان هذه المقالة عنونا للحالة التى نعيشها هذه الأيام، لا أعلم إذا كان هذا هو الحال الطبيعى للبلاد بعد الثورات أم لا؟. فنلاحظ هذه الأيام أن خفة الظل وصلت إلى أعلى مستوى لها والسخرية أصبحت ترفرف فى سماء كل الأصعدة، فمن الواضح إننا دائما ما نجد حلا للخروج من أزماتنا وهو الابتعاد عن واقعنا والانشغال بأشياء أخرى كى تنسينا الواقع المؤلم الذى نحياه.

ولكن هذه السخرية باتت كالكوميديا السوداء فهى تضحكنا وتبكينا فى الوقت ذاته، تبكينا لأننا عندما نتوقف لفاصل من التفكير نكتشف أننا نسخر من واقع نتمنى ألا نحيا فيه أو نتمنى لو نكتشف أن كل ذلك كان من مجرد كابوس عابر، ولكن فجأة نعود لنواصل السخرية ونضحك من جديد على واقعنا وهكذا…

أما عن تخاريف هذ الأيام فهى مضحكه للغاية، إذ بك تتفاجأ بالذوق العام ينقلب رأسا على عقب، فبعد أن كنت ترى الناس تعشق الذهاب للسينما لرؤية فيلم رومانسى أو فيلم كوميدى أو سماع موسيقى هادئة أو أغانى لأصوات تطرب الآذان، فإذا بهم يواظبون كل يوم على مشاهدة برامج التوك شو ويستمتعون بمشاهدة المشادات الكلامية، وأحيانا مشادات بالأيدى والأحذية بين ضيوف البرامج، وعندما يشتاقون للضحك، وهذه الرغبة أصبحت قليلة هذه الأيام، فإذا بهم يتجهون مباشرة لبرامج السخرية والكوميديا.

من المعروف أن الإنسان عندما يتقدم فى السن ينضج عقله وبالتالى تصبح الحياة بالنسبة له أكثر سهولة، ولكن ما يحدث الآن هو العكس تماما فكلما تقدم بنا العمر كلما أصبحت الحياة معقدة إذ بك تجد نفسك محاصر بواقع مركب صعب تحليلة، تكثر وتعلو ضحكاتنا ولكنها ضحكات خارجية وليست داخلية. ومما يثير الغرابة أيضا أنك عندما تنتهى من مرحلة عمرية ما تجد أن كل القيم والمعايير التى اتبعتها وحافظت عليها وهى بالفعل محل تقدير أصبحت عبث ومحل سخرية من قبل من يلعبون الدور الأكبر فى حياتك الحالية.

فهذه كانت تخاريف الحاضر، أما عن المستقبل فكلى تفاؤل أن يكون مستقبل بلا تخاريف.
المصدر: مقالة لـ مصطفى أسامة محمود